كارثة حقيقية يعيش ويلاتها مئات الآلاف من الأسر والأهالي البسطاء في وسط مدينة الإسكندرية وعلي بعد عدة أمتار من سوق الجملة بمنطقة الحضرة، الكارثة تتمثل في وجود مصنع الطوب الحراري علي مساحة كبيرة من الأرض يحيط بالمساكن من كل مكان، ويسكن هذه المنطقة مئات الآلاف من الأهالي والبعض منهم يلجأ لبعض الأشغال الحرفية بعد أن ضاقت به الدنيا ولقمة العيش، ففضل البقاء بجوار المصنع بالرغم من إصابة الجميع منهم بأمراض سرطانية وتحجر رئوي وأزمة شعبية مزمنة لم يعد ينفع معها أي أدوية أو علاجات طبية. انتقلت «الدستور» للمنطقة المنكوبة والتقت الأهالي وقال محمد حافظ -كيميائي- ومن سكان المنطقة: إن هذا المصنع يعد قنبلة موقوتة تهدد حياتنا وحياة أسرنا بالكامل بمرض السرطان والتحجر الرئوي لما يلقيه المصنع ليلاً ونهارًا من عوادم في الهواء الطلق الذي نتنفسه ومحمل بالأتربة الأسمنتية من المصنع دون مبالاة، مما يجعل الرؤية في بعض الأوقات غير واضحة، نظرًا لكثافة المواد والأتربة التي تخرج مع العوادم وتصيب أهالينا وسكان المنطقة بالكامل بكحة وسعال مستمر لا يستجيب لأي علاج طبي، فضلا عن تحور المرض داخل صدور أولادنا إلي مرض مزمن وتحجر الأنسجة الرئوية من كثرة استنشاق الأتربة الأسمنتية التي تخرج من المصنع. وأضاف السيد أحمد السيد أن هذا المصنع أصبح يمثل شبحًا مخيفًا لنا ولم نعد أو نتحمل الإقامة معه في هذه المنطقة التي عشنا فيها منذ سنوات ونضطر للإقامة بها نظرًا لضيق الحاجة وعدم قدرتنا علي شراء مساكن بديلة بعد الارتفاع المفاجئ والمغالي جدًا في أسعار الشقق، وبالرغم من إرسال استغاثات متكررة للمسئولين فإن كلها ذهبت في الهواء الطلق مع عوادم ورذاذ المصنع الذي قضي بالكامل علينا وعلي أولادنا وأصبحوا جميعًا مصابين بأمراض صدرية من هذا المصنع. وتساءل أحمد علي: أين المسئولون عن صحة الإنسان والبيئة في المحافظة؟ ولماذا يتركوننا فريسة لهذا المصنع الذي أنهي علينا وأصابنا بأمراض مزمنة لم نكن نتوقع الإصابة بها؟ حصلت «الدستور» علي تقرير صادر من وزارة البيئة بعد أخذ القياسات اللازمة والتفتيش علي المصنع الذي أفاد بأن المصنع مخالف للقياسات البيئية وتبين عدم التزام الشركة بالشروط الواجب اتباعها حفاظًا علي صحة المواطنين. وقد تقدم الأستاذ الدكتور عزت خميس - أستاذ الصحة العامة ونائب رئيس جامعة الإسكندرية السابق لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة - والعديد من سكان المنطقة المجاورة للمصنع بشكوي إلي الأستاذ الدكتور طارق القيعي يتضررون فيها من الانبعاثات الخطيرة التي تصدر عن المصنع وتم إحالة الشكاوي إلي لجنة البيئة بالمجلس. وقامت لجنة من المجلس بزيادة ميزانية الشركة والوقوف علي حجم المعاناة التي يعاني منها الأهالي والأضرار الصحية التي لحقت بهم. الغريب في الأمر أن التقرير الذي أعدته رئيسة لجنة البيئة بالمجلس الشعبي المحلي تحول إلي شعر يقال في حق الشركة وكأنها كانت تعد قصيدة شعر وسجع في حقها بدلاً منه التصدي للكارثة التي تهدد حياة الآلاف من الأهالي البسطاء والأخطر من ذلك أن اللجنة أصدرت توصياتها لمحافظ الإسكندرية بضرورة الاستمرار للشركة في هذا الموقع والأهم من ذلك أنها قبلت شكوي من إدارة الشركة ضد جهات شئون البيئة الذي اتخذ قرارًا بالغلق دون إخطار الشركة بأي ملاحظات ودون علم الشركة بعمل التقرير ودون أدوات أو أجهزة، لكن ما قيل كان بمجرد النظر.