نظام الحكم الحالي لا يؤمن بأهل الخبرة، فهو نظام مملوكي النزعة، يؤمن تماماً باختيار أهل الثقة، والحبايب والأقارب وذوي الحظوة، ولأنه نظام مملوكي النزعة، فكل ما يطلبه، ممن يمنحهم مناصبه، أن يدينوا له بالولاء، وليس للشعب طبعاً، ولكي يضمن هذا الولاء (برضه علي النظام المملوكي)، جعل كل منهم ناظر العزبة، التي عيّنه فيها، وأطلق يده وعقده وهلوسته علي الشعب، باعتبار أن مصر هي «عزبة أبوهم»، يفعلون بها وبأهلها مايشاءون ... ولكن، حتي في النظم المغرقة في الديكتاتورية، يحاول أصحاب المصالح تغليف أفعالهم ال(......) بإطار قانوني، حتي وهم يزوّرون ويزيفون إرادة الشعب؛ هذا لأنهم، مهما كانوا فتوات وبلطجية، فهناك مجتمع دولي، يراقب ويحاسب، ويصدر أحكاماً أيضاً .... ولكن بعض الفتوّات، من أهل الثقة، أو أبناء أهل الثقة، تنقصهم الخبرة السياسية، وينقصهم الحس السياسي، ويفتقرون إلي الحكمة والعقل وهدوء النفس، وربما يعانون عقدة الشعور الداخلي بالتفاهة وضآلة الشأن، مع ضربات الكرابيج، التي تربوا عليها، فيصيبهم سعار السلطة، فور الجلوس علي مقعدها، وتتفجّر في عقولهم المريضة هلوسة النفوذ، فيتصوّرون -لضآلة شأنهم- أنهم أصبحوا أباطرة، وينسون أنه في هذا العصر لا يمكنك أن تصبح فتوة، لمجرّد أن عقدك النفسية تدفعك إلي هذا؛ لأن النظام الذي أذنب في حق شعبه، ووضعه علي قصرية السلطة، عندما يزوّر الانتخابات، ويزيّف إرادة الشعب، إنما يفعل ذلك؛ حتي يبدو ولو ظاهرياً في إطار شرعي، فالفتونة تلغي الإطار الشرعي، وتفقد النظام نفسه هيبته، واحترامه عند الناس، وثقتهم فيه، وتفقده مع الوقت احترام المجتمع الدولي له، ورغبته في التعامل معه .... وعندما يصنع نظام ما هذا بشعبه، فهو نظام لا يستحق البقاء، ولا يستحق أن يعاد انتخابه؛ فما من شعب في الوجود يختار فتوة لحكمه، أو يرضي بنظام إتاوات مختلة، و.... لنا ختام.