فوز الزميلين عبد الوكيل أبو القاسم وأحمد زغلول بعضوية الجمعية العمومية ل روز اليوسف    وزارة النقل تدرس إرسال مهندسين وفنيين للتدريب في الصين    جهاز التنمية الشاملة يوزيع 70 ماكينة حصاد قمح على قرى سوهاج والشرقية    جولة داخل مصنع الورق بمدينة قوص.. 120 ألف طن الطاقة الإنتاجية سنويا بنسبة 25% من السوق المحلي.. والتصدير للسودان وليبيا وسوريا بنحو 20%    عاجل - إصابة الملك سلمان بن عبدالعزيز بمرض رئوي.. الديوان الملكي يؤكد    فرنسا تستثير حفيظة حلفائها بدعوة روسيا لاحتفالات ذكرى إنزال نورماندي    ميدو بعد التتويج بالكونفدرالية: جمهور الزمالك هو بنزين النادي    نتائج مواجهات اليوم ببطولة الأمم الإفريقية للساق الواحدة    غدا.. أولى جلسات استئناف المتهم المتسبب في وفاة الفنان أشرف عبد الغفور على حكم حبسه    أخبار الفن اليوم، محامي أسرة فريد الأطرش: إعلان نانسي تشويه لأغنية "أنا وأنت وبس".. طلاق الإعلامية ريهام عياد    «ذاكرة الأمة».. دور كبير للمتاحف فى توثيق التراث الثقافى وتشجيع البحث العلمى    الصحة: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    سلطنة عمان تتابع بقلق بالغ حادث مروحية الرئيس الإيراني ومستعدة لتقديم الدعم    رئيس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: جرائم الاحتلال جعلت المجتمع الدولى يناهض إسرائيل    دموع التماسيح.. طليق المتهمة بتخدير طفلها ببورسعيد: "قالت لي أبوس ايدك سامحني"    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غادة نبيل تكتب: مبروك يا بنتي
نشر في الدستور الأصلي يوم 21 - 08 - 2012

ذات يوم فى المدرسة الإعدادية التى انتظمت فيها خالتى ، ضحكت بعض التلميذات حين دخلت " ضابطة المدرسة " الفصل تتحدث مع مدرسة المادة فالتفتت الضابطة وقررت معاقبة الفصل كله . بدأت حفلة الضرب بالمسطرة وحين جاء دور خالتى الأولى على كل فصول مرحلتها الإعدادية والموهوبة فى الرسم والتى لم تشترك معهن فى الضحك شبكت ذراعيها تحت إبطيها بقوة ممتنعة عن تلقى العقاب عما لم ترتكبه . أصرت " الضابطة " وأصرت خالتى على موقفها فاصطحبتها الضابطة إلى مكتب الناظرة التى سألتها لماذا تمتنع عن تلقى العقاب فأجابتها بالحقيقة : " لأنى ما عملتش حاجة وما ضحكتش " . تم فصل خالتى لمدة يومين إرضاء للضابطة ورجعت خالتى لبيتها وحكت لجدتى ما تعرضت له . لم تفعل جدتى العظيمة ما كانت أمهات وآباء كُثر سيفعلونه حال فصل أولادهم . لم توبخها ولا عاقبتها ولا ضربتها . أعطتها درسها الأخلاقى الأعظم وقالت : " أنا فخورة بيكى".

حين رجعتُ أول يوم عيد الفطر إلى بيتنا من جريدتى ولم تُنشر صفحة " ثقافة وأدب " التى أقدمها كل إثنين للجمهورية على مدى عام ونصف بعد الثورة وقد علمت أنها لن تُنشَر بعد ذلك أبداً كما كنت قد حكيت لأمى عن توقعاتى من قبل تقديمها .. ما أن دخلت البيت وأنا أسلم على أمى حتى قالت : مبروك ! .. مبروك الثبات على المبدأ . وأضافت : أنا باقول لك أنا فخورة بيكى ".
أصدق أمى .. وما ربتنى عليه .

كانت كلتانا تعرف أنى حاولت في تلك الصفحة – فى عمرها القصير– أن أقدم فيها ومن خلالها ما أؤمن به من استنارة ومساحة حرية ونقد موضوعى وشجاعة فى التصدى لكل ما كانت تمر به مصر فى فترة حكم المجلس العسكرى سواء فى مقالاتى أو تحقيقات الصفحة أو الأخبار المنشورة بها بالتعاون مع زملائى إلى جانب إتاحة الفرصة لبعض من قالوا لى أنها المرة الأولى التى يتم نشر شئ نقدى أو إبداعى لهم فى الصحافة على الإطلاق وهناك من كنت أراه فى ميدان التحرير من بسطاء الشعب يقول الشعر فأقف أدونه وأتصل بصاحبه بعد نشره . كانت فسحة من خيال ورأى حر فى مكان لم يتعود الحرية مثل مصر بلدنا . كما وقفت مع ما أؤمن به ممن وقع عليهم الظلم نتيجة فساد عصر مبارك بنشر قضية المعتصمين من موظفى مكتبة الإسكندرية الذين كتبت عن حقوقهم والعسف الذى طالهم وهم خلطة مصرية رائعة من سلفيين وإخوان وناصريين ومحبى حمدين صباحى بل وسافرت إليهم فى مدينتهم التى أحبها لمناصرة قضيتهم ضد مدير مكتبتهم بعدما قدموا لى ولغيرى المستندات التى توضح قضيتهم وما تعرضوا له .


كنت أعرف أن هذا سيحدث لأنى اخترت مبادئى من زمان . ويكفى هذا سبباً للاضطهاد والاستبعاد والحنق علىّ . أن تختار الهتاف ضد مبارك وأنت لا تتوقع ثورة ضده فيعتبرك رئيس تحريرك الذى يمنحه مبارك أوسمة والذى اختاره ليرأس جريدة حزبه الوطنى ويجعل مقرها جريدتك .. نفس رئيس تحريرك ذاك يعتبرك عدوه الأكبر خاصة وأنك لا تنافقه هو شخصيا .


كنت كتبتُ مقالا فى الدستور الأصلى من فترة طويلة ضد الزميل رئيس تحرير الجمهورية الحالى لكونه يكتب وظل يكتب بانتظام لفترة طويلة ضد البهائيين بلغة تحريضية تكفيرية تثير الفتنة كما كان اجتمع أيام مبارك مع إحدى الشخصيات البهائية المرموقة فى برنامج تليفزيونى مخاطباً تلك الشخصية بعنف غير طبيعى وهو يقول : " أنتِ دمك مهدر" .


فى الأيام التالية بدأت محارق بيوت البهائيين فى عدد من المراكز بالقرى وبدأ ترحيل عائلات البهائيين وحتى الأمن المركزى لم يكن قادرا على توفير الحماية لهم .


وحين جاء رئيس التحرير الزميل محمود نافع للجمهورية فى المرحلة الانتقالية عقد اجتماعاً كبيراً مع كل من أراد الحضور والمشاركة فى قاعة الاجتماعات متحدثاً معنا وطالباً منا أن يقدم كل من يريد اقتراح أفكار مكتوبة فتقدمتُ اليوم التالى بورقتين جاء فيهما نقطة خاصة برؤساء تحرير ورؤساء مجلس الإدراة السابقين بالمؤسسة الذين كنت وما زلت أرى فى استمرار نفاقهم للنظام الجديد بعد الثورة نفس نهج إتلافهم للوعى العام قبلها بجرائم أقلامهم الممجدة لشخص مبارك وعائلته وهم من أفقدوا جرائدنا القومية كل مصداقية وتم إهدار مواردها المالية عدا أنها يُفتَرض أنها ملك للشعب وليست صحفا ًخاصة . وكانت هناك نقطة أعلنتها لأصدقاء رئيس التحرير الحالى قبل توليه بيومين : إننى فى مذكرة اقتراحاتى تلك لفت نظر رئيس تحريرى وقتها الزميل محمود نافع إلى أن الزميل جمال عبد الرحيم يكتب هجائيات تحريضية منتظمة ضد طائفة أو فئة دينية مصرية وهذا محسوب على الجريدة وبهذا يشجع على الفتنة الطائفية وما نسمح به اليوم ضد البهائيين لموقف أو رأى متعصب كاره للآخر يخص أحد الزملاء قد يتحول غدا إلى تحريض ضد المسيحيين .


ذهبتْ ذاكرتى إلى أيام أبعد حين كنت متجهة مرة فى عهد مبارك إلى نقابة الصحفيين لحضور مؤتمر " مصريون ضد التمييز الدينى " . لم نرَ أية علامات حين وصلنا تدل على انعقاد مؤتمر . سألنا ثم عرفنا .


الزميل جمال عبد الرحيم كان قد نام ليلتها فى النقابة بالجنازير – كسلاح – مع مجموعة من الصحفيين من أصدقائه لمنع النقيب وقتها الزميل مكرم محمد أحمد من الدخول ومنع أعضاء المؤتمر بضيوفه ( لم يكن فيهم أجنبي واحد بل الجميع كان من المصريين أقباطا ومسلمين وشيعة وبهائيين ) وذلك بدعوى أنه " مؤتمر إسرائيل " وهى مقولة الزميل عبد الرحيم فقط لكون البهائيين وفق ديانتهم يحجون إلى مكان خاص بعقيدتهم فى فلسطين وتم عقد المؤتمر فى مقر حزب التجمع المصرى على مدى أكثر من يوم وحضرتهُ بالطبع وبفخر كما استمعت إلى قصص أليمة عن صور اضطهاد لشاب مصرى معاق ( رأيته لاحقاً فى الثورة يوم 28 يناير وعدت ورأيته فى " الفن ميدان " ورأيته فى كل المليونيات الحاشدة فى التحرير) ودرس وتفوق رغم إعاقته البالغة حيث حكى كيف يضطهده أهل بيته لتشيعه واستمعنا إلى حكايات محزنة من المواطنين البهائيين والأقباط يومها وكل أحرار مصر والنقيب ذاته جاء بالطبع . الناشطة بثينة كامل والناشط والصديق المخلص لمصر مهندس حركة " كفاية " أحمد بهاء الدين شعبان وغيرهما كانا من الحضور.


رئيس تحريرى جمال عبد الرحيم ما كان ليفوت فرصة وصوله إلى منصبه بدون إعمال عقيدته الخاصة فى قصف أقلام أعدائه وبيننا تاريخ من الاختلاف الجذرى إنسانيا ًوفكرياً وتربوياً ومهنياً وأخلاقياً.هناك نفوس لا تعرف معنى عدم الظلم حين تتمكن .


حين قابل أحد الزملاء الزميل جمال عبد الرحيم صدفة فى مصعد المؤسسة قبل إيقاف الصفحة وابتدره مهنئاً برئاسة التحرير فى حضور زملاء آخرين طالباً منه بكل حسن نية عقد اجتماع مع أعضاء الصفحة الأدبية لمناقشة سياسته التحريرية وتبادل الأفكار حول الصفحة انفجر فيه رئيس التحرير صاباً كل حقده علىّ فى شخص من رآه بديلا لى وقتها فبدأ سبابه فى الصفحة ومؤكداً له أنها " نزلت بدون أن يراها " علما ًبأنى كنت قد تركتها له فى مظروف باسمه وصفته أو منصبه الجديد بمكتبه وعدت لبيتى فكان ان قدمها مدير مكتبه لنائب رئيس التحرير الذى لم يستشره إذ لا علم له بخلفية تلك المواقف بين رئيس التحرير وبينى وهكذا " نزلت " الصفحة ( عدد الإثنين 13 أغسطس لتكون آخر صفحة تنشرها الجريدة وبها مقالى بعنوان " بداية الانهيار " فى باب " كان وما زال " عن مشكلة الكهرباء وعن منع أو التسبب فى منع مقال للناقدة عبلة الروينى ) حيث قمت بمقارنة ما بدأ يحدث من مكارثية – وإن لم أستخدم الكلمة – فى عهد مرسى بعهد مبارك .


رئيس التحرير عبد الرحيم كان يتحين فرصة انتقام صغير جدا من خصم . أنا كنت وسأظل ذلك الخصم له ولكل من يفكرون ويشعرون مثله . إلغاء الآخر هاجس حقيقى لو لم يمتثل الآخر فى القوالب المعدة سابقاً ولهذا حرصت على تقديم صفحة " ثقافة وأدب " فى العيد رغم يقينى برفضها حيث كان رئيس التحرير قد ألغى الصفحة السابقة من الطبعة الثالثة بالجريدة والتى ضمت مقالى " بداية الانهيار ". لكن إرضاء من اختاروه يختلط أيضاً بالرغبة فى الإساءة لخصمه وإزالته من أمامه .. لعله يهدأ نفسياً.


مهاجماً الزميل الذى كان يهنئه قال رئيس التحرير للزميل الذى يتعاون معنا فى الصفحة : " طب أنا بقى مش حانزلها " . وظل يعنف على الزميل الذى لم يجد فرصة للرد من تلاحق " الحالة " العنفية المزمنة فالتزم الصمت ليواصل رئيس التحرير هجائيته وتصل حد شتم الأموات من المثقفين حيث علمت لاحقاً أنه سب صديقى وصديق أسرتى الشاعر الكبير الراحل حلمى سالم لوجود خبر عن قرب صدور كتاب للراحل عن " الشعر والتصوف " كما كنت علمت من زوجته وابنته وأنا أعزيهما فى بيته واصفاً الراحل العظيم بأنه " ملحد " . وتذكرت مرة أخرى ما كان حكاه لى الراحل عن جمال عبد الرحيم أيام مبارك حين جمعهما برنامج تليفزيونى ومعهما شيخ أزهرى . وقتها قال لى حلمى سالم وأنا أحدثه أو يحدثنى عن عبد الرحيم : " ده إيه جمال عبد الرحيم ده ؟! . ده الشيخ الأزهرى كان أحسن وألطف منه بكتير وكان يبص له مستغرب !! ".


كل إصدارات دار التحرير للطبع والنشر – وهى كثيرة – صار يترأسها زملاء من الإخوان المسلمين أو من المتعاطفين والمحبين لهم ولفكرهم أو بعض من كانوا يرأسون الصفحات الدينية فى مطبوعات الدار ، أو – فلنقلها – من المستعدين للتعاون مع منهج الإخوان الصريح الشره فى أخونة المحليات والمحافظات والوزارات والقضاء .


أدركوا كما أدركنا كم يحتاج الإعلام للتخلص من لاعقى أحذية مبارك وللمفارقة لم يفعلوها . تخلصوا من خصومهم الفكريين وكل المختلفين مع أهداف حزبى الحرية والعدالة والنور ، وإلا ما وجدنا لاعقى أحذية الأمس يبحثون عن أحذية بديلة ليلعقوها حين نتأمل عودة رؤساء تحرير سابقين فى صحف حكومية للكتابة من باب إبداء الندم والتكفيرعما كتبوه ضد الجماعة سابقاً كما ينصحهم المحلل الرياضى علاء صادق قائلا من أيام فى " البديل الجديد " : " مصر تفتح حضنها لكل المتحولين من سياسيين وإعلاميين وفلول بشرط الصدق فى النية وتقديم الدليل على الإخلاص لها ."


وبدون أن يحدد السيد علاء صادق لا كيف سيتم التثبت من موضوع " النية " – كما فى قصة الإيمان من عدمه ولا ما هى الأدلة أو " الدليل " الذى " يتوجب " على المواطن المتحول أو المشكوك فى ذمته الوطنية أو الدينية أن يقدمه .. ولمن؟ ، لنا أن نتأمل واقع الإعلام فى المئة يوم الأولى من فترة حكم أول رئيس حافظ للقرآن فى رفض مقالات مدحت العدل وإبراهيم عبد المجيد ( المترجم عالمياً ) ويوسف القعيد ومضايقة عبلة الروينى وإلغاء صفحة الرأى فى جريدة الأخبار واختيارات مجلس الشورى ذى الخلطة الإخوانية السلفية لرؤساء تحرير صحف الشعب وإغلاق قناة فضائية وملاحقة جريدة الدستور وتحويل الزميل إسلام عفيفى للنيابة وتوقيف صفحة " ثقافة وأدب " بالجمهورية لحين استبدال رئاستها بعناصر أكثر تعاطفا ًمع المرحلة القادمة فى الجمهورية الجديدة أو ربما للإتيان بأحد من عملوا ب " نصيحة " المحلل علاء صادق وقدموا الدليل على الإخلاص لحزب الحرية والعدالة لا لمعنيهما .


هناك من يجب أن يتوبوا فعلاً .. أمثال رئيس تحرير فى جريدتنا كان يكتب يومياً مقالاته عن مبارك. لا موضوعات أخرى فى مصر . كان يمنعنى من الكتابة بالاسم كما أفادنى الراحل د. فتحى عبد الفتاح المشرف على صفحة الأدب وقتها . ثم بلغ الأمر حد أنى طلبت من تابعه الذى رشحه هو كرئيس تحرير بعده أن يمنحنى فرصة " تحليل راتبى " . توالى الظلم أنواعاً من الاستبعاد وعدم الترقية أبداً بل وإطلاق اليد فى صفحة الثقافة للمرضى عنهم من عناصر الحزب الوطنى وقتها .


الذين كانوا يكتبون فى مقالاتهم : جماعة الإخوان المسلمين " المنحلة " بلمزٍ صريح أيام مبارك ويسبون د. البرادعى ما زالوا يكتبون . ناهبو الصحف القومية ومن أفلسوها وتسببوا فى تراكم ديونها ما زالوا يكتبون فى أكبر المساحات . المحرضون على القتل والعنف وحرق بيوت المصريين ما زالوا يكتبون بل وفى حماية الثورة كما يفهمها " الحرية والعدالة " ومال زال التحريض على القتل مستمراً !


أما نحن الممسكين بحريتنا كجمرة لا نفلتها فعن ماذا نتوب ؟ وأمام من نُستتاب ؟.

كنت أترجم لسلفيين لا أعرفهم فى ميدان التحرير قبل تنحى المخلوع لمراسلين أجانب وأنبههم أن ترجمة اسم " الحركة السلفية " بالإنجليزية قد يظلم معناها أو أحتى أهدافها ليختاروا ما إذا كانوا يوافقون على أن يتم تقديمهم على أنهم من حركة الإخوان المسلمين . ثم جاء اليوم الذى هجم فيه سلفى علىّ يريد ضربى بعدما تطاول على بالكلام فقلت له أنى صحفية وسأكتب فزاد التطاول وكان يدفع من يمسكونه للوصول إلىّ وهم يعتذرون . يومها تدخل الملتحون لمنعه من ضربى بعدما هجم على المذيع المصرى فى وكالة أسوشيتد برس وضربه وأوقع منه الميكروفون والمذيع لا يدافع عن نفسه ويصرخ المواطن السلفى فى هيستيريا : اشمعنا هى يعنى .. ؟ اشمعنا هى اللى بتسألوها ؟!. ويعبر أنصار الرئيس الملتحين فى طوابير من الرصيف المقابل للاحتكاك بنا وهم يهتفون " مرسى مرسى " وأحاول أن أقول لهم وسط صراخهم أننى كنت فرحت مبدئيا حين كسب مرسى وخسر شفيق ". لا يسمعون .. بينما مراسلة أجنبية تقول بحدة ولا تنظر ناحيتهم " هذه وقاحة جدا .. لماذا تقاطعوننى وأنا أريد حديثاً منها " .. كل هذا كان أمام مجلس الدولة حيث المظاهرات للفريقين .. أنصار الدولة المدنية والسلفيين يوم 18 يوليو الماضى . منشغلة بكثرة مشاويرى وتجهزى للسفر اليوم التالى أسحب مراهقاً صغيرا ملتحياً من يديه لأترجم له ما يريد قوله من كلام مخالف لكلامى وكلام زملائى للصحافة الأجنبية.


بالنسبة لى ، رغم وصول " رسالة " رئيس تحرير الجمهورية الأسبوع الماضى لى وعلمى بطوفان غضبه منى المُتحيّن لفرصة نسف كتابتى ومن معى من صفحة الثقافة ليس فقط لإرضاء من اختاروه لتلك المهمة تجاهى وتجاه من يشترك معى فى نفس الفكر وإنما لإراحة مشاعره الخاصة جداً فى إزاحة من كانت تشيح بوجهها عنه فى أروقة المؤسسة ويشيح بوجهه عنها قبل تعيينه رئيساً لها ، أردد لنفسى : كم أنا ممتنة أن يتم استبعادى فى توقيت استبعاد إبراهيم عبد المجيد والقعيد وعبلة الروينى . كم أتأكد بمرور الأيام أكثر أنى كنت محقة فى عدم انتخابى لأحد حين رأيت الرئيس الحالى يواجه شفيق رجل مبارك ! .


ما أشبه اليوم بالبارحة بل بأقل كثيراً من تلك البارحة حين كنتُ أقف على سلم نقابة الصحفيين أهتف :" يسقط يسقط حسنى مبارك .. يسقط يسقط كل مبارك " قبل ثورة يناير وأهتف مع الأحرار : " أمن الدولة كلاب الدولة " بينما يصوروننا بكاميرا الموبايلات أولئك المشتومون ونصورهم نحن بموبايلاتنا ونشير إليهم بأصابعنا وهم يضحكون من جنوننا ، تحيطنا عناصر الأمن المركزى ولا تلقى القبض علينا ونكتب فى الجرائد المستقلة ضد وزير الداخلية المجرم الحبيب العادلى وضد القاتل هشام طلعت مصطفى وضد جمال مبارك .


اليوم د. ياسر على المتحدث باسم رئاسة الجمهورية يُضحكنا والله فحين ينفى عن رئيس البلاد أى تدخل فى اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية باعتبار أن المسئول قد يكون أحد الملائكة أو الجن أو حتى نحن وليس الذى قَبِل المسئولية عن البلد كلها بكل ما فيها فهو يؤكد – أى على – " أننا مع الحرية الكاملة للتعبير وأن الجماعة الصحفية المصرية مدعوة لتكون أداة مهمة فى تطوير العمل الصحفى والإعلامى فى مصر ولن نتدخل فى ذلك " ، إلا أن الرجل نفسه لا يشعر ، أو لا يهمه التناقض الكامل فى حديثه مع تلك الدعوة للحرية حين يقول : " إن المجتمع له حق فى مراقبة أداء الصحافة وما يُنشر من مقالات تمس مصلحة المجتمع ولسنا طرفاً فى ذلك " كأنما مجلس الشورى الإخوانى السلفى يختار رؤساء تحرير فى كوكب زحل أو عطارد . ليس مهماً أن يتدخل المرشد الأعلى لجماعة الإخوان ولا الملياردير الإخوانى خيرت الشاطر فى الاختيارات وينصح بالمزيد من الإطاحة برءوس الإعلاميين والكاتبات وبغربلة القضاء وتفريغ وحل المحكمة الدستورية العليا لإعادة تشكيلها بعناصر من حزب الحرية والعدالة ولا يهم د. على أن يظهر كلامه كمرفقعات سخرية من فكرة الحرية من أساسها وهو يعطى باليمين ما يأخذه بالشمال فهو لا يصدق فى أعماقه أن الحرية ليست منحة من أحد أبداً ولن تكون .


د. ياسر على ربما متقارب جداً مع أول وزير إعلام إخوانى بعد الثورة . فهذا الوزير الزميل صلاح عبد المقصود له واقعة لا تُنسى أطلق فيها رئيس تحرير فلولى أيام مبارك أحد الزملاء عليه وقام ذلك الزميل الآخر – أمتنع عن ذكر الأسماء التى يعرفها الوسط الصحفى – باستخدام شفرة حلاقة ما زلنا نرى آثارها على وجه عبد المقصود من يومها وعاتب البعض عبد المقصود يومها على عدم التقدم بشكوى إلى النقابة أو للنيابة ضد الزميل المعتدى والذى فعلها بتحريض وطلب صريح من رئيس التحرير الفلولى الذى كان يكتب مقالاته المتعبدة فى مبارك وكلاب مبارك وأحذية مبارك اللامعة والبعوض الذى يتشرف بالطيران حول قصور مبارك .


وقتها فهمنا سلوك وموقف عبد المقصود بأنه سلوك نبيلٍ سامٍ . اليوم حين نجد مظلوم الأمس ظالماً وشريكاً فى الظلم والعدوان على حرية الرأى حين يبرر إغلاق " الدستور " أو قناة الفراعين بدون محاكمات على أنها ليست تحركات ضد حرية الرأى والتعبير فهناك فارق بين ذلك وبين ما أسماه عبد المقصود " التحريض على الفتنة الطائفية " لا بد أن نحيله إلى قراءة مقالات الزميل جمال عبد الرحيم رئيس تحرير الجمهورية الحالى ضد البهائيين على مدى سنوات وحتى قريباً فالأكيد أن عبد المقصود ومجلس الشورى ود. ياسر على والرئيس مرسى لهم جميعاً تعريف آخر للتحريض على الفتنة لا علاقة له بالتحريض الذى تُعاقب عليه مواثيق حقوق الإنسان الدولية . وعليه نقرأ موقف الزميل عبد المقصود أمس أيام مبارك ليس على أنه – كما رأيناه وقتها بغضب – تسامياً وتسامحاً - فى غير محله ، بل تكتيكاً نابعاً من يقينه الإخوانى طول الوقت أن لا معنى للتظلم والنتيجة معروفة ، لأن الإخوان كانوا أكثر من البطة السوداء فى عصر مبارك.


الآن تبين لنا أن من كانت تجب محاكمتهم على انتهاكهم حقوق الإنسان بالتشجيع على قتل الأبرياء لمجرد الاختلاف فى العقيدة ، ومن كانوا سيُحاكمون وربما يتم سجنهم فعلا على كتاباتهم فى بلدان أخرى تحترم حقوق الإنسان داخل حدودها على الأقل ، من كان يجب على نقابة الصحفيين تحويله إلى مجلس تأديب لخروجه عن آداب المهنة وتهديده لزميل هو النقيب وقتها وتهديده لمواطنين ومفكرين مسالمين لمنع عقد مؤتمر بالجنازير .. هؤلاء نالوا مكافأة كراهيتهم للبشر وللحرية ولمعانى الكرامة التى قمنا بالثورة من أجلها جميعاً وصار ما يُخجِل فى سيرتهم المهنية والذاتية هو نفس سبب تكريمهم وتوليهم المناصب وتحكمهم فى الناس بعد الثورة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.