لا تزال موجة الحراك السياسي التي أحدثها الدكتور محمد البرادعي - المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية - تلقي اهتماما كبيرا من قبل الصحف العالمية، ففي الوقت الذي اعتبرت صحيفة"نيويورك تايمز"الأمريكية أن البرادعي هز عرش الحزب الوطني. سلطت صحيفة «نيويورك تايمز»، الضوء علي الحراك الذي أحدثه الدكتور محمد البرادعي - المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية - علي الساحة السياسية المصرية بما اصطحبه من جدل سياسي وإعلامي، مشيرة إلي أن البرادعي الذي استقبل استقبال الأبطال في مطار القاهرة تمكن من إحداث زوبعة هزت عرش السلطة التي احتكرت الحكم لسنوات طويلة، ومعلنة عن أن الوقت قد حان للتغيير، علي الرغم من أنه قد ظهر في صورة الدبلوماسي واستخدم لغة حيادية ونهجًا غير تصادمي، ولم يحسم موقفه حول مسألة ما إذا كان سيترشح للانتخابات الرئاسية. وأوضح مايكل سليكمان مراسل الصحيفة الأمريكية في الشرق الأوسط في التقرير الذي نشره علي موقعها الإلكتروني أن رسالة البرادعي التي سيطرت علي المشهد الإعلامي تمثلت في دعوة الشعب المصري للضغط علي حكومته من أجل مزيد من الحريات السياسية، وهو الأمر الذي مثل استفزازا واضحا للنظام في بلد لا يتسامح مع المعارضة ولا يسمح لها بالتطور والتعبير عن ذاتها، وهي الرسالة التي عبر عنها البرادعي في تصريحه بأن دون تعديل الدستور للسماح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، مصر لن تتمكن من حل أي من مشكلاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية العميقة التي تفاقمت بشكل كبير في ظل الحزب الحاكم. ونقل التقرير عن البرادعي قوله في مقابلة تليفزيونية استمرت لثلاث ساعات أجريت معه بعد عودته من فيينا بوقت قصير: «هدفي لا يقتصر علي وجود مخلص واحد لمصر، وإنما أن تتمكن مصر من تخليص نفسها، لذا ساعدني كي أتمكن من مساعدتك، إذا كنت بالفعل تريد أن تغير هذه الدولة، يجب علي الجميع المشاركة لإظهار رغبته الحقيقية في التغيير». وأشار التقرير إلي أنه علي الرغم من صعوبة التنبؤ بمصير مبادرة البرادعي علي الساحة السياسية في مصر، فإنه أعطي ضد الإحباط الشديد الناتج عن الركود السياسي والاجتماعي والاقتصادي في مصر بطريقة لم يسبق لها مثيل منذ الانفراج السياسي المحدود الذي حدث عام 2005، إلا أنه لاقي رواجاً كبيرا بين المثقفين والشباب في المقام الأول، وإن كما المحللون قد شككوا في ما إذا كان سيكون قادرا علي توسيع نطاق هذا النداء. ورأت الصحيفة الأمريكية أن النتيجة الملموسة التي ظهرت حتي الآن من هذا التحدي تمثلت في اهتزاز ثقة الحزب الوطني بصورة قد تدفع الرئيس مبارك إلي إعادة النظر في الترشح مجددا للرئاسة بعدما تنتهي فترة حكمه عام 2011. وأضافت «نيويورك تايمز» أنه علي الرغم من أن هناك تكهنات علي نطاق واسع بأن الرئيس مبارك، «81 عاما» والذي يحكم علي مدار ما يقرب من 29 عاما ،كان يعد ابنه جمال، ليكون مرشح الحزب الوطني الديمقراطي، إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن هو هل الرصيد السياسي والشعبي لجمال مبارك يؤهله لمنافسة البرادعي؟ وأوضحت الصحيفة أن قرار البرادعي بالمشاركة في الحياة السياسية قد مثل للنظام المصري تحديا من نوع فريد، إذ إن الرجل سبق أن عمل في السلك الدبلوماسي كما أنه يعد الآن واحدا من كوادر النخبة السياسية، فيما أن دعوة البرادعي لتغيير الدستور قد استخدمت بمهارة لإحراج النظام. من جانبها، رأت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن البرادعي قد نفخ حياة جديدة في الساحة السياسية المصرية الراكدة نتجت عنها موجة غير متوقعة وعفوية من الدعم الشعبي غير المسبوق، وأن ترشيحه المحتمل هو إدانة مخزية لسياسة النظام المصري غير المعلنة لخنق المعارضة بحيث يكون مبارك هو المرشح الوحيد دائما. وأوضحت الصحيفة البريطانية أن صعود البرادعي بهذه السرعة عكس بوضوح حالة الفوضي التي تعاني منها أحزاب المعارضة وعدم قدرتها علي الاستفادة من السخط الشعبي وتعبئة الشعب علي اتخاذ إجراءات فعالة. كما أن جزءًا من الالتفاف الشعبي حول البرادعي يعود إلي مواقفه المشرفة علي الصعيد الدولي. والتي أكسبته قدرا كبيرا من الاحترام والإعجاب في الداخل، وكان لها تأثير عميق، ولاسيما في ظل نظام مبارك الذي ظهرت عليه علامات الشيخوخة، فضلاً عن والإحباط الشعبي السائد بسبب السياسات الفاسدة وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية وكذلك المعارضة الشعبية الواسعة لفكرة توريث جمال مبارك للرئاسة. وأشارت الصحيفة في مقال الرأي الذي نشرته علي موقعها الإلكتروني للكاتب خالد دياب أنه علي الرغم من أن الكثيرين يستبعدون ترشح البرادعي للرئاسة فإنه من السابق لأوانه شطب فرصة البرادعي، فلا ينبغي التقليل من قدرة الشعب، حتي في ظل النظام السلطوي، وهنا تكمن أقوي أسلحة البرادعي في شعبيته التي اكتسبها عبر الآلاف من شباب الفيس بوك.