إعلان أسماء الكليات الفائزة بجوائز مهرجان الفنون المسرحية لجامعة الإسكندرية    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    سويلم يلتقي وزير المياه السنغالي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين    تباين أسعار العملات الاجنبية بداية تعاملات الخميس 23 مايو 2024    المالية: الاقتصادات العربية تتحمل تحديات ضخمة للتوترات الجيوسياسية والإقليمية    موسم الحج.. إجراءات عاجلة من السعودية بشأن تأشيرات الزيارة بداية من اليوم    وزيرة التخطيط تبحث تطورات الدورة الثالثة من المبادرة الخضراء الذكية    «الإسكان» تبحث التعاون مع شركات إيطالية لتنفيذ مشروعات المياه والصرف    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة في مواني البحر الأحمر    الضرائب: مستمرون في تقديم الدعم الفني للممولين للتعامل مع منظومة الإيصال الإلكتروني    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    إعلام عبري: زيادة كبيرة في عدد الجنود الإسرائيليين الجرحى بالمستشفيات    بعد يومين من اقتحامها.. قوات الاحتلال تنسحب من جنين ومخيمها    دفن جثمان الرئيس الإيراني الراحل في مدينة مشهد اليوم    رئيس كولومبيا يأمر بفتح سفارة للبلاد في مدينة رام الله الفلسطينية    البث العبرية: 70% من الإسرائيليين يؤيدون تبكير موعد الانتخابات العامة    ماكرون يبدأ زيارة إلى كاليدونيا الجديدة لضمان عودة السلام الهدوء    جدول مباريات اليوم.. الزمالك وفيوتشر.. طارق حامد أمام الاتحاد.. وشريف يتحدى موسيماني    هل يرحل الشناوي؟ أحمد شوبير يوضح حقيقة تفاوض الأهلي مع حارس مرمى جديد    حبس المتهم بقتل شقيقته في القليوبية    رفض يغششه .. القبض على طالب بالشهادة الإعدادية لشروعه في قتل زميله    الحماية المدنية تنقذ مواطنا احتجز داخل مصعد كهربائي بالفيوم    تفاصيل الحالة المرورية اليوم.. كثافات متفرقة في شوارع القاهرة والجيزة    اليوم.. النقض تنظر طعن المتهمين بقضية ولاية السودان    "سكران طينة".. فيديو صادم ل أحمد الفيشاوي يثير الجدل    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    إيرادات فيلم «تاني تاني» لغادة عبد الرازق تحقق 54 ألف جنيه في يوم    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    "علق نفسه في سقف الأوضة".. نزيل بفندق شعبي ينهي حياته في الأقصر    «الرعاية الصحية»: اعتماد مستشفى طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    "محاط بالحمقى".. رسالة غامضة من محمد صلاح تثير الجدل    طلاب الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ يؤدون آخر أيام الامتحانات اليوم    تحركات غاضبة للاحتلال الإسرائيلي بعد اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين.. ماذا يحدث؟    أخبار مصر: منع دخول الزائرين مكة، قصة مقال مشبوه ل CNN ضد مصر، لبيب يتحدث عن إمام عاشور، أسعار الشقق بعد بيع أراض للأجانب    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    استحملوا النهارده، ماذا قالت الأرصاد عن طقس اليوم ولماذا حذرت من بقية الأسبوع    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    رئيس الزمالك: جوميز مدرب عنيد لا يسمع لأحد    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 23 مايو.. «طاقة كبيرة وحيوية تتمتع بها»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نور فرحات: الحزب الوطني «إشاعة سياسية» والمصريون يرفضون توريث جمال مبارك
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 09 - 2010

مستقبل مصر السياسي موجود على رصيف مجلس الشعب خوض أحزاب المعارضة انتخابات البرلمان المقبلة «خيانة» لمستقبل التغيير في مصر
محمد نور فرحات
رغم اقتراب موعد انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية فإن الصورة لا تزال ضبابية، لا تزال فأحزاب المعارضة لم تحسم موقفها بعد من خوض الانتخابات من عدمه، ولم يتضح حتي الآن من هو وبشكل نهائي مرشح الحزب الوطني في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ فيما يتزايد وبقوة الحديث عن تطبيق سيناريو توريث السلطة لجمال مبارك رغم الرفض الشعبي المتزايد لذلك.
في السطور المقبلة يحلل الدكتور محمد نور فرحات - أستاذ القانون - الأوضاع السياسية الحالية ويضع تصوراته لمستقبل السلطة في مصر مؤكدا صعوبة تطبيق سيناريو التوريث ليس لأسباب سياسية فحسب وإنما دينية وأخلاقية.
كيف تقيم خطوة ائتلاف أحزاب المعارضة ورفعها ضمانات نزاهة الانتخابات لرئيس الجمهورية قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- أعتقد أن أحزاب الائتلاف لا تصدق نفسها إن كانت تظن أن النظام الحالي سيقدم علي تقديم ضمانات فعالة لتأمين نزاهة الانتخابات، هذه خطوة مستبعدة بنسبة مائة في المائة وما تقوم به أحزاب الائتلاف لا يمكن وصفه إلا بأنه نوع من إبراء الذمة أمام النفس تمهيدا لانطلاق قطار الصفقات مع الحزب الوطني في ظل انتخابات يعلم الجميع مقدما أنها ستكون مزورة.
الأحزاب تري ضرورة المشاركة لأن هذا هو الدور الطبيعي لأي حزب حيث يقدم برنامجه الانتخابي وأفكاره للناس؟
- إن كانوا لاينون المقاطعة فما جدوي تقديم الضمانات؟، السؤال الأساسي هو ماذا لو لم يستجب الحزب الحاكم لمطالب أحزاب الائتلاف لتوفير ضمانات نزاهة الانتخابات؟ الرد المنطقي إذا كانت هذه الأحزاب مخلصة ومتسقة مع نفسها عليها أن تعلن عن مقاطعة الانتخابات... أما إذا أصرت تلك الأحزاب علي خوض الانتخابات في ظل عدم وجود تلك الضمانات، فهذه خيانة لمستقبل التغيير السياسي في مصر.
هل تعتبر المقاطعة أحد الآليات المهمة للضغط علي النظام الحاكم؟
- ستكون أداة ضغط مؤثرة وفعالة إذا اتفق عليها الجميع خاصة الأحزاب والقوي السياسية ذات الوزن في الشارع السياسي، مثل أحزاب «الوفد والجبهة الديمقراطية» باعتبارهما ممثلين قوي الليبرالية المصرية، و«التجمع والناصري» باعتبارهما ممثل اليسار المصري وجماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الممثل الأبرز لتيار الإسلام السياسي، وإذا توافقت هذه الأحزاب علي أن تكون مخلصة مع أنفسها واتفقت علي المقاطعة، في حالة عدم استجابة الحزب الحاكم لوجود ضمانات قانونية وإجرائية فعلية للانتخابات فهنا ستصبح المقاطعة فعالة، لكن تلك الآلية ستفقد تأثيرها إن لم تكن بالإجماع.. ذلك لأن جدوي المقاطعة هو أن تعلن علي الملأ أن هذه الانتخابات التي أجريت لا تعطي للنظام شرعية سياسية لأنها تمت في ظل غياب المنافسة الحقيقية.
كما أن المشاركة تكون أيضا بلا جدوي إذا قامت بعض الأحزاب والقوي المتخاذلة المستعدة لخوض صفقات مع الحزب الحاكم علي خوض الانتخابات في ظل الوضع الراهن وغياب الضمانات، من أجل الحصول علي عدد ضئيل من المقاعد في مجلس الشعب.. فالمشاركة في ظل اعتزام الدولة علي تزوير الانتخابات لن يكون لها أي جدوي في إصلاح الأوضاع السياسية في مصر.
في ظل الوضع الحالي أيهما أجدي من وجهة نظرك المشاركة وطرح البرامج الانتخابية لأحزاب المعارضة وفضح ممارسات الحزب الوطني، أم المقاطعة التي تكشف عن غياب المنافسة وتزوير العملية الانتخابية؟
- في حالة عدم وجود ضمانات فالمقاطعة الجماعية هي السلاح الوحيد الذي يمكن أن تلجأ إليه أحزاب المعارضة المطالبة بالتغيير السياسي.
كيف تري موقف الأحزاب الكبيرة «ذات التاريخ» داخل ائتلاف المعارضة التي تبنت قرار المشاركة في الانتخابات المقبلة في مواجهة قرار حزب الجبهة - أحدث حزب سياسي- بمقاطعة الانتخابات؟
- العبرة في اتخاذ الموقف الصحيح ليس بتاريخ الحزب لكن بالقوة المسيطرة عليه قد يكون هناك حزب حديث النشأة ولكنه يكون أكثر راديكالية وأكثر قدرة علي اتخاذ المواقف الصحيحة عن الأحزاب الكبيرة ذات التاريخ.
وحزب الجبهة يختلف عن الأحزاب الأخري لأنه لم تحط به بعد شبكة المصالح مع الحزب الحاكم، تلك الشبكة التي جعلت الأحزاب «ذات التاريخ» تقدم خطوة وتؤخر الأخري قبل الشروع في اتخاذ أي موقف سياسي يحسب عليها من قبل الحكومة لكن الجبهة حزب صغير السن ومن المعروف أن الشباب في سن النضوج يتميزون بالجرأة والقدرة علي اتخاذ المواقف التي لا يستطيع الشيوخ ذو الخبرة والتاريخ اتخاذها.
ما مشكلة الأحزاب من وجهة نظرك والتي أدت إلي تراجع أدائها السياسي؟
- دخول الأحزاب شبكه المصالح مع الحزب الحاكم هي العنصر الحاكم في سياسة الحزب، والأحزاب السياسية المصرية بصفة عامة بها خاصية تعرقل نموها وفاعليتها وتجعلها قابلة للأحتواء من قبل السلطة الحاكمة، وهي أن رقابة القواعد الحزبية علي القيادات آلية غير فاعلة، كما أن هذه الأحزاب لا تعبر عن طبقات وتيارات متبلورة في مصالح تستطيع أن تفرض مصالحها ونفوذها علي الحزب الحاكم، مثلا حزب العمال البريطاني يعبر عن الطبقة العاملة، كذلك الحزب الشيوعي الإيطالي يعبر عن التيار الماركسي ،لكن الأحزاب المصرية إما أن تستند إلي إرث تاريخي انتهت ظروفه وملابساته التاريخية التي تمثله، أو أن تعبر عن أن تيارات مصالحها لم تتبلور بعد، مثلا حزب الوفد بشعبيته ومواقفه المنحازة إلي الأمة المصرية انتهي مع نهاية نظام ما قبل يوليو، أما حزب الوفد الجديد فلم ينجح في طرح رؤية حقيقية وأن يجمع حوله جماعات اجتماعية حقيقية قادرة علي الدفع بالحزب قدما إلي الأمام، أيضا حزب التجمع الذي يعبر عن تراث اليسار المصري في الواقع لا يعبر عن القوي المستفيدة من أطروحات اليسار عام 2010 - 2011.
لذا الأحزاب التي بلا قواعد وبلا رؤية مستبصرة للمستقبل وبلا مجموعات مصالح تلتف حولها، هي أحزاب قيادات، والقيادات التي لا تخضع لرقابة القواعد ولا تحاصرها مصالح متبلورة، ومن السهل عليها الدخول في صفقات سياسية صغيرة طمعا في عدد من القاعد بالمجالس النيابية.
هل الأحزاب بوضعها الحالي قادرة علي المساهمة في صنع مستقبل التغيير في مصر؟
- الأحزاب قادرة علي ذلك لكنها غير راغبة في فعله، بمعني أنها إذا أرادت أن تكون أحزابا حقيقية وتتبني طموحات الجماهير في التغيير وتدرك أن الأوضاع وصلت لدرجة لا يمكن احتمالها سواء علي مستوي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية، وقامت بالاتفاق فيما بينها علي برنامج عمل موحد والإعلان عن عدم المشاركة في مهزلة الانتخابات المقبلة.. هنا فقط تستطيع تلك الأحزاب صنع مستقبل التغيير، لكن الذي يمنعها من فعل ذلك هو الحسابات الشخصية الضيقة للجماعات القيادية بتلك الأحزاب.
لكن تلك الأحزاب لها منطقها الخاص الذي تبرر به قرار مشاركتها في الانتخابات المقبلة وحصولها علي الأدني من المقاعد، وهو أن يكون لها صوت تحت قبة المجلس في مواجهة أغلبية الوطني.. ما تعليقك؟
- الأحزاب تعتبر مجرد حصولها علي مقعد أو اتنين داخل المجلس يعبر من خلالهم نائب الحزب عن وجهة نظره ويظهر أمام شاشات التلفزيون مكسبا سياسيا، رغم إنه في حقيقة الأمر لو وجه هذا النائب في مجلس الشوري أو الشعب كلاما محرجًا للنظام، فلن يظهر علي شاشات التلفزيون، كما أن هذا التمثيل النيابي المحدود في نظام عاجز عن تحقيق التقدم والنهضة في مصر وفق للآليات التي يتبعها هذا النظام فهي لا تعد مكسبا سياسيا حقيقيا.
هل هذا يعني فشل أحزاب المعارضة وانتهاء دورها؟
- إذا حدثت تحركات داخل تلك الأحزاب حيث تعيد صياغة إرادتها وتحول القدرة إلي رغبه من الممكن أن يتغير مستقبل مصر السياسي.
كيف تري الانقسامات داخل الأحزاب وأصوات المعارضة للقيادات الحزبية وأدائها السياسي..هل من الممكن اعتبارها بدايات تحول جذرية لتلك الأحزاب؟
- لا أراهن عليها لأن من يجلس علي كرسي القيادة في مصر هو الذي يحكم ومن يجلس علي كرسي القيادة في الحزب هو الذي يحكم الحزب إلا إذا كان للحزب الحاكم رأي آخر في من يجلس علي كرسي القيادة داخل الحزب المعارض يحدث ما حدث في كثير من أحزاب المعارضة مثل الغد والأحرار والعمل والوفد أيضا، كلنا نعرف كيف تتدخل السلطة في إحداث قلاقل واضطرابات داخل الأحزاب التي تفتقد إلي قواعد جماهيرية تحميها من السقوط، لكنه تم تهيئة الظروف داخل الأحزاب لوجود قيادات لا تصر علي مطلب التغيير السياسي.
وكيف تري ملامح المشهد السياسي الحالي؟
- المشهد السياسي المصري في جانبه السلطوي لم يختلف عما كان من 50 عامًا، السلطة السياسية تقع في قبضة شخص واحد هو الرئيس تحيط به جماعات من التكنوقراط الذين لا يملكون أي رؤية أو تصور للمستقبل السياسي المصري للسنوات المقبلة، كما تحيط به أيضا جماعات كثيرة من المتسلقين السياسيين الذين يريدون عن طريق تشكيل شكل هلامي يسمي الحزب الحاكم الحصول علي مكاسب معينة باقترابه من السلطة، وبجانب هذا المشهد السلطوي توجد مشاهد ديكورية مما يسمي بأحزاب المعارضة التي توحي أنها تستطيع أن تقول كلمه «لا» وهي في حقيقة الأمر لا تقول أكثر من كلمة «نعم» التي يرددها المحيطون بجماعات الحكم في مصر.
مصر مجتمع يحكمه شخص واحد وهو الرئيس، مع طول بقائه في الحكم وكثرة الحديث عن الإعداد لانتقال السلطة بدأت تحدث تفاعلات علي القمة السياسية المصرية ولكنها تفاعلات غير صحية، هناك جماعات من رجال الأعمال والمرتزقة السياسيين الذين يطلقون علي أنفسهم « ائتلاف دعم جمال مبارك» يدفعون بنجل الرئيس إلي صدارة المشهد السياسي وكأن مصر دمية تباع وتشتري تنقل من الأب إلي الابن، وهذا المشهد إذا أردنا تلخيصه في كلمات قليلة هو يمثل أكبر إهانة لما هو إيجابي في التاريخ المصري.
هل وجود البرادعي علي الساحة السياسية أربك حسابات جناح الحزب الوطني الذي يدفع بجمال مبارك لكرسي الرئاسة؟
- البرادعي لم يقدم نفسه مرشحا للرئاسة لكنه جاء بمجموعة من المطالب وهي نفسها التي طرحتها المعارضة المصرية منذ عشرات السنوات، لكن الجماهير التفت حول البرادعي ليس لحداثة المطالب التي طرحها لأنها نفس المطالب التي طرحها ائتلاف المعارضة، لكن الالتفاف حول البرادعي وما طرحه حدث لأنه شخص لم يتلوث بعد..
الظاهرة السياسية يحكمها عنصران، عنصر ذاتي والآخر موضوعي متعلق بطبيعة المطالب التي تقدم، أما العنصر الذاتي فهو متعلق بشخص من يرفع هذه المطالب، ودائما في تاريخ حركات التغيير علي الصعيد المصري أو العالمي يلعب العنصر الذاتي دورا لا يقل أهمية وتأثيرا عن العنصر الموضوعي.
و مصر لم تكن قادرة في عهد ثورة يوليو علي تحقيق الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية إلا في ظل القيادة الذاتية لجمال عبد الناصر، والدليل أن إنجازات يوليو كانت مطروحة قبل الثورة، لكن بمجرد وجود العنصر الذاتي متمثلا في شخص عبد الناصر حققت تلك الإنجازات، أيضا مطالب البرادعي مطروحة منذ سنوات، لكن باعتباره شخصية نظيفة ومحترمة ومرموقة هي التي دفعت الناس للتوقيع علي البيان الخاص به الذي وصل عدد الموقعين فيه إلي ما يقرب من مليون شخص.
وما هي الدلالة السياسية لحمله التوقيعات ومدي تأثيرها في المشهد السياسي؟ - أهمية حمله جمع التوقيعات لصالح البرادعي أنها أثبتت أن هناك مئات الآلاف من المواطنين في ظل نظام يسيطر علي كل موارد الرزق، تجرأوا وقالوا للوضع السياسي الحالي « لا» ولابد أن نغير وفي أي اتجاه سيكون التغيير، كما أن تلك الحملة ترد علي كل الدعاوي التي يطرحها علي الدين هلال وعبد المنعم سعيد اللذان يسعيان لتكريس صورة غير حقيقية عن مطالب واهتمامات المواطن المصري، والتأكيد علي أن الاحتياجات الأساسية من طعام ومسكن هي الاهتمام الأول والأخير لهما وغير منشغلين بعملية التغيير السياسي لأنه ليس مطلبا جماهيريا ،كما أن وجود مليون توقيع تطالب بالتغيير ولا تطالب بالبرادعي رئيسا للجمهورية كفيلة بأن تجعل أي نظام رشيد يعيد النظر في حساباته السياسية.
في المقابل كيف تري حملات دعم جمال مبارك وطرحه مرشحا للرئاسة..هل تحمل أي دلالة سياسية من وجهة نظرك؟
- بالطبع لا يمكن المقارنة بين حملات جمع التوقيعات لصالح البرادعي وبين حملات جمال مبارك، فمن يحيطون بالبرادعي هم مجموعة من المقاتلين يسعون لتحقيق التحرر الوطني من الاستبداد أما الآخرون فهم مجموعه من المرتزقة الذين يبيعون أنفسهم مقابل منفعة وتحويل مصر إلي بضاعة تورث من الأب إلي الابن.
هل تري أن هناك صراعًا داخل الحزب الوطني بين الجناح الذي يدعم جمال مبارك وجناح آخر يري أن الحل والبديل الحقيقي سيكون من داخل المؤسسة العسكرية؟
- أتحفظ علي كلمه الحزب الوطني لأنه لا يوجد ما يسمي «بالحزب الوطني» فهو مجرد شائعة سياسية، وفيما يتعلق بمن هو رئيس مصر المقبل وكل التكهنات التي يطلقها البعض تصيب الإنسان بالاكتئاب، لأن الوضع يبدو وكأننا نجلس داخل حجرة مظلمة لا نعرف فيها شيئا وكل التوقعات السياسية لا تستند إلي معطيات واقعية، وتلك هي مأساة الواقع السياسي المصري، لأنه من العجب أن يتم تدبير انتقال السلطة في مصر بغرفة مغلقة في غيبة أصحاب المصلحة الحقيقيين في انتقال هذه السلطة وهم الشعب المصري.
لا يمكن أن يصدق أحد أن مستقبل الشعب المصري يدبر داخل اجتماعات مغلقة بحزب ليس له أية قواعد جماهيرية حقيقية، كما أن مصر جارية يتزوجها من يدفع فيها أكبر قوة اقتصادية أو عسكرية كمهر يدفعه لها، هذه إهانة بالغة لمصر والتاريخ المصري، فالمصريون الذين أتوا بمحمد علي باشا عام 1805 وتحدوا الخليفة العثماني في وقت كانت الدولة العثمانية في أعظم قوتها عاجزين اليوم عن مجرد التنبؤ بمن سيكون حاكمهم المقبل..
في ظل الملامح المجهولة للمستقبل..هل من الممكن أن تقبل الطرح الذي يقول إن المؤسسة العسكرية البديل الآمن للانتقال السلمي للسلطة؟
- في بداية الثمانينيات كتبت مقالا بعنوان «الحلقات المغلقة بالتاريخ المصري» أشرت فيه إلي أن التاريخ المصري لا يسير إلي الإمام لكنه تاريخ يبدأ من حيث ينتهي في حلقات دائرية، بمعني أن علي مدار التاريخ المصري ومنذ تاريخ الأسرة الفرعونية نجد أن كل دولة بدأت بمرحله نشوء ثم ازدهار ثم تدهور ثم نشوء الدولة الجديدة وهكذا، في حين أن أوروبا مثلا منذ عصر النهضة وحتي الآن نجدها كالسهم المنطلق إلي أعلي وتتقدم إلي الأمام وليس في حركات دائرية كالتاريخ المصري، وهذا له أسباب وهي سيادة الاستبداد في أغلب عصور التاريخ المصري.
وهنا نعود للطرح الذي يقول إنه من الأجدي أن تسلم الأمور إلي المؤسسة العسكرية هذا يعني أننا سنعود إلي نقطة البداية في تاريخ مصر المعاصر عام 1952، وكأن مصر لا تتحرك إلي الأمام، من وجهة نظري أن الخلاص الوحيد لخروج مصر من مأزقها هو أن تصبح الليبرالية والحرية السياسية واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية مطلبا جماهيريا يتمسك به بسطاء الناس ويدافعون عنه مثلما يدافعون عن الخبز، وتلك هي مهمة الأحزاب السياسية التي تدير لها ظهرها الآن.
هل سينجح مشروع التوريث في ظل الوضع الراهن؟
- أعتقد لا.. لأنه مشروع مرفوض شعبيا، من الممكن أن يكون الشعب المصري غير قادر علي طرح البديل، لكنه غير قابل لأن يفرض عليه ما هو مرفوض شعبيا ليس لأسباب سياسية فقط إنما لأسباب أخلاقية ودينية أيضا، أيام معاوية بن أبي سفيان عندما أراد أن يبايع ابنه يزيد الخلافة وطلب له البيعة من وجهاء العرب وقف أحد الأعراب وقال له كلمة مازالت منقوشة في ذاكرة التاريخ الإسلامي حتي الآن قال له «أمير المؤمنين هذا - وأشار علي معاوية - فإن هلك فهذا وأشار علي يزيد ومن أبي فله هذا وأخرج سيفه «فهذا المشهد فرض الحاكم بقوة السيف غير قابل للتكرار عام 2011، لذا توريث الحكم لجمال مبارك ليس مرفوضا علي الصعيد السياسي فقط لأنه يتنافي مع القيم الدستورية والديمقراطية، وإنما مرفوض لأسباب أخلاقية لأنه يشعر المصريين أنهم يباعون ويشترون للحاكم ونجله، لذا فالمصريون البسطاء الذين لا يفهمون في السياسية والذين يعنيهم دكتور عبد المنعم سعيد وعلي الدين هلال في تخريجاتهم السياسية لن يقبلوا أبدا أن يورثوا رغم محاولات الترويج التي تتم لصالح جمال مبارك من أجل إخراجه من القارورة الزجاجية المعقمة التي يعيش فيها وتبنيه لمشروعات مثل الألف قرية الفقيرة وغيرها، كما أن نقل السلطة من الأب إلي الابن لا لشيء سوي رابطة الدم هذا أمر مرفوض أخلاقيا من ال80 مليون مصري، ومرفوض دينيا بمعني أن فرض الحاكم لا لسبب سوي لأنه ينتمي بصفة البنوة إلي أبيه الحاكم، هذا يتنافي مع حرية الاختيار التي كفلها الله للإنسان
أين الإخوان من المشهد السياسي وتفاعلاته؟
- الإخوان أكثر قدرة وكفاءة علي التحرك وأكثر ذكاء من كل أطراف المشهد السياسي فالجماعة التي تنجح في الحصول علي 88 مقعدًا بانتخابات علينا أن نرفع لها القبعات وإن كنا نعتبرها من الخصوم السياسيين.
هل وجود دكتور محمد بديع علي رأس الجماعة سيكون له تأثير علي أدائها السياسي؟
- جماعة الإخوان لا يتغير خطها السياسي بتغير المرشد فهي أكثر الجماعات التزاما من الناحية المؤسسية.
هل الإخوان سيكونون طرفا في الصراع علي السلطة المرحلة المقبلة؟
- جماعه الإخوان قادرة علي فعل ذلك لكنها غير راغبة في تنفيذه، لأن الجميع يعلم أنه إذا دخل لعبة الصراع علي السلطة من الممكن أن يكون سببًا في موجات تدميرية لبنية الإخوان، وجماعة الإخوان لا ترغب في أن تكون هدفا لتلك الموجات التدميرية الآن
من هو مرشح الحزب الوطني المقبل؟
- الرئيس حسني مبارك... ذلك لأن الحزب الحاكم غير قادر علي تقديم بديل للرئيس كما أن الآليات الحزبية داخل الحزب الوطني رغم تعديلات المادة 76 من الدستور من الناحية الفعلية غير مؤهلة لترشيح الرئيس المقبل، وإن كانت من الناحية الدستورية مؤهلة لذلك..
ما هي طبيعة التركيبة السياسية داخل الحزب الوطني؟
- هناك جناحان متصارعان داخل الحزب الوطني الأول هو جناح رجال الأعمال الذي يدفع بترشيح جمال مبارك للرئاسة لأنه يحمي مصالحهم والثاني هو جناح الحرس القديم الذين يدافعون أيضا عن مصالحهم والتي لا تتحقق إلا ببقاء الرئيس مبارك في السلطة أطول فتره ممكنة، وكلا الجناحين يبحثان عن تحقيق وحماية مصالحهما، الجناح الأول يبحث عن مصالحه الاقتصادية أما الجناح القديم يبحث عن مصالحه السياسية بالدرجة الأولي لأن السلطة لها منافع مالية غير محدودة كما أن القيادات الحزبية القديمة من مصلحتها أن يظل الرئيس مبارك علي كرسي الحكم إلي الأبد.
كيف تري الحركات الاحتجاجية الجديدة.. ومدي تأثيرها في الخريطة السياسية المصرية؟
- هي حركات واعدة لكنها لم تصل إلي مرحلة النضج بعد، والنضج هنا مسألة زمن وخبرة، كما أنها أثرت في المشهد السياسي، وجعلته أكثر حيوية، كما أنها نجحت في تحريك الشارع السياسي في الوقت الذي فشل فيه أكبر الأحزاب في مصر
كيف تري الانتخابات المقبلة وخريطة مجلس الشعب قبل انتخابات الرئاسة؟
- سيتم استبعاد جماعة الإخوان المسلمين والحزب الحاكم سيفرض سيطرته علي أغلبية المقاعد، وعدد محدود جدا من المقاعد سيتم توزيعها علي أحزاب المعارضة التي تريد أن يجلس نوابها تحت قبة البرلمان بلا حول ولا قوة.
وكيف تري مستقبل السياسي المصري بعد الانتخابات؟
- علي من يريد أن يتنبأ بالمستقبل السياسي المصري عليه أن يتوجه إلي رصيف مجلس الشعب، بمعني أن الحركات الاحتجاجية ستزداد بسبب تفاقم سوء الأوضاع لأن التركيبة السياسية للحزب الحاكم غير قادرة علي الحل...لذا فالخلاص الوحيد هو أن يحقق التغيير بأيادي المصريين فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.