استقرار أسعار الذهب عالميً اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي الجاري تنفيذها بالتعاون مع شركاء التنمية    «القومي لحقوق الإنسان»: مطالبة مدعي «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو شهادة على جرائم إسرائيل    الوكالة اللبنانية للإعلام: مقتل اثنين في غارة إسرائيلية على جنوبي لبنان    ليفركوزن يسعى لمواصلة تحطيم الأرقام القياسية.. ماذا قدم في مبارياته أمام أتالانتا؟    عبر تليجرام.. تداول امتحان العلوم لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    أزمات وشائعات طاردت زوجة محمد صلاح    5 أسباب رئيسية للإصابة بالربو ونصائح للوقاية    أسعار الدواجن اليوم 22 مايو 2024    التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    الطالب الحاصل على جائزة «المبدع الصغير» 2024 في الغناء: أهدي نجاحي لوالدتي    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش موازنة الهيئة القومية للبريد للعام المالي 2024-2025    رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني جميع المحافظات والخطوات كاملة    تفاصيل الحالة المرورية اليوم.. كثافات في شارعي رمسيس والهرم (فيديو)    طريقة عمل العجة المصرية، لفطار سريع وبأقل التكاليف    توافد طلاب أولى ثانوى بالجيزة على اللجان لأداء الكيمياء في آخر أيام الامتحانات    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    جدول مساحات التكييف بالمتر والحصان.. (مساحة غرفتك هتحتاج تكييف كام حصان؟)    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    «حديد عز» بعد الانخفاض الكبير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    أرقام تاريخية.. كبير محللي أسواق المال يكشف توقعاته للذهب هذا العام    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    عاجل.. حلمي طولان يصب غضبه على مسؤولي الزمالك بسبب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    ذبح مواطن في الطريق العام.. النقض تنظر طعن سفاح الإسماعيلية على حكم إعدامه    روسيا تبدأ تدريبا لمحاكاة إطلاق أسلحة نووية تكتيكية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل ما تريد أن تعرفه عن المسلمين في «بورما»


ميانمار.. دولة انقسم شعبها حول اسمها

كتب- محمد عطية:

غالبا ما تكون الاختلافات فى بلد ما اختلافات سياسية أو اجتماعية أو طائفية، لكن أن تكون نقطة الخلاف هى اسم البلد نفسه، فهذا لن تجده إلا فى أقصى جنوب شرق آسيا حيث دولة بورما التى يُطلَق عليها أيضا ميانمار.


هذه الدولة المنقسم شعبها حول اسمها، استقلت عام 1948، وتخلصت من الاستعمار البريطانى، وغيّرت السلطة العسكرية التى حكمت البلاد منذ الثمانينيات اسم البلاد إلى «جمهورية اتحاد ميانمار»، وتم اعتماده رسميا منذ ذلك التاريخ، مفسرين ذلك بأن اسم «بورما» موروث من زمن الاستعمار. لكن المعارضة فضلت استخدام اسم بورما، كما رفض خبراء حجة السلطة فى تغيير الاسم، مؤكدين أن تسميتى ميانمار وبورما جذورهما واحدة وتُستخدمان منذ قرون.


الخلاف استمر بين العسكر الذين يحكمونها والمعارضة، ففى الوقت الذى يفضل فيه حكامها اسم «ميانمار» تصر المعارضة على «بورما»، وهو الأمر الذى وصل إلى أقصى حد له خلال الفترة الماضية عندما دعت السلطات هناك زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشى إلى استخدام الاسم الرسمى للبلاد، أى ميانمار لا بورما، غير أن المعارضة استمرت فى اعتماد الاسم القديم للبلاد، نوعا من المقاومة والاحتجاج ضد حكم العسكر.


بل إن سو تشى، التى خرجت من المعتقل عام 2010 وانتُخبت لعضوية البرلمان، قامت بجولة أوروبية مؤخرا، استخدمت خلالها اسم بورما عند الحديث عن بلادها، كما استخدمته فى كلمتها أمام المنتدى الاقتصادى العالمى فى تايلاند فى يونيو الماضى، الأمر الذى أثار استياء حكومة بلادها. الاختلافات حول اسم الدولة لا تقتصر على سكان البلد نفسه، بل تَعدّتهم إلى دول العالم، فبينما تعترف الأمم المتحدة وألمانيا والهند واليابان وروسيا وجمهورية الصين الشعبية واتحاد دول جنوب شرق آسيا بالاسم «ميانمار»، فإن عديدا من الدول لا يزال يعترف باسم «بورما»، منها أستراليا وكندا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.



مسلمو الروهينجيا أكثر أقليات العالم تعرضا للاضطهاد.. محرومون من كل الحقوق حتى الزواج.. ويتعرضون للإبادة الجماعية منذ 200 عام


كتب- محمود حسام:

مأساتهم عمرها يمتد لقرون، لكن الآن وبينما قوى العالم الغربى تجيّش الجيوش باسم الدفاع عن حقوق الإنسان، خصوصا فى المنطقة العربية، فإن ضمير العالم لم يتحرك لإنقاذ مسلمى بورما، هذا البلد الجنوب شرق آسيوى، مع تجدد أعمال العنف الدموية ضدهم منذ يونيو الماضى، وسط تقارير عن سقوط قتلى مسلمين بعشرات الآلاف على يد جماعات بوذية متطرفة، فى حين تتكتم السلطات وتقول إن عشرات فقط قُتلوا فى أعمال العنف الطائفية الأخيرة، بل تنفى أن تكون القضية دينية بالأساس.


يمثل المسلمون نحو 15% من سكان بورما البالغ عددهم 50 مليونا، ويتركز ما يقرب من نصف المسلمين فى إقليم أراكان، وتُعتبر الأقلية المسلمة فى بورما حسب الأمم المتحدة أكثر الأقليات فى العالم اضطهادا ومُعاناة وتعرُّضا للظلم المُمنهَج من الأنظمة المتعاقبة فى هذا البلد، لكنهم يتعرضون لإبادة عرقية تمتد جذورها التاريخية إلى أكثر من 260 عاما، ولم يقدم لهم المسلمون فى أنحاء المعمورة الدعم الكافى.


مجردين من كل الحقوق المدنية يعيش المسلمون من عرق الروهينجيا، فلا يحق للمسلمين العمل ولا الدراسة فى بلادهم بل ولا حتى الزواج، وحين وافقت الحكومة البورمية على منح المسلمين حق توثيق الزواج فإنها عقّدت الإجراءات لتستمر نحو 3 سنوات، وقد تنتهى برفض عقد الزواج.
السلطات فرضت على المسلمين أيضا عدم إنجاب أكثر من طفلين، وفى حال إنجاب طفل ثالث لا يتم توثيقه فى سجلات المواليد البورميين.


ليس هذا كل شىء، فالحكومة تواصل محاولتها لتغيير التركيبة الديموغرافية للمناطق التى يسكنها مسلمون، وحسب تقارير، لا توجد أى قرية أو منطقة إلا أنشأت فيها منازل للمستوطنين البوذيين بدعم من الحكومة، ومنذ عام 1988 قامت الحكومة بإنشاء ما يسمى «القرى النموذجية» فى شمال أراكان، فى محاولة لتشجيع أسر البوذيين على الاستيطان فى هذه المناطق.


الحكومة والميليشيات الموالية لها مارسا أيضا عمليات طرد وتهجير جماعى متكررة، وهو ما حصل فى عام 1962 عقب الانقلاب العسكرى، حين طُرد أكثر من 300.000 مسلم إلى بنجلاديش، وفى عام 1978م طُرد أكثر من نصف مليون مسلم فى أوضاع قاسية جدا، مات منهم قرابة 40.000 من الشيوخ والنساء والأطفال، حسب إحصائية وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وفى عام 1988 طُرد أكثر من 150.000 مسلم، وفى عام 1991 طُرد قرابة 500.000، وذلك عقب إلغاء نتائج الانتخابات العامة التى فازت فيها المعارضة بأغلبية ساحقة، انتقاما من المسلمين لأنَّهم صوّتوا مع عامة أهل البلاد لصالح الحزب الوطنى الديمقراطى.


موجة الاعتداءات الجديدة بحق مسلمى بورما، بدأت فى يونيو الماضى من قبل المتطرفين البوذيين بتواطؤ مع السلطات والجيش والشرطة، بعد حادثة مزعومة حول تعرُّض فتاة بوذية للاغتصاب على يد 3 مسلمين، فقتل البوذيون ركاب حافلة مسلمين آتين من العمرة، وبهذا اندلعت صدامات مسلحة بين الطرفين رجحت بسرعة لصالح الأغلبية البوذية التى لم يتردد أفرادها فى قتل المسلمين تحت حماية الجيش والشرطة.


ويتعرض المسلمون الذين يقطنون خليج أراكان لعمليات عنف وقتل جماعية من قبل الجماعات البوذية المتشددة، كانت موضع إدانة شديدة من منظمات دولية وحقوقية عديدة مثل «هيومان رايتس ووتش» و«العفو الدولية»، كما تحدث به عدد من الصحف الغربية، فقد ذكرت صحيفة «النيويورك تايمز» الأمريكية أن ما جرى فى بورما لم يكن عنفا طائفيا فقط، بل «تطهيرا عرقيا مدعوما من الدولة». الصحيفة قالت إن دول العالم لا تتحرك للضغط على هذا البلد لوقف العنف، ونبهت إلى أنه حتى زعيمة المعارضة، ورمز الديمقراطية فى بورما، صاحبة نوبل للسلام، أونج سان سوتشى، ابتلعت لسانها، رغم استغاثة المسلمين بها باستخدام ثقلها فى وضع حد لمأساتهم. وحتى عندما لا يصبح غير النجاة بالنفس سبيلا، يوصَد هذا الباب دون المسلمين فى بورما، فقد تبنت السلطات فى بنجلاديش المجاورة قرارا بعدم السماح لأى لاجئ بدخول البلاد، لأسباب تتعلق بوجود عدد كبير منهم على أراضيها، وأن السماح للاجئين جدد سيؤثر على الأمن والنظام، على حد زعمها.

«The Lady».. امرأة قاومت العسكر من أجل الديمقراطية

كتب- إيهاب التركى:

فى تلك البلاد البعيدة المسماة بورما أو ميانمار تدور أحداث فيلم «The Lady» (السيدة)، هى واحدة من هؤلاء الملهمات المعلمات للشعوب، يحكى الفيلم قصة سيدة ألهمت الشعب البورمى بمقاومة الديكتاتورية العسكرية الحاكمة للبلاد دون استخدام للعنف، اسمها «أون سان سو تشى»، وهى امرأة بورمية رقيقة الملامح هشة الجسد شديدة الثقة بنفسها وبرسالتها، هى أيضا أم لطفلين وزوجة لمايكل إيريس الرجل الإنجليزى شديد الإخلاص لأسرته الصغيرة، ضحت بحياتها الأسرية وحريتها الشخصية ودعمها زوجها فى قرارها بتحقيق حلم الديمقراطية لوطنها، حينما قررت سو الوقوف أمام الحكم العسكرى الوحشى فى بورما فى الثمانينيات لم تكن تملك سوى قوة إيمانها بالديمقراطية وسمعة والدها الجنرال مؤسس الجيش الاستقلال الوطنى المؤمن بالديمقراطية الذى قتله منافسوه من العسكر فى انقلاب عسكرى بالستينيات. ظلت لسنوات محددة إقامتها بمنزلها، وكانت تقول للجنود البسطاء الذين يحتجزونها داخل منزلها: «ربما لا تهتمون بالسياسة، ولكن السياسة تهتم بكم»، وربما قبل البدء فى استعراض أحداث الفيلم وخلفيات الأحداث به يمكن أن نشير إلى أن جميع الأحداث المذكورة فى هذا المقال تتعلق بفيلم «The Lady»، وأى تشابه بين أحداثه والأحداث فى مصر ليس صدفة، فالديكتاتوريات العسكرية تتشابه فى كل مكان وزمان. يقدم المخرج الفرنسى لوك بيسون فيلمه «السيدة» The Lady من وحى الحياة الحقيقية لزعيمة المعارضة البورمية «أون سان سو» التى حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1991، ولم تتمكن من تسلمها بسبب تحديد المجلس العسكرى البورمى إقامتها فى منزلها ببورما. الفيلم ليس فقط تحية لشخصية استثنائية مثل سو، بل لقيمة المقاومة السلمية حتى أمام أشرس الأنظمة العسكرية القمعية، هو أيضا قصة حب تمتزج فيها السياسة والشجاعة وتحمل الألم والتضحية الفعلية بأغلى ما فى الحياة من أجل تحقيق حلم الحرية والديمقراطية. تجسد الممثلة الصينية الماليزية الأصل ميشيل يو شخصية «أون سان سو»، ومن المدهش الشبه غير الطبيعى بينها وبين سو الحقيقية، والمدهش أكثر أن ميشيل يو نجمة أفلام الأكشن الصينية التى قدمت فيلمها الأشهر «Crouching Tiger, Hidden Dragon»، قدمت هذا الدور شديد العذوبة والإنسانية، قامت بحِمْية قاسية لتصل إلى قوام سو النحيل للغاية، وجمعت فى أدائها تعبيرات الأمومة وحب الزوج وقوة الإيمان بالحرية والديمقراطية. بلغ صدق الفيلم فى التعبير عن حياة المناضلة البورمية أن هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية طلبت مشاهدته قبل لقائها أون سان سو الحقيقية.


أون سان سو هى ابنة الجنرال سان سو كى بطل الحرب والاستقلال الذى حقق لبلاده الاستقلال عن التاج البريطانى عام 1947، وقد قامت فرق الموت التابعة، وهى ميليشيات تعمل لحساب بعض الجنرالات، باغتياله ومن معه فى مذبحة كبيرة، وكانت أون سان سو وقتها طفلة صغيرة، وقد بقى حب الجنرال سان سو فى قلوب البورميين حتى إنهم كانوا يرفعون صوره فى مظاهراتهم وثوراتهم ضد العسكر حتى بعد وفاته بعشرات السنين. تلقت سو تعليمها فى المدارس الكاثوليكية، ثم التحقت بإحدى الكليات فى الهند عندما عملت أمها سفيرة لبورما فى الهند ونيبال، وفى عام 1969 حصلت على البكالوريوس فى علوم الاقتصاد والسياسة من أوكسفورد، وتأثرت كثيرا بنضال غاندى السلمى ضد الاستعمار، وشكلت أفكاره جزءا كبير من شخصيتها، ففى أحد مشاهد الفيلم حين صحبت والدتها المريضة إلى المستشفى، وبينما كانت تشاهد عنف الجيش ضد المتظاهرين، وعشرات الجرحى الذين لا يجدون مكانا فى المستشفى الذى كانت ترافق والدتها فيه، كانت تقرأ على الأرض بجوار سرير أمها المريضة سيرة غاندى كأنما تستمد منه روح المقاومة السلمية، ونرى نفس الكتاب لاحقا يذهب لطالبة شابة وصلت إلى المستشفى جريحة برصاص الجيش. عملت سو فى الأمم المتحدة لمدة ثلاثة أعوام، وكان عملها يتعلق بالشؤون المالية للمنظمة، وتزوجت عام 1972 بالدكتور مايكل إيريس، وهو أستاذ بريطانى متخصص فى ثقافات وأديان منطقة التبت، وقد أنجبت منه ولديها ألكسندر وكيم، وحصلت فى عام 1985 على درجة الدكتوراه فى العلوم السياسية من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية من جامعة لندن، وحينما عادت إلى بورما عام 1988 لكى تعتنى بأمها المريضة وجدت القمع العسكرى الوحشى وصل إلى مدى كبير، ورغم سقوط أعداد كبيرة من القتلى لم تتوقف المظاهرات الشعبية التى تحمل صور والدها.


عقب عودة السيدة سو إلى بورما قام الجنرال غريب الأطوار نى وين زعيم الحزب الاشتراكى الحاكم فى بورما باستشارة عرافة فى أمر ابنة الزعيم الراحل سان سو كى فقالت له إنها لن تبقى فى البلاد وستعود لعائلتها فى إنجلترا، وعلى هذا الأساس قرر هذا الجنرال التافه سياسيا لأقصى درجة أن يلعب مع الشعب لعبة الديمقراطية بعد أن فشلت كل أساليبه الوحشية لقمع المظاهرات، وبعد أن زادت عزلة دولته عالميا، خرج للشعب بخطاب عاطفى يقول لهم فيه: «الآن فهمتكم وعرفت ماذا تريدون؟». قال لهم إن المواجهات بين الشعب والدولة يجب أن تتوقف، ولم ينكر أن فترة حكمه شهدت أخطاء من الشرطة والحكومة، ولم يستثنِ نفسه من اللوم على الأخطاء التى وقعت، وأنهى خطابه بإعلان استقالته والدعوة إلى الانتخابات. الخطاب كان مدهشا واعتبرته قوى الثورة والمعارضة انتصارا، وامتلأت السماء بالألعاب النارية، وخرج الناس إلى الشوارع سعداء.


رغم أن سو لم يكن فى نيتها البقاء فى بورما، فإن تمسك رجال السياسة المتشرذمين وقوى شعبية ووطنية بها كمرشحة طيبة السمعة ومحبوبة من الشعب لخوض الانتخابات كان قويا، وبدأت رحلتها نحو الديمقراطية، احتشد لسماع خطابها الشعبى نحو مليون شخص، وفى أحد مشاهد الفيلم يجلس الجنرالات أمام التليفزيون، ويدهش نى وين من هذه الملايين التى ذهبت للاستماع إلى سو، وهو أمر غير مسبوق فى بورما، ويميل أحد مساعديه عليه مقللا من شأن الحشد قائلا: «لا أعتقد أن عددهم يصل إلى مليون». لم يتحمل الجنرال أن تكون نتيجة لعبة الديمقراطية التى وضعها وهو مطمئن تماما إلى الفوز بها أن تذهب لشخص آخر، ولأنه لا يعرف سوى لغة البطش فقد بدأ باتخاذ كل السبل لمنع شعبية سو، كانت قواته تختطف بعض النشطاء من الصفوف الخلفية لحضور مؤتمراتها وتلقى بهم فى السجون أو تعذبهم، قامت قواته ذات مرة بإلغاء أحد مؤتمراتها دون سبب، فذهبت ووقفت وحدها بتحدٍّ أمام فوهات البنادق الموجهة إليها بشجاعة أجبرت الضابط المصاحب للجنود على الانسحاب، وأصبحت هذه الحادثة مصدر تندُّر النشطاء البورميين الذين حولوها إلى نكات تسخر من العسكر، وكان سلاح النكتة أحد أسلحة البورميين ضد العسكر حتى إن بعض الممثلين الساخرين كان يُقبَض عليهم ويُزَجّ بهم فى السجون بسبب نكتة. حاول العسكر استخدام القانون لمنعها من الترشح، فاستصدروا قانونا يمنعها من الترشح للانتخابات لأنها متزوجة بأجنبى، لكنها قاومت هذا القانون وتمكنت خوض الانتخابات تحت ضغط شعبى هائل. فى عام 1990 دعا المجلس العسكرى الحاكم إلى انتخابات عامة فى البلاد، وقادت أون حزبها فى هذه الانتخابات، وصدّر المجلس العسكرى للعالم صور طوابير الانتخابات الحرة النزيهة، وقد كانت نزيهة بالفعل، وقد حصلت سو على أعلى الأصوات، مما كان سيترتب عليه تعيينها فى منصب رئيس الوزراء، سعد الناس بنتيجة الانتخابات وخرجوا بالآلاف فى الشوارع وأعطوا الجنود المدججين بالسلاح الزهور تحية لهم على رعاية الديمقراطية الوليدة، ولكن المجلس العسكرى انقلب على نتيجة الانتخابات، ورفض تسليم مقاليد الحكم لرئيسة الوزراء الجديدة، وذهبت قوات الجيش لتضع الحواجز والأسلاك الشائكة حول منزلها، وتم تحديد إقامة سو فى منزلها لسنوات عديدة لم تستطع فيها زيارة زوجها أو أبنائها، ولم يُسمح لهم بزيارتها أيضا، وبقيت طوال هذه السنوات فى صحبة خادمة وراديو ترانزستور، ومُنع عنها الاتصالات الخارجية. ظل الجنرالات يخشونها ويُغرُونها بالسفر للتخلص من شعبيتها، لكنها رفضت كل العروض، بقيت فى منزلها لا تكلم أحدا لسنوات، وكان الجنود الذين يقفون لحراسة منزلها يرتبكون ويمسكون ببنادقهم حينما يصدر من داخل المنزل صوت الموسيقى من البيانو الذى تعزف عليه، ويحاول زوجها الذى لا يعلم شيئا عن مصيرها الحشد لحصولها على جائزة نوبل لتسليط الضوء على نضالها.


علاقة سو العاطفية بزوجها وعائلتها تتوازى مع نضالها السياسى. لقد دفعت ثمن بقائها فى وطنها حتى السماح لها بحرية التحرك، وكانت تعلم أن المجلس العسكرى ينتظر سفرها لعائلتها وزوجها مريض السرطان حتى تتخلص من وجودها بالبلاد، ويكون منعها من العودة وسيلة لإنهاء أسطورتها داخل البلاد، ورغم تلك الظروف رفض زوجها أن تحضر إليه، ورفضت السلطات البورمية حضوره لزيارتها. الفيلم يشير إلى نظام الحكم فى بورما الذى تقوده الحكومة الوطنية التى يسيطر عليها مجلس عسكرى يُسمَّى مجلس الدولة للسلام والتنمية، وقد تسلم المجلس السلطة بانقلاب عسكرى فى سبتمبر عام 1962، وكان يُعرَف حتى عام 1997م باسم «مجلس الدولة لاستعادة القانون والنظام»، ويتولى رئيس المجلس العسكرى مسؤوليات رئيس الوزراء ووزير الدفاع، ويعتقد كثير من الخبراء أن القائد العسكرى نى ون الذى حكم البلاد بين عامى 1962 و1988، لا يزال يسيطر على أعمال المجلس، وبعد إلغاء المجلس نتيجة الانتخابات التى نال فيها الحزب المعارض أغلبية المقاعد، قررت السلطة العسكرية أنها لن تسمح بانتقال السلطة حتى يتم وضع دستور جديد.

واشنطن استغلَّت حقوق الإنسان لحصار «عسكر بورما» أصدقاء بكين.. لكنها تتجاهل إبادة المسلمين حتى لا تخسر حلفاءها الجدد
كتب- أحمد السمانى:

المصلحة، شعار دوما ما ترفعه سياسات البيت الأبيض، وهو ما ظهر جليا فى علاقاتها المتأرجحة مع بورما، التى بدأت بتوتر وقطيعة منذ 1990 حتى عادت المياه إلى مجاريها خلال الأشهر القليلة الماضية، رغم المطالبات العالمية بالتحقيق فى الانتهاكات التى يتعرض لها المسلمون هناك.
كانت العلاقات بين أمريكا وبورما قد بدأت فى التأزم، حينما أجرى العسكر الذين يسيطرون على البلاد منذ رحيل الاستعمار البريطانى أول انتخابات تشريعية عام 1990، وفاز بالأغلبية بها الحزب المعارض الرئيسى «الرابطة الوطنية الديمقراطية»، غير أن الحكومة العسكرية رفضت الاعتراف بالنتائج ولم تسلم زعيمة المعارضة حينها أون سان سو تشى (التى حازت جائزة نوبل للسلام عام 1991) رئاسة الوزراء ووضعوها تحت الإقامة الجبرية، بالإضافة إلى قمعهم بقوة للتظاهرات الطلابية التى خرجت منددة بالقرار وإيقاع آلاف القتلى على مدار عامين، مما جعل الولايات المتحدة ودولا عديدة تفرض حصارا اقتصاديا على البلاد.


ولكن هذا الحصار الاقتصادى يرى مراقبون أنه كانت أيضا ضربة موجهة إلى الصين، التى تدعم حكومتها بكل قوتها العسكر فى بورما، التى سعت بكل قوة لفتح أبواب الاستثمار مع بورما لخلق سياج اقتصادى قوى يحميها من أى عمليات تطويق تعتمدها أمريكا لتحجيم قوة بكين الاقتصادية، وأيضا لتأمين منافذها المائية وضمان استمرار التدفقات النفطية عبر خليج البنغال حال فرض أى حصار اقتصادى على منطقة بحر الصين، ولأجل ذلك قامت الصين بتشييد ميناء بحرى عميق وخط أنابيب بترولية وشبكة طرق سريعة ممتدة حتى حدود بورما.


فى المقابل، اعتمدت واشنطن سياسة دعم المعارضة واللعب على ملف حقوق الإنسان، والضغط دوليا على العسكر من أجل أن يُجبَروا على إقامة انتخابات جديدة نزيهة، وهو ما حدث بالفعل حينما أُجبِروا على تحرير سان سو تشى من الإقامة الجبرية، وخوضها انتخابات مارس 2011، التى فازت بها، وهو ما جعل الولايات المتحدة تضع قدما فى بورما، ومكّنها من إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع البلاد، وتعيين أول سفير أمريكى فى بورما بعد غياب 22 عاما وفتح أبواب الاستثمار الأجنبى بها، مما سيمكنها من السيطرة على موقع استراتيجى تضغط به على الصين.


وأمام هذا كله تخلت الولايات المتحدة عن أى موقف أخلاقى وأغلقت ملف حقوق الإنسان الذى كانت تضغط به على عسكر بورما، ورفضت الحديث عن الإبادة التى يتعرض لها المسلمون هناك، واكتفت بالقول إنها تشعر بالقلق العميق إزاء التوترات الطائفية هناك، لكنها رفضت أن هذا يصل إلى مرتبة «التطهير العرقى»، وفقا لما أكدته منظمة المؤتمر الإسلامى، ولم تصدر حتى مجرد بيان إدانة كما فعل الاتحاد الأوروبى وعدد من الدول الأوروبية كفرنسا حينما أعربت المسؤولة عن الخارجية بها كاثرين آشتون عن إدانتها للمجازة المرتكبة بحق المسلمين، ولم تلتفت أيضا إلى التقارير الصادرة من منظمات حقوقية عديدة كمنظمة العفو الدولية و«هيومان رايتس ووتش»، لأن همها الوحيد هنا هو المصلحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.