أعربت لجنة حماية الصحفيين عن قلقها من تراجع الحريات الصحفية في مصر قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر المقبل والانتخابات الرئاسية التي ستجري العام القادم. وقال بيان للجنة، التي تتخذ من نيويورك بالولايات المتحدة مقرا لها، انها قلقة بصفة خاصة بسبب إقالة الصحفي إبراهيم عيسى من رئاسة تحرير صحيفة الدستور المستقلة التي أسسها. وقال البيان ان عيسى ظل ومنذ فترة طويلة أحد أشد ناقدي الحكومة في الصحافة. وقال إبراهيم عيسى لمجلة "فورين بوليسي" إن إقالته من عمله حدثت بعد 24 ساعة فقط من نقل ملكية صحيفة "الدستور".وكان المالكون الجدد للصحيفة، ومن بينهم القطب الإعلامي وقائد حزب "الوفد" المعارض السيد البدوي، قد أعلنوا عن ضمانات بأن الخط التحريري للصحيفة لن يتأثير ببيع الصحيفة. وقال إبراهيم عيسى لمجلة فورين بوليسي، "لقد اشتروا الصحيفة بمبلغ 4 مليون دولار فقط لإسكاتي". وقد ناقض السيد البدوي صحة رواية إبراهيم عيسى لما حدث، وذلك عبر مؤتمر صحفي وفي مقابلة تلفزيونية لاحقاً، ووصف الوضع بأنه نزاع عمل يدور حول رواتب الموظفين وخصم الضرائب.وفي مقابلة مع قناة "الجزيرة"، قال إبراهيم عيسى إن المالكين الجدد للصحيفة طلبوا منه الامتناع عن نشر مقال كتبه محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير في مصر. ووفقاً لما أفاد به إبراهيم عيسى، تمت إقالته من عمله كرئيس تحرير لصحيفة "الدستور" خلال بضعة ساعات من رفضه إزالة مقال البرادعي.ونقل بيان اللجنة عن جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن مقال البرادعي كان "ذريعة" لإقالة إبراهيم عيسى. وأضاف إن إقالته حدثت بعد يومين فقط من إيقاف بث برنامج تلفزيوني يستضيفه إبراهيم عيسى، وهو بعنوان "بلدنا بالمصري". ووصف جمال عيد هذه التصرفات بأنها "خطوات قاسية وسريعة لتهديد الصحافة قبيل اجراء الانتخابات البرلمانية في نوفمبر". كما أشار إلى تقارير إخبارية غير مؤكدة يجري تداولها في مصر تزعم بأنه تم عقد صفقة بين حزب الوفد وبين الحكومة، حيث يحصل الحزب على مكاسب سياسية مقابل إقالة إبراهيم عيسى. ولم تتمكن لجنة حماية الصحفيين من تأكيد دقة تلك التقارير.ووفقاً لأبحاث لجنة حماية الصحفيين، واجه إبراهيم عيسى خلال مسيرته المهنية 65 قضية أمام المحاكم بزعم قيامه بانتهاك قانون الصحافة المصري، وما زالت 30 قضية منها قيد النظر أمام القضاء. وفي عام 2006، صدر حكم ضد إبراهيم عيسى بالسجن لمدة عام لقيامه بنشر تقرير صحفي حول إساءة استخدام المال العام في مصر. وتم تخفيض العقوبة لاحقاً إلى غرامة مالية. وفي عام 2008، صدر حكم ضد إبراهيم عيسى بالسجن لمدة شهرين لإدانته بتهمة "نشر معلومات كاذبة وشائعات" حول صحة الرئيس حسني مبارك. وقد صدر عفو رئاسي عنه لاحقاً. واشارت اللجنة الى ان إبراهيم عيسى ليس هو الصحفي الوحيد الذي يواجه القمع مؤخراً. فقد أوضح جمال عيد أن علاء الأسواني وحمدي قنديل، وهما من أشهر كتاب الأعمدة ويكتبان في الصحيفة اليومية المستقلة "الشروق" توقفا عن الكتابة خلال الشهر الماضي بعد أن أعلمتهما إدارة الصحيفة عن تعرضها لضغوط "خارجية" للتخفيف من حدة انتقاداتها.كما تم تعليق بث البرنامج التلفزيوني الشهير "القاهرة اليوم" الذي يقدمه الصحفي عمرو أديب على قناة "أوربت" الفضائية في 25 سبتمبر. وقال عمرو أديب لقناة "سي أن أن" الناطقة بالعربية إن تعليق البرنامج تم "لأسباب سياسية". وقال محمد عبد القدوس، رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين، لمجلة فورين بوليسي "ليس من المصادفة إيقاف البرنامجين التلفزيونيين. أما ما يخص سائر البرامج والحوارات، فقد تم توجيه أمر لمالكي المحطات التلفزيونة بتخفيف حدة الانتقادات". وأشار محمد عبد الدايم، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، إلى أن هذا الأمر يمثل جزءاً من توجّه مثير للقلق. وأوضح قائلاً، "يمكننا فهم المحنة التي تمر بها صحيفة الدستور على أفضل نحو في سياق التطورات السلبية الأخرى التي أحاقت بالصحافة المصرية خلال الأسابيع الأخيرة.واضاف ان هناك تهديدات غامضة وصفقات خلف أبواب مغلقة غير مرتبطة ظاهريا بالحكومة قد بدأت تؤدي إلى إسكات بعض أشد الأصوات الناقدة في مصر. وكون الانتخابات النيابية تلوح في الأفق، فمن الضروري ألا يتم حرمان المصريين من هذه المصادر الإخبارية".