" مُعارضَة مُعارضة ومُعارضة مؤيدة " .. ليست لغزا ولا عنواناً غامضاً بل هو حال المعارضة المصرية المتمثلة في الأحزاب والإخوان المسلمين والحركات الإحتجاجية مثل كفاية والجمعية الوطنية للتغيير وشباب 6 أبريل وغيرها .. وهي مساحتنا للأختلاف هذا اليوم. فبين أحزاب معرضة وحركات إحتجاجية ترفض المشاركة في الإنتخابات البرلمانية في ظل عدم توافر ضمانات لنزاهة الإنتخابات وحضور قوي لفكرة نية الحزب الوطني في تزوير الإنتخابات ومنها حزب الغد " جبهة أيمن نور " وحزب الجبهة الديمقراطي برئاسة الغزالي حرب وحزب العمل " المجمد " وحزبي الكرامة والوسط " تحت التأسيس " ومعها الحركات الإحتجاجية الداعية لمقاطعة الإنتخابات . وهناك أحزاب أخري رأت في تصريحات الرئيس مبارك ودعوته لإجراء إنتخابات حرة ونزيهة ضمانات أكيدة لعدم تزوير الإنتخابات أو تزوير علي خفيف " خليها في سرك " ، ويمثل هذه الفئة المعارضة التي تنوي المشاركة في الإنتخابات كل من جماعة الإخوان المسلمين التي يري كثيرون أنها تمثل أكبر القوي المعرضة في مصر ، والتي شهدت خلافات داخلية كثيرة بسبب قرارها خوض الإنتخابات ، إلي جانب عدد من الأحزاب الكبرى وذات التاريخ السياسي الكبير مثل حزب الوفد الجديد الذي قرر خوض الإنتخابات البرلمانية رغم وجود خلافات داخلية شديدة لخوض الانتخابات وكذلك الحزب الناصري الذي قرر خوض الإنتخابات بعدد كبير من المرشحين وحزب التجمع والحزب الدستوري وحزب الخضر وحزب الغد " جبهة موسي مصطفي " . وفي هذا السياق أعلن حزب الغد المعارض برئاسة أيمن نور أنه سينضم إلى محمد البرادعي في مقاطعة الإنتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل ، وكان البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يتزعم الحركة الوطنية للتغيير قد قال إن الإنتخابات سيجري تزويرها وإن أي شخص يشترك في الانتخابات مرشحا أو ناخبا يخالف ضميره القومي. ويري محللون أن مقاطعة للإنتخابات البرلمانية قد تزيد المخاطر للإنتخابات الرئاسية المقررة في 2011، ولم يكشف الرئيس المصري حسني مبارك حتى الآن عما إذا كان سيترشح لفترة أخرى أم لا ، لكن الكثيرين يعتقدون أنه سيحاول ترشيح ابنه جمال البالغ من العمر 46 عاماً إلى السلطة إذا قرر عدم الترشح. وقال أيمن نور بعد أن وافق حزبه بأغلبية على عدم المشاركة في الإنتخابات البرلمانية " نحترم رأي البرادعي في المقاطعة ، وأن هذا الرجل له وزن كبير في عملية التغيير ، ونحن نحترمه ونقدره ، ويأمل حزب الغد ذو التوجهات الليبرالية أن تحرم معارضة متحدة للانتخابات الحزب الحاكم من الشرعية . وعلت أصوات الدعوات المطالبة بمقاطعة انتخابات نوفمبر المقبل بعد أن فاز الحزب الحاكم بزعامة مبارك بمعظم المقاعد في انتخابات مجلس الشورى التي جرت في يونيو الماضي. وشكت جماعات حقوقية من وقوع خروقات بينما أصرت الحكومة على أن الإنتخابات كانت نزيهة ، لكن قوى المعارضة في مصر تبقى منقسمة مع إعلان جماعة الإخوان المسلمين التي تعد أكبر كتلة معارضة ولها 88 مقعدا في البرلمان وحزب الوفد الليبرالي أنهما سيشاركان في الإنتخابات. وفي نفس الموضوع أكد أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية أن إنتخابات الشورى أكدت صحة موقف الجبهة من مقاطعة الإنتخابات، والتي انتهت إلي استحواذ الحزب الوطني علي كل المقاعد باستخدام البلطجة والعنف، حيث لم يترك إلا الفتات لبعض أحزاب المعارضة لجماعة الإخوان المسلمين. وأضاف : أعتقد أن حزب الجبهة أتخذ موقفاً صحيحاً، ولم يدخل تلك المعركة الهزلية التي لم تحصل منها للأحزاب إلا علي الفتات، فلا أعرف بالضبط المكسب الذي حققته أحزاب الوفد والتجمع والغد من المشاركة التي أعطت شرعية لعملية إنتخابية تفتقد بالقطع للشرعية. وقال حرب : لذا أكرر دعوة أحزاب المعارضة لمقاطعة إنتخابات الشعب، مضيفاً: هذه ليست دعوة فوضوية للمقاطعة السياسية في حد ذاتها، لكنها احدي آليات الضغط علي الحكومة، ونؤكد من خلالها أيضاً أنه طالما غاب الحد الأدنى من الشفافية والنزاهة للعملية الانتخابية فالمقاطعة هي الأفضل. ومضي يقول نحن نقاطع تزوير الإنتخابات ونطالب بحد أدني من النزاهة في العملية الانتخابية وضمانات دستورية وقانونية، وفي ظل غياب كل تلك الضمانات فإننا نعتبر دخول الانتخابات بالشروط الراهنة إهانة للناخب المصري ولا تنطوي علي أي تقدم نحو ديمقراطية حقيقية، كما أنه علي الأحزاب أن تضع مطالب محددة قبل المشاركة في الإنتخابات من بينها عدم التدخل الحكومي وتعزيز الرقابة الوطنية والدولية، خاصة أن إنتخابات الشورى كانت مؤشراً مهماً وتجربة مصغرة لما سيحدث في انتخابات الشعب. وأضاف: يمكن القول إن الحزب الوطني يفضل توزيع مقاعد الإخوان علي عدد من أحزاب المعارضة وهذا هو التوجه الحكومي الذي تجلي خلال أحداث انتخابات الشورى الأخيرة. ويرى دعاة المقاطعة أن الانتخابات "مزورة" مسبقا لحماية هيمنة الحزب الوطني الديمقراطي الذي يقوده الرئيس المصري حسني مبارك ، أما مؤيدو المشاركة الذين ليست لديهم أوهام حول النتيجة النهائية، فيريدون مع ذلك إسماع صوت "الإرادة الشعبية" وحماية تمثيلهم البرلماني. ويقول أحمد يوسف أحمد مدير مركز الأبحاث العربية في القاهرة أن هذه الإنقسامات تزيد من ضعف معارضة مشتتة أصلا ، وأن الانقسام الواضح للمعارضة حول المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها يعكس ضعفا في فاعليتها التي بلغت أدنى مستوى، وتسبق الانتخابات التشريعية التي ستجرى الدورة الأولى منها في نهاية نوفمبر الاقتراع الرئاسي الذي سينظم بعد عام. وقال مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة أن "جماعة الإخوان من مصلحتها على الأمد الطويل المشاركة لأن هذا سيسمح لها بكسب مؤيدين ونشر فكرها وتعزيز تنظيمها ، وبشكل عام سيكون لإنقسام المعارضة "نتيجة هي الإبقاء على نسبة منخفضة للمشاركة ، ولم تتجاوز هذه المشاركة 25 بالمائة في 2005.