فرنسا تعلن دعمها لقرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن أوامر اعتقال نتنياهو    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    اتحاد منتجي الدواجن: السوق محكمة والسعر يحدده العرض والطلب    حلو الكلام.. دموع على ضريح القلب    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    إبراهيم عيسى: حادثة تحطم طائرة الرئيس الايراني يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: مصر المكون الرئيسي الذي يحفظ أمن المنطقة العربية    حسين لبيب: زيزو سيجدد عقده وصبحى وعواد مستمران مع الزمالك    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    جدول مباريات الدوري المصري اليوم والقنوات الناقلة    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    مصدر ليلا كورة: اتجاه في الأهلي لتجديد عقد علي معلول    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    إصابة شخصين في حريق شب بمزرعة بالفيوم    كيفية الاستفادة من شات جي بي تي في الحياة اليومية    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    خريطة تلاوات إذاعة القرآن الكريم اليوم الثلاثاء    أحمد حلمي لمنتقدي منى زكي بسبب السيرة الذاتية ل أم كلثوم: اظهر وبان يا قمر    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    ضحية جديدة لأحد سائقي النقل الذكي.. ماذا حدث في الهرم؟    حقيقة ما تم تداوله على "الفيس بوك" بتعدي شخص على آخر وسرقة هاتفه المحمول بالقاهرة    المجلس التصديري للملابس الجاهزة: نستهدف 6 مليارات دولار خلال عامين    خفض الفائدة.. خبير اقتصادي يكشف توقعاته لاجتماع البنك المركزي    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    نشأت الديهي: قرار الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو سابقة تاريخية    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    بعد تعاقده على «الإسترليني».. نشاط مكثف للفنان محمد هنيدي في السينما    أفلام صيف 2024..عرض خاص لأبطال بنقدر ظروفك الليلة    جهاز تنمية القاهرة الجديدة يؤكد متابعة منظومة النقل الداخلي للحد من التكدس    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    كأس أمم إفريقيا للساق الواحدة.. منتخب مصر يكتسح بوروندي «10-2»    على باب الوزير    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    «حماني من إصابة قوية».. دونجا يوجه رسالة شكر ل لاعب نهضة بركان    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    وزير الصحة: يوجد 69 مليون مواطن تحت مظلة التأمين الصحي    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فهمي هويدي: إنجازات مبارك مع مصر ليست أكثرمن«ديكور في العمارة»
نشر في الدستور الأصلي يوم 31 - 08 - 2010

الحوار مع كاتب بقيمة وأهمية الكاتب الصحفي الكبير فهمي هويدي، يكتسب أهميته ليس فقط من كون هويدي صاحب رؤية وقراءة ثاقبة ومختلفة للأحداث والمستقبليات، وإنما أيضًا لأنه يتحدث مستندًا لأكثر من مرجعية، أولها كونه صحفيا سياسيًا مخضرمًا، وثانيها أنه كاتب مستقل حافظ علي سمعته واسمه عبر سنوات طويلة، كما أنه يتحدث استنادًا إلي مرجعية إسلامية، بحكم معرفته بدقة لتجارب العمل الإسلامي السياسي في مصر والعديد من الدول العربية والإسلامية.
وهكذا تشابكت سطور الحوار التالي بين الشأن الداخلي المصري، والقضية الفلسطينية، ومستقبل الإخوان المسلمين، والحال الذي وصلت إليه اللغة العربية الآن..
تنامي مظاهر التدين - بغض النظر عن جوهره - في المجتمع المصري لم يتواكب معه تقدم وازدهار بنفس الدرجة.. أين الخلل؟!
- التدين ليس فقط دعوة توجه ولكن أخلاق تتبع، ونموذج يمارس ويؤدي، ونحن دأبنا منذ فترة طويلة علي أن من يريد التدين يذهب إلي الجامع، وكأن العلاقة مع الله تكون في الجامع فقط، فإذا خرجت منه انفصلت عن هذه العلاقة، هذا شئ غريب ودعوة لفصل الدين عن السلوك العام، ثم ننتقد غياب الدين وغياب تأثيره علي سلوك الناس، يعني مثلا القول لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، هذه محاولة ودعوة لفصل ومحاصرة التدين في حدود المسجد وفي نطاق العلاقة بين الإنسان وربه، أما علاقة التدين بالمعاملات ؛ فهناك ثقافة تقاوم هذه المسألة، فكيف نقاومها في مرحلة وننتقدها في مرحلة؟ الذين فضلوا التدين عن الأخلاق والمعاملات والنهضة، هم أنفسهم يتساءلون لماذا لا يؤدي التدين إلي إحداث النهضة؟ التدين لم يؤثر في نهوض المجتمع ولم يؤدّ إلي تحسين أخلاقه، ونجد أن الكثير من المحجبات تمنعن عن وظائف معينة أو فصلن من المدن الجامعية لأنهن محجبات، أليس هذا حصارا للتدين؟ حين يحاصر التدين طوال الوقت ثم يُنتقد المتدينون خطأ من هذا؟ هذا من ناحية ؛ ومن ناحية أخري إن النهضة لا تقتصر علي التعاليم التي توجه فقط، السؤال هنا هل المتدينون هم أصحاب القرار في البلد من الذي يقرر؟ أنا أعرف متدينين كثيرين حوربوا ومنعوا من وظائف كثيرة، هذا الموضوع فيه تلاعب كبير، ولم يؤثر التدين هذا التأثير المأمول.
لكن حالة التدين هذه دفعت لظهور المصطلحات التي يتبناها كل شخص حسب قناعاته..الاشتراكيون، الشيوعيون، العلمانيون ،الإسلاميون، الإخوان، الليبراليون، هل هذا لصالح المجتمع؟
- التدين، التطرف، الإرهاب، هنا كل مصطلح له أزمنته، موضوع الإرهاب جديد والتطرف جديد، هذا كله لم يكن موجودا قبل 30 سنة بهذه الصورة المرعبة، طبعا بعد 11 سبتمبر حصل تصعيد كبير وخطير في كل هذه المفاهيم، أنا في الحقيقة من أنصار إلغاء الأختام بمعني، لا يقولن أحد عن نفسه أنا إسلامي أو اشتراكي أو علماني المهم كيفية تطبيق ما أومن به، وقد يكون هناك توافق بين هذه المفاهيم المختلفة، مثلا قد تشترك جميع المفاهيم في قضية الحريات والديمقراطية والاستقلال الوطني وقضية فلسطين، هذه كلها عناوين فضفاضة قد نجد علمانيين مع التدين وعلمانيين ضده، ففي فرنسا العلمانية هناك مخاصمة للتدين وللمتدينين، وفي بريطانيا نجد أن الملكة هي رئيسة الكنيسة، هناك اختلافات في مفهوم التدين والتعامل معه، المهم هنا في هذه القضية أن أعرف: إسلامي أو علماني أو اشتراكي ؛ مع ماذا أو ضد ماذا، وقد نجد علمانيًا معتدلاً أقرب إلي من إسلامي متطرف.
هل أنت مع من يدعون إلي ثورة في الفكر الديني في مجتمعنا؟
- الثورة في الفكر الديني يجب أن يسبقها ثورة في الفكر السياسي، فالتدين ليس آتيا من فراغ، بل هو نتاج بيئة سياسية واقتصادية، نحن نتسرع في إدانة المتدينين، وأنا أدين كثيرين منهم، ولكن قبل أن ندينهم أو نصدر حكمنا بالإدانة ؛ علينا أن نحدد من أي بيئة جاءوا، ومن أين تلقوا هذا التدين الذي يتحدثون عنه، ولهذا أنا لست تماما مع هذه المقولة لأنها مقولة منقوصة قد تفتح الباب لسوء التأويل، بمعني أن من ينادون بتجديد الخطاب الديني يجب أن يدركوا أنه ينبغي أن يسبقه تجديد الخطاب السياسي، ولو أننا جددناه واحترمنا التعددية، فقد يسهم هذا في تحقيق الاعتدال الديني، وأنا ممن يقولون إننا كثيرا ما اشتبكنا مع التطرف، لكننا لم نسهم في تهيئة مجال جيد للاعتدال، والاعتدال قرين الحريات العامة والتي هي بدورها قرينة الديمقراطية، إذن يجب أن يسبق الخطابَ الديني الخطابُ السياسي، لأن الخطاب الديني ليس قادما من الصحراء بل هو نتاج بيئة اجتماعية وسياسية واقتصادية، وكيفية تجديد الخطاب السياسي تبدأ في الدفاع عن الحريات والديمقراطيات في هذا البلد، والحريات والاستقلال الوطني هما رقم واحد، وهذا ما يجب أن نحارب من أجله حتي لا يكون هذا مجرد كلام في الهواء، لكنه يظل عنوانا لخطة الطريق إذا أردنا أن نكون جادين في تحقيق الاستقلال الوطني والحريات في الداخل.
هل تؤمنون بالحلول المستوردة لمشكلات مجتمعنا؟ أم أنها يجب أن تكون حلولا تنبع من داخلنا؟
- يجب أن نقول إن الدنيا قد انفتحت علي بعضها، ومن الصعب إغلاق الأبواب ويصعب منع الاستيراد، السؤال هنا ماذا نستورد؟ ولماذا؟ لا مانع من استيراد الديمقراطية والنظم السياسية العسكرية والاقتصادية، ولكن كيف توظف وهل تطبق؟ وهل نأتي بها كي نلحَق أنفسنا ونبني لأنفسنا نموذجا أفضل للمستقبل أم لا؟ ونحن نري أن أولي الأمر والحكام يعيشون علي الاستيراد والمعونات، وعندما دعا بوش العرب لمؤتمر (آنا بوليس) هرول العرب جميعا للاشتراك فيه، أما المؤتمر الذي كان يدعو إلي مناهضة التعذيب وتجريمه، فقد قاطعه العرب بحجة أن هذا يعتبر تدخلا أجنبيا، الفكرة عند استحضار مفاهيم وحلول من الخارج أن يكون هذا بناء علي انتقاء ولخدمة أهداف وطنية ومشروعنا النهضوي المستقبلي.
هل تري أن الحزب الوطني قد حقق إنجازات طوال الثلاثين عاما الماضية؟ وماذا تقول للرئيس مبارك؟
- أقول له استرح ياسيادة الرئيس بعد ثلاثين عاما من رؤيتنا والشقاء بنا ومنا وعلينا، أما عن إنجازات النظام فهي لا تزيد عن إنشاء الكباري والمكتبات ورصف الشوارع وإقامة أعمدة النور، يعني إنجازات ديكور في العمارة، أما إذا تحدثنا عن القضايا الكبري فنحن قد ضعفنا كثيرا وتراجعنا أكثر وهزمنا أمام الأمريكان وإسرائيل هزيمة شنعاء بشكل لم يخطر علي البال، سياسيا تحول الوطن إلي أنقاض، وقد وصف وزير التجارة الإسرائيلي مبارك وصفا يحزنني قال: الرئيس مبارك كنز استراتيجي لإسرائيل، حين يصدر هذا القول عن ألد أعدائنا بعد ثلاثين عاما من حكم مبارك لمصر، فلا بد من أن نصاب بالخجل والخزي، وباطن الأرض خير لنا من ظاهرها أما بالنسبة للتقارب الأمريكي الإسرائيلي أو التزاوج بينهما فهو ليس شيئا جديدا، فهم كانوا ولا زالوا يتحالفون علي سرقة وطن وسرقة أحلام شعب، مبروك عليهم هذا التزاوج وهذه السرقات، ولكن لا يطالبونا أن نكون جزءا من هذه العصابة هذا كثير علينا.
لجنة الأحزاب تابعة للحزب الوطني، وتمنع تكوين الأحزاب علي أسس دينية..ما رأيك؟
- هذا كلام هزل في موضوع الجد، فالدستور يقول إن الإسلام هو دين الدولة، فكيف يمكن أن أمنع إنشاء حزب يخدم هذا الدستور ويحقق هذا البند فيه؟ إن قيام الأحزاب واستلهام المرجعية الدينية لا يتعارض مع الدستور، أما إذا كان الدستور يمنع غير المسلمين من الانضمام والالتحاق بالأحزاب فهذا يتعارض مع الدستور، وقد حاول الشيخ يوسف البدري تأسيس حزب الصحوة علي أساس ديني قبل سنوات، فكانت الفتوي أن هذا ليس محظورا قانونيا، لكن السياسة تدخلت في هذا الموضوع ولم يؤسس الحزب، الرأي القانوني أنه يمكن تشكيل أحزاب ذات مرجعية دينية شريطة ألا تحظر الالتحاق بها علي أصحاب دين معين.
لماذا في رأيك يتعرض «الإخوان المسلمين» للحرب في مصر؟
- لا أحد يريدهم، هناك العقيدة الأمنية لأجهزة الأمن وهي التي تعتبر معادية للتيار الإسلامي، لأنهم يريدون إسلاما يريحهم مثل النموذج السعودي، ويطمئنهم علي مصالحهم، وهناك خوف من الإسلاميين لأنهم ديمقراطيا يهددون الأنظمة الموجودة والمصالح الغربية مما يؤدي إلي تعقيد العلاقة مع إسرائيل، وهذا كله سباحة ضد التيار، المطلوب السباحة باتجاهه، ولهذا ينبغي أن يمنع الإسلاميون من تحقيق مكاسب حتي لا يصلوا إلي سدة الحكم.
هل تعتقد أن هناك ما يسمي بصراع الأجيال في مصر من أجل السلطة؟
- هناك في مصر فوضي ثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية وليس صراعا بين الأجيال، وكما قلت مصر بلد تتنازعها تيارات متذبذبة، الذين يقودون البلد ليسوا حريصين علي إنقاذ السفينة ولكنهم حريصون علي البقاء والاستمرار في مواقعهم وهذا بالنسبة لهم مقدم علي التقدم والإنجاز والاستمرار هو هدفهم، فيفعلون كل ما يضمن استمرارهم وبقاءهم.
الاضطرابات بين المسلمين والأقباط في مصر ليست أمرا جديدا، ولكن زادت حدته في السنوات الأخيرة، هل تعتبره مقدمات لصراع طائفي؟
- مصر فيها عمق تاريخي حتي وإن فتحت أبواب التوترات فالفرامل التاريخية -إن جاز القول- واسعة وعميقة بحيث تحمي مصر من الانزلاق لصراع طائفي، وما يحصل الآن من التوتر بين الأقباط والمسلمين مرتبط ارتباطا وثيقا بالاستبداد الحاصل حاليا.. النظام فشل في جمع القوي الوطنية نحو أهداف عليا وكبري وانشغل الكل بأهداف صغري ولم يستطع النظام أن يحتوي تحت مظلته طاقات المجتمع، فانضوت كل جماعة أو طائفة تحت مظلتها التي تتبعها فهناك من لجأ إلي الكنيسة وهناك من لجأ إلي المسجد، أي أن مظلة الوطن ضاقت ولم تعد قادرة علي استيعاب أفراد المجتمع من أجل رؤية واضحة أو مشروع وطني واضح الأهداف.
كيف تري علاقة الأزهر بالسلطة السياسية بعد وفاة الدكتور محمد سيد طنطاوي؟
- بين الأزهر والسلطة علاقة وثيقة، وهي علاقة السلطة بالمجتمع، كلما ازداد هامش الديمقراطية قلت علاقة الأزهر بالسلطة، وللأسف في عهد طنطاوي كانت العلاقة وثيقة بينهما، أتمني أن تكون في عهد الطيب مسافة بينهما يستقل بها الأزهر، ولا نقول معارضا، ولكن ليس تابعا ولا موظفا، نريد أن تكون العلاقة علي أساس من الاحترام المتبادل وليست تبعية ولا وظيفية.
حوار الديانات السماوية الثلاث يتأثر دائما بأطماع الساسة والسياسة.. كيف ترون مستقبل هذا الحوار؟ وما موقفكم منه؟ وكيف تنظر إلي الحوار بين الأديان؟
- كلمة الحوار لا تراد، ولكن لا أحد يستطيع أن يقول لا نريد حوارا ولكن ما الهدف من الحوار؟ ومن هو المحاور؟ ومع من سنجلس؟ في وقت من الأوقات كان حوار الأديان احتيالاً علي المقاطعة مع إسرائيل، يأتون بإسرائيليين علي أساس أنهم حاخامات، لكسر جدار المقاومة واختراقه، ثم يقولون حوار الأديان، ولقد استخدم حوار الديانات حين بدا أن الإسلاميين يحرزون تقدما، كما حصل في الجزائر وأنه من الممكن أن يكون لهؤلاء الإسلاميين قرار وسلطة في بلادهم التي قد يكون فيها للغرب مصالح من نفط وغيره، إذن نجري حوارا كي نتقرب منهم ربما يكون هؤلاء الذين نحاور معهم الآن طرفا في السلطة لاحقا، هكذا يفكر هؤلاء المحاورون، أخشي أن يكون حوار الديانات خدعة، مثلا لقد أقيم مؤتمر حوار للديانات رعته أمريكا، ودُعي الملك عبد الله ملك السعودية وذهب، وكان بيريز هناك وكان الملك يعلم وهو ليس شيخا ولا بيريز حاخاما والاسم حوار الديانات، والتفرقة بين اليهودي والصهيوني واردة ولكن هذا الفارق يتضاءل الآن وأذكر قول بايدن نائب الرئيس الأمريكي: إنه لا يجب أن تكون يهوديا حتي تكون صهيونيا، هذا لعب بالمصطلحات، إذا كان هناك يهود مخلصون للتحاور معهم، فأهلا بهم لكنهم نادرون.
العام المقبل هو عام الفصل في الاستفتاء علي انفصال جنوب السودان.. كيف تقرأ الذي سيحدث؟
- هذا موضوع معقد جدا، الحقيقة نحن لم نهتم كثيرا بهذا الموضوع، ولم ننجح في إقناع الجنوبيين بأن لهم مصلحة في الارتباط بالشمال وفتحنا الأبواب لغيرنا لكي ينشط ويكرس مشاعر الانفصال، ثم عندما جاءت لحظة القرار اكتشفنا أننا لم نفعل شيئا كما حدث بالنسبة لموضوع مياه النيل، لقد بدأ الكلام عنه منذ خمسة عشر عاما، الآن يتكلمون عن منابع النيل ويوقعون الاتفاقيات دون أن توقع عليها مصر أو السودان. أين كنا في السنوات الماضية؟ لا نستطيع إلا أن ندفع ثمن إهمالنا وعدم وضوح الرؤية لدينا. علينا أن نقوم بتحديد أولويات الأمن القومي بالنسبة لنا. نحن شغلنا بإقامة سور حول الفلسطينيين في غزة ولم ننشغل بمد وبناء جسور مع أفريقيا التي تؤثر في حصتنا في مياه النيل. من المسئول عن هذا الخلل وأين حماية الأمن القومي من تفكيرنا؟ إن بناء سور يحمي أمن إسرائيل القومي شغلنا عن بناء جسر لحماية مياه النيل وهذه أمن قومي مصري.. نحن شغلنا أنفسنا بحماية أمن إسرائيل القومي دون أن نشغل أنفسنا بالتفكير في حماية أمننا القومي.
هل من الممكن أن يصل الإخوان المسلمون للحكم؟
- غير مهم وصولهم للحكم من عدمه، المهم أن تكون لدينا حريات وأن تحوز السلطات ثقة الشعب. أنا أدعو إلي إعطائنا حرية الاختيار وأدعو إلي توفير مناخ من الحرية وكل من يستطيع توفير انتخابات حرة نظيفة أنا أرحب به بغض النظر عن انتماءاته.
هل أصبح المسلمون كثرة لكن كغثاء السيل كما تنبأ الرسول - صلي الله عليه وسلم - في حديثه؟
- صحيح تماما المسلمون كثرة ولكنهم ليسوا قوة فاعلة بل خاضعة لأهواء القوي الكبري، والسبيل إلي التقدم له قوانين وإطلاق الحريات علي رأس هذه المتطلبات التي يجب أن تتحقق وبدونها لا نستطيع أن نتكلم عن الأمة قبل أن نتكلم عن الوطن يعني أن الأمة لن تنهض فجأة فهي مجموعة أوطان، ينبغي البدء بأوطاننا ثم نتطلع إلي دوائرنا الإقليمية والوطنية والقومية حتي نستطيع أن نصل إلي نهضة الأمة، هناك بداية أنه يجب أن ننهض بشعوبنا ثم بأوطاننا ثم نتدرج إلي أعلي.
هل أصيبت اللغة العربية في مقتل؟
- اللغة العربية لم تصب في مقتل، العرب هم الذين أصيبوا في مقتل واعوج لسانهم، وقد قال ابن خلدون: اعوجاج اللسان دلالة علي اعوجاج الحال. اللغة العربية لن تموت ولكن أهلها هم الذين يموتون. إن ضعف اللغة العربية الآن دلالة بالغة علي ضعف شعوبها. ينبغي ألا نتهم اللغة، لكن ينبغي أن نطالب أهلها بأن يجلوها أولا ويحموها من الموت السريري الذي أوصلوها هم إليه بأيديهم وتبعيتهم وتقليدهم لكل ما هو غربي. يجب أن نعمل جاهدين لكي نحيي لغتنا لغة القرآن الكريم، كما فعلت إسرائيل عندما أحيت اللغة العبرية من الموات وألفت كتبا بالعبرية في جميع العلوم فأحيت لغتها وحفظتها وأيقظتها بل أخرجتها من القبر ليصبح هناك لغة عبرية يعمل لها حساب علي عكس ما فعل العرب بلغتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.