حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد فتحي يكتب: هكذا تم تدمير الدستور
نشر في الدستور الأصلي يوم 14 - 12 - 2010

الذين دمروا الدستور قادرون على تدمير جريدة الدستور.نفوذهم في كل مكان. يقودهم شخص ما قادر على الإمساك بخيوط اللعبة وتحريك الجميع كعرائس الماريونيت.يتغير هذا الشخص بين لحظة وأخرى لكنه يظل على درجة من المهارة تمكنه من الإمساك بالخيوط وتحريك الدمى ، وتكون الأخطاء نابعة عن غباء هذه الدمى أو التسرع في تحريك دمية قبل أخرى، لكن السؤال هو لماذا تم تدمير الدستور؟
الإجابة قد تبدو واضحة للجميع، فجريدة الدستور التي توقفت عن الصدور عام 1998 بدعوى نشر بيان يحرض على الفتنة الطائفية وقت كانت تصدر بترخيص يجعلها تمر دائماً على الرقيب قبل صدورها، والرقيب الذي سمح بنشر هذا البيان ليسمح بعد ذلك بإغلاقها لم يعاقب لكن الذي عوقب وشرد ونكل به هم صحفيو الدستور آنذاك ورئيس تحريرها ومؤسسها وصانع تجربتها الأكثر نجاحاً وإثارة للجدل إبراهيم عيسى هو الذي جلس في بيته ليحاربه النظام وعرائسه الماريونيت في لقمة عيشه وتصادر رواياته ويمنع من العمل في الصحف الأخرى ويعمل (بالعافية) في إعداد البرامج في المحطات العربية ويمنع من الظهور في التليفزيون الرسمي أو ذكر اسمه من الصحف القومية.نحن هنا أمام نظام يمكن أن يقال عليه " وإذا خاصم فجر"، وقد كان، لكن يبدو السؤال مستمراً: لماذا تم تدمير الدستور؟
في عام 2004 قرر زعيم حزب الغد د. أيمن نور أن يأخذ مكاناً أكبر في المسرحية الهزلية المسماة بانتخابات الرئاسة.كان يحاول أن يتمرد على دور الكومبارس الذي ارتضاه المرشحون الآخرون، وهكذا تعاقد مع إبراهيم عيسى ليرأس تحرير جريدة الغد لتكون لسان حاله ولسان حال حزبه في الانتخابات لكن الذي حدث بعد ذلك كان أشبه بالأفلام الهندية، فقد تم القبض على أيمن نور بتهمة التزوير في أوراق الحزب وتحركت عرائس الماريونيت لتدمر حزبه من الداخل ويدخل في صراعات وانشقاقات أدت لتعطيل صدور الجريدة ليلة طبع عددها الأول وإبعاد إبراهيم عيسى من جديد، ولولا حصول مالك جريدة الدستور عصام إسماعيل فهمي على حكم قضائي بعودة جريدة الدستور للحياة بعد أن أصبحت جريدة خاصة تمتلكها شركة مساهمة حسب القانون ولا تخضع لرقابة لما عاد إبراهيم عيسى إلى الصحافة من جديد حيث انفجرت الدستور في إصدارها الثاني في عام 2005 لتعطي مساحات كبيرة لصحفيين شبان موهوبين استطاع إبراهيم عيسى أن يكتشفهم ويجعلهم رأس حربة جريدته التي رفعت سقف المتاح بقوة ما تكتبه، وأنزلت الرئيس من منزلة نصف الإله التي صبغتها عليه صحفه القومية إلى منزلة الإنسان العادي الذي قد يخطئ أو يصيب، وقد يمرض أو يموتن بل إن عيسى كتب في مقال هو الأكثر شهرة رسالة للرئيس بدأها بقول الله تعالى " إنك ميت"،ولم يكن ذلك بالأمر الهين على نظام هذا البلد لاسيما وأن الجريدة فضحت العديد من الانتهاكات ومظاهر الفساد، وعارضت بقوة نفوذ جمال مبارك نجل الرئيس وخطط تصعيده وتوريثه الحكم، واصطدمت أكثر من مرة بوزارات سيادية مثل الداخلية والخارجية والإعلام للدرجة التي جعلت الناس تتساءل من أين يستمد الدستور جرأته، وكانت الإجابة دائماً هي مزيد من العمل الصحفي المتميز، ومزيد من العداوات والخصومات الفاجرة التي وجدت الدستور نفسها طرفاً فيها، وفي كل مرة كان الدستور يخرج منتصراً مهما اتهموا رئيس تحريره بالتشيع مرة وبموالاته للإخوان المسلمين مرات ومرات، لكن في كل هذه الاتهامات لم يكن أحد ليجرؤ أن يصف عيسى مثلاً بأنه عميل، أو انه ممول من جهات ما، وهو ما يعني أن الجميع مهما كانت درجة خصومتهم الفاجرة مع الرجل وجريدته يعرفون أنه (نظيف) وأنه لا توجد عليه (ذلة) واحدة، ورغم ذلك فقد تم تدمير الدستور، والسؤال يعيد نفسه: لماذا تم تدمير الدستور؟
وجد عيسى نفسه فجأة متهماً بنشر شائعات عن صحة الرئيس لتخرج عرائس ماريونيت جديدة يتم تحريكها بالريموت كنترول وبالبطاريات الجافة ترفع عليه العديد من القضايا ولا ينقصها في لائحة اتهاماتهم له سوى اتهامه بكونه المتسبب في توسيع ثقب الأوزون، وكان عيسى على وشك السجن لولا صدور عفو رئاسي قبله عيسى باعتباره حقاً مكتسباً وتصحيحاً لخطأ من النظام، ورغم ذلك فقد هوجم من البعض بسبب قبوله للعفو، ولو لم يقبله لهوجم أيضاً، وتخيل كثيرون أن عيسى سيتراجع عن لهجته الحادة وسياسة صحيفته التحريرية المعارضة لهذا النظام من رأسه الكبيرة حتى أصغر أصابع قدمه لكن ما حدث هو مزيد من النجاح لاسيما بعد أن أصبحت الدستور تصدر بشكل يومي لتؤرق مضاجع الكثيرين وتنتصر لسكان مصر الأصليين وتنتقم لهم من الفساد وتفش غلهم كما يقولون في كل صباح.أعطت الدستور دروساً في المهنية وفتحت الباب بليبرالية حقيقية وليست مثل ما يتشدق به البعض لكل التيارات لنجد اليساريين يكتبون والإخوان يكتبون والناصريين يكتبون والأقباط يكتبون، بل أن الجريدة لم تخجل من توزيع صورة حسن نصر الله كهدية وقت أن قاوم حزب الله إسرائيل بمنتهى الضراوة. أعطى عيسى الفرصة للمواهب وصنع من صحفييه نسخاً معدلة ومطورة من إبراهيم عيسى نفسه ينقصها الخبرة فقط حتى تكون بمثابة التلميذ الذي تفوق على أستاذه.لم يخجل عيسى من نشر القصائد الشعرية والقصص القصيرة والروايات لكبار الكتاب، ولم يخف من رد فعل القراء عندما يجدون الجريدة تحتفي بعيد القيامة وتنشر في صفختها الأولى صورة السيد المسيح والسيدة مريم، ولم تفقد الدستور قرائها الأهلاوية وقت أن اختارت أن تنحاز للزمالك الذي يشجعه معظم محرري الجريدة ، بل أنها صنعت من الفسيخ شربات وغزلت برجل جمار كما نقول في أمثالنا العامية وقت أصبحت أكثر جريدة أسبوعية توزيعاً، وثاني أكثر جريدة يومية خاصة في المبيعات رغم ميزانيتها التي لم تتعد عشر ميزانية منافستها المصري اليوم، فإذا كان الأمر كذلك يعود السؤال: لماذا تم تدمير الدستور؟
في الشهرين الأخيرين يبدو واضحاً للجميع أن هناك شئ ما يصنع في الخفاء.شئ ما صنع ارتباكاً عند محركي الماريونيت، وعند عرائس الماريونيت نفسها . لقد استيقظ شخص ما من نومه ليقول للجميع (كفاية دوشة) وهكذا تمت مطاردة الإعلامي حمدي قنديل عبر كل الأماكن التي عمل بها، وحين اكتفى بالكتابة للشروق فوجئ باتصال من رئيس تحريرها يطلب منه تعديلات وحذف في المقال وحين رفض قال له رئيس التحرير:اترك لي المقال وانا "هسبكهولك".يومها رفض حمدي قنديل أي تسبيك وأصر على نشر المقال (ني ف ني) فلم يعد للكتابة من جديد، وقبل هذه الأحداث كانت البلد تشتعل بعد مقتل الشاب السكندري خالد سعيد الذي حرك الجميع في كل مكان ليبدو لهذا النظام أن السحر قد ينقلب على الساحر في اية لحظة، وأن الإعلام الذي صنعه ولطالما استخدمه قادر على قلب الناس وتأليبهم ضده في أي لحظة، وهكذا عوقب الإعلامي معتز مطر بعدم ظهوره مرة أخرى على قناة مودرن، ووردت تنبيهات لمذيعي برامج التوك شو بضرورة ضبط النفس، ووجد رجل الأعمال نجيب ساويرس والذي تعاقد مع إبراهيم عيسى للمشاركة في تقديم برنامجبدنا بالمصري نفسه أمام مكالمة تجبره على اتخاذ القرار الذي يحافظ له على استثماراته، ليعلن بعدها قبول القناة وتفهمها لرغبة إبراهيم عيسى في الإعتذار عن العمل بالقناة ليتفرغ للدستور مع العلم بأن إبراهيم عيسى لم يكن قد اعتذر على الإطلاق، وفي هذه الأثناء كانت الساحة تغلي.اجتمع وزير الإعلام مع بعض نجوم التوك شو ومقدميه في أكثر من محطة خاصة بصورة سرية وتحدث مع البعض هاتفياً بنفسه وعقد اجتماعاً في مكتبه مع محمود سعد ولميس الحديدي وعمرو الليثي ليحدثهم عن طبيعة الفترة المقبلة والتي لا تحتمل أي خروج عن النص الذي تحدده الدولة، ومهدداً باتخاذ إجراءات حاسمة، وفي الوقت نفسه كانت الدستور في قبضة رجلي أعمال بعد بيعها بمبلغ تجاوز العشرين مليون جنيهاً في هذا التوقيت تحديداً، مع العلم بأن هناك صفقة أخرى تم رفضها (أمنياً) لأن صاحبها كان رجل أعمال إخوانياً ليصبح رئيس مجلس إدارة الدستور هو د.السيد البدوي شحاتة رجل الأعمال ورئيس حزب الوفد وصاحب مجموعة قنوات الحياة، ويصبح رئيس مجلس الإدارة التنفيذي هو شخص غامض جاهل بإدارة الصحف وليس لديه أي تاريخ في الاستثمارات الإعلامية هو رضا إدوارد صاحب مجموعة مدارس البي بي سي، الذي كان يريد أن يتبرع للدستور بعشرة ملايين جنيه فاستسهل الأمر ليقوم بشرائها، وقد حدث، وعلى مسار آخر كان الأديب المصري العالمي د.علاء الأسواني يعاني من مشكلات تتعلق بحجب التعليقات من مقاله على موقع الشروق الإلكتروني، وتدخل البعض في مقاله الأسبوعي الذي يعد الأكثر قراءة وتأثيراً في الجريدة، والذي تمت توجيه ملاحظات أمنية بسببه أكثر من مرة لرئيس مجلس إدارة جريدة الشروق المهندس إبراهيم المعلم، وفي الوقت ذاته كان الإعلامي عمرو أديب يمارس هوايته في السخرية من إحدى الصحف القومية التي جاملت جمال مبارك أكثر مما يجب لتصبغ عليه صفات العباقرة والأفذاذ،وعلى الساحة الداخلية كانت قضية كاميليا شحاتة سبباً في مقالات وتصريحات وخلافات بدأت تطفو بين بعض الرموز الدينية الإسلامية وعدد من قيادات الكنيسة الأرثوذكسية، لتزداد هوة الخلاف بعد لقاء جمع بين الإعلامي المصري المغضوب عليه أحمد منصور مع الأمين الأسبق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د.محمد سليم العوا في قناة الجزيرة التي هي رجس من عمل الشيطان بالنسبة للنظام المصري، وبدأ الجميع في التراشق بالاتهامات، وبدأ العوا في الرد على ما أثير ضده وحول لقائه المثير للجدل بمقال نشر جزأه الأول في جريدة المصري اليوم ثم فوجئ بأن جزأه الثاني لم ينشر لأسباب أمنية، وعلى الفور حاول نشر المقال في جريدة الشروق لكنها رفضت بدورها، ولم يجد أمامه سوى الدستور التي تحدت الجميع ونشرت المقال في انفراد رفضته غيرها من الصحف، وهكذا وجد إبراهيم عيسى نفسه أمام اتصال من رضا إدوارد مالك الجريدة الذي يحدثه بفزع شديد ويخبره بأن الكنيسة هتزعل وهترفع قضية بعد هذا المقال للعوا، لكن يبدو أن رد إبراهيم عيسى لم يعجب رضا المذعور والمرتجف فكانت بداية الخلاف التي قرر بعدها إدوارد أن يستشير بعض محركي الدمى فيما يفعله، وفي الوسط الإعلامي بدأت شائعة تسري في الخفاء بين ملاك القنوات الفضائية مفادها أن الرئيس مبارك أصبح يتابع برامج التوك شو بنفسه ويبدي استياءه من بعض الأشياء، وملاحظاته على أشياء أخرى، وهي الشائعة التي تزامنت مع إغلاق استديوهات أوربيت في مصر ومنع بث برامجها من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي لاسيما برنامجها الأشهر الذي يقدمه نجمها الأنجح عمرو أديب، ليجد عمرو نفسه – فجأة – بلا عمل اللهم إلا إدارته لكافيه باباراتزي الذي يمتلكه في ضاحية المهندسين، وفي منزله كان الدكتور محمد البرادعي يكتب مقالاً عن حرب أكتوبر ينوي نشره في جريدة الدستور، بينما علاء الأسواني ينوي السفر لفرانكفوت لحضور معرض الكتاب الأشهر عالمياً عازماً النية على الاعتذار عن الكتابة في الشروق في حال تعرض مقاله لأي حذف أو إضافة دون إذنه بعد الاعتراضات الأمنية التي أصبح يبلغ بها من المهندس إبراهيم المعلم، وكانت وجهة الأسواني الأكيدة هي جريدة الدستور التي كانت تنشر بدورها مقالاً يومياً لأيمن نور، والذي كان يكتب في هذا التوقيت – وياللمصادفة التاريخية – عن لقائه الشخصي بالرئيس مبارك قبل ترشحه ضده وهي المقالات التي اعترض عليها د. السيد البدوي رئيس مجلس الإدارة آنذاك وهدد عيسى بترك الجريدة في حال أصرت الإدارة على عدم نشرها، أما في داخل الدستور نفسها فقد كان هناك تذمراً بين الصحفيين من نسبة الضرائب التي تم خصمها من مرتباتهم لأن ذلك لم يتم الاتفاق عليه، وهدد الصحفيون بالاعتصام، ووقف عيسى في صفهم، وأخبر البدوي في مكالمة هاتفية أنه في صفهم، وأنه في حالة الخصم لن يصدر الصحفيون الجريدة وخصوصاً أن اتفاق الإدارة اقتضى ألا يتم خصم أي ضرائب من مرتبات الصحفيين وهو ما أغضب البدوي بشدة حيث وصله منشور من منشورات الصحفيين عن طريق بعض العصافير التي تطوعت بذلك، وفي اليوم الذي بعث فيه البرادعي بمقاله إلى عيسى نشر عبد الله كمال رئيس تحرير جريدة روزاليوسف المحسوبة على أمانة السياسات والمقربة من أحمد عز وجمال مبارك مقالاً يؤكد فيه أن ملاك الدستور سيقيلون إبراهيم عيسى وأن الخلاف بينهم سيتم حسمه بإبعاد عيسى، بينما كان كاتب هذه السطور على موعد مع د.علاء الأسواني للاتفاق معه على الكتابة للجريدة في حال قرر مغادرة الشروق بسبب ما يحدث معه. فتح عيسى إيميله وقام بطباعة مقال البرادعي ثم نزع اسم البرادعي من على الورقة وأعطاه لأحد معاونيه الذين يفترض أنه يثق بهم ليتم تنفيذه على الصفحة الأولى وبعد أقل من سبعة دقائق وجد اتصالاً من د. السيد البدوي يخبره بأنه لا يريد لمقال البرادعي أن ينشر لأن فيه مغازلة للقوات المسلحة ولأن الوضع غير مطمئن، فما كان من إبراهيم عيسى إلا أن قال له مازحاً:"هما المخبرين لحقوا يقولولك"، وانتهت المكالمة بين عيسى والبدوي على تأجيل نشر المقال ليوم واحد فقط و"يا تقنعني يا اقنعك" كما قال البدوي في نهاية المكالمة، ومر اليوم بسلام وكان علاء الأسواني بشوشاً وهو يستقبلني في عيادته في الموعد المحدد وتحدث عيسى معه من خلال هاتفي المحمول، ثم فوضني للاتفاق على تفاصيل كتابته في الدستور على أن أتحدث مع عيسى بمجرد مغادرتي للعيادة لكي يعرف التفاصيل.أنهيت لقائي بالأسواني واتصلت بعيسى فلم يجب، وظل هكذا لساعتين كاملتين قبل أن يرد على مكالماتي الملحة وهو يضحك بشدة " الظاهر ان مكالمتي للأسواني أقالتني يا فتحي.. أقالوني من رئاسة تحرير الدستور"..، وما بين دهشة وعدم تصديق تم كل شئ بسرعة بعدها حتى أن المشهد يبدو لي الآن أشبه بفوتو مونتاج طويل في فيم من أفلام المقاولات القديمة.يحضر رضا إدوارد لمقر الدستور فيجد صحفيين يسخر منهم ويخبرهم بأنه قادر على إصدار الدستور بقدمه، وأن الدستور لن يدخلها إبراهيم عيسى ثانية.يتركهم ثم يعود ليستولي على أجهزة الكمبيوتر ويذهب بها لشقة مفروشة يصدر منها العدد التالي بصورة ركيكة تم سرقة بعض موضوعاتها من صحف أخرى وانزلقت الجريدة التي ادار أعدادها يومئذ صحفيون من جريدة الوفد لتكتب عن الإثارة الجنسية للون الأحمر وتنشر حواراً مسروقاً من صحيفة أخرى.يخرج البدوي في مؤتمر صحفي يعلن من خلاله إقالة عيسى وأنه سيسعى لرأب الصدع وما إلى هذه العبارات المحفوظة، ويدخل الصحفيون الأصليون في اعتصامهم بينما يعود مطاريد الجريدة من الذين تم استبعادهم أو الاستغناء عنهم لأسباب مهنية أو أخلاقية للكتابة فيها انتقاماً من إبراهيم عيسى، بل إن ملاك الجريدة لم يجدوا غضاضة من الاستعانة بصحفيين تم اتهامهم واتهام الصحف التي تسببوا في إغلاقها بالترويج لشائعات عبر تلفيق قضايا شذوذ جنسي لعدد من الفنانين الذين كسبوا قضيتهم ضدهم وضد رئيس تحريرهم المسجون الآن، وتتدخل النقابة لتسعى في مفاوضات بين الملاك والصحفيين ويصر الصحفيون على عودة هيئة تحرير الجريدة بالكامل ضماناً للحفاظ على السياسة التحريرية للجريدة والتي تغيرت كلياً وجزئياً لتصبح الدستور التي تصدر من الدقي دمية أخرى يتم تحريكها من المحرك الأعظم، وتتطور الأمور ليحضر الملاك للنقابة ويتفقوا على تسع نقاط تحل الأزمة ليس من بينها عودة إبراهيم عيسى الذي قرر ألا يعمل مع هؤلاء الملاك مهما كانت الضغوط التي لا يقبلها أبداً.يبيع السيد البدوي نصيبه لرضا إدوارد وينسحب من الدستور بعد تدميرها ويسحب رضا إدوارد اتفاقه على النقاط التسعة وتتطور الأمور ليبقى الصحفيون في اعتصامهم حتى لحظة كتابة هذه السطور، بينما رضا إدوارد أصدر قراراً بفصل هيئة التحرير كاملة بعد أن أحرجه الصحفيون أكثر من مرة ولم يستجيبوا لتهديداته وإنذاراته لهم بالفصل.
قد تكون تجربة جريدة الدستور قد انتهت لكن نضال صحفييها لم ينته بعد، والأحداث الملتهبة في اللحظة الراهنة يبدو انها ستصل قريباً للحظة الاشتعال، حيث تم إغلاق تسع قنوات دينية، وتم إبعاد الداعية عمرو خالد والتنبيه عليه بعدم الدخول في أي أنشطة خلال عام 2011 ، كما أن عمرو أديب لن يعود الآن وهناك أخبار حول أجازة تنوي المذيعة منى الشاذلي التقدم بها، وحول منع مرتقب لظهور أحمد المسلماني مقدم برنامج الطبعة الأولى على قناة دريم، أما الأستاذ عبد الله كمال فقد أكد بعد مقاله عن إقالة إبراهيم عيسى كان استنتاجاً وليس وفق معلومات، بينما أرسل علاء الأسواني رسالة اعتذار عن الكتابة لجريدة الشروق إلى إبراهيم المعلم بعد تدخل أيدي خفية للعبث بمقاله الأخير واستبدال أي كلمة يوجد فيها الرئيس بكلمة النظام السياسي في مصر!!!
الجميع يعرف الآن أن ما حدث لجريدة الدستور ورئيس تحريرها وصحفييها جزء معد سلفاً من مسرحية كبيرة تلعب بطولتها دمى جديدة ناشئة تريد أن تأخذ دورها من الكعكة المقبلة بعد انتخابات الرئاسة والتي يتم تقسيمها من الآن، لكن ما قد تود معرفته عزيزي القارئ هو : لماذا تم تدمير الدستور؟
الإجابة النموذجية ليست عندي، ولا عندك، ولا حتى عند عرائس الماريونيت.
الإجابة سنعرفها بعد ان يتم تدمير المسرح نفسه ليظهر محركون جدد، وعرائس ماريونيت جديدة، حيث يعلم الجميع أننا في مسرحية لا تنتهي، ولن تنتهي أبداً
ينشر المقال كاملاً ودون حذف تزامناً مع نشره مترجماً للإنجليزية على موقع onislam.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.