تجبرك سهير المرشدي دائمًا أن تري الشخصية التي تؤديها بجميع أبعادها التي تحملها هي بداخلها، وتنقلها لنا عبر الشاشة، لأنها تعرف أن الشخصية التي يجسدها الممثل لا تقف عند حدود الوقوف أمام الكاميرا، وترديد الحوار، بل هي رؤية كاملة تخلق حالة من الإبداع، والإمتاع، وهو ما يظهر في أدوارها في المسرح، والتليفزيون، والسينما، فمن منا لا يتذكر «إيزيس» علي المسرح، والمعلمة سماسم في «ليالي الحلمية»، وعدّولة في «أرابيسك»، وكذلك أدوارها في عدد من الأفلام المهمة في السينما منها «عودة الابن الضال»، و«رغبة متوحشة»، وأخيرًا دور حمدية في مسلسل «موعد مع الوحوش» الذي عادت من خلاله لشاشة التليفزيون بعد آخر أعمالها «لا أحد ينام في الإسكندرية»، فمن خلال شخصية حمدية تستكمل سهير المرشدي مسيرة نجاحها، وتميزها، وصدقها التي عايشناها معها علي مدار سنوات طويلة.. ما سبب غيابك عن الدراما التلفزيونية لمدة ثلاث سنوات كاملة؟ - لم أجد خلال تلك الفترة الدور أو الشخصية التي تجذبني لأدائها، فأنا دائما أبحث عن الذي يحمل ثراًء سواء لي كممثلة، أو للمشاهد لأنني أعتقد أن الوجود الحقيقي في اختلاف الشخصيات التي أقوم بتجسيدها، ويجب أن تكون هذه الشخصية تركز علي قضية أو موقف ما، فالفنان من وجهة نظري يحمل رسالة وأنا لا أوافق علي شخصية إلا عندما يكون لديها مضمون مهم، ومختلف. هل هذا يعني أنك لم تقدمي شخصيتين متشابهتين طوال تاريخك؟ - بالتأكيد، فلا توجد شخصيتان متشابهتان، فكان من الممكن أن أودي عشرين شخصية مثل شخصية «سماسم» في مسلسل «ليالي الحلمية»، أو عشرين دورًا مثل «عدولة» في «أرابيسك»، أو «أيزيس» في المسرحية التي تحمل نفس الاسم، لكني أعتقد أنه توجد إيزيس واحدة فقط، وأنا شخصيًا استمددت هذا المبدأ من الحياة، ففي الحياة لا توجد شخصيتان متشابهتان، قد تتلاقي شخصيتان في أمر ما، لكن في النهاية لكل إنسان بصمته الخاصة وقد خلقنا الله علي هذه الحال، وكل دور سبق أن قمت بأدائه له بصمة في حياتي ووجداني، وبصمة عند الجمهور. إذن ما الذي جذبك في شخصية «حمدية» التي قدمتها في مسلسل «موعد مع الوحوش؟ - جذبني في البداية شعوري بأن دور الأم مظلوم في المجتمع، فالركيزة الرئيسية في الأسرة هي الأم، والأب، وفي غياب الأب تقوم الأم بهذا الدور، فحمدية هي أم صعيدية فريدة من نوعها، فعلي الرغم من أنها كان من الممكن أن تعيش في رفاهية، إلا أنها بعد أن عرفت حقيقة زوجها الثاني بأنه هو قاتل زوجها الأول ووالد ابنها طلعت، رفضت الاشتراك في الجريمة وهربت مع ولدها من زوجها الأول مع أنها كان أمامها عدد من الاختيارات ما بين الثأر لزوجها، أو محاولة إثارة الحقد في نفسية الولد لينتقم من قاتل أبيه، لكنه سيقتل أخوه من والدته، أو زوج أمه طلبًا لهذا الثأر، وما أعجبني شخصيًا في الشخصية هو اختيارها لحقن الدماء، ودفنت أنوثتها وفضلت تربية ابنها. لكن قضية الثأر عمومًا تم تناولها في عشرات الأعمال الدرامية من قبل، وكذلك تم التعرض كثيرًا لنموذج الأم التي ترفض الاستمرار في دائرة الثأر؟ - نعم ففيما يتعلق بالخط الأساسي للقصة فقد سبق تناولها في العديد من الأعمال الدرامية، ولكن شخصية «حمدية» كأم تحمل أبعادًا كثيرة، وأري أن لهذه الشخصية بعدًا سياسيًا، وليس اجتماعيًا فقط. هل أنت راضية عن مساحة دورك في المسلسل؟ - أنا لا أرغب في الحديث عن هذا الموضوع، ولكنني أريد أن أتحدث عن مشهد أعتبره من أهم مشاهد المسلسل ككل، ويكفيني فعلاً أن أقدمه خلال العمل، قبلت القيام بدور حمدية بسبب هذا المشهد، وهو المشهد الذي جمعني بابني طلعت في المسلسل الذي يقوم بدوره خالد صالح، وذلك بعد أن عرف أن والده قتل علي يد زوجي الثاني، حيث كنت أشرح له فيه السبب الذي جعلني أخفي عنه الحقيقة، وأنا أعتبر نفسي أغلي ممثلة في رمضان هذا العام، لأنني أعتبر أجري عن المسلسل هو أجري عن هذا المشهد فقط، لأن المشهد ده «بالحلقات كلها».