وزير التموين: طالبت بزيادة السكر التمويني من 12.6 إلى 18 جنيها    المصيلحي يكشف سبب حذف 20 مليون بطاقة تموينية وعدم إضافة المواليد    وزير الدفاع الصيني: منفتحون على إجراء اتصالات عسكرية مع واشنطن ونعمل بكل قوة لمنع استقلال تايوان    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    الأرصاد تحذر من طقس اليوم ثاني أيام الموجة شديدة الحرارة    أول تعليق من كريس إيفانز عن صورة توقيعه على صاروخ إسرائيلي متجه ل غزة (صور)    اعتقال 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بروكلين بنيويورك    11 تصريحا من وزير التعليم بشأن امتحانات الثانوية العامة.. ماذا قال؟    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    أنشيلوتي: لست مغرورًا.. وحققنا لقب دوري الأبطال هذا الموسم بسهولة    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    جريحان جراء غارات إسرائيلية عنيفة على عدة بلدات لبنانية    أستاذ اقتصاد: «فيه بوابين دخلهم 30 ألف جنيه» ويجب تحويل الدعم من عيني لنقدي (فيديو)    متغيبة من 3 أيام...العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة في قنا    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    عيار 21 بالمصنعية بكام الآن؟.. أسعار الذهب اليوم الأحد 2 يونيو 2024 بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    بالصور.. البابا تواضروس يشهد احتفالية «أم الدنيا» في عيد دخول المسيح أرض مصر    الشرقية تحتفل بمرور العائلة المقدسة من تل بسطا فى الزقازيق.. فيديو    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    الفنان أحمد عبد القوي يقدم استئناف على حبسه بقضية مخدرات    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    حظك اليوم برج السرطان الأحد 2-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم مركبتي توك توك بقنا    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    سعر الموز والعنب والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 2 يونيو 2024    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    أخبار × 24 ساعة.. أكثر من 6000 ساحة لصلاة عيد الأضحى بالإضافة للمساجد    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توماس جورجسيان يكتب :كناسة دنيانا.. وأحلامنا
نشر في الدستور الأصلي يوم 10 - 09 - 2010

«الجهل هو أكبر أعداء الطموح الإنساني» يقول د. أحمد زويل ويضيف «سواء ظهر هذا الجهل في مفاهيم وآراء خاطئة عن الدين، أو آراء مشوهة عن شعوب وأناس آخرين، أو الفشل في إدراك أهمية المعارف والتكنولوجيا الجديدة، أو سوء فهم فيما يتعلق بالصحة والأمراض.. فالجهل مصدر البؤس والشقاء لكل الناس دون جدال». ولا شك أن تجاهل كل هذا يزيد من درجات بؤس الإنسان وأنواع شقائه. وطبعًا مفيش حد يقبل ده!!
أما الشاعرة الأمريكية مايا أنجيلو تنبهنا بأن «الحب يحررنا.. ويقول لنا أنا أقف بجانبك وخلفك.. ومعك». وصاحبة الصوت المتميز كانت تحكي أخيرًا كيف أن جدتها أحاطتها بكل الحب من كل جانب وقالت للطفلة التي كانت لا تتكلم إلا قليلا: «لا تهتمي بما يقوله الناس عنك وأن الله عندما يريد وأنت عندما تجتهدين ستكونين أستاذة تدرس للطلبة وتعلمهم». المبدعة - وهي الآن في ال86 من عمرها - حصلت علي 65 درجة دكتوراه من جامعات مختلفة. وكما تقول وتكرر حب الجدة حررها من الصمت والعزلة.
«الناس في بلادي، بكل بساطة، متعطشون للجمال» هكذا تقول الكاتبة فاطمة ناعوت وهي تري «ليس صحيحًا أن تراكمَ القبح يفسدُ الذائقةَ! (ربما صحيح!). ولكن يبدو أن فعل التراكم لم يتوغل بعد بما يكفي ليفسد ذائقة المصريين. أو ربما أن بلدًا في عراقة مصرعصيٌّ علي التبدّل، مهما هبّت عليه من كل صوب عواصفُ الإسفاف. ذائقةُ المصريين بخير.» والكاتبة تقدم كدليل أن "ألبومات سيد درويش وأم كلثوم وعبدالوهاب وفيروز ونجاة وعمر خيرت ومنير وعلي الحجّار تباع بالملايين حتي الآن، رغم مئات البلاهات الصوتية التي تملأ الأسواق». لكن هل فعلا أذواق المصريين بخير وعافية؟! فكر معايا وقل رأيك!
وأكيد لا تحتاج لتفكير لكي تعلن وتؤكد أن شهية التعميم «واكلة دماغنا»، كما أن الرغبة في التهويل أو التهوين «مسيطرة ومهيمنة علي حياتنا». والنتيجة ببساطة أننا نحكم علي الأشياء وأحيانا نجد أنفسنا مدفوعين ومضطرين لإصدار أحكام علي خلق الله . خاصة أننا في هذا العصر مطالون بأن نرد - دائما وباستمرار - عن السؤال الأكبر والأشهر: «ايه رأيك؟». صديقنا سامر المعروف بعفويته له رأي في هذه «الورطة» أو «التدبيسة» إذ يقول: «هو لازم يكون لي رأي في كل حاجة وفي كل شخص؟ والمشكلة أن احنا نسمي هذا موقفا واختيارا ووضوح رؤية- كلام كبير أوي. كل ده كويس.. ثم ماذا؟ هل علينا أن نبحث ونجد أشياء أخري وأشخاصًا آخرين علشان برضه ناخد منهم موقف» ويضيف متسائلا: «ليه ما ناخدش الأمور «إيزي» وما نقولش رأينا ونريح دماغنا ونقبل عالحياة. بالذمة مش حصل مرات كتيرة إنك بعد ما قلت رأيك حسيت إنك غلطان !!.. إيه رأيك؟ مش كده؟؟».
وفعلا إذا كان الجهل غالبًا ما يعمينا ويشلنا، والحب بكل تأكيد يحررنا وينطلق بنا نحو آفاق جديدة- فلا بد أن نلتفت دائما لكناسة دنيانا وأحلامنا. فأرجوك لاتهمل ولا تتجاهل أي «فتفوتة» صغيرة من أيامك وعلاقاتك وذكرياتك وأحلامك (وأكيد حتلاقي فيها الخير والبركة). وقد جرت العادة في قديم الزمان ( وفي جديد الزمان أيضًا) أن يتم كنس المحل أو الدكان في نهاية اليوم. وأن الكناسة خاصة في محلات الصاغة أوالجواهرجية لا يتم التخلص منها علي أساس أن التراب نفسه قد تكون فيه قطع صغيرة جدا من الذهب. هكذا حياتنا ودنيانا - فمهما كنسنا ونظفنا المكان - وأحيانا دماغنا فهناك قطع دقيقة جدا من ذهب وكنوز من حياتنا جديرة بالاهتمام والاحتفاء. و«مين عارف يمكن اللحظة الحلوة دي أو الفكرة المبهجة دي هي اللي هتنور وتزين حياتك - هو أنت طايل؟؟» تقولها سمر وهي تجلس معنا علي مائدة إفطار تناولنا فيه (بجانب وجبات دسمة) حياتنا وأيامنا وأحلامنا - وكل الدكاكين في حياتنا.
ودكانة أو كشك المجلات الإلكترونية علي «آي بادي» نبهني منذ أيام بوجود العدد الأخير من المجلة الأمريكية الشهيرة والشيقة (صورًا ومضمونًا) «ناشيونال جيوجرافيك» - عدد سبتمبر 2010. وموضوع الغلاف هو «دي إن آي الملك توت» - فك أسرار العائلة. والمقالة كتبها د. زاهي حواس عما تم إجراؤه من أبحاث وفحوصات وتحاليل «دي إن إيه» البصمة الجينية لتوت عنخ آمون وكيف تم من خلالها التوصل إلي معرفة شجرة عائلته وأسباب موته. وطبعا كل ما له صلة بالملك توت والحضارة المصرية القديمة هو «هوس» لا يمكن إشباعه لدي الأمريكي من جميع الأجيال. والطريف أن عدد أغسطس 2010 من المجلة الشهرية نفسها يحتوي موضوعا آخر عن مصر - عن «وادي الحيتان» تلك المنطقة الصحراوية (حاليًا) والتي كانت منذ 37 مليون سنة منطقة مائية - محيطًا تعيش فيه الحيتان. وكيف أن الكائن البحري (وطوله 50 قدما ) مات وبقيت أجزاء من هيكله العظمي في قاع المحيط . وبصراحة «لو عندك فرصة تروح المكان ده - ما تضيعش الفرصة» ويا ريت يتم تنظيم رحلات لشبابنا وتلاميذنا لمشاهدة ومعايشة ما كان من ملايين السنين وما بقي من أجسام حيتان ومظاهر حياة بعد أن تلاشت المياه وزحفت الرمال. ولن أنسي أبدًا بينما كنت أسير في هذا المحيط الرملي وكنت أتأمل عبقرية المكان وعبق الزمان وروعة الطبيعة الشاسعة الممتدة. إذ في لحظة ما قفز في ذهني وعلي لساني (علي أساس أنني أصف نفسي) اسم رواية أرنست هيمنجواي «(الرجل) العجوز والبحر» فما إن سمعت ابنتي هذه العبارة قالت ساخرة وضاحكة : «تقصد الرجل والبحر العجوز». ووادي الحيتان يعد منطقة تراث طبيعي عالمي ويقع في محافظة الفيوم وعلي بعد 150 كم جنوب غرب القاهرة.
وتعد مجلة «ناشيونال جيوجرافيك» (بدأت تصدر عام 1888) المجلة الرسمية للجمعية الجغرافية الوطنية الأمريكية. وهي أحد أكبر المنظمات التربوية والعلمية في العالم..ولها عدة إصدارات منها مجلة خاصة بالأطفال (ولها طبعة عربية تصدر من مصر) وأخري للسفر، بالإضافة إلي قناة تليفزيونية. وقد تم أخيرًا الإعلان عن صدور مجلة «ناشيونال جيوجرافيك العربية» الشهرية الجديدة في الأول من شهر أكتوبر المقبل. والمجلة التي ستصدرها شركة أبوظبي للإعلام سوف يتم توزيعها في 15 دولة بمختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وحسب ما أعلن فإن 20 في المائة من محتوي المجلة سوف يكون خاصًا بالنسخة العربية.وسيتم التركيز علي القضايا البيئية في المنطقة بالإضافة إلي ثقافة شعوبها. وستكون النسخة العربية من المجلة هي النسخة الثانية والثلاثين التي تصدرها المجلة بلغات عديدة بدأت باليابانية عام 1995.
وكاتبنا العظيم يحيي حقي يعد ممن أبحروا في ثقافات العالم وغطسوا في أعماق مصر والمصريين.وقد تناول ذائقة الناس وأحيانا جهلهم وسخفهم في مقالة من مقالات نشرت في كتاب له اسمه «كناسة الدكان». ويحكي فيه : «رجل قال لي أخيرًا وهو يمدحني بلا سبب ولا غنم: إنك رجل تقدمي ، ولكن هل كتبت شيئًا بعد «لمبة الست نفيسة؟». يشير إلي قصة كتبتها منذ أكثر من عشرين عاما باسم «قنديل أم هاشم». «خرجت من عنده وأنا أكاد ألطم الخدين.» وهذه الكلمات كتبها حقي عام 1961.
وحقي ( 1905-1992) عاشق مغرم للكلمة وتفاصيلها ويعرف كيف يطوعها من أجل أن تكون «عطرًا للأحباب» و«أنشودة للبساطة» وهو القائل : «إن الكاتب - لا عالم اللغة - هو الذي يثري كلام الناس ويلونه، ويهبه ذوق العصر ودلالته». وفي «كناسة الدكان» يحكي حكايات عديدة وشيقة منها ذكرياته في الحجاز (حيث كان أول منصب دبلوماسي تسلمه في عام 1929) ثم عن الدروس التي تعلمها في حوش المدرسة (بجانب فصلها) وأيضًا عن كتابته بأسماء مستعارة فيقول: «كتبت مرة باسم «لبيب» وهو اسم لصديق أحبه، وتلميح من بعيد بأنني - يا للغرور- أفهم بالاشارة، ومرة بإمضاء «قصير» مبالغة في السخرية بنفسي وإن أضمرت أملاً في أن يفسرها بعض القراء بأنها تجديد لذكري «قصير» داهية العرب الذي قال في قصة الزباء:«لو كان يطاع لقصير أمر» فذهبت مثلاً، ومرة بإمضاء «عبد الرحمن ابن حسن» حين كنت أهيم بالجبرتي، ومرة بإمضاء «عابر سبيل» فقد كانت هذه صفتي في الحياة حينئذ، وربما الآن أيضاً.»
وعندما سئل حقي عن مهنته كتب: «ماذا أقول.. هل أقول «كاتب» فلا أضمن أن يجيئني سؤال: كاتب حسابات؟ كاتب طبونة؟ كاتب عمومي أمام محكمة؟ أم أقول: أديب.. الأدب صفة.. فهل يصلح أن يكون صنعة أو مهنة.. هل الأدب ثوب ألبسه عند الشغل ثم أخلعه عند الفراغ؟ وماذا يبقي علي جسدي؟ قلة أدب.. أم أقول «مؤلف» فأتعرض لخيبة الأمل إذا نفيت لمناول الاستمارة بعد سؤاله أنني مؤلف أغان، ورأيت أن احترامه لي قد قل؟ فأنت تري أن لا مهنة لي تصلح للكتابة في استمارة.. وأخيرًا اهتدي إلي الحل وأكتب «بالمعاش» لا أقصد أنني كنت موظفًا ثم بلغت الستين، بل إنني لا أزال أعيش.. وهي مهنة حلوة ولا ريب.»
ويأتي سامي فريد في مقدمة كتبها للطبعة الجديدة لكتاب «كناسة الدكان» الصادرة عن «نهضة مصر» ليحكي ماحدث في مايو 1968 وكان حينئذ يعمل معه في مجلة «المجلة» وهو شاب في ال27 من عمره. عندما سلمه حقي (رئيس التحرير) مقالاً بعنوان «كناشة الذكريات» قبل أن يسافر إلي فرنسا. وظن سامي أن الأستاذ وهو يكتب حدثت غلطة.. فصحح الكلمة إلي كناسة. ونشرت المقالة.
ويكتب فريد :عندما عاد الأستاذ قال: كناسة يا سامي؟ كناسة؟ أنا أكتب كناسة؟ حرام عليك! سألته وقد استبد بي الفضول: أمال إيه يا أستاذ يحيي؟ قال: «كناشة» (بضم الكاف) يا ابني ... كناشة: ماتعرفش الكناشة؟ هززت رأسي نفيًا وخيم البلم علي وجوه كل الحاضرين فوجد الأستاذ نفسه مضطرا، لأن يشرح لنا أن الكناشة هي الدفتر الكبير الذي يسجل فيه التاجر الألفي حساباته.. الوارد والصادر ومنه وإليه وعليه والباقي... إلي آخره. هتفت بصوت يقترب من البكاء: وكنت حاعرف أنا إزاي حكاية الكناشة دي؟!
رد بهدوئه وطيبة عينيه: كان لازم أقول لك.. الحق علي.. حصل خير.. حصل خير.. وعاد الابتسام إلي وجوه الجميع.
والمطلوب مني ومنك - بكل بساطة
هو أن «ما تفوتكش ولا فتفوتة» ولا تضيع منك أي تفصيلة صغيرة في حياتك،
لأن التفاصيل الصغيرة هي بهارات الحياة وهي التي تعطي لحياتك مذاقًا خاصا
المهم ابحث عنها وانقب واحفر و«غوط» وأكيد حتلاقي
أحلام وذكريات وكنوز- دهب ومرجان وياقوت
ومن يبحث يجد ومن يعرف قيمة ما وجده يسعد به ويحافظ عليه
هي السعادة إيه؟ لحظات تسعدك بتلاقيها بتتكرر وبتزيد وبتتخلق جواك وحواليك
عايز تشوفها أهلا وسهلا
عايز تتجاهلها وتقول «إيه يعني؟».. «ذنبك علي جنبك»
الأيام الحلوة هي مجموعة ساعات ودقائق ولحظات حلوة
وهي ليست في حاجة إلي دفتر تسجل فيه - «مش محتاجة كناشة» (بالشين مش بالسين)
هي محتاجة ذاكرة وأجنحة ذاكرة تحلم بها وأجنحة تطير بها
وأنا مش عايز ألخبطك و«مش عايز أحبطك»
الذاكرة والحلم والواقع - هي معًا مكونات ومشهيات حياتنا
بها نعطي لحياتنا طعمًا ولوجودنا قيمة ولتفاعلنا مع الآخرين معني وأفقًا
يعني «وأنا باتكلم معاك» وباتواصل وأتفاعل وأشارك وأساهم
ومشوارنا في الحياة محتاج رفيق وصديق وصحبة وونس وصراحة
والصراحة راحة
وبالذمة هو فيه حد يكره الراحة؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.