ما زالت لجنة جرد مقتنيات القصور الرئاسية والملكية المشكلة بقرار المستشار عادل عبد الحميد وزرير العدل، تطوف في أرجاء قصر عابدين وتعاين مقتنياته النفيسة بحثاً عن أي عبث بها أو سرقة، فقد عاينت اللجنة برئاسة المستشار أحمد أدريس رئيس محكمة الاستئناف يرافقه المستشارين خالد محجوب، ومحمد تقي الدين وضباط الأموال العامة بجرد قصر عابدين منارة القصور الملكية الموجودة بمصر؛ مقتني من مقنيات القصر وهي فازة "سيفر" صناعة فرنسية كبيرة الحجم، والتي تعد من المقتنيات التي يرجع تاريخها إلى النصف الأول من القرن 19 وهي ذات قيمة فنية وتاريخية عالية لا تقدر بثمن. ومن جانبهم قام أحمد عبد المجيد حماد وهاني سلامة أحمد ومحمد تهامي أبو العينين وناصر منصور الكلاوي ومحمد سيد متولي خبراء وزارة الآثار بوصف لهذا المقتنى. وكان الوصف كاالتالي: "وهي فازة سيفر فرنسية الصنع كبيرة الحجم كانت تستخدم لوضع أكاليل الزهور بداخلها وهي ذات بدن اسطواني الشكل يخرج من كل جانب عدد واحد مقبض على شكل أفرع نباتية مذهبة، بدن الفازة متحرك يرتكز على قاعدة مركبة الجزء العلوي منها المتصل بالبدن عبارة عن كأس مقلوب عليه أشكال زخارف لخطوط طولية مذهبة، الجزء السفلي من القاعدة مربع الشكل ومذهب اللون، وينتهي البدن من أعلى بحافة بارزة مزخرفة بأشكال نبايتة، أما زخرفة البدن فهي مقسمة لألابعة أقسام كل اثنين منها متماثلة الأولى والثانية مزخرفة بأشكال زخرفية نباتية لأفرع وأوراق نباتية وأشكال عناقيد العنب وأشكال حيواناً "أسود" أما الثالثة والرابعة فيزخرف كل منها تابلوه لمجموعة من الأشخاص الآدمية ذات الملامح الأوروبية لرجال وأطفال ونساء" ويوجد على يسار إحدى هذه التابلوهات توقيع باللغة الفرنسية "Fade DeBrAeKellez 1844" هذه الفازة ذات قيمة فنية وتاريخية عالية ولا تقدر بثمن ويرجع تاريخ صناعتها إلى النصف الأول من القرن 19، وقد استمعت اللجنة إلى هذا الوصف للمقتني من خبراء الآثار وقيمته والتأكد من أنه مطابق لما هو موجود بالسجلات والدفاتر والعهد من عدمه. كما عاينت اللجنة لوحة فنية للفنان المستشرق "الكسندر ديكامب" والذي ولد في عام 1803 وتوفي في عام 1860 وهو رسام ومصور ولع أعمال بمتاحف بامستردام وفرانكفورت وروما. واسمتعت اللجنة لشرح من أحمد عبد الفتاح وحسام العطار وياسر محمد خبراء وزارة الثقافة لهذه اللوحة التي يرجع تاريخها لأوائل القرن 19، وإنها بحالة جيدة وقد خضعت للترميم في منتصف التسعينات من القرن 20 وقد قدر الخبراء قيمة هذه اللوحة بما يقارب الثلاثة مليون جنيها مصرياً. و طابقت اللجنة وصف الخبراء لهذه اللوحة الفنية بالمعلومات الواردة عنها في الدفاتر والسجلات والعهد. ويعد قصر عابدين من أهم القصور الملكية الموجودة بجمهورية مصر العربية وقد أطلق عليه عدة أسماء قبل تسميته بقصر عابدين أهمها "جوهرة القصور" و "الجنة المفقودة" وقد سمي بقصر عابدين لأنه على أطلال منزل أمير اللواء السلطان عابدين بك أحد الأمراء الأتراك وقد اشتراه منه الخديوي اسماعيل ونزع ملكية المئات من المباني والدروب التي حوله في دائرة مساحتها 24 فدان. واستغرق بناء القصر عشر سنوات في الفترة 1863 إلى 1874 وسكنته رسميا في ذلك العام وقام بهذا العمل المهندس دي كوريل ول روسو وعدد كبير من الصناع الفرنسيين والمصريين. وتكلف بناء هذا القصر 565.570 ألف جنيه وتكلف الاساس حوالي 2 مليون جنيه وبنى هذا القصر للخديوي اسماعيل لينقل مقر حكمه الرسمس من قلعة القاهرة إلى مركز المدينة، وقد شهد هذا القصر أحداث تاريخية هامة أهمها قيام الزعيم المصري أحمد عرابي داعياً بعض وحدات الجيش المصري للحضور إلى ميدان عابدين عصر التاسع من شهر سبتمبر 1818 م لعرض مطالب الجيش والأمة المصرية على الخديوي محمد توفيق الذي اعتلى كرسى الخديوية بعض عزل والده الخديوي اسماعيل وكانت هذه الوقفة أمام قصر عابدين. ويقع قصر عابدين بمنطقة عابدين ويحده من الشمال شارع حسن الأكبر ومن الجنوب شارع الشيخ ريحان ومن الشرق شارع الجامع ومن الغرب ميدان الجمهورية، ويتكون من مبنى القصر وكشك الموسيقى ومبنى الخدمات الطبية ومبنى الأمانة العامة برئاسة الجمهورية بمسطح حوالي 94 ألف و 264 متر مربع. ويتكون الدور الأرضي من البهو الرئيسي للقصر بمسطح حوالي 395 متر وديوان كبير الأمناء بمسطح حوالي 1360 متر والذي يحتوي على مكاتب وقاعة التوقيع و مخازن وأيضاً الإدارة العامة للهدايا بمسطح 170 متر وسلم أرو بمسطح حوالي 180 متر، والإدارة العامة للحريق بمسطح حوالي 6.10 متر، وديوان كبير الياوران، والإدارة العامة للتصوير والنشر، ومتاحف قصر عابدين بمساحة 3510 متر، الادارة العامة للتفتيش، المخازن "مخزن الفضية" و مكتب مشرف القصر و غرفة الخدمات و إدارة المحفوظات و "الإدارة العامة للحاسب الآلي و مكتب رئيس الجمهورية للاتصالات و الإدارية المركزية للأمن و شرطة رئاسة الجمهورية" والسنترال. ومن أهم أدوار القصر هو الدور الأول الذي يحتوي على قاعة قناة السويس، صالونات الضيافة وقاعة اجتماعات مجلس الوزراء، والسفرة الرئيسية، وقاعة، وقاعة محمد علين والمسرح، والصالون الأبيض، وقاعة العرش، جناح الملك، السفرة الضغيرة، وجناح الملكة نازلي، والقاعة البيزنطية، وجناح البلجيكي، وجناح الملكة فريدة، وجناح الأميرات، وجناح الضيافة الجديد، وديوان الياوران، مكاتب العلاقات العامة، ومكتب وسكرتارية رئيس الديوان. وقد تعرض القصر منذ قيام ثورة 1952 حتى بداية السبعينيات لتدهور شديد في المرافق والمباني، وقد تم اسناد هذه القصور إلى إدارة رئاسة الجمهورية التي قامت بعمل دراسة لصيانة القصور إلى إدارة رئاسة الجمهورية التي قامت بعمل لصيانة القصور والتي تضمنت عدم استخدام القصور منذ فترة زمنية طويلة أدى إلى سوء حالة مواسير التغذية بالمياه وضعف مصادر المياه وارتفاع منسوب المياه السطحية وكذلك الجوفية نتيجة لبعض المشاريع القومية على سبيل المثال مترو الأنفاق، ونفق الصرف الصحي المقام بشارع بورسعيد مما أدى إلى ضعف بعض العناصر الانشائية بسبب تسريب المياه. وقد استعانت رئاسة الجمهورية في صيانة القصر بالوزارات المعنية وأساتذة أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وعين شمس وحلوان وقناة السويس والاسكندرية للاستفادة بالخبرات العملية الحديثة المتاحة لديهم لتنفيذ خطة إعادة القصر إلى حالته الطبيعية. وقد شملت أعمال الصيانة بقصر عابدين بتجديد وتحديث جميع القاعات والغرف والصالونات بعد زلزال 1992 مع الوضع في الاعتبار الطبيعة المعمارية لهذا القصر واعادة انشاء سقف صالون اسماعيل بعد تعرضه للانهيار الكامل بعد زلزال 1992 واعادته لحالته الطبيعية. كما شملت الأعمال عشرة بنود وخطوات تم تنفيذها لتدعيم وتجديد جميع المنشآت بالقصر وإعادتها للقصر حفاظاً على الطبيعة التاريخية للقصر والقيمة الحضارية له، كما انتدب متخصصين من وزارة الثقافة والآثار منذ أكثر من عشرون عاماً لتوصيف وتصوير وترميم جميع المقتنيات ذات القيمة التاريخية حفاظاً على تلك المقتنيات لكونها لا تقدر بمال ولا يوجد مثيل لها في العالم لندرتها. وقد انتهت اللجنة من جرد جميع مقتنيات أجنحة قصر عابدين ويتبقى لها جرد المتاحف السته ومخزن الفضيات.