تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    90 عاماً من الريادة.. ندوة ل«إعلام القاهرة وخريجى الإعلام» احتفالاً ب«عيد الإعلاميين»    ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الأربعاء 29 مايو    شعبة المخابز تكشف حقيقة تحريك سعر رغيف العيش    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 29 مايو 2024    ارتفاع أسعار النفط الأربعاء 29 مايو 2024    الصالة الموسمية بمطار القاهرة الدولي تستقبل طلائع حجاج بيت الله الحرام    أكاديميون بجامعة كاليفورنيا يضربون عن العمل دعمًا لاحتجاجات مؤيدة لفلسطين    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    من الأرض إلى السماء.. 4 دول تحشد جيوشها لحرب نووية وجنود غير بشرية تستعد للقتال    هجوم مركّز وإصابات مؤكدة.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إسرائيل يوم الثلاثاء    عاجل | حدث ليلا.. 4 دول تستعد لحرب نووية وخطر يهدد أمريكا وصدمة جنود الاحتلال    حبس ربة منزل أنهت حياة والدتها فى مصر القديمة    تواصل أعمال تصحيح امتحانات الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر والنتيجة قبل عيد الأضحى    «الرفاهية» تتسبب في حظر حسابات السوشيال بفرمان صيني (تفاصيل)    تحفة معمارية تزين القاهرة التاريخية.. تفاصيل افتتاح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    الصحة: روسيا أرسلت وفدا للاطلاع على التجربة المصرية في القضاء على فيروس سي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    منها تيك توك وميتا وإكس، أمريكا تطالب شركات التكنولوجيا بالإبلاغ عن المحتوى المعادي للسامية    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    10 أطعمة تحمي العين وتقوي البصر.. تناولها فورا    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    إغلاق حساب سفاح التجمع على تيك توك.. ما القصة؟    شوفلك حاجة تانية، هل حرض شيكابالا مصطفى شوبير للرحيل عن الأهلي؟    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    شيكابالا يكشف عن نصيحته ل مصطفى شوبير بشأن الرحيل عن الأهلي    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    هل يمكن أن تدخل مصر في صراع مسلح مع إسرائيل بسبب حادث الحدود؟ مصطفى الفقي يجيب    كريم العمدة ل«الشاهد»: لولا كورونا لحققت مصر معدل نمو مرتفع وفائض دولاري    شيكابالا يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن زيزو    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    المخرج محمد فاضل الحاصل على جائزة النيل: مصر ولادة وكان ولا يزال لدينا مؤلفون عظماء    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    تراجع سعر الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    «زي المحلات».. 5 نصائح لعمل برجر جوسي    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد السيد النجار يكتب : هل حان موعد رحيل حكومة نظيف؟


المقال الممنوع من النشر في الأهرام
البيانات الرسمية تعتبر من يعملون باليومية وبشكل موسمي عاملين فعليين رغم أنهم قد يعملون نصف أو ربع الوقت
حكومة نظيف عجزت عن تحقيق برنامج الرئيس الذي وعد فيه باستصلاح مليون فدان واكتفت باستصلاح 12 ألف فدان منذ عام 2005 وحتي 2008
مظاهرة أمام مجلس الوزراء تطالب بزيادة الحد الأدنى للأجور
في عام 2004 قمت بنشر مقالتين في صفحة قضايا استراتيجية بجريدة الأهرام: الأولي في 29 مارس من العام المذكور بعنوان «الاقتصاد المصري... استمرار التباطؤ وتزايد الديون والبطالة وتدهور القطن واحتكار صناعة الحديد»، والثانية في 5 يوليو من العام نفسه بعنوان «تقييم موضوعي للأداء الاقتصادي للحكومة وضرورات التغيير»، وهذه الأخيرة كانت تقارن مؤشرات الاقتصاد المصري في نهاية عهد الدكتور كمال الجنزوري، وما وصلت إليه في عهد حكومة عاطف عبيد، وتختتم بضرورة إقالة حكومة الدكتور عاطف عبيد، وأنه حتي في حالة إقالتها فإن القرار يعتبر متأخرا للغاية. وقد أقيلت الحكومة فعليا بعد ذلك المقال بأسبوعين. أما الآن بعد ست سنوات فإن تراجع الحريات الصحفية في الصحف القومية، أدي إلي منع نشر جريدة الأهرام هذه المقالة التي ترصد بالاعتماد علي البيانات الرسمية، سوء أداء حكومة نظيف بما يستوجب تغييرها كلية من منطلق الحرص علي مصلحة مصرنا العظيمة وشعبها الرائع. وها هي المقالة تُنشر وبنصها الأصلي الذي كنت قد اضطررت لاختصاره لاعتبارات المساحة عند تقديمه للنشر في الأهرام، فهل هناك من يقرأ بشكل موضوعي ويهتم بمصلحة هذا البلد وشعبه؟
شهدت مصر مستوي غير معهود من اضطراب الخدمات العامة التي تمس حياة الناس مباشرة، مثل انقطاع الكهرباء وما يترتب عليه من أعطال، وذلك بسبب مشاكل فنية وبسبب نقص الغاز الذي يتم تزويد المحطات الحرارية به، في بلد يملك احتياطيات من الغاز تقارب 2200 مليار متر مكعب تكفي لمدة 40 عاما في ظل مستويات الإنتاج الراهنة، ويصدر الغاز للعديد من الدول ومن ضمنها الكيان الصهيوني بأقل كثيرا من أسعاره في الأسواق الدولية. كما شهدت مصر أزمة كبيرة في مجال مياه الشرب ليس بسبب التدني المعتاد في نوعية المياه وفقط، ولكن أيضا بسبب انقطاعها بعد انكسار أنابيب المياه في مناطق لم يمر علي إنشائها زمنا طويلا مثل القاهرة الجديدة والتجمع الخامس ومدينتي السادس من أكتوبر والشيخ زايد، مما يشير إلي عدم مطابقة البنية الأساسية في قطاع المياه في هذه المناطق للمواصفات، وهو أمر لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت هناك عمليات فساد، ومع ذلك لم يُحاسب أحد. ورغم هذا التردي لشبكة مياه الشرب تشير بيانات الموازنة العامة للدولة للعام 2010/2011، إلي تراجع الاستثمارات في قطاع مياه الشرب من 5.8 مليار جنيه عام 2009/2010، إلي 1.21 مليار جنيه في موازنة عام 2010/2011، بنسبة انخفاض تبلغ نحو 79.1%!!
وقبل ذلك وبعده هناك التلوث المروع في مياه النيل التي تتلقي مياه الصرف الصناعي والزراعي وأحيانا الصحي دون أن تحرك الحكومة الحالية والحكومات السابقة ساكنا للحفاظ علي نقاء شريان حياة مصر الذي كان أجدادنا القدماء يرفعونه لمرتبة القداسة، ويتوعدون من يلوثه بالجحيم في الآخرة.
كما ظهر واضحا خلال الفترة الماضية الآثار الوبيلة لوجود الرأسماليين في الحكم بصورة مباشرة من تعارض فظ للمصالح جعل وزيرين يشتريان أحد البنوك المشتركة بسعر أقل كثيرا من قيمته، وجعل أحد الوزراء يستحوذ لنفسه ولأقربائه ولشركته علي مساحات هائلة من أراضي البناء، ويشعل أسعار الأراضي بالمزادات لترتفع قيمة الأراضي التي بحوزته بعشرات المليارات من الجنيهات بما رفع أسعار الأراضي والعقارات علي مدار عهد هذه الحكومة بخمسة أضعاف أو أكثر وهو ما أدي إلي حرمان قطاعات ضخمة من محدودي الدخل من الفقراء وبعض شرائح الطبقة الوسطي من حق السكن. وحتي برنامج الرئيس لإسكان محدودي الدخل تم إهداؤه إلي بعض الرأسماليين لينشئوا مساكن للميسورين تبدأ بسعر يزيد علي 100 ألف جنيه للشقة 63 مترا، وليستفيد هؤلاء الرأسماليون لأنفسهم من الميزات التي قدمتها الدولة من الموارد والمال العام من أراض رخيصة ومنح لا ترد عن كل وحدة يتم بناؤها، بينما ضاعت حقوق محدودي الدخل وتُركوا بلا سكن.
هذا فضلا عن أن تعارض المصالح لدي بعض قيادات السلطة التشريعية من المُتهمين بممارسة الاحتكار في قطاع الحديد، قد أدي إلي صدور قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار، ضعيف لا يحمي منافسة أو يمنع احتكارا، بل يعاقب من يريد أن يخرج من أي اتفاق احتكاري ويبلغ عنه، لمنع كل المحتكرين من هذا الإبلاغ ولجعلهم كعصابة إجرامية موحدة المصير وتضمن عدم خروج أي فرد منها علي اتفاقاتها الاحتكارية الإجرامية.
وما زال تزوير البيانات مستمرًا
عن تزوير البيانات لإظهار أداء الحكومة بصورة جيدة ومخالفة للواقع، حدث ولا حرج. وعلي سبيل المثال تشير بيانات البنك المركزي (النشرة الإحصائية الشهرية أبريل 2010 ص 83، 84)، إلي أن قيمة الصادرات المصرية بلغت نحو 13.8، 18.5، 22، 29.4 مليار دولار في الأعوام المالية2008/2007/، 2007/2006، 2006/2005، 2005/2004، بالترتيب، بما مجموعه نحو 83.7 مليار دولار في الأعوام المالية الأربعة المذكورة، بينما يشير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في كتابه السنوي الصادر في سبتمبر 2009، إلي أن قيمة الصادرات المصرية بلغت نحو 10.8، 13.8، 16.6، 26 مليار دولار في الأعوام 2005، 2006، 2007، 2008 بالترتيب، بما مجموعه نحو 67.2 مليار دولار، أي أقل بنحو 16.5 مليار دولار عن قيمة الصادرات في الأعوام المالية المناظرة.
وتتضح صورة تضارب البيانات بشكل أكثر فجاجة، حيث تشير بيانات البنك المركزي في جدول بلا مصدر عن التوزيع الجغرافي للصادرات (النشرة الإحصائية الشهرية أبريل 2010، ص 83، 84)، بما يوحي بأن مصدره هو البنك المركزي نفسه... تشير البيانات إلي أن قيمة الصادرات المصرية للولايات المتحدة بلغت نحو 4625.1، 5644.3، 6849.8، 9279.2 مليون دولار في الأعوام المالية 2005/2004، 2006/2005، 2007/2006، 2008/2007، بما مجموعه 26.4 مليار دولار في الأعوام المالية الأربعة المذكورة، بينما تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلي أن قيمة الصادرات المصرية لأمريكا الشمالية التي تضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، قد بلغت نحو 1، 1.2، 1.2، 1.6 مليار دولار في الأعوام 2005، 2006، 2007، 2008 بالترتيب (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الكتاب السنوي، سبتمبر 2009، ص 443)، بما مجموعه 5 مليارات دولار فقط في الأعوام الأربعة المذكورة، أي 18.9% فقط من قيمة الصادرات المصرية للولايات المتحدة في الفترة نفسها وفقا للبنك المركزي!!!
وبما أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هو جهة الإحصاء الرسمية بغض النظر عن أي ملاحظات عن مدي استقلاله، فإن بياناته هي الأقرب للدقة، وهي الأقرب للبيانات الأمريكية التي تشير إلي أن قيمة الواردات الأمريكية من مصر قد بلغت نحو 2.2، 2.6، 2.6 مليار دولار في الأعوام 2005، 2006، 2007 بالترتيب. ويمكن تفهم الفارق بين قيمة الصادرات المصرية للولايات المتحدة وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وبين البيانات الأمريكية بشأن تلك الصادرات، علي ضوء أن الأولي هي العائد الذي حصلت عليه مصر عن صادراتها للولايات المتحدة، بينما الأخيرة هي التكلفة التي تحملتها الولايات المتحدة للحصول علي الصادرات السلعية المصرية وهي قيمة تلك الصادرات مضافا إليها النفقات الشاملة للنقل والتأمين، فضلا عن أن الولايات المتحدة تضيف أية سلع مصرية تدخل إليها عن طريق دولة ثالثة علي أنه صادرات مصرية.
وإذا أخذنا ببيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن ذلك يعني ببساطة أن هناك إضافة تزيد عن 5 مليارات دولار سنويا، أو أكثر من 28 مليار جنيه مصري سنويا في المتوسط، لقيمة الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الأربع من 2005 حتي 2008، وهي إضافة تؤثر أيضا علي دقة حسابات معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري.
البطالة تتفاقم والبيانات المتضاربة تفضح نفسها
هناك اضطراب حقيقي في بيانات البطالة، وعلي سبيل المثال فإن هناك أخطاء ساذجة للغاية، حيث يشير البنك المركزي (النشرة الإحصائية الشهرية أبريل 2010، ص 117)، إلي أن إجمالي عدد المشتغلين فعليا عام 2008، بلغ 22.5 مليون شخص، وعندما أوضح توزيعهم التفصيلي بين قطاع الأعمال العام (1 مليون)، والحكومي (5.3 مليون)، والخاص (16 مليونًا)، فإن المجموع يصبح 22.3 مليون شخص فقط، أي أقل بنحو 200 ألف عن الرقم المعلن كعدد للمشتغلين في نفس الصفحة من نشرة البنك المركزي. ولو خصمنا عدد المشتغلين فعليا (22.3 مليون شخص) من تعداد قوة العمل وفقا للبيانات الرسمية في نفس المصدر (24.7 مليون شخص)، فإن عدد العاطلين يصبح 2.4 مليون عاطل، وليس 2.14 مليون عاطل كما هو منشور في المصدر نفسه، ربما بسبب خطأ حسابيًا ساذجًا بافتراض حسن النية، ويصبح معدل البطالة 9.72% من قوة العمل عام 2008، وليس 8.7% كما هو منشور في نفس النشرة الإحصائية للبنك المركزي. وبما أن معدل البطالة ارتفع في عام 2009 بسبب التأثيرات السلبية للأزمة المالية والاقتصادية الأمريكية والعالمية، فإن معدل البطالة يمكن أن يكون قد ارتفع إلي أكثر من 11% عام 2009.
ويمكن الاستدلال علي تضارب البيانات من واقع البيانات المنشورة عن تعداد قوة العمل المصرية في تقرير مؤشرات التنمية في العالم 2010 World De
velopment Indicators 2010 الصادر عن البنك الدولي، حيث يشير التقرير (ص 66)، إلي أن تعداد قوة
العمل المصرية 26.3 مليون شخص عام 2008، وهو بيان مأخوذ من الحكومة المصرية مباشرة أو بعد مراجعة البيان المقدم منها بالاتفاق معها. ولو خصمنا من هذا الرقم، عدد المشتغلين فعليا، أي 22.3 مليون، فإن عدد العاطلين يصبح 4 ملايين شخص، ويصبح معدل البطالة 15.2% من قوة العمل وفقا لتعدادها المنشور في تقرير البنك الدولي المشار إليه. وللعلم فإن البيان المنشور عن قوة العمل المصرية في عدد سابق (عام 2004) من تقرير البنك الدولي المذكور آنفا، كان قد أشار (ص42)، إلي أن تعداد قوة العمل المصرية قد بلغ 25.9 مليون شخص عام 2002، وهو تعداد يتناسب مع عدد سكان مصر ومع معدلات الناشطين اقتصاديا في البلدان التي تتشابه أوضاعها مع وضع الاقتصاد والمجتمع في مصر. ولو أخذنا بصافي الداخلين الجدد لسوق العمل (إجمالي الداخلين الجدد لسوق العمل مطروحا منه عدد الخارجين منه بالوفاة أو بالمعاش) والبالغ نحو 800 ألف سنويا خلال الفترة من عام 2002، حتي عام 2010، فإن تعداد قوة العمل المصرية في الواقع يصبح نحو 30.7 مليون عام 2008، ونحو 32.3 مليون شخص عام 2010. وهذا يعني أن عدد العاطلين في عام 2008، بلغ نحو 8.4 مليون عاطل، وأن معدل البطالة قد بلغ نحو 27.4% من قوة العمل في العام المذكور.
وعلي أي حال فإن أي بلد يرغب في حل أي أزمة أو مشكلة كبيرة مثل البطالة التي تعاني منها مصر، لابد أن يبدأ بتقديم بيانات حقيقية وصحيحة حتي يمكن حشد المجتمع والدولة لحل الأزمة، لأن تقديم بيانات غير دقيقة لا يفيد في شيء، بل علي العكس يؤدي إلي نوع من الاسترخاء والترهل في مواجهتها.
ويذكر أن البيانات الرسمية تعتبر من يعملون بصورة موسمية من عمال اليومية أو المواسم، عاملين فعليا، رغم أنهم قد يعملون نصف أو ربع الوقت أو حتي أقل من ذلك.
كما أن سوق العمل المصرية تعاني من تشوهات جمة، بدءًا من عدم التأمين علي غالبية العاملين (53% من العاملين غير مُؤَمن وفقا لدراسة استطلاعية لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء)، وتخفيض أجورهم بصورة مزاجية دفعت العديد منهم لتفضيل البطالة علي الاستمرار في أعمال لا تغطي تكاليف الذهاب إليها والعودة منها والمصروفات الضرورية أثناء العمل، والاستغناء عنهم بلا أي تعويض. وكل هذه الأمور، تستدعي إعادة النظر في ظروف وسوق العمل في مصر من خلال تفعيل دور المجلس القومي للأجور في وضع حد أدني جديد للأجر يتلائم مع تكاليف المعيشة، ويتغير سنويا بنفس نسبة معدل التضخم المعلن رسميا، مع مراجعة هذا الحد الأدني كل ثلاث سنوات لاستيعاب المستويات الحقيقية لارتفاع الأسعار التي تزيد عادة عن معدلات التضخم المعلنة رسميا من الحكومة.
وإضافة إلي ما سبق فإن المستوي المرتفع من البطالة، سواء وفقا للمعدلات المعلنة رسميا، أو وفقا للمستويات التي أشرنا إليها بناء علي التحليل المنطقي والعلمي للبيانات، تكشف الفشل الكبير لحكومة نظيف في مواجهة هذه الأزمة وتفادي ذات التأثيرات المدمرة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، خاصة أن الغالبية الساحقة من المتعطلين أو نحو 95.1% منهم، هم من خريجي التعليم المتوسط والعالي، ونحو 99% منهم تحت سن الأربعين، أي في عنفوان الشباب. وربما تكون إعادة هيكلة الإنفاق العام وتوظيفه بصورة تساعد علي خلق فرص عمل جديدة ودائمة في الصناعة والزراعة والخدمات الحقيقية، هي عملية ضرورية لإيقاف التزايد المنذر بالخطر في معدل البطالة. كما أن تكوين حضانة قومية حقيقية للمشروعات الصغيرة، يمكن أن تساعد في هذا الاتجاه أيضا، لأن أبسط ما يحتاج إليه المواطن من حكومته هو أن يتمكن من كسب عيشه بكرامة من عمله وكده واجتهاده وهذه مسئولية الحكومة سواء من خلال خلق وظائف عامة حقيقية في الصناعة والزراعة والخدمات، أو تهيئة البيئة الاقتصادية بإجراءات مالية ونقدية ملائمة وعادلة وفعالة، وتقييد البيروقراطية المعوقة للأعمال والتي تضيف بفسادها تكاليف إضافية غير مرئية للأعمال، فضلا عن تعطيلها لتلك الأعمال. لكن القيام بهذه الخطوات ليس من شأن حكومة نظيف التي فاقمت هذه الأزمة وحاولت تغطيتها ببيانات غير دقيقة.
ومن الضروري التأكيد مجدداً أنه عندما تتخلي الدولة عن تعيين الخريجين في إطار التحول للنظام الاقتصادي الرأسمالي الحر، فإنها لابد أن تعمل علي تهيئة البيئة الاقتصادية لاستنهاض الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة والتعاونية والكبيرة التي تخلق فرص العمل. أما من لا يجدون فرصة عمل ويتحولون إلي عاطلين، فإنه علي الدولة التي تخلت عن ضمان التشغيل وفشلت في تنشيط الاقتصاد وإيجاد الوظائف، أن تدفع إعانات لهم لمساعدتهم علي الوفاء بجزء من احتياجاتهم الإنسانية وكآلية للدفاع الاجتماعي، وكنوع من الضغط علي الحكومة من أجل العمل علي خلق الوظائف لهم.
وتدعي الحكومة دائما أنه ليست لديها موارد لتقديم إعانات للعاطلين، وهو ادعاء مصدره التحيز الأيديولوجي، لأن هذه الحكومة نفسها تقدم عشرات المليارات من الجنيهات كدعم للرأسمالية الكبيرة في صورة دعم للطاقة والصادرات وغيرها. ولو تأملنا سلوك دول نامية وأفقر من مصر كثيرا مثل الهند وهي دولة يبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الدخل أقل من نصف نظيره في مصر، سنجد أنها استدركت هذا الأمر وأصبحت تقدم إعانات للعاطلين منذ عام 2006 بواقع أجر 100 يوم عمل لكل عاطل، والأمر لا يتعلق في مصر بغياب الموارد وإنما بترتيب الأولويات بصورة متحيزة أيديولوجيا تهتم بتدليل شريحة من الرأسماليين الكبار من أصحاب النفوذ السياسي بالتحديد، قبل الوفاء بالاحتياجات الأساسية للمواطنين.
وهذه الحكومة هي المسئولة عن قانون الضرائب الذي يتعارض مع أبسط مبادئ العدالة المتعارف عليها في النظم الرأسمالية لأنه ينفي قاعدتي التعدد والتصاعد لمعدل الضريبة بصورة ملائمة لقدرة الممولين.
عجز كبير للموازنة وتفاقم هائل للديون المحلية
تعتبر حكومة «نظيف»، مسئولة عن التزايد الهائل في حجم العجز في الموازنة العامة للدولة التي بلغ عجزها الكلي نحو 187.6 مليار جنيه في العام المالي 2011/2010، وبلغ العجز النقدي فيها 113.8 مليار جنيه. وهذا العجز الهائل في الموازنة العامة للدولة يهدد بانفجار مالي علي غرار ما حدث في اليونان، كما أنه يغذي الزيادة الكبيرة في الدين العام المحلي الذي ارتفع إلي 863 مليار جنيه في نهاية مارس من العام الجاري، مقارنة بنحو 217 مليار جنيه في نهاية عهد حكومة الدكتور كمال الجنزوري، ونحو 434 مليار جنيه في نهاية عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد. ويبلغ متوسط نصيب كل مواطن من المقيمين بمصر من إجمالي الدين العام المحلي حاليا، أكثر من 11 ألف جنيه، ومع اقتراض 187.6 مليار جنيه في الموازنة العامة للدولة عن العام 2011/2010 فإن الرقم سيتجاوز تريليون جنيه في نهاية العام المالي الجاري. وهذا المأزق المالي ناجم أساساً عن سوء إدارة الموارد والتقاعس عن تحصيل الضرائب من بعض كبار الرأسماليين وتقديم الكثير من الإعفاءات والدعم المباشر للبعض منهم وغير المباشر للجميع بلا مبرر اقتصادي مقبول، خاصة أن غالبيتهم وبالذات منتجي السلع الأكثر استهلاكا لمواد الطاقة المدعومة مثل: شركات الأسمنت والأسمدة والحديد والألومنيوم، يبيعون منتجاتهم السلعية بأعلي من أسعار السلع المناظرة لها في الأسواق الدولية.
تفاقم سوء توزيع الدخل بسبب فساد نظام الأجور والاحتكار وانفلات الأسعار
ساء توزيع الدخل لدرجة جعلت غالبية المواطنين لا يشعرون بأي ثمار للنمو الاقتصادي الذي تشير بيانات الحكومة إلي تحقيقه، بغض النظر عن دقة هذه البيانات من عدمه. وتشير أحدث البيانات الرسمية الواردة ضمن الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في سبتمبر 2009 (ص 95)، إلي أن متوسط الأجر الأسبوعي في القطاع الخاص بلغ نحو 214 جنيهًا أي ما يعادل 987 جنيهًا شهريا، ونحو 11.16 ألف جنيه سنويا عام 2007، ونظرا لأن عدد العاملين في القطاع الخاص في العام المذكور بلغ نحو 15.1 مليون شخص، فإن إجمالي ما حصلوا عليه بلغ 168.5 مليار جنيه. وفي القطاع العام والحكومة بلغ متوسط الأجر الأسبوعي 308 جنيهات، بواقع 1320 جنيهًا شهريا، أي نحو 16.06 ألف جنيه سنويا. ونظرا لأن عدد العاملين في الحكومة والقطاع العام بلغ 6.4 مليون شخص وفقا لبيانات النشرة الإحصائية للبنك المركزي (أبريل 2010، ص 118)، فإن إجمالي ما حصلوا عليه بلغ 102.8 مليار جنيه. وبهذا يكون إجمالي ما حصل عليه أصحاب حقوق العمل (أي من يكسبون رزقهم من عملهم وأجورهم)، قد بلغ نحو 271.3 مليار جنيه. ونظرا لأن الناتج المحلي الإجمالي بلغ نحو 895.5 مليار جنيه عام 2009/2007، فإن حصة أصحاب حقوق العمل منه تبلغ نحو 30.3% فقط، مقابل نحو 69.7% لأصحاب حقوق الملكية، علما بأن حصة أصحاب حقوق العمل من الناتج المحلي الإجمالي كانت تبلغ 48.5% في عام 1989، وكانت حصة أصحاب حقوق الملكية تبلغ 51.5% في ذلك العام. وهذا التدهور في حصة أصحاب حقوق العمل الذين يصنعون الحياة بعملهم وكدهم، يعكس أحد أمرين أو كلاهما معا: الأول هو أن توزيع القيمة المضافة الناتجة في أي عملية إنتاجية مختل بشدة لصالح أصحاب حقوق الملكية، علي حساب العاملين لديهم. والثاني هو أن ريع الممتلكات يمثل جانبا مهما من الناتج المحلي الإجمالي، نظرا لتراجع الاستثمارات الجديدة والاعتماد بدرجة مرتفعة نسبيا علي ريع موارد طبيعية وممتلكات ومؤسسات اقتصادية أقيمت من قبل، بما يسبغ علي الاقتصاد سمة ريعية إلي حد ما. وهذان الأمران يحتاجان للمراجعة لأنهما سمة الاقتصادات غير العادلة وغير الحركية أو ضعيفة الفعالية. والتغيير يتأتي من وضع نظام عادل للأجور ورفع الحد الأدني للأجر حتي يشعر الناس بحدوث أي نمو اقتصادي، مع ضبط صارم للأسعار حتي من خلال آليات السوق، بدلا من الارتفاع المنفلت والذي لا مبرر له والذي جعل مصر تحقق واحدا من أسوأ معدلات التضخم (12%) في المنطقة والعالم في وقت يعتبر فيه معدل التضخم في الدول النامية (6.2%) والغنية (1.5%)، شديد التدني حاليا. كما أن هناك ضرورة لتقييد التطورات الهائلة في الحقوق الريعية بأخذ حق المجتمع والدولة فيها، بالنسبة للحقوق التي تأتت بلا عمل، مثل الارتفاع الهائل لأسعار الأراضي والعقارات، علي أن تدفع الشركات العقارية وليس المشترين للوحدات السكنية، حق المجتمع والدولة. وهناك ضرورة للالتزام الصارم بسحب الأراضي التي يحصل عليها بعض الرأسماليين وشركاتهم ويقومون بتخزينها أو بلغة السوق «تسقيعها»، ثم تقسيمها وبيعها بأسعار بالغة الارتفاع، أو استغلالها بعد زمن طويل يتجاوز المهلة القانونية الممنوحة لهم، ليدفعوا ثمنها بالتقسيط بأسعار قديمة، بينما يبيعون ما ينشئونه من وحدات عليها بأسعار جديدة بالغة الارتفاع بالنسبة لتكلفتها الأصلية.
كما بلغ معدل الاستثمار وفقا للبيانات الرسمية نحو 19.6% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال عهد هذه الحكومة، علما بأن المعدل المناظر يبلغ نحو 30% في مجموع الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، ويبلغ نحو 40% في دول شرق آسيا والمحيط الهادئ، ويبلغ 44% في الصين، وهي البلدان التي لديها إرادة تحقيق نمو قوي حقيقي.
فشل كامل في تنفيذ برنامج الاستصلاح وفساد في الخصخصة وعودة عجز ميزان الحساب الجاري واضطراب الجنيه..ألا يكفي هذا؟!
فشلت الحكومة فشلا ذريعا في تحقيق برنامج الرئيس لاستصلاح الأراضي، حيث وعد في الانتخابات الرئاسية عام 2005 باستصلاح مليون فدان وتوزيع 700 ألف منها علي شباب الخريجين، فتجاهلت الحكومة البرنامج ولم تستصلح سوي 12.1 ألف فدان من عام 2005/2006 حتي عام 2008/2007، يعني ببساطة أهدرت البرنامج كليا تقريبا.
كما مضت عملية الخصخصة لتهدر عددا كبيرا من الشركات بأبخس الأثمان في عمليات مروعة لإهدار المال العام ليس أسوأها بيع شركة طنطا للكتان والزيوت بنحو 5% من القيمة السوقية لأراضيها، ولتترك عمالها في مهب الريح، بما خلق مشاكل عمالية واجتماعية متفجرة تشهد عليها أرصفة مجالس الشعب والشوري والوزراء. كما تسلمت حكومة نظيف الحكم ومصر تحقق فائضا في ميزان الحساب الجاري بلغ 4.3% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2004، فتراجع هذا الفائض وتحول لعجز بلغ 2.4% من في العام الماضي، وهو السبب الرئيسي في الضغوط التي يعاني منها الجنيه المصري والتي أدت إلي تراجعه مؤخرا. وجاءت خاتمة الكوارث بالخيبة الأمنية والإدارية التي تسببت في سرقة لوحة «زهور الخشخاش»، وهي واحدة من أهم اللوحات التي تملكها مصر، وهو ما فضح حالة الفوضي وضعف إجراءات الحماية لثروة مصر الفنية التي كونها رجال عظام من مبدعي ومحبي الفنون وتركوها للمجتمع، وضعف الحماية أيضا لثروة مصر الأثرية الهائلة... بعد كل هذا ألا يحق لنا أن نُطالب برحيل هذه الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تساعد علي تجاوز التركة الثقيلة التي خلفتها حكومة نظيف؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.