وزير الأوقاف: الدولة تدعم بقوة ملف حقوق الإنسان في مختلف مجالاتها    قواعد جديدة لانتساب الصحفيين بالخارج وأساتذة الصحافة والإعلام    العدالة المناخية ونفاق الاقتصادات الكبرى    «خطة النواب» تناقش زيادة الأجور بالموازنة الجديدة للدولة    الحكومة تحتضن رجال الصناعة    «خامنئي» يطمئن الإيرانيين: إدارة الدولة لن تتأثر بحادث مروحية «رئيسي»    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    بايدن: دعيت إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    30 دقيقة| الزمالك يتقدم بهدف ونهضة بركان يحاول التعادل في نهائي الكونفدرالية    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    تأجيل محاكمة ربة منزل وزوجها وآخر بتهمة قتل نجلها للأربعاء المقبل    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    قصة حب عمرها 30 سنة.. حكاية زواج صابرين من عامر الصباح (فيديو)    إطلاق ملتقى تمكين المرأة بالفن    حزب الريادة: مصر كانت لها اليد العليا فى دعم أهالي غزة وإدخال المساعدات لهم    بمناسبة مباراة الزمالك ونهضة البركان.. 3 أبراج «متعصبة» كرويًا (تعرف عليهم)    تلفزيون إيران: عمليات الإنقاذ سيرا على الأقدام لعدم إمكانية عبور المركبات    الرعاية الصحية: 5 ملايين مستفيد من التأمين الصحي الشامل بمحافظات المرحلة الأولى    حزب الريادة: مصر كان لها اليد العليا فى دعم أهالي غزة وإدخال المساعدات لهم    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    في اليوم العالمي للمتاحف.. المتحف المصري بالتحرير يستقبل 15 ألف زائر    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    بالصور.. ختام ملتقى الأقصر الدولي للتصوير في دورته السابعة    برلماني يكشف موعد بدء حوار مجتمعي حول قانون الإيجار القديم    أبرزهم «اللبن الرائب».. 4 مشروبات لتبريد الجسم في ظل ارتفاع درجات الحرارة    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    دار الإفتاء توضح ما يقال من الذكر والدعاء في الحرّ الشديد.. تعرف عليه    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    رجل يعيش تحت الماء 93 يوما ويخرج أصغر سنا، ما القصة؟    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    الكشف على 927 مواطنا خلال قافلة جامعة المنصورة المتكاملة بحلايب وشلاتين    القومي لحقوق الإنسان يبحث مع السفير الفرنسي بالقاهرة سبل التعاون المشترك    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    3 وزراء يشاركون فى مراجعة منتصف المدة لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    استاد القاهرة : هناك تجهيزات خاصة لنهائي الكونفدرالية    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي خليل يكتب: هل يتعظون من القذافي؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 29 - 10 - 2011

يرى الخليفة على بن ابى طالب أن أفة العلم هى الهوى أى العشق، ولكن الهوى فى كثير من الأحيان يكون دافعا للتفوق ويصبح فى هذه الحالة محفزا وليس أفة، وهناك من يرى أن أفة الإنسان هى النسيان،فالناس تهز رؤوسها تأثرا بالموتى وبالمواعظ الدينية ولكن كل هذا يتلاشى رويدا رويدا ويعود الإنسان إلى خطاياه وأثامه،ورغم أن هذا النسيان يحرم الشخص من الإستفادة من فلسفة الموت، الإ أن النسيان فى بعض الأوقات يكون نعمة كأن ينسى الإنسان ذكرياته المؤلمة أو موت احباءه، ولهذا قيل أن كل شئ يبدأ صغيرا ويكبر إلا الحزن يبدأ كبيرا ثم يصغر حتى يتلاشى أو يصبح ذكرى،واتذكر عندما توفى والدى فجأة وهو فى قمة رجولته( 53 عاما) ظللت ابكيه لمدة أربعين يوما واعتصرنى الحزن عدة سنوات على رحيله المفاجئ، ولكن الآن بعد ربع قرن تبقى ذكراه الطيبة باقية لا تنسى ولكن تلاشى الحزن، وكنت أستمع إلى الفنانة داليا البحيرى وهى تتحدث عن رحيل أبنتها الوحيدة وحزنها الشديد عليها حتى كادت أن تفقد بصرها واعتزلت الناس خمس سنوات، كانت احسياسها شديدة الصدق وهى تتكلم، ولكن الله ابو المراحم عوضها بفتاة جميلة أخرى سمتها قسمة، ربنا يخليها لها،وهى تعنى أن الله قسم لها أن تتمتع بالأمومة مرة أخرى وتعيش جمالها ودفئها الذى يعطى للحياة معنى. وهناك من يرى أن أفة الإنسان هو أن ينسى التاريخ ولا يتعلم منه كما يقول الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين معتبرا أن الإنسان هو حيوان ذو تاريخ، ولكن فى بعض الأحيان يكون التاريخ عبء على صاحبه، والدول الإسلامية خير مثال على ذلك، فهى محبوسة فى تاريخها لا تبرحه، وهذا أحد أهم أسباب تخلفها، وألاحظ ذلك أيضا فى الشخصية اليهودية،فتاريخ الإضطهاد الطويل الذى عانى منه اليهود من السبى البابلى إلى هولوكوست هتلر طبع الشخصية اليهودية بالتوجس والحذر والخوف من المستقبل، ونفس الشئ يعانى منه الأقباط، وقد قال لى أستاذ يهودى كنت أتخيل أننا أكثر من عانينا حتى قرأت تاريخ الأقباط ووجدتهم فاقونا فى المعانأة. وهناك من يرى أن أفة الدنيا هى قصر العمر، فحياة الإنسان هى بخار يظهر قليلا ثم يضمحل، ولكن عندما ترى أمراض المسنين وكيف أن الإنسان يصبح ثقيلا حتى على أهله فى أمراض الشيخوخة هذا يجعل المرء يصلى أن يرحل عن الحياة وهو يعطى ولا يأخذ من أحد، فما أثقل على الشخص المعطى أن يجد نفسه يحتاج إلى المساعدة حتى ولو كان ذلك من ابناءه.وهناك من يرى أن الأفة تكمن فى الفقر، وبالفعل الفقر مذل ومهين ويكسر النفس وخاصة للرجل أمام ابناءه، ولكن هذا لا يقارن بالمرض، فنوبة من نوبات الصداع النصفى تجعل كل أموال الدنيا تتلاشى قيمتها،فما بالك بالأمراض الخطيرة.
ولكن بلا شك أن أفة الحكم هى الإستبداد والفساد والغرور والقسوة، ومنذ بدء الخليقة وحتى الآن لا يتعظ حاكم من عبرات التاريخ ولا من عبرات من سبقوه،فالسلطة المطلقة هى مفسدة مطلقة تعمى الأبصار وتغلق العقول وتقتل الضمير وتطفئ نور القلوب وتجعل الإنسان اقسى الحيونات.
كان القذافى يتحرك كالطاووس الجامح مصدقا نفسه بجد أنه ملك ملوك أفريقيا حيث شاهدنا وضع التاج على رأسه وكأننا فى حفلة زار، وفى أخر زيارة له إلى ايطاليا كان يشاور بأصبع واحد لمن حوله من مرافقين وصحفيين ومسئولين ايطاليين وكأنه نبوخذ نصر الذى كان يتمخطر على اسوار بابل قائلا هذه هى بابل العظيمة التى بنيتها بقدرتى واقتدارى.فهل أتعظ القذافى من تاريخ الحكام من نبوخذ نصر إلى صدام حسين؟،بالطبع لا وإلا لما كان هذا مصيره، وهل يتعظ الحكام المعاصرون والقادمون بما حدث للقذافى؟. الإجابة بالتأكيد لا،وإلا لما كانوا هرسوا الناس المسالمين بالمدرعات وهللوا وكبروا حول الجثث المشوهة والجماجم البشرية المفرغة من امخاخها.
يتشابه المستبدون فى كثير من الأمور وبعضهم فى شكل النهايات أيضا، فصدام حسين كان مختبئا فى حفرة، والقذافى فى ماسورة للصرف الصحى، وموسولينى وعشيقته فى مؤخرة سيارة نقل بضائع، وشاويشسكوا هاربا متخفيا هو وزوجته من باب الخدم، ومثله أيضا بن على. يتشابهون أيضا فى أنهم يجمعهم أنهم مغيبون عن الواقع،فشاوشيسكوا كان يرى نفسه خالدا فى رومانيا رغم سقوط سور برلين حوله وظهور البروستوريكا فى الاتحاد السوفيتى إلا أنه كان يتصرف وكأن الموجة لن تطوله، القذافى كان يستهزأ بما حدث فى تونس ومصر، وبشار كان يتصور أن الشعارات الثورية الفارغة ستبعد عنه الثورة، ومبارك لم يتخيل أن هذه الترسانة الأمنية الضخمة ستنهار فجأة. المستبدون لم يستعينوا بأجهزة الأمن والمخابرات ورجال الدين والبلطجية والمجرمين لتثبيت حكمهم بل هم تحولوا أنفسهم إلى زعماء عصابات، فموسولينى كان زعيم لعصابات الفاشست ذات القمصان السوداء، وصدام كان يتصرف كزعيم عصابة دموى وبلطجى، والقذافى كان بلطجى مجنون، وبن على أقرب إلى زعماء المافيا، ومبارك زعيما لعصابة فاسدة استحلت ثروة مصر. شاوشسكوا كان يعد أبنه المدمن والمنحط اخلاقيا ليرث حكمه، ومبارك كان يعد أبنه الفاسد، والقذافى أبنه الموتور وبن على يعد زوجته وبعدها أبنه وعلى عبد الله صالح أبنه، وبشار هو وارث وبالطبع سيورث عندما يأتى الوقت... فهكذا تخيلوا أن هذه البلاد قطعة من أملاكهم الخاصة.
ورغم أن نهاية شاوشيسكوا رميا بالرصاص هو وزوجته بعد محاكمة صورية، وإعدام موسولينى وخمسة من رفاقه منكس الرأس بدون محاكمة، وإعدام صدام صباح يوم العيد بعد محاكمة هزلية،إلا أن ما حدث للقذافى فاق كل تصور...لقد حولوا جثته إلى متحف مفتوح يرقصون حولها كحفلات الزار، بل وصل الأمر المقزز لإغتصابه وهو ينزف بغزارة.
ما ابشع هذه النهاية، ولكن قراءة التاريخ توضح لنا بجلاء أن المستبدين لا يتعلمون، وهذا للأسف من سوء حظ البشرية أن تدفع أثمانا باهظة قبل أن يسدل الستار على حياة هؤلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.