احتفل موقع جوجل الامريكي لمحركات البحث بشبكة الانترنت الدولية للمعلومات بالذكري 144 لميلاد العالمة ماري سكوودوفسكا كوري-رائدة علم الإشعاع والشخص الوحيد الذي حصل على جائزتي نوبل في علمين مختلفين(الفيزياء و الكيمياء). ولدت ماري سكاوندوسكا-كوري في الرابع من نوفمبر عام 1867 هي فيزيائية وكيميائية بولندية المنشأ وفرنسية الجنسية. بعد زواجها من الفرنسي بيير كوري غيرت إسمها إلى ماري و حملت كنية زوجها لتصبح ماري كوري وعرفت إعلاميا باسم مدام كوري. لها ابنتان آيرين و ايف، كرّم الزوجان كوري بإطلاق اسم الوحدة "كوري" لقياس النشاط الأشعاعي وكذلك إطلاق اسم "كوريوم" على أحد العناصر الكيميائية. وفي أحد اللقاءات الصحفية سًئلت ماري عن امنيتها فقالت: "إني بحاجة الى جرام واحد من الراديوم لكي اتابع أبحاثي ولكني لا املك ثمن هذا الجرام"... فما كان من الصحفية التي سألتها إلا أن قامت بحملة صحفية واسعة لدعم مدام كوري. وهذه السيدة التي عاشت في زمن لم تحظ المرأة فيه بقدر من الحرية استطاعت على الرغم من التحديات الاجتماعية التي واجهتها ان تحصل على جائزة نوبل، وكانت أول امرأة في فرنسا تكمل رسالة الدكتوراة، وأول مخترعة تحصل على جائزة نوبل مرتين، وذلك بعد أن اكتشفت مادة الراديوم المشعة. وقد انشأت معهد الراديوم، ومعملا للأبحاث البيولوجية لدراسة الأمراض الخبيثة. كانت تقول دائما: "تعلمت من حياتي أن الفقر لا يقف حائلا ضد الطموح". ومنذ صغرها، كانت مدام كوري ميالة بشكل كبير الى القراءة لاسيما الكتب العلمية وبرعت في الفيزياء، وكان لها دماغ يعتمد على التفكير المنطقي في التعامل مع الاشياء لاسيما فيما يتعلق بالفيزياء والكيمياء. ولما لم تجد ان بلدها قادر على تحقيق طموحها العلمي قررت الذهاب الى فرنسا في عام 1891 للالتحاق بجامعة السوربون وهناك التقت بمدرس مادة الفيزياء في الجامعة "بيير" فكونت معه فريقا علميا نادرا بعد ان تزوجته في عام 1895 . في جامعة السوربون أسند لمدام كوري منصب استاذ، فكانت أول امرأة تشغل وظيفة الاستاذ في السوربون، وقد واصلت التدريس والبحث في آن معا، واكتشفت مع زوجها بيير كوري في باريس عام 1898 عنصري البولونيوم والراديوم. ولما قامت الحرب العالمية الاولى وكثر الجرحى في صفوف الجنود المقاتلين حفز ذلك مدام كوري لاختراع أول جهاز محمول لأشعة "أكس" للكشف عن الجنود الجرحى ، ونالت وزوجها عام 1903م جائزة نوبل في الفيزياء . وفي عام 1911 نالت مدام كوري جائزة نوبل للمرة الثانية بعد وفاة زوجها بخمس سنوات، وقد اقتفت ابنتها آيرين جوليو كوري خطى والدتها ونالت وزوجها فريدريك جوليوت في عام 1935م جائزة نوبل في الكيمياء بعد قيامهما بتحضير أول نظير مشع من صنع الإنسان. وقامت الباحثة بتحليل كل العناصر الكيميائية المعروفة في ذلك الوقت فكانت العالمة تعتقد أن ظاهرة الاشعاع من خواص عنصري اليورانيوم والثوريوم فقط، ومن خلال أبحاثها جاءت "مانيا بولونوفسكي" بنتيجة فحواها أن خصوصية الاشعاع لا تتعلق بتنظيم الذرات أو الكيميائية بل ببناء الذرة نفسها، وهذه النظرية أصبحت دافعا مهما في تطوير فيزياء الذرة. وبدأت ماري بفحص معادن مختلفة تحتوي على عنصر اليورانيوم والثوريوم اذ اكتشفت العالمة أن بعض المعادن تتميز بخواص نشاط الاشعاع أكبر بخمس مرات مما كان متوقعا نظرا لما يحتويه اليورانيوم من تركيبات كيميائية، واسفر ذلك الاكتشاف عن شيء اكبر وهو اكتشاف عنصر كيميائي جديد سمي بولونيوم. وتواصل استمرار التجارب واتمام الدراسات التكميلية للابحاث بشأن تلك الظاهرة مما أدى الى اكتشاف عنصر كيميائي جديد ذي خواص اشعاعية كبيرة وهو الراديوم وتخصصت ماري في السنوات التالية في أبحاث هذا العنصر الكيميائي. وعاشت ماري حياة بسيطة الى جانب بيير كوري، لكنهما كانا يمتلكان معاً حماس المستكشفين في ميدان العلوم الفيزيائية. في ربيع سنة 1934 زارت مدام كوري وطنها الأم بولندا للمرة الأخيرة في حياتها إذ توفيت بعد شهرين من تلك الزيارة (في 4 يوليو 1934) في مصحة سانسيلموز في باسي بإقليم سافوا العليا شرق فرنسا. حيث كانت تعالج من أنيميا لانموية نجمت عن تعرضها الزائد عن الحد للعناصر المشعة في زمن لم تكن الآثار الضارة للإشعاع المؤين قد عرفت بعد. وبالتالي لم يكن العلماء الذين يتعاملون مع تلك العناصر على دراية باحتياطات السلامة اللزمة فلطالما حملت مدام كوري أنابيب اختبار تحوي نظائر مشعة في جيبها، ولطالما وضعتها في درج مكتبها دون أن تدرك أخطارها الجسيمة.