ميزانية حفلة واحدة من تلك الحفلات التي تتغني في حكمة وقيادة الرئيس مبارك تكفي لشراء مباريات كأس الأمم الأفريقية كاملة وبخاصة أن كله «مال عام» أنس الفقي هكذا يثبت التليفزيون المصري أنه «ملك» العكننة علي كل المصريين خاصة بعد فشله غير العادي في نقل بعض مباريات كأس الأمم الأفريقية التي تقام حاليا في أنجولا.. لاحظ أن الخلاف بين الجزيزة والتليفزيون علي بعض المباريات وليس كلها الغريب أن الخلاف الذي ظهر بين الاثنين تحول عند التليفزيون المصري إلي أن الجزيرة تكره المصريين وترفض عرض مباريات منتخبهم علي تليفزيونهم الوطني - بتاع الحزب الوطني - والجزيرة أصبحت في موقف المدافع عن حقها في بيع منتجها لمن تشاء وبالمبالغ التي ترغب فيها لكن الجزيرة كشفت عن أنها وافقت علي عرض التليفزيون المصري بأن يدفع خمسة ملايين دولار فقط ثم عاد مرة أخري ورفض.. هنا يظهر السؤال الذي نرغب جميعاً في أن نحصل علي إجابة عليه وهو أين كان التليفزيون المصري عندما بدأت مفاوضات الجزيرة لشراء القنوات الرياضية الخاصة بart والتي دفعت فيها الجزيرة ما يفوق المليارين من الدولارات لشراء هذه القنوات ولماذا لم يبحث عن حقوقه ويطلب من صالح كامل تفعيل الاتفاق الأولي لشراء 20 مباراة من أنجولا مثلما فعل في مباريات كأس العالم القادمة وفعل في الاتفاق علي شراء 22 مباراة في كأس العالم هل كان يتصور الفقي أن مصر لن تصعد لكأس الأمم الأفريقية وتصعد كأس العالم في جنوب أفريقيا... وزارة الإعلام يجب أن تكون مثل المريض النفسي الذي يجب أن يعترف بمرضه أولا لكي يتم علاجه فالتليفزيون مريض بمرض التأخر في اتخاذ القرار وعليه أن ينظر للمستقبل ويتخذ قرارات مصيرية كما أن التليفزيون المصري الذي رغب في أن يشحت ثمن البطولة من الحكومة يجب عليه أن يغير كل فريق التسويق والقطاع الاقتصادي الذي يعمل عنده بعد أن أعلنوا فشلهم في تغطية البطولة إعلانياً وأن الإعلانات لن تأتي بتكلفة المباريات وكأنهم يجب أن يكسبوا من وراء الشعب المصري في كل مرة، طب ما يخسروا شوية أو حتي يعتبروها ميزانية حفلة واحدة من تلك الحفلات التي تتغني في حكمة وقيادة الرئيس مبارك التي ربما كانت تكفي لشراء مباريات كأس الأمم الأفريقية كاملة، إلا إذا كانت ميزانية هذه الحفلات يتم جلبها من «مال خاص» لايعرف أحد عنه شيئاً. ومن الأشياء الغريبة أن التليفزيون اشتري مباراة واحدة فقط من القناة السعودية بمبلغ مليون ونصف المليون دولار وهي المباراة الفاصلة في السودان بين مصر والجزائر ومع ذلك يرفض شراء كل مباراة لمصر في بطولة أفريقيا بمليون دولار.. هذا هو حال وزارة الإعلام حيث أصبح كل همها الآن هو تحويل الأمر كله إلي أن الجزيرة تكره مصر والمصريين وكأن وزارة الإعلام ووزيرها الفقي غير مخطئين في شيء. ثم لا أحد يعرف كيف ينظر كاذبو وزارة الإعلام- سواء العاملين فيها أو المتعاونين معها أو المتواطئين معها- لأنفسهم في المرآة بعدما اضطرت قناة الجزيرة الرياضية للاشتباك العلني معهم وقد بلغ خداعهم للرأي العام إلي حد غير مسبوق، لتصدر القناة الرياضية- التي صب الجميع كل غضبهم عليها لأنها تمتلك سلعة وتريد تسويقها بما يعود عليها بالمكسب- بيانا تؤكد فيه أنها عرضت علي التليفزيون المصري شراء مباريات كرة القدم تبعا للظروف والشروط التي يقرها التليفزيون بنفسه، ولما تم هذا فوجئوا بالتليفزيون يتراجع والحجة هنا الحفاظ علي المال العام! وهي حجة مضحكة جدا، لكن حتي حجة «المال العام» هذه تنهار بسهولة أمام ما كشفه ل«الدستور» الإعلامي حسين عبد الغني مدير مكتب قناة الجزيرة في القاهرة عن تفاصيل المفاوضات التي جرت بين اتحاد الإذاعة والتليفزيون وقناة الجزيرة الرياضية لبث مباريات كاس الأمم الأفريقية في أنجولا، يقول:« كنت طرفا في اتصالات بالغة الدقة والأهمية بين الجزيرة الرياضية واتحاد الإذاعة والتليفزيون، وطلبت أنا بصفتي الشخصية من اتحاد الإذاعة والتليفزيون أن يحدد مطالبه بالضبط، وخضت مفاوضات مع قناة الجزيرة لتحقيق مطالب التليفزيون المصري، ورغم أن الجزيرة الرياضية دفعت مبالغ طائلة لشراء حقوق بث مباريات البطولة، ومن المنطقي جدا أن تسوقها للتليفزيونات بأرقام تحقق لها المكاسب، إلا أن الجزيرة الرياضية تجاوبت تجاوبا غير مسبوق ووافقت علي النزول بالرقم الذي عرضته للتليفزيون الجزائري والتليفزيون التونسي -10 ملايين دولار- وتقديم عرض يتناسب مع ماطلبه الاتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري تقديرا لمصر وللمصريين، والكل يعلم ما دلالة وخطورة أن يتم بيع المبارايات لأكثر من جهة بسعر مختلف، لكن الجزيرة وافقت علي ذلك من أجل المواطن المصري البسيط الذي تعتبر مشاهدة مباريات كرة القدم هي متعته الوحيدة» حسبما يقول مدير مكتب الجزيرة. المثير ليس فيما فات فحسب، ولكن ذروة الإثارة تكمن في تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين التليفزيون وقناة الجزيرة الرياضية ثم عاد التليفزيون وتنصل منه بحجة «عدم وجود سيولة»، يسرد مدير مكتب قناة الجزيرة في القاهرة ل«الدستور» تفاصيل الاتفاق قائلا: كان العرض كالتالي: أن تدفع مصر 5 ملايين دولار مقابل كل مباريات الدور الأول، ومليون دولار مقابل كل مباراة للمنتخب المصري في الأدوار التالية «دور الثمانية- دور الأربعة»، وهذه هي الأرقام التي حددها اتحاد الإذاعة والتليفزيون وطلبها بنفسه، ومن جهتها وتقديرا للجمهور المصري وإدراكا لأنه القاعدة الأكبر في الوطن العربي التي تتابع القناة، قررت قناة الجزيرة أن تقدم المباراة النهائية في البطولة «مجانا» للتليفزيون المصري، في حالة إذا ما وصل المنتخب المصري لهذه المباراة، والمفاجأة كانت في أن التليفزيون رغم أنه هو الذي حدد هذه القيم المالية عاد ورفضها مفسرا ذلك بأنه لايمتلك السيولة اللازمة»- علي حد قول عبد الغني. مدهش جدا أن تفتقد الحكومة المصرية السيولة اللازمة لشراء بطولة بهذا السعر المعقول، وبخاصة أن هناك إمكانية كبيرة لجلب إعلانات تغطي مثل هذه التكلفة وربما تتخطاها ليخرج التليفزيون الحكومي رابحا أيضا، لكن هناك شيئا ما حال دون إتمام هذه الصفقة، رغم أن نفس التليفزيون هو الذي دفع لشبكة إي آر تي مبلغ 22 مليون دولار لشراء حق إذاعة مباريات كأس العالم المقبلة في جنوب أفريقيا ومصر لا تشارك فيها، وكأن المعضلة ليست في دفع ملايين الدولارات وإنما في الجهة التي سيتم الدفع إليها.. إيه آر تي أم الجزيرة.. السعودية أم قطر؟! في كل الأحوال من الصعب النظر إلي ما حدث من الزاوية الضيقة التي تختصر الموضوع في عدم قدرة التليفزيون أو وزارة الإعلام أو الحكومة علي دفع ملايين من الدولارات لجلب خدمة ينتظرها الشعب ولعلها هي متنفسه الوحيد، ولكن القضية تتخطي ذلك بكثير، وتتعلق بسياسة احتراف الكذب والخداع التي تمتهنها أجهزة الدولة الإعلامية ومن والاها، من إعلاميين وصحفيين في صحف وفضائيات خاصة، تلك الفضائيات التي كان مذيعوها يمتدحون الجزيرة الرياضية وقدراتها الفنية أملا في الفوز بملخصات للمباريات، ثم انقلبوا عليها عندما جاءتهم الإشارة من وزارة الإعلام وعندما تأكد لهم أنهم لن يذيعوا أي لقطة من مباريات البطولة، حتي أن أحدهم أخذ يسخر من الأخطاء اللغوية التي وقع فيها معلق للجزيرة الرياضية علي إحدي مباريات البطولة، رغم أن هو نفسه لايستطيع أن ينطق الكلمات بطريقة عربية فصحي سليمة! نفس هذا السيناريو سبق وأن تم تطبيقه بحذافيره تقريبا في أحداث واقعة مباراة الجزائر، إذ لم يكن هناك سبيل للتغطية علي فشل اتحاد الكرة والحزب الوطني والحكومة في حشد الجماهير المصرية لتشجيع المنتخب في السودان، وإدارة أزمة المباراة الفاصلة بشكل احترافي، سوي «تهييج» الرأي العام، وتحويل الفضائيات الخاصة والصحف الحكومية وبعض الصحف الخاصة إلي منصة لإطلاق الشتائم وفنون الكراهية ضد الجزائر، ولتتم ممارسة أسوأ أنواع الكذب والخداع- برعاية حكومية رسمية- لإقناع المواطن المصري العادي بأن الجزائريين ليسوا سوي مجموعة من البربر الهمج الذين يكرهون المصريين من الباب للطاق. الهدف هذه المرة كان مختلفا، الجزيرة الرياضية ومن خلفها- ولعل هذا هو الغرض الأهم- قناة الجزيرة الأم التي يتعامل معها النظام وأتباعه باعتبارها أكبر حزب معارض له، وهكذا بدأت حملة التشويه المتصاعد، التي تستهدف أن يصل للمواطن المصري الغلبان أن حكومته طيبة وأن وزارة إعلامه مغلوب علي أمرها وأن اتحاد إذاعته وتليفزيونه بريء، وأن كل هؤلاء كانوا يريدون إدخال البهجة عليه بإذاعة مباريات كأس الأمم الأفريقية بالمجان لولا تعنت قناة الجزيرة الشريرة المتوحشة النهمة للمال التي تريد إحراج مصر سياسيا وإعلاميا ورياضيا، منوهين إلي أن نفس القناة هي التي أقامت الأفراح بمناسبة صعود الجزائر علي حساب مصر إلي كأس العالم، وكأن الجزيرة قد صارت فجأة قناة رياضية مصرية وليس قناة عربية عليها أن تحتفي بأي فريق عربي يحقق إنجازا رياضيا! حسين عبد الغني مدير مكتب قناة الجزيرة في القاهرة تعجب من حملة الكراهية التي صبتها بعض وسائل الإعلام علي قناة الجزيرة واتهامها بالتعنت وخلط البيزنس بالسياسة قائلا :«أين هذا التعنت والخلط والجزيرة قد هبطت بقيمة المباريات إلي الرقم الذي طلبه اتحاد الإذاعة والتليفزيون وقررت أن تقدم المباراة النهائية مجانا حال وصول مصر إليها!