علي باب شقتها طبق به قطع من اللحم المطبوخ وآخر به ماء وثالث مملوء باللبن.. كل القطط الضالة في حي المهندسين حيث تقطن الأستاذة «حُسن شاه» تعرف بالضبط أين يقع باب سبيل مدام «حسن» ودائماً ما تظفر بطعام شهي بلا مجهود وطبقاً للمواصفات القياسية. هؤلاء هم زوارها من القطط الذين لهم فقط حق الأكل، أما حق الاستضافة والإقامة الكاملة «فول بورد» فإنه من نصيب واحدة فقط «كاتي».. عمر كاتي تجاوز العامين وهي قطة محرومة من حنان الأم منذ ولادتها اكتشفت حُسن شاه أن كاتي ضحية أم لا تعرف معني الأمومة فقد تركتها علي باب الشقة وهي مغمضة العينين ولهذا اعتبرت حُسن أنها عليها أن تلعب دور الأم البديلة.. اشترت لها ببرونة لإرضاعها اللبن ولا تطيق كاتي أن تبعد عنها أمها ولا تطيق الأم أيضاً أن تبتعد كاتي عن ناظريها ورغم ما ترتكبه كاتي من حماقات مثل العبث في المفارش وتقطيع السجاجيد فإن قلب الأم يغفر لها كل شيء.. إنه وجه آخر لحُسن شاه تعرفت إليه عن قرب وهي أنها «أم كاتي» ثم التقيت وجهاً ثانياً للأمومة.. كانت تحمل قبل 40 عاماً اسماً حركياً «أم العبد» حيث إنها شاركت في عمليات فدائية ضد العدو الإسرائيلي في أعقاب هزيمة 67 من الأراضي الأردنية المتاخمة لإسرائيل، الأقدار وضعتها علي خط النار.. كانت تريد أن تنقل بالقلم والكاميرا للقراء ما يجري في الضفة الغربية واكتشفت أن عليها أن تزحف علي الأرض وأن تمسك بمدفع «كلاشنكوف» وأن تنسي أنها حُسن شاه وتتذكر فقط أنها «أم العبد» الفدائية الفلسطينية.. الكاتبة الكبيرة حُسن شاه لا تستطيع أن تعتبرها فقط في قائمة نقاد السينما الكبار رغم مقالاتها المتعددة ومتابعتها الدائمة للأفلام المصرية والعربية.. وللمهرجانات العالمية.. فهي ناقدة من الطراز الأول ولكنها أيضاً صحفية متمرسة وفي كل المجالات.. قالت لي إن الكاتب الكبير الراحل «عبد الفتاح الباروني» وهو واحد من أهم النقاد الدارسين في مصر والعالم العربي.. سألته يوماً عن الدراما.. قال لها تعريف الدراما ليس مجرد كلمات ولكن ينبغي لك قراءة متخصصة وعلي الفور ذهبت إلي الجامعة الأمريكية لدراسة أصول الدراما.. كانت تكتب باباً نقدياً في الأخبار عن الأفلام- أبيض وأسود- وفي عرض خاص جلس بجوارها المونتير محمد حسين عفيفي الشهير باسم «حسنوف».. وطلب منها أن تكتب عن مونتاج الفيلم وسألت نفسها هل هي حقاً تعرف ما المونتاج؟.. وعلي الفور ذهبت إلي المعهد العالي للسينما لتدرس تفاصيل الفيلم السينمائي وتحصل علي دبلوم عال وتقدم مشروعا سينمائيا في فيلم قصير باسم «موقف»!! هذه هي بعض لمحات من مشوار الكاتبة الكبيرة حسن شاه «أم كاتي» و«أم العبد» و«أم رشا ومحمد» التي كرمها قبل أيام مهرجان الإسكندرية السينمائي.. أكتب هذه الكلمة بمناسبة تكريمها رغم أن الكتابة عن «حسن شاه» لا تحتاج إلي مناسبة!!