«واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مصر تشارك بأكبر معرض في العالم متخصص بتكنولوجيا المياه والصرف الصحي بألمانيا "IFAT 2024" (صور)    تضامن الدقهلية تنظم ورشة عمل للتعريف بقانون حقوق كبار السن    إيقاف أعمال بناء مخالفة بقرية الأشراف في قنا    سعر الدولار فى البنوك المصرية صباح الجمعة 17 مايو 2024    الجزار: انتهاء القرعة العلنية لحاجزي وحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    رسميا.. تجديد تكليف مي فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحي الشامل    17 مايو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    الانتهاء من القرعة العلنية اليدوية لحاجزي الوحدات السكنية ب4 مدن جديدة    وزيرة التخطيط تشارك بافتتاح النسخة الحادية عشر لقمة رايز أب    محكمة العدل الدولية تبدأ نظر دعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي (بث مباشر)    أمريكا: تفريغ الحمولة الأولى من المساعدات على الميناء العائم بغزة    الخارجية الروسية: لا نخطط للتدخل في الانتخابات الأمريكية    ليفربول عن رحيل نجمه: جزء من تاريخنا إلى الأبد    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    بعد تعثره أمام الخليج.. اتحاد جدة خارج دوري النخبة الآسيوي    سيد عبد الحفيظ: مواجهة نهضة بركان ليست سهلة.. وأتمنى تتويج الزمالك بالكونفدرالية    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    بدء امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 فى قنا غدا    مصرع ربة منزل ونجليها في حادث دهس أسفل سيارة بعين شمس    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق بقطعة أرض فضاء في العمرانية    ضبط زجاجات مياه غازية ولحوم مذبوحة خارج السلخانة ببني سويف    الزعيم عادل إمام يحتفل بعيد ميلاده ال84 اليوم    وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت.. موعد ومكان الجنازة    طارق الشناوي ل «معكم منى الشاذلي»: جدي شيخ الأزهر الأسبق    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    طريقة عمل الهريسة، مذاقها مميز وأحلى من الجاهزة    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    رونالدو يتحدى ميتروفيتش في التشكيل المتوقع لديربي الرياض    الشرطة السويدية تطوق منطقة تتواجد بها سفارة إسرائيل بسبب حادث إطلاق نار    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    عاجل - أخبار فلسطين.. مصادر محلية: بدء انسحاب قوات الاحتلال من بلدة بلعا بطولكرم    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممدوح قناوي يكتب:الإصلاح الآن وليس غدًا.. وقبل فوات الأوان
نشر في الدستور الأصلي يوم 12 - 03 - 2010

نظام الانتخاب الفردي يحول دون تمثيل الأقباط من خلال الانتخاب لا التعيين وهو ما ينطبق علي المرأة لابد أن يتخلي الرئيس عن موقعه كرئيس للحزب الحاكم ويحتفظ بكونه رئيساً لكل المصريين وحكماً بين السلطات
ممدوح قناوى
لقد شهدت مصر تغييرات جذرية منذ انقلاب يوليو الثوري في يوليو 1952 ما بين عهود الاحتلال والملكية، وبين عقود الاستقلال الوطني عبر ستين عامًا التي سوف يكون اكتمالها في يوليو 2012 فيما يلي الانتخابات الرئاسية المقبلة في سبتمبر 2011، وهي سنين حفلت بمواجهات ومعارك وملاحم لتحديات كبري مع قوي دولية وإقليمية عاتية.
وإن تقييم حصاد تلك الأعوام الستين المنقضية، لا يمثل رجعة إلي الماضي بقدر ما يضيء الطريق لمستقبل العمل الوطني - تعرفًا علي السلبيات والمعوقات التي حالت دون تحقيق الأماني الوطنية والقومية علي قدر الطموح الذي تعلقت به أفئدة المصريين، منذ خلص حكم مصر لأبنائها.
لا مزيد من الفرص الضائعة علي تقدم الوطن:
وفي اللحظة الوطنية الفارقة الراهنة - التي نتأهب معها للعودة إلي الشعب بانتخابات برلمانية قبل نهاية العام الحالي 2010، تليها انتخابات رئاسية في خريف العام المقبل 2011 - فإن هذين الحدثين الكبيرين المهمين - يمثلان سنتين فاصلتين في حياة الوطن أو هكذا ينبغي أن تكونا - فإما عبور جديد إلي آفاق حاضر رغد ومستقبل أشرق، وإما إلي توقف وتراجع لا قدر الله - بما يمثل فرصة ضائعة تضاف إلي سوابقها من الفرص الضائعة علي الوطن بفعل القوي المناهضة للتغيير، التي أضاعت فرصة ثمينة لإجراء إصلاح سياسي ودستوري حقيقي يسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2005.
إن وقفة جادة ومتجردة من الهوي، ومن المصالح الذاتية الضيقة والبعيدة عن خداع النفس أو المكابرة مع الحقائق، إنما تفضي بنا إلي اقتناص الفرصة الأخيرة التي مازالت بين أيدينا - لنبدأ من اليوم وليس غدًا - ومن هذه الساعة في التمهيد للنقلة النوعية المنشودة للحياة المصرية عبر الانتخابين البرلماني والرئاسي المقبلين، وذلك بتلبية مطالب الحد الأدني من الإصلاح السياسي والدستوري والانتخابي - خلال الانعقاد الأخير لمجلس الشعب الحالي وسنة الانعقاد الأولي لمجلس 2010 المقبل.. والتي دونها تكون الانتخابات العامة المزمعة طحنًا بلا دقيق وعبثًا لا طائل من ورائه! وتبديدًا مجددًا لطاقات الأمة وتطلعاتها للحياة الحرة العادلة الكريمة.
بل إن كل إرجاء أو ترحيل لتحقيق مطالب الحد الأدني المتواضعة للإصلاح الدستوري والانتخابي - سوف يؤجل بدوره فرص الاستقرار الحقيقي لمصر ومعايشتها للحياة الطبيعية غير الاستثنائية المحكومة بأوضاع الطوارئ المستمرة - المؤثرة في الصميم علي انطلاق الحراك الوطني، وتوفير المناخ لإنجاز طفرة تنموية اقتصادية واجتماعية تكفل التنمية المستدامة التي يمثل الجهد الوطني المحقق للناتج المحلي الإجمالي والاستثمار الوافد العربي والدولي الشريانين التاجيين الرئيسيين لها.
حتمية التغيير والإصلاح:
إن مطلب التغيير في مصر - والتغيير من سنن الحياة - يستوجب أن يقترن العبور المصري الجديد إلي العام 2012 - بإجراء إصلاح حقيقي يتفادي ما شهدته البلاد عبر السنوات الخمس الماضية - بسبب ترحيل مطالب الإصلاح - من حوادث فاجعة، ومن تراجع ملموس في معدلات الأداء الوطني علي كل صعيد وتدهور في مستوي الخدمات الحياتية الأساسية للتعليم والصحة العامة والسكن وفرص التشغيل، إضافة إلي تعثر جهود التنمية وعدم اطرادها أو الاحتفاظ بالمعدلات التي كانت قد ارتفعت إليها - ولم يعد مجديًا في هذا التذرع بالزيادة السكانية، التي فشلت سياسات الحزب الحاكم علي مدي عقود ثلاثة في التحول بها من كم معوق مستهلك إلي كيف فاعل منتج.
كما لا يفيد الحكومة التذرع كذلك بالأزمة المالية هذا العام وارتفاع أسعار النفط والغذاء في العامين السابقين عليه - فإن تلقي بعض من ضربات تلك الأزمات لم يكن ليحدث نفس القدر من التأثير، لو أننا استطعنا فيما سبق من الأعوام وضع بنية أساسية صلبة لاقتصاد وطني يعتمد علي الذات أولاً وعلي حشد تعبوي لطاقات الوطن البشرية والطبيعية والاستخدام الأمثل لها دون فاقد أو هدر.
ولم يكن ممكنًا لمصر في ظل ثالوث الفقر والجهل والمرض الذي أطل برأسه من جديد، وتدني التنمية البشرية وسراب العدالة الاجتماعية والتفاوت الرهيب بين أعلي وأدني الدخول دون إحداث إصلاح مالي لتشريع ضريبي عادل لامتصاص الدخول المنفلتة الخروج من عنق الزجاجة وبرزخ التخلف عن العصر - في ظل الاقتصاد المنفتح الموهوم الذي سادته احتكارات ذوي النفوذ في أروقة الحكم ووباء طاعون الفساد المنتشر علي أيدي هؤلاء، الذين غلبوا مصالحهم الطفيلية علي ما كان ينبغي من انبعاث غيرة وطنية لدي أهل الحكم تتمثل وتحتذي تجارب النمو الناجحة في المجتمعات الأخري المنتجة كماليزيا أو الصين في شرق آسيا.
وكان من الفرص الضائعة علي مصر كذلك - إهدار فرصة ثلاثين عامًا من اللاحرب ومن سلام لا يأتي ولا يتحقق دون بناء صرح مصري للعلم والتكنولوجيا والحرية والعدل الاجتماعي.. الأدوات الإنسانية للتقدم!!
الملفات الداخلية والأمن الوطني والقومي:
إن التراجع المشهود في ملفات العمل الداخلي بمجملها - وكل منها في الواقع مفردات لعناصر الأمن الوطني - الذي يشمل القوة المعرفية العلمية والتكنولوجية والقوة الاقتصادية قرينًا للقوة العسكرية التسليحية الرادعة للعدو - وبها مجتمعة يقوي الجهاز المناعي للأمن الوطني والقومي.. وهكذا فإن الدولة لكي تكون قوية في المواجهات الخارجية إقليمية ودولية، لابد أن تكون هي الدولة القوية أساسًا من داخلها، كما أن تماسك نسيجها الوطني وجبهتها الداخلية هو سياج لقوتها.
وفي ضوء تلك المعطيات - يكون الإصلاح الداخلي وبناء الجبهة الوطنية الداخلية المتماسكة حتمية لازمة لحماية الأمن الوطني - ويقترن بذلك سد الثغرات أمام ظواهر الاحتقان الطائفي والفتنة الطائفية والدينية، ولا سبيل لمحاصرتها إلا من خلال ثقافة وطنية مجمعة وتعليم منفتح وخطاب ديني صحيح وإعلام قومي يقظ لواجباته في تشكيل الشخصية المصرية الإيجابية، وصد محاولات غزو العقل المصري ومكونه الحضاري من خلال فضائيات السماوات المفتوحة الطافحة بسموم فقه البداوة وجلافة التصحر.. وتلك كلها أمور مازالت غائبة عن مواجهتها المواجهة الشاملة من قبل الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة.
ناهيك عن المخاطر الحالية التي تهدد الأمن الوطني المصري من خارج الحدود - عبر البوابة الشرقية لمصر، ومن الجنوب في القرن الأفريقي ومنابع النيل، حيث الصيحات والمطالب الجديدة لبعض دول حوض النيل المدفوعة بتحريض سافر من الأعداء لتهديد الأمن المائي لمصر، وشغلها عن الوجود القوي بحكم ثقلها المحوري وسط الصراعات الإقليمية المشتعلة حاليًا لاكتساب النفوذ في المنطقة علي حساب المصالح العربية وفي ظل غياب عربي مخجل عن حماية تلك المصالح، وإلي حد انفراد إسرائيل النازية بعد هولوكوست غزة بالوطن الفلسطيني وإضاعة فرص قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس التي أصبحت الآن فريسة للقضم الإسرائيلي، وكل ذلك لغياب ريادة مصر للعمل العربي المشترك.
ومع التسليم بأن عهد الرئيس مبارك قد جنب مصر الحروب والمغامرات الخارجية - إلا أن ذلك لا ينفي أن تقيد بمصر بالتزاماتها تبعًا لمعاهدة السلام مع إسرائيل المكفولة أمريكيًا - مازال يحد من طلاقة وفعالية حركتها في سياساتها الخارجية وفي مواجهة القوي الإقليمية المنافسة، وكان الأحري ترشيدًا لسياسة مصر الخارجية في علاقتها الخاصة مع أمريكا وعلاقتها التعاقدية مع إسرائيل أن تعتمد سياسة «القوة الناعمة» وأن تتخفف من الحذر الزائد في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، وأن تمضي في تعمير سيناء زراعيًا وصناعيًا وتعدينيًا وسياحيًا وتوطين ما لا يقل عن ثلاثة ملايين مصري لتحصينها بجدار بشري بما يحول دون اجتياحها مجددًا من قبل العدو المتربص، وهو ما لم تقدم عليه مصر منذ معاهدة السلام إلي الآن.
مناشدة وطنية للرئيس مبارك:
لإنجاز مطالب الحد الأدني للإصلاح السياسي والدستوري والانتخابي:
إن عملية الإصلاح والتغيير - وكما يؤكد الرئيس مبارك دائمًا - هي عملية مستمرة لا تتوقف ولا تقف عند حد.
وكما أن الحكمة القديمة تقول إن ما لا يدرك كله لا يترك جُلَهُ.
ولأن الفرصة لم تفت بعد لتحقيق بعض مطالب الحد الأدني للإصلاح المنشود إلي حين حلول موعد الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2011 علي مدي عشرين شهرًا من الآن - فلا بديل عن تقابل إرادة القيادة السياسية مع مطالب النخبة الوطنية المصرية لتحقيق ما يمكن إنجازه من تلك المطالب للإصلاح - من حيث إن الرئيس مبارك وحده هو القادر علي أن ينتقل بالبلاد نقلة نوعية كبيرة وهو يختم فترة رئاسته الخامسة - ومن داخل النظام نفسه لا من خارجه - إن شاء وقبل فوات الآوان - نقلة ترتفع بمصر إلي آفاق الدولة المدنية الدستورية النيابية الديمقراطية الحقة - بمثل ما فعل الرئيس في تشجيع وتكريم المنتخب الوطني لمصر الذي حقق لها الشهر الماضي نصرًا مظفرًا في بطولة كأس الأمم الأفريقية، الذي صادف إلتفافًا شعبيًا كبيرًا حول تحقيق هذا الهدف الوطني - والذي كشف عن حقيقة قوة الانتماء الوطني - بما يجعل من هذا الإنجاز نموذجًا لنجاحات أكبر في مجالات العمل السياسي والاقتصادي بمصر ولتحقيق مجتمع الإنتاج والوفرة والرفاهية لكل المصريين في ظل الحرية والعدل الاجتماعي.
من هنا فإن مطالب الحد الأدني للإنقاذ تنحصر في الآتي:
أولاً: الإصلاح الانتخابي - وتوفير آليات مستقلة ومحايدة لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية:
فلقد ثبت من تجربة الانتخابات النيابية للعامين 2000 و2005 وفقًا لنظام الانتخاب الفردي - أن التمسك بهذا النظام المعيب الذي تتم الانتخابات العامة تبعًا له في دوائر صغيرة يسيطر عليها سلاح المال الحرام والعنف الإجرامي والسياسي وتأثيرات الشعارات الدينية المغلوطة - هذا النظام قد أدي إلي مزيد من الإفساد والفساد السياسي، فيما فرض علي النواب وإرضاء للمطالب الصغيرة لدوائرهم الإنصراف عن أداء دورهم البرلماني الرقابي والتشريعي إلي الحصول علي توقيعات من الوزراء تنطوي علي استثناءات في فرص التعيينات للوظائف والعلاج علي نفقة الدولة اختراقًا لمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين وليس العهد ببعيد بالفضيحة البرلمانية التي تفجرت منذ أسابيع المنطوية علي انحراف منسوب لبعض النواب في الاستحواذ علي قرارات للعلاج علي نفقة الدولة بملايين الجنيهات في تنافس بينهم علي الشعبية في الانتخابات الفردية المقبلة.
هذا إلي ما أدي إليه التشبث بالنظام الفردي من إضعاف التعددية السياسية والحزبية، بل الدخول بها في نفق مظلم من بعد الانتخابات النيابية 2005 التي أخرجت الأحزاب تقريبًا من التمثيل النيابي داخل البرلمان ، حيث اقتصر التمثيل الهزيل لأربعة أحزاب منها علي عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.. ذلك في الوقت الذي ترك فيه الباب مواربًا لتمثيل عدد من مستقلي الإخوان المسلمين بلغ حوالي 90 عضوًا ودون حاجة الجماعة الإخوانية التي تنعت بأنها محظورة إلي التحالف مع حزب أو آخر لخوض الانتخابات العامة وبما أصبحت معه الأحزاب السياسية الشرعية وكأنها هي المحظورة في الواقع، ومن هنا فإن تمسك الحكومة بنظام الانتخاب الفردي في الانتخابات النيابية للعام 2010 - إنما يمثل إصرارًا من جانب الحزب الحاكم علي إعطاء فرص لتقوية الممارسة السياسية من خارج إطار الشرعية الدستورية الحزبية، بينما تسعي الحكومة إلي إضعاف فرص الأحزاب الشرعية في الوجود والتمثيل النيابي وتداول السلطة.
هذا إلي جانب أن نظام الانتخاب الفردي لايزال يحول بدوره دون تمثيل الإخوة الأقباط تمثيلاً مشرفًا من خلال الانتخاب لا التعيين - هذا فضلاً عن تمثيل المرأة كذلك التي لا فرص لها في خوض الانتخابات العامة، وبما اضطر الحزب الحاكم إلي فرض تمثيل المرأة بقانون للتمييز الإيجابي لعدد 64 مقعدًا وهذا التمييز يتنافي مع روح الدستور الذي يؤكد مبدأ تكافؤ الفرص للمواطنين، وحيث كان المطلوب رفعًا لكل صور التمييز في الدستور إلغاء نسبة 50% للعمال والفلاحين التي أصبحت تراثًا فارغًا من المضمون ومؤديًا إلي تشكيل برلمانات ضعيفة.
وهكذا إذن - فإن إصلاح النظام الانتخابي - يكاد ينحصر في إعطاء أولوية داخل الأجندة التشريعية لمجلس الشعب الحالي وفيما تبقي من مدته - لإصدار قانون يستبدل نظام الانتخابات الفردية بنظام التمثيل النسبي، الذي لا يهدر نصف أصوات الناخبين. - كما في النظام الفردي - وإنما يكفل تمثيل الأحزاب والأقباط والمرأة وكل فئات الشعب بنسب عادلة لوجودهم السياسي علي خريطة العمل الوطني.
ودون تغيير قانون الانتخابات قبل إجراء الانتخابات النيابية في أكتوبر المقبل فستبقي الحال علي ما هي عليه من موات الحياة السياسية وذبول التعددية الحزبية - وانصراف المواطنين عن المشاركة السياسية.
أما بشأن آلية إجراءات الانتخابات العامة النيابية والرئاسية - فلا بديل عن أن يعهد إلي هيئة قومية مستقلة بإدارة دفة الانتخابات العامة النيابية والرئاسية معًا وأن تحظي تلك الهيئة باستقلالها وحصانة أعضائها وبميزانية مستقلة لها وأن تكون لها شرطة تستقل بها لها صفة الضبطية القضائية في تعقب جرائم الانتخابات - وذلك تمثلاً للتجربة الهندية الديمقراطية الرائدة، وقد يتطلب ذلك تعديلات مناسبة في قانون مباشرة الحقوق السياسية وفي قانون مجلس الشعب والشوري تعطي الأولوية في إصدارها خلال الموسم البرلماني الحالي ولو استمرت فترة انعقاده إلي آخر شهر يوليو.
ثانيًا: تخلي الرئيس مبارك عن رئاسة الحزب الحاكم والاحتفاظ له كرئيس للدولة ورئيس الجمهورية بمكانته العالية كرئيس لكل المصريين وحكمًا بين السلطات.
وذلك لما ثبت عمليًا وعلي مدي 28 عامًا من حكم الرئيس أن توليه رئاسة الحزب الحاكم قد شكل سدًا مانعًا دون تحقيق توازن سياسي مفتقد في ظل غياب فرص تداول السلطة - وحائلاً دون ازدهار الحياة السياسية والتعددية الحزبية، ومؤديًا لانفراد الحزب الحاكم بالشأن الوطني احتماء بمكانة الرئيس ودون القبول بترك أي مساحة لتنافسية حقيقية بينه وبين الأحزاب الأخري.
ثالثًِا: الالتزام بتوفير الفرص المتكافئة للأحزاب وللمتنافسين من خارج الأحزاب في وسائل الإعلام القومي مقروءة ومذاعة ومرئية.
رابعًا: تكليف حكومة انتقالية إدارية أو ائتلافية من الأحزاب لإدارة دفة الانتخابات النيابية المقبلة.
خامسًا: تقرير حق المصريين في الخارج في المشاركة السياسية وفي أداء حقهم وواجبهم الانتخابي - بما يربطهم وأجيالهم المغتربة بالوطن الأم - وعدم اعتبار ازدواج الجنسية حائلاً دون ترشحهم لجميع المناصب في الوطن الأم إنكارًا عليهم ولاءهم لوطنهم.
تعديلات دستورية منوطة ببرلمان 2010 المقبل:
أما بشأن التعديلات الدستورية التي يتوجب أن تأخذها بدورهال أولوية وأهمية علي الأجندة التشريعية للبرلمان المنتخب في أكتوبر المقبل والتي سيتم خلال انعقاد الانتخابات الرئاسية المقبلة 2010.
فإن البعض لايزال يراهن علي أن الرئيس مبارك سوف يفاجئ الجميع بدعوة البرلمان المقبل لإجراء إصلاح دستوري محدد يشمل المواد 76 من الدستور التي تكرس لاحتكار السلطة من خلال شروط الترشيح التعجيزية الواردة بها، و77 التي قد تستغل مستقبلاً لتأييد السلطة، وكذلك المادة 88 المتعلقة بالإشراف القضائي المنقوص علي الانتخابات العامة والمادة 179 المحدثة الخاصة بمكافحة الإرهاب التي أهدرت الضمانات الدستورية الكافلة لحريات المواطنين الشخصية وحرية المسكن للمواطن وتطلعًا إلي أن الرئيس سوف يدخر تلك المفاجأة الرئاسية السعيدة إلي ما قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
فهل يفعلها مبارك اليوم أو غدًا؟!! لإعلاء رصيده الشعبي واستجابة لمطالب قوي الإصلاح وتفاديًا لما يترتب علي تأجيل وترحيل تلك المطالب من آثار فادحة علي حاضر ومستقبل الوطن؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.