«طبائع الاستبداد ومصارع العباد»، و«أم القرى».. الكتابان الأشهر لصاحبهما المفكر التنويري الإصلاحي الكبير عبد الرحمن الكواكبي (1854 - 1902م)، اللذان صدرا في مجلد واحد حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. كتب الكواكبي مؤلفه الفذ «طبائع الاستبداد ومصارع العباد» عندما هاجر سرا إلى مصر سنة 1899م، ونشره فصولا متتابعة في صحيفة "المؤيد" دون توقيع، ثم قام بتأليف كتابه التالي «أم القرى»، وهو مذكرات محاضر اجتماعات مؤتمر جمعية أم القري الذي عقد بمكة المكرمة، وحضره ممثلون للأمة الإسلامية لدراسة أسباب تخلف المسلمين وسبل إنهاضهم، وقام بطبع الكتابين معا، «طبائع الاستبداد» و«أم القرى»، ونشرهما باسم مستعار هو "الرحالة ك". وفي الكتابين كان الكواكبي حريصا علي أن يبين للرعية حقوقهم، وتحديد ما هي واجبات الحاكم إزاء محكوميه، وأنه لا بد علي الحاكمين أن يكونوا ساهرين علي خدمة الرعية ورعاية مصالحهم وتولي شؤونهم. وفي كتابه العلامة «طبائع الاستبداد» بدأ عبد الرحمن الكواكبي من حيث انتهى جمال الدين الأفغاني فيما يتصل بضرورة التمييز بين "السلطة الروحية" و"السلطة الزمانية" والفصل بينهما, وأكد الكواكبي العلاقة الوثيقة والارتباط المتلازم بين "الاستبداد السياسي" و"الاستبداد الديني"، ويستهل الكواكبي كتابه بالاشارة إلى أن "أكثر المحررين السياسيين من الإفرنج يرون أن الاستبداد السياسي متولد من الاستبداد الديني, بينما يذهب البعض القليل منهم إلى القول أنه لم تكن هناك علاقة تولد ترد الأول (السياسي) إلى الثاني (الديني) فهما أخوان متشابهان, والمماثلة بينهما قوة في أن أولهما يحكم ويتسلط على عالم القلوب, بينما ثانيهما يتحكم في مملكة الأجسام, ولذلك فإنه ما من مستبد سياسي إلا ويتخذ لنفسه صفة قدسية, تخايل بأنه على علاقة خاصة مع الله, أو يتخذ بطانة من أهل الدين المستبدين الذين يعينونه على ظلم الناس باسم الله". يعد كتاب «طبائع الاستبداد» أول كتاب في العصر الحديث يهتم بالبحث في "الاستبداد"، ويبين الكواكبي في مقدمة كتابه أن المتكلم في الاستبداد عليه أن يلاحظ تعريف وتشخيص ما هو الاستبداد وما سببه وما أعراضه، ما سيره وما إنذاره وما دواؤه ولماذا يكون المستبد شديد الخوف وبماذا ينبغي استبدال الاستبداد.. إلى آخر الأسئلة التي يثيرها الكواكبي ويطرحها للبحث في كتابه.