السينما قبل أن تؤثر في المشاهد تتأثر بما حولها من أحداث، فلا يوجد فن شيطاني يتم تخليقه من لا شيء.. كتاب السيناريو في العالم كله يتجولون بين المدن والبلاد في شرق الأرض وغربها للحصول علي وقائع قصة إنسانية أو سياسية يتم رصدها علي شاشة السينما، فيلم «خزانة الألم» «The Hurt Locker » بدأ بمشاهدات للصحفي «مارك بول» أثناء مصاحبته للقوات الأمريكية في بغداد، وهي المشاهدات التي حولها لاحقاً إلي سيناريو حصل علي واحد من الأوسكارات الستة التي حصل عليها الفيلم الذي توج أفضل فيلم هذا العام، ولا يوجد فن حقيقي لا يشعر بقضايا المجتمع حوله والقضايا الوطنية المحيطة ببلده إلا إذا كان هذا الفن بليداً والقائمون عليه فقدوا الضمير والشعور الإنساني، ولم تعد تهزهم مثل تلك الموضوعات، وحرب العراق التي تدور منذ 7 سنوات وتحل ذكري بدايتها يوم السبت القادم يقرأ ويسمع عنها صناع السينما المصرية صباح مساء ولا تؤثر فيه علي الإطلاق، أصبحت أخبارها بلا قيمة مع مرور السنوات، وإذا استثنينا تجارب سطحية محدودة عن العراق لن نجد لها مكانًا في الفن أو الدراما، هناك تجربة هزلية مثل فيلم «معلش إحنا بنتبهدل» الذي استخدم فيه «أحمد آدم» شخصيته الهزلية القرموطي لصنع فيلم حول الغزو الأمريكي للعراق، والفيلم نموذج للسطحية الفنية التي لا تبرر النوايا الحسنة لصناع الفيلم في صنع فيلم سينمائي مصري يرفض الحرب، مجرد اسكتشات للإضحاك فقط مع شعارات ينطق بها البطل ليكون الفيلم سياسيا، والعيب ليس في أنه فيلم كوميدي يتناول حربًا مؤسفة، فإيطاليا من خلال نجمها الممثل والمخرج «روبرتو بينيني» قدمت فيلما كوميديا حول حرب العراق بعنوان «النمر والثلج» «The Tiger and the Snow» عام 2005، فالعيب ليس في الكوميديا في حد ذاتها، ولكن في ذلك الخلط المعيب بين الكوميديا والتهريج، وهناك تجربة أخري بعنوان «ليلة سقوط بغداد» للمخرج «محمد أمين» وهو كوميديا سوداء كانت ترصد غزوًا خياليًا للقاهرة وليس لبغداد، وقد استغرق الفيلم في الإسقاطات الجنسية التي أثرت كثيراً في مضمونه وفكرته، أما فيلم «ليلة البيبي دول» للمخرج «عادل أديب» فقد مر علي حرب العراق ضمن الموضوعات الكثيرة التي مر عليها بداية من معسكرات اليهود التي أقامها هتلر لليهود انتهاء بالعمليات الإرهابية في مصر، ورغم كثافة الحوارات والمناظرات السياسية في الفيلم فإن الفيلم لا يمثل عملا فنيا سينمائيًا قويًا عن هذه الحرب، والمحصلة أننا سنجد أن حصيلة الأفلام المصرية التي تناولت تلك الحرب التي أثرت ولا تزال تؤثر في المنطقة تدل علي حالة تبلد سياسي وعقم فني في اكتشاف زاوية فكرية وفنية مختلفة لرؤية تلك الحرب بعيدا عن البروباجندا الأمريكية أو السطوة الهوليوودية والفكر والتناول الأمريكي الذي لا يخلو من تحيز سياسي، لا تخرج السينما المصرية بموضوعاتها الفنية خارج حدود شاطئ شرم الشيخ شرقاً أوهضبة المقطم في القاهرة أو الساحل الشمالي في الشمال الغربي. وعلي الجانب الآخر انعكست حرب العراق علي السينما الأمريكية والعالمية، وظهر كثير من الأفلام الأمريكية والفرنسية والإيطالية التي تناولت تلك الحرب من أكثر من منظور أغلبها مناهض للحرب، جزء من هذه الأفلام المناهضة للحرب مبني علي أساس رفض لفكرة الحرب في حد ذاتها، والبعض الآخر وجد أن فكرة الغزو الأمريكي لبغداد خطأ سياسي واستراتيجي وعسكري. تسجل بعض الإحصائيات السينمائية أن هناك حوالي 29 فيلمًا روائيًا طويلًا عالميًا تم إنتاجها عن حرب العراق من أشهرها الفيلم التركي «وادي الذئاب» «Valley of the Wolves » وفيلم «في وادي إيلا» «In the Valley of Elah» وفيلم «Body of Lies»، وسيعرض قريباً الفيلم الأمريكي «المنطقة الخضراء» «Green Zone» من إخراج «بول جرين جراس»، وبطولة «مات ديمون»، وهناك أيضاً حوالي 6 أعمال درامية تليفزيونية بالإضافة إلي حوالي 56 عملًا تسجيليًا.