هل سمعتم عن برلمان في الدنيا كلها تتمتع نسبة لابأس بها من نوابه بسوء أخلاق وسمعة تنافس، أو ربما تتفوق علي أخلاق وسمعة النزلاء الغلابة في «سجن أبو زعبل» أو «تخشيبة الترحيل» الملحقة بقسم شرطة الخليفة؟! هل تحتاج عزيزي القارئ أن أنعش ذاكرة حضرتك بقائمة جرائم وموبقات طويلة عريضة يشيب من هولها الولدان لا تبدأ بالنهب والنصب والصياعة ولعب الميسر وأكل مال النبي ولا تنتهي بالنشل والاحتكار والتحريض علي الفتنة والقتل، تلك التي لا يكاد يمر أسبوع واحد دون أن تدوي فضيحة ارتكاب شيء منها بواسطة موقرين من «نوائبنا».. منفردين أو مجتمعين ومؤتلفين علي شكل عصابة «القط الأسود»؟! هل يخطر مثلا ببال الأستاذ إبليس شخصيا (إلا لو كان موقرا يمثل حكومتنا في البرلمان) أن يشارك في جريمة بشعة وخسيسة من نوع نشل مئات ملايين (حتي لانقول مليارات) الجنيهات من الأموال العامة المخصصة (نظريا) لعلاج الأغلبية الساحقة من شعب يكابد البؤس والعدم وتفتك به شتي صنوف العلل والأمراض حسب نظام فاسد ومفسد وعفن يدعي «العلاج علي نفقة الدولة»، جعل فوز المواطن الفقير المريض بجزء تافه من حقه الإنساني الأصيل في الحصول علي الرعاية الصحية استثناء نادرا يستلزم الغوص في دهاليز مضنية ومهينة تغص بجيش جرار من الوسطاء والسماسرة والمرتشين والمتاجرين في آلام وأوجاع البشر. والله العظيم.. لقد بقيت أياما طوالاً أغالب عجز ومحدودية التعبير بلغة الكلام بينما أنا أجاهد لصياغة تعليق مهذب يصلح للنشر في هذه الزاوية علي أخبار فضيحة تورط حفنة «موقرين» يحملون - زورا وبهتانا - صفة النيابة عن الشعب في فضيحة الاستيلاء علي ملايين الجنيهات (وصلت إلي ربع مليار في أربعة أشهر فقط) من خلال التجارة في قرارات علاج علي نفقة الدولة استصدروها بالتحايل والتدليس وبعضها بأسماء وهمية أو لصالح مواطنين ماتوا وشبعوا موتا، وبعضها الآخر ذهبت لأصحابها مقابل نسبة «عمولة» محددة سلفا يحصل عليها الموقر الحرامي من المريض الغلبان أو من صاحب «سبوبة» علاجية خاصة من تلك التي تشبه أكشاك بيع السجائر والمرطبات و«البانجو»!! ولعل مازاد من شعوري بالصدمة والعجز الذي وصل حد «الكساح التعبيري» أنني لم أكتف بأخبار الفضيحة ووقائعها المشينة المنشورة في الصحف نقلا عن نواب شرفاء فضحوها بالبينات والأدلة الدامغة، وإنما سمعت بأذني من شهود عيان ثقات ومصادر لا يقترب الشك من صدقها ونزاهتها (بعضهم أطباء مرموقون) حكايات وقصصًا مروعة تصب كلها في مجري الفضيحة، وتؤكد أنها كانت ومازالت شائعة ومعروفة ومستقرة ولا تحتاج إلي جهود وزارة الداخلية التي أحال لها الدكتور أحمد فتحي رئيس المجلس الموقر ملفها قبل أيام بدلا من أن يحيله إلي النائب العام ومنه لمحكمة الجنايات أو المحكمة الجنائية الدولية المعنية بمحاكمة وعقاب مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. وأختم بأن صفحات هذه الصحيفة كلها تكاد تضيق ولا تكفي لاستيعاب كل ما تجمع عند العبد لله من معلومات ووقائع مشينة وثابتة (سبقني إلي بعضها زملاء آخرون في صحف عدة) ترسم كلها ملامح إجرامية مرعبة لواحد من أبرز وأقوي أبطال هذه الفضيحة، و..سأتركك حالا ياعزيزي تنعم مثلي بالكرب والغم والاكتئاب بعد أن أشير فقط إلي أن هذا «البطل» المذكور عبارة عن «موقر مزور» يمثل الحكومة خير تمثيل في مجلس الأنس ويزهو بين أقارنه الموقرين المزورين بسجل سوابق حافل يحسده عليه صديقي النشال البائس «سعيد بقو» الذي تعرفت عليه وأنست بعشرته الحلوة قبل سنوات أثناء إقامتي المريحة في سجن مزرعة طرة بتهمة «نشر» رأي، ولأن هذا «الموقر» مؤهل ومدرب علي هذا النحو الراقي فقد تمكن وحده من شفط 27 مليون جنيه في أسابيع قليلة بذريعة علاج شعب الدايرة من لوثة عقلية جماعية أصابتهم من طول تأملهم في خلقة سيادته!