لا أكتب هذا الكلام بمناسبة التقرير الأخير الذي صدر عن المجلس الأعلي للصحافة حول تغطية الصحف لأحداث نجع حمادي، ولكن لأنني متابع منتظم للتقارير التي تصدر عن المجلس سواء تلك الدورية أو النوعية التي تصدر بمناسبة أحداث معينة. والملاحظة الأولي التي يكتشفها أي قارئ لهذه التقارير هي أنها سياسية وليست مهنية ولا تتحدث عن انتهاكات محددة تقوم بها الصحف لميثاق الشرف الصحفي، وإنما هي عبارة عن مقال سياسي يطالب الصحف بتطبيق منهج الصحافة الاشتراكية الذي لم يعد يطبق في العالم، ويبدو من قراءة ما في التقارير من ملاحظات أن الذين قاموا بإعداده يكتفون فقط بقراءة عناوين الموضوعات ولا يطالعون الموضوعات ذاتها. وبالطبع من حق معدي التقرير أن ينتقدوا ما يرونه خاطئا، ولكن الذي ليس من حقهم هو أن يكون تقريرهم عبارة عن كلام مرسل، لا يستند إلي أي تعزيز سوي ذكر عناوين بعض الموضوعات دون ذكر كيف تخالف هذه الموضوعات سواء القواعد المهنية أو الأخلاقية، وهذا الأمر يجعل المسئولين عن نشر الموضوعات لا يضعون أهمية تذكر لمثل هذه التقارير، خاصة أن الذين يعدونها يبدو أنهم من الهواة وليسوا من المتخصصين. ويستطيع معدو التقرير أن يقدموا عملاً مهمًا إذا ما قاموا بتعزيز تقريرهم بذكر المآخذ التي يأخذونها علي الموضوعات مثل أنها تعتمد علي مصادر مجهولة، أو أنها تقدم مصادر تمثل وجهة نظر واحدة، أو أنها تخالف مادة محددة من ميثاق الشرف الصحفي، لكنهم لا يفعلون ذلك. ومع أن عددا كبيرا من الصحفيين تلقوا تعليمهم علي يد الدكتور فاروق أبوزيد الذي يشرف علي إعداد التقرير، لكنه يبدو وكأنه لم يقدم دورة مهنية للذين يساعدونه في إعداد التقرير، وهو الأمر الذي يؤكد أنه ليس هناك اعتناء من المجلس الأعلي للصحافة بالتقرير وأنه يعد كطقس وليس من أجل تطوير الصحافة أو منعها من ارتكاب أخطاء مهنية أو أخلاقية. وبالنسبة للتقارير النوعية فإنها تبدو وكأنها تستهدف اصطياد الأخطاء لصحف محددة، دون الإشارة إلي أي قواعد تم الاستناد إليها في إعداد التقارير، ومع أن الصحف القومية نفسها ترتكب نفس الأخطاء التي يشير إليها التقرير فإنه يتجاهل أخطاءها الأمر إلي حوله إلي تقرير حكومي غير مستقل. ومن يتابع التقارير منذ بداية صدورها سيجد أنها كانت تهتم في عهد الدكتور خليل صابات بقضايا أخلاقية علي رأسها الخلط بين التحرير والإعلان، لكنها في عهد الدكتور فاروق لم تعد تهتم بهذا السقوط المهني والاخلاقي، ويبدو أن المسئول عن إعداد التقارير رضخ لضغوط رؤساء التحرير وتجاهل أن هذا الأمر يعد مخالفة صريحة لميثاق الشرف الصحفي. فأي مصداقية لهذه التقارير في ظل هذا الوضع؟ الطريق إلي قصر العروبة وسرقة الأفكار الصحفية تحتفي إحدي الصحف الخاصة بسلسلة حوارات صحفية يقوم بها أحد محرريها حول مستقبل رئاسة الجمهورية، وتتجاهل أنها بهذه الحوارات تسطو علي فكرة صحفية لجريدة الدستور التي نشرت بدءًا من مارس 2008 سلسة حوارات أجراها الزميل محمد علي خير مع نخبة من السياسيين بعنوان «الطريق إلي قصر العروبة» مع كل من: الدكاترة والأساتذة نادر فرجاني، وأسامة الغزالي حرب وخليل العناني، وميلاد حنا، وعبد المنعم سعيد، وعبد الله الأشعل، وسلامة أحمد سلامة، ومصطفي الفقي، وعمرو هاشم ربيع، وأحمد عكاشة. وأنهم ناقشوا الموضوع من جميع جوانبه، ثم جاءت الجريدة الخاصة لتسرق الفكرة، وبعض الأسماء التي تضمنتها الحوارات. وقد حصل الزميل محمد علي خير علي جائزة نقابة الصحفيين عن هذه الحوارات، بما يعني أن محرر الجريدة الخاصة لابد وأنه علي علم بكل ذلك، قبل أن يجري عملية السطو. فأين نقابة الصحفيين من ذلك،؟! وأين الذين يتحدثون عن الأخلاقيات الصحفية؟! «المصري» ويوسف الشريف شخص مجهول اسمه المصري يكتب باب شبه يومي في جريدة الجمهورية، اسمه مختصر مفيد يعطي فيه دروسا مهنية وأخلاقية لزملائه وللنخبة السياسية، ويحاول أن يثبت أنه مثقف ثقيل، وقد كتب منذ أيام وهو يرثي الكاتب الكبير الراحل يوسف الشريف يطالب بأن تنشر محاضراته في المعهد الدبلوماسي عن كل من السودان واليمن في كتابين، والحاصل أن الكتابين متاحان منذ سنوات، وصدرا عن دار الشروق الأول باسم «السودان وأهل السودان»، وقد نشرت منه طبعة في مكتبة الأسرة. والآخر باسم «اليمن وأهل اليمن» فهل يذهب المصري لشراء الكتابين ومطالعتهما؟