أكد حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أهمية الإنتخابات البرلمانية القادمة بإعتبارها نقطة فارقة في تاريخ الدولة المصرية الحديثة، وذلك في إطار التطورات الديمقراطية الهامة التي تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير، والإستحقاقات التي فرضتها الثورة من إسقاط النظام القديم وبناء نظام جديد يقوم على أسس ديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتعزيز دولة سيادة القانون، مؤكداً أن هذا البناء للمؤسسات سوف يقوم على صندوق الانتخابات كتعبير عن إرادة الناخبين لتشكيل حكومة وإنتخاب رئيس جديد، مشدداً على أهمية تبادل الخبرات الدولية في هذا المجال لبناء ديمقراطية حقيقية لنقل الخبرات المستفادة من أجل تعزيز حقوق الإنسان وبناء دولة سيادة القانون وتطوير النظم الانتخابية. جاء ذلك في المؤتمر الذي عقدته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية أمس الأربعاء 6 إبرايل حول النظم الإنتخابية والتحول الديمقراطي. وأوضح أبو سعدة أن لكل نظام انتخابي مزاياه وعيوبه، ولا يمكن إدانة نظام معين لأنه نجح في دولة ما وفشل في دولة أخرى، فكل نظام لابد من أجل نجاحه وإمكانية تطبيقه أن يصل المجتمع إلى درجة معينة من الرقي والثقافة. وهناك عوامل عديدة تحدد شكل النظام الانتخابي ومن بينها نوع النظام السياسي سواء كان رئاسيا أو برلمانيا. بالإضافة إلي الخريطة الحزبية إذ تؤثر الأحزاب السياسية في مدى اختيار النظام الإنتخابي القائم، ففي حالة كون الأحزاب السياسية قوية وتستند على معايير سياسية وإيديولوجية رحبة بالإضافة إلى برامج سياسية واضحة المعالم تقوي من اختيارات القائمة النسبية في النظام الإنتخابي لأن الأحزاب في هذه الحالة تعكس أفضل الرأي العام لمجموع المواطنين وتطلعاتهم، مضيفاً أنه في حالة وجود نظام حزبي مسيطر ومحتكر الحياة السياسية، فيعمد هذا الحزب بكل قوة على إقصاء الأحزاب الأخرى من الحياة السياسية، وتعمد على الحيلولة دون إدخال أي تغييرات قد تضر بمصالحها، أو دخول أحزابا أخرى منافسة لها من دخول المعترك السياسي، إلا إذا توافرت ضرورات سياسية ملحة للقبول بذلك، لذلك فقد تعمل الأحزاب السياسية كعائق أمام تنوع الخيارات المتوفرة لتغيير النظام الانتخابي. وطالب رئيس المنظمة المصرية بأن تجرى الانتخابات القادمة بالقائمة النسبية، مما يسمح للأحزاب بأن يتم تمثيلها بشكل أكثر شفافية ويعكس في نفس الوقت أداء الحكومة، وتمكين منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية من الرقابة على العملية الانتخابية. كما أكد اللواء محمد رفعت قمصان مساعد وزير الداخلية ومدير الإدارة العامة للانتخابات أن الإدارة جاهزة لتطبيق أي نظام للانتخابات توافق عليه السلطات المسئولة سواء الفردي أو بالقائمة النسبية أو التصويت الإلكتروني . وكشف اللواء قمصان أنه انتهي مؤخراً مما أسماه بميكنة الجداول الانتخابية، حيث تم الربط بين قاعدة بيانات الأفراد بالرقم القومي في قطاع مصلحة الأحوال المدنية ومديريات الأمن المسئولة عن إعداد لجان الاقتراح وكشوف الناخبين والتي كانت في شكل جدول أو اسطوانة «C.D»، مشيراً إلى أن القوائم الجديدة تضمنت أسماء المواطنين الذين بلغوا سن 18 سنة وإعداد قوائم أخري للمتوفين لشطب أسمائهم من الجداول الانتخابية وقائمة ثالثة للممنوعين من التصويت تضم أسماء المحكوم عليهم في جرائم جنائية. وقال قمصان إنه سيتم عرض هذه القوائم بطرق جديدة للمواطن المصري من خلال شبكات الانترنت حتى يتسنى لكل فرد معرفة مكان دائرته ولجنته الانتخابية، مشيراً إلى أنه قد تشكل فريق يترأسه وزير الاتصالات لبحث عملية تنظيم الاقتراع والفرز وإعلان النتائج بجميع جوانبه التقنية والعملية.ولفت قمصان إلى أن تقسيم الدوائر الانتخابية يتوقف على النظام الانتخابي الذي سيتم تطبيقه سواء النظام الفردي أو الانتخاب بالقائمة النسبية أو المختلطة مستطرداً: أنا جاهز بتصوري لجميع الاحتمالات. وعن اشتراك المصريين بالخارج في الانتخابات قال قمصان: إن غالبية المصريين بالخارج لا يمتلكون بطاقة الرقم القومي بل إن بعضهم لا يجيد القراءة والكتابة في بعض دول الخليج، مؤكداً ضرورة دراسة كيفية إشراكهم، حيث إنهم جزء من نسيج الوطن. وانتقد أ. إبراهيم نوار نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية عدم تغيير رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات القادمة، وقال “إن رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات الماضية التي أخرجت مجلسي الشعب والشورى المنحلين، هو نفسه المشرف على الانتخابات القادمة، ولذلك يجب تغيير رئيس اللجنة”. ودعا نوار إلى تغيير قانون مباشرة الحقوق السياسية، وأن يتضمن التغيير التأكيد على حق المصريين بالخارج التصويت في الانتخابات القادمة، كما طالب بإصدار قانون يجرم الدعاية السياسية في دور العبادة، واستخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية وأيضا اقترح تشكيل هيئة قضائية تكون مستقلة للإشراف على الانتخابات القادمة. وعلى جانب آخر، انتقد جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس الإعلان الدستوري الحالي، وأكد أنه لم يتضمن أي تزكية قانونية للنظام البرلماني، وأنه نص على أهمية وجود نسبه للعمال والفلاحين والكوتا، وقال إن هذا النظام “عفا عليه الزمن ويؤثر سلبا على الحياة السياسية”. وأشار زهران إلى أن النظام البرلماني هو أفضل نظام للحياة السياسية المصرية، ويضمن تقوية الأحزاب وجعل الحكومة مسؤولة أمام الشعب، ويسمح للأحزاب بمحاسبتها، كما أنه ينشط المعارك الانتخابية بين المرشحين. وفي ختام المؤتمر ، أوصى المشاركون بالآتي بضرورة إعادة النظر في الإطار القانوني والتشريعي المنظم للانتخابات البرلمانية عبر سن قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية بدلاً من القانون رقم 73 لسنة 1956 وتعديلاته بالقانون 173 لسنة 2005. بناء نظام سياسي جديد يتطلب الأخذ بنظام الحكومة البرلمانية. وذلك في ضوء تنشيط الحياة السياسية متمثلة في الأحزاب السياسية والمشاركة السياسية الواسعة والبرلمان والمسئولية السياسية والمحاسبة والمراقبة وتحسين التشريع ، وتوليد فكرة تداول سلمي للسلطة. الأخذ بنظام انتخابي يضمن تمثيل جغرافي حقيقي لجميع محافظات مصر ، وتمثيل مختلف فئات المجتمع، وهذا ما ينطبق على النظام الانتخابي ذات القائمة النسبية المحدودة بدائرة أوسع من دوائر مجلس الشعب الحالية، وغير المقيدة بالأحزاب السياسية بل تمتد إلى المستقلين بغية تمكينهم من إتاحة الفرصة لهم لتكوين قوائم لهم. وكذلك القائمة النسبية المفتوحة بحيث لا يتطلب الأمر ضرورة الالتزام بالعدد المطلوب في القائمة. الأخذ بنظام التصويت على قاعدة الرقم القومي،وحسب نظام الدوائر المفتوح ودون التقيد بلجنة واحدة للناخب أو محددة سلفاً، بل يستطيع أن يدلي بصوته في أي لجنة بالدائرة مع الأخذ بالإجراءات الإلكترونية في التصويت بحيث تتوافر أجهزة قراءة وممغنطة لبطاقات الرقم القومي من حيث قيد المواطن في الدائرة، وكذلك قيامه بالتصويت الفعلي في هذه اللجنة أو تلك. إعادة تقسيم الدوائر بحيث تطابق التقسيم الإداري في جمهورية مصر العربية ودون تدخل بين التقسيمات مع مراعاة عدد السكان، وإعادة النظر في الدوائر بحيث يتحقق الغرضان وهي عدد الناخبين في الدائرة، والتقسيم الإداري إلى أقسام شرطة ومراكز، وذلك في حالة اتفاق الأغلبية على استمرار النظام الفردي . إعداد الشعب وتوعيته وتدريبه على التصويت الإلكتروني في مرحلة قادمة في الانتخابات مع إمكانية التصويت عن طريق شبكة الإنترنت لمن هم خارج مصر، أو خارج الدائرة. إتاحة الفرصة للمصريين في الخارج لاستخراج الرقم القومي للذين لازالوا يحتفظون بالجنسية المصرية، وذلك لتمكينهم من المشاركة بالتصويت في الانتخابات القادمة (رئاسية / برلمانية /محليات). على أن ينص في قانون مباشرة الحقوق السياسية على ذلك . ضرورة الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات بداية من إعداد الجداول الانتخابية وانتهاء بإعلان النتائج، وأن يكون رجال القضاة الذين يعهد إليهم بالإشراف على عمليات الاقتراح من قضاة المنصة دون غيرهم، مع توسيع الصلاحيات الممنوحة للقضاة المشرفين على اللجان الانتخابية لتشمل ما يقع خارج تلك اللجان، ومنحهم سلطة وقف عملية التصويت حالة ثبوت وقوع حالات منع للناخبين من التصويت، وسرعة التصرف لإيقافها. إصدار تشريع ينظم أعمال المراقبة لمنظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية على الانتخابات، بما يضمن تمكين تلك المنظمات من المراقبة داخل وخارج اللجان، مع ضرورة أن تكون عملية الفرز علانية وتمكين المرشحين ووكلائهم والمنظمات من حضور فرز كل صندوق على أن يتم الفرز بالمقر الانتخابي، وتسليم نسخة من كشف فرز كل صندوق إلى المرشحين ووكلائهم . السماح بالرقابة الدولية على الانتخابات البرلمانية ، ودعوة المنظمات الدولية المعنية بذلك زيارة مصر قبل إجراءئها بوقت كافي، حتى يتم الاستعداد لهذه العملية التي سوف تسهم في توفير ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات وأيضاً تكون بمثابة نموذج يحتذى تقدمه الثورة المصرية للعالم ، وإعمالاً للمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وكسراً لمقولات النظام القديم باعتبار الرقابة الدولية انتهاك للسيادة الوطنية ، في حين أن جميع دول العالم والديمقراطيات الناشئة تأخذ بمبدأ الرقابة الدولية.