"إحنا ولاد البطة السودا". هذه العبارة رددها ملايين المصريين المقيمين في الخارج، فيما كانوا "متسمرين" أمام شاشات التليفزيون يتابعون البث الحي لأكبر "عرس ديمقراطي" شهده الوطن طوال تاريخه على الإطلاق. ردد المصريون العبارة تعليقاً على التمييز ضدهم وحرمانهم من ممارسة حقهم في التصويت على التعديلات الدستورية. ألم يكن من حق هؤلاء الملايين أن يقفوا في "طوابير الفرح الديمقراطي" أمام سفارات مصر وقنصلياتها حول العالم أسوة بمن كان الحظ حليفه وتواجد على أرض الوطن في هذه اللحظة التاريخية؟ أليست مفارقة أن يُحرموا من حق التصويت، في وقت تتواصل فيه اجتماعاتهم لبحث كيفية مساعدة الوطن في مرحلة ما بعد الثورة وتبني أفكار خلاقة كتأسيس شركات مساهمة للنهوض بالاقتصاد أو فتح حسابات مصرفية بالعملات الصعبة كتبرعات تكون "تحت أمر" الجهات المعنية لسد عجز ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى تنظيم حملات للترويج السياحي والسفر إلى أرض الكنانة، تحت شعار "مصر الآن أكثر آمانا من عهد مبارك". حسب علمي، لا يوجد سند قانوني أو نص دستوري يحرم المصريين المغتربين من حقهم في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة والرئاسية والاستفتاءات. ورغم أن مصر تغيرت، لكن معاملة السلطات المعنية لطيور الوطن المهاجرة لم تتغير؟ لم يكن سهلاً على ملايين المغتربين هذا الإحساس بالإحباط، في أول استحقاق لهم بعد الثورة، وخصوصاً أنه لم يتم تقديم أي مبررات مقنعة لهذا الجحود من جانب السلطات لرغبتهم في المساهمة برأيهم في رسم مستقبل مصر. ألم تصل مئات العرائض الممهورة بآلاف التوقيعات من جاليات مصرية مقيمة في كل دول العالم إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة تطالبه بإعادة الحق المسلوب في ممارسة أبسط الحقوق السياسية لأبناء الوطن بالخارج؟ ألم يقرأ أعضاء المجلس مئات المقالات التي تنتقد هذا الحرمان غير المبرر؟ ألا يشاهدون التليفزيون؟ لماذا لم يستجيبوا؟ هل مصر أقل من العراق "المحتل"؟ ألم يحصل العراقيون المغتربون على حقهم في التصويت في كل الانتخابات التي جرت بعد صدام حسين؟ لا أعتقد أن السبب ضيق الوقت؟ لأن القوات المسلحة ومجلسها العسكري مشهوران بالأفكار الخلاقة وصنع المعجزات. وكم من مشروع عملاق فشلت الجهات المدنية في إنجازه وأسند إلى "العساكر" ليتموا المهمة في الموعد المحدد وبالشكل الأمثل! إن ملايين المصريين عاتبون على كل من حرمهم المشاركة في عرس الاستفتاء، وحوله إلى "مأتم". وهؤلاء يتمنون أن تكون هذه المرة "آخر الأحزان" وأن يلهم أهلهم من الجهات المعنية في البلاد سرعة تحويل اعترافهم بهذا الحق إلى واقع ملموس، واتخاذ التدابير اللازمة لإعادته فورا إلى أصحابه في جميع الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.