عبد المجيد: هذه أول ثورة لا يمسك فيها الثوار بالحكم ندوة "الرواية والثورة" بهيئة الكتاب "النزول إلى ميدان التحرير والضغط السلمي ضروري لاستكمال الثورة؛ لأن عملية البناء التي قامت الثورة من أجلها لم تبدأ بعد،الثورات تغير الحياة وإذا لم تفعل ذلك تصبح مجرد انقلاب، وما تحقق حتى الآن لم يتحقق إلا بالضغوط التي يمارسها الثوار بالنزول إلى ميدان التحرير"، كان هذا ما أجمع عليه المشاركون في ندوة "الرواية والثورة" التي نظمتها هيئة الكتاب برئاسة د.أحمد مجاهد، أمس الأحد، وشارك فيها كل من الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب، والروائي إبراهيم عبد المجيد، وأدارها الناقد د.محمد عبد المطلب، وناقشت العلاقة بين الأحداث التاريخية الكبرى في حياة الشعوب، كالثورات، وانعكاسها في الإبداع الفني عموما والأدبي بشكل خاص. افتتح د.محمد عبد المطلب الندوة بالتأكيد على العلاقة الوثيقة بين الأدب واستجابته للثورات الكبرى في حياة الشعوب، وقال إن للثورات تأثيرها الواضح على الأدب، فثورة يوليو كان لها تأثيرها الواضح في الرواية والقصة والمسرح والشعر الذي تحول نوعيا من الشكل العمودي إلى شعر التفعيلة، وتوقع أنه عندما تستقر الثورة ستنتج نوعا مختلفاً من الأدب وستعيد التصاق الأديب بالمجتمع، وأضاف أن ثورتي 23 يوليو 1952 و25 يناير 2011 قد غيرتا وجه مصر والتاريخ. وأكد عبد المطلب أن بعض الأدباء قد تنبأ بهذه الثورة الثانية، فالأديب يمكن أن يتحسس الطموحات الداخلية للمجتمع، وإبراهيم عبد المجيد عام 1998 في روايته "أغادير البحر" التي صدرت عام 1998، ومحمد سلماوي في "أجنحة الفراشة"، قد تنبآ بالثورة. وعن روايته "أجنحة الفراشة"، التي تنبأ فيها بالثورة، قال الكاتب والروائي محمد سلماوي: عندما كتبتها لم أكن أقصد التنبؤ بشيء ولو استدعاني أمن الدولة وقتها وسألني لكنت أجبتهم بأني لا أقصد شيئاً، ولكن الحركات الاحتجاجية في الفترة الأخيرة مثل حركة كفاية وغيرها والوضع السائد جعلني مهموما بهذا المناخ الجديد على مصر، وشخصيات الرواية أسرى لهذا الموقف، والرواية لا تتوقف عند وصف موقف فكان يجب أن يتطور هذا الموقف الذي أردت تصويره حتى يصل لنهايته الحتمية، وهذا الموقف تطور من خلال جيل الشباب الذي استخدم الوسائل الحديثة في الثورة ويرفض الجيش أن يتدخل في هذه الثورة التي وحدت المسيحي والمسلم يدا بيد إلى أن يسقط الحكم في النهاية، وقد كتبت هذه الرواية في 2010 قبل ثورة تونس والناشر قال لي إنه سيصدرها قبيل معرض الكتاب الذي كان مقررا إقامته في يناير 2011 وتم إلغاؤه وصدرت في ديسمبر 2010. وأضاف سلماوي أن الأدب ليس فوتوغرافيا يصور الواقع وإنما يستشرف المستقبل، فالأدب هو النبوءة بشكل أو بآخر، وأشار إلى أن رواية توفيق الحكيم "عودة الروح" قد ألهمت بشكل أو آخر جمال عبد الناصر وأثرت فيه قبل قيامه بثورة يوليو، وقال إن رؤية الأديب رؤية مختلفة عن رؤية الصحفي، الذي ينغرس في الواقع وينقله ويحلل هذا الواقع بشكل ثاقب، أما رؤية الأديب فتنطلق من الواقع إلى أبعد من ذلك، وأكد سلماوي أن لا أحد يستطيع أن يكتب عن الثورة الآن، فأدب ثورة يوليو لم يظهر إلا في الستينيات، وهذه الثورة ما زالت في بدايتها وعنفوانها وما زلنا مبهورين بها ولا نستطيع في الوقت الحالي أن نرتقي فوقها لنكتب عنها، فالكاتب أو المبدع لا ينفعل بحدث معين ويعود إلى بيته ليكتب عنه وإنما يحتاج لمساحة زمنية وجغرافية وعلى الأديب أن يكون فوق الحدث. وعن ثورة الغضب الثانية قال سلماوي إن الناس عادت لميدان التحرير للتأكيد على المعاني الأولى التي نزلت من أجلها في 25 يناير، فلم أشاهد على الساحة حتى الآن أي خطوة جديدة في اتجاه البناء حتى الصحافة ما زالت على نفس منهجها القديم، وعملية البناء التي قامت الثورة من أجلها لم تبدأ بعد، ولذلك أتفهم تماما النزول إلى ميدان التحرير وأؤيده، فالثورة هي التي تغير الحياة وإذا لم تفعل ذلك تصبح انقلاباً، وما تحقق حتى الآن لم يتحقق إلا بالضغوط التي يمارسها الثوار بالنزول إلى ميدان التحرير. واتفق معه في الرأي الكاتب والروائي إبراهيم عبد المجيد، وقال: إن النزول إلى ميدان التحرير ضروري للحفاظ على الثورة وتحقيق مطالبها، مشيرا إلى أن هذه أول ثورة لا يمسك الحكم بعدها من قاموا بها، وعن "الأدب والثورة" قال عبد المجيد إنني بعد الثورة بأيام كتبت مقالا بعنوان "سلام لأدباء الوطن" وكتبته للأدباء الذين جددوا في الكتابة، وأكد أن الحركات الأدبية الكبرى تكون سابقة للثورات، فالأديب يرفض المجتمع من حوله ويتنبأ بمجتمع أفضل، والأديب المبدع لا يجب أن يكون في حالة رضا عن نفسه، فالمبدع الذي يرضى عن نفسه لا يبدع شيئاً، وتابع: أصبحنا عبر الثلاثين سنة الأخيرة لا قيمة لنا عند الحكام، والأدباء الكبار استطلعوا ذلك منذ زمن بعيد، وهذا هو معنى النبوءة بشكل عام.