هل تحولت تقارير المجلس الأعلي للصحافة وما ترصده بشأن الممارسات الصحفية إلي حبر علي ورق؟ سؤال يطرح نفسه بعد تجاهل الصحف لقرارات المجلس الأعلي للصحافة والقوانين الملزمة للصحف بنشره كآلية عقابية للصحف المتجاوزة أمام قرائها. الواقع يؤكد أن الصحف تتعامل مع التقرير الذي يصدر شهرياً بشكل انتقائي في حين قرر المجلس تلخيص التقرير في بضع ورقات لتسهيل نشره مشترطاً أن تنشر كل صحيفة ما يتعلق بها من تجاوزات وهو ما لم يحدث. الأهم ما هي الاجراءات التي يتخذها المجلس الأعلي بناءً علي ما يرصده التقرير من ملاحظات ولماذا لا تتخذ كقاعدة بيانات تحدد اهتمامات المعهد الاقليمي للتدريب وما هي الاجراءات التي تتخذها نقابة الصحفيين للتصدي للتجاوزات المهنية وعلاج مواطن القصور للارتقاء بالمهنة؟ أسئلة نطرحها علي المختصين بعدما رصد تقريرا يناير وفبراير 2010 من مؤشرات تؤكد قيام بعض الصحف بنشر موضوعات تمثل انحيازاً في قضايا ما زالت منظورة أمام القضاء، إضافة إلي قيام بعض الصحف بنشر مواد تؤدي إلي إهانة وازدراء الأديان وتثير الفتنة الطائفية. 34 أستاذاً يعدون التقرير الدكتور فاروق أبو زيد رئيس لجنة الممارسات الصحفية بالمجلس الأعلي للصحافة يرفض وصف التقارير بأنها حبر علي ورق مؤكداً أن التقرير يعكف علي إعداده 34 عضواً من أساتذة الإعلام أعضاء هيئات التدريس بالجامعات مقسمين ل7 مجموعات كل مجموعة بها استاذ لرصد الملاحظات حول المضامين المنشورة في الصحف القومية والخاصة والحزبية ثم يتولي تحرير التقرير النهائي 8 أعضاء بلجنة الممارسات وهم الأساتذة نبيل زكي وعبد القادر شهيب ورشاد كامل وإسماعيل منتصر وعبد الله السناوي وخالد إمام وهم أساتذة للمهنة ورؤساء تحرير. وأضاف أبو زيد: ملاحظات التقرير تأخذ بعين الاعتبار ففي قضية هبة ونادين نظم المجلس الأعلي للصحافة دورة تدريبية لصحفيي الحوادث شارك فيها 50 صحفياً حول قواعد نشر الجريمة واستقاء المعلومات من المصادر حتي لا يقع الصحفيون في نفس الأخطاء السابقة. وأشار أبو زيد إلي أن النقابة تتلقي تقرير اللجنة من المجلس وهي المخولة بمحاسبة الصحفيين حال تجاوزهم وبالتالي هي المسئولة عن تفعيل الملاحظات وحول كون المجلس لا يلزم الصحف بنشر الملاحظات الخاصة بكل صحيفة وفقاً للوائح والقانون قال أبو زيد أن الصحف تنشر ولكن وفقاً لسياسة كل صحيفة ومصالحها، وفيما يتعلق بقصور معهد التدريب بشأن تدريب القيادات التحريرية قال أبوزيد إنه إنه يتم التغاضي عن هذا بعقد حلقات نقاشية حول القضايا المهنية والسياسية ذات العلاقة بالمهنة ويدعي لها رؤساء التحرير والقيادات التحريرية. نبيل زكي رئيس تحرير جريدة الأهالي الأسبق وعضو لجنة الممارسات الصحفية يري أن هذه التقارير عبارة عن دراسات قيمة حول أداء الصحافة المصرية قومية وحزبية وخاصة تصدر بشكل شهري وليست حبراً علي ورق كون أهميتها تكمن في أنها تلفت الأنظار بشكل دائم للأخطاء المهنية وتحذر من انتهاكات ميثاق الشرف الصحفي وبالتالي يجب أن توضع موضع الاهتمام من الصحف والنقابة والمجلس الأعلي للصحافة. وأضاف في الاجتماع الأخير للمجلس: انتقد البعض التقارير كونها رصدت تدخل البعض عن طريق النشر في قضايا منظورة أمام القضاء وهذا لا يجوز. وأضاف زكي: ما يحدث يشعرك بأن هناك مخططاً لافساد هذا البلد بالتستر علي الفساد من قبل بعض الصحف وإثارة الفتنة الطائفية ولولا أن الشعب المصري شعب عريق لا يتأثر بحجم المضامين المحرضة علي الفتنة لكانت مصر قد اشتعلت منذ زمن داعياً النقابة والمجلس باتخاذ قرارات اجرائية نابعة مما تسفر عنه التقارير من ملاحظات. أسامة غيث مدير تحرير الأهرام يري أن مثل هذه التقارير مهم جداً في متابعة أي مهنة لتقييم الجهد والسلبيات وحق القارئ في التصدي للتجاوزات لكن المشكلة الرئيسية أن دور المجلس الأعلي للصحافة أصبح اشرافياً يقتصر علي اصدار التقارير دون تفعيل، وتفعيل تلك التقارير لا يكون إلا بالمتابعة المباشرة في الجهات التي بها تجاوزات والزامها بعدم تكرار تلك التجاوزات خاصة أن معظم رؤساء تحرير الصحف المصرية والمسئولين عن المادة التحريرية أعضاء بالمجلس الأعلي للصحافة. وأضاف غيث ما لم يتخذ المجلس قرارات فاعلة فإن من حق المراقبين أن يطرحوا تساؤلاتهم حول شرعية بقاء هذا المجلس. وأعتبر غيث أن نقابة الصحفيين كسولة في الحفاظ علي قيم المهنة والتصدي لمخترقيها فلم نر جهداً ملموساً للنقابة في التصدي لقضية مهنية وإثارة الرأي العام حولها وعقد المؤتمرات للخروج بحلول ولابد من حدوث ذلك كأي قضايا قبل التناول الإعلامي للأحداث التي تنشب بين المسلمين والمسحيين.