التمويل وراء نمطية برامج الدعاة الجدد هذا العام معز مسعود «رحلة السعادة، مدرسة الحب، خواطر، والطريق الصح» أسماء لمجموعة من برامج الدعاة الجدد التي تزاحمها البرامج الترفيهية علي القنوات الفضائية. بين أسماء جذابة وقوالب مشوقة اختارها الدعاة لبرامجهم الدينية هذا العام ولكن ماذا عن المضمون؟.. لا جديد، بل اجتمع معظم الدعاة علي قالب التصوير خارج الاستوديو كنوع من كسر الملل والتجديد الظاهري وهو ما نجح فيه هؤلاء الدعاة في برامجهم خارج الاستوديو. حيث اختار الداعية عمرو خالد أو أبو الدعاة الجدد برنامج «رحلة السعادة» الذي تنقل فيه بين عدد من المناطق الطبيعية المفتوحة بين جبال لبنان لتوضيح عظمة الخالق إلا أن البرنامج لا يقدم جديداً في مضمونه. فالبرنامج الذي قال عنه خالد إنه موجه للشباب المحبط، هو مجرد رحلة جديدة إلي محبة الله وهو لا يختلف كثيراً عن برامجه السابقة «نلقي الأحبة» و«باسمك نحيا» وكذلك «قصص القرآن» فجميعها كان يأخذ عمرو خالد محبيه لرحلة إلي محبة الله وروحانية العيش بالقرب منه ومعه. ولكن برنامج رحلة السعادة لم يقدم سوي أناقة عمرو خالد والدعوة لحملته الإلكترونية في تكوين موسوعة تفاعلية عن الرسول صلي الله عليه وسلم ومحاولة إحياء أفكار الشباب.. وكذلك مسابقة التتر التي طرحها قبل البرنامج. ومن عمرو خالد إلي تلميذيه مصطفي حسني ومعز مسعود، حيث اختار مصطفي تقديم برنامج «مدرسة الحب» ويميل حسني إلي الشكل الصوفي في عرض أفكاره التي يستقيها من مصادر صوفية إلي حد كبير، لذا اختار شعار البرنامج «كن عبداً ربانياً». نجح حسني في توظيف الأغاني الدينية في البرنامج لخالد سليم مع موضوع الحلقة إلي جانب استخدام المخرج شريف أحمد سمير للتصوير السينمائي وصورة للحرف الفنية والوجوه المصرية الأصلية خلال التتر والحلقات وكذلك اعتمد حسني علي تقارير خارجية ينزل فيها إلي الشارع سواء بالمدينة المنورة أو غيرها من المناطق لربط موضوعات حلقاته بسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم وكيفية إخلاص العبد لربه وهو نمط حسني في كل برامجه، كما لجأ حسني لأسلوب التفاعل والتشويق قبل البرنامج من خلال طرحه طلباً للملتحقين بمدرسة الحب، وحسني وخالد نجحا في التفاعل بشكل أكبر علي الانترنت، ومن خلال حوارهما المباشر مع المشاركين بمنتدياتهما بشكل أكبر من نجاح البرامج، بينما تمسك معز مسعود بنمطه في تقديم برنامج « الطريق الصح » علي قناة المحور. بينما ظلت الدكتورة عبلة الكحلاوي من خلال برنامج «الدين والحياة» علي شبكة الحياة محافظة علي شعبيتها وجماهيريتها بحيث احتل برنامجها مرتبة متقدمة من البرامج الدينية المصرية بحسب عدد مرات تنزيل الحلقات من شبكة الإنترنت. بينما يأتي الداعية السعودي أحمد الشقيري ببرنامجه ليحتل قاطرة المنافسة ببرنامجه «خواطر6» الذي يستعرض فيه الشقيري شريحتين للمسلمين المعاصرين متمثلين بمسلمين من «دبي وماليزيا»، ومسلمين محافظين وملتزمين بعادات الأجداد والقدماء كمسلمي الأندلس واسطنبول والعالم الإسلامي القديم في القرون الوسطي. ويقول الشقيري مضيفاً: «هو مزيج من مقارنة الحاضر بالحاضر والحاضر بالماضي، وتمتزج فيه أحداث من التاريخ لكي يعرف المشاهد العربي تاريخه، وذلك من خلال التطرق إلي العلم والإحسان الذي رافقه، حيث كان المسلم قديماً يُقدم علي عمل أي وظيفة ولكن بأكمل وجه وبأفضل طريقة ممكنة وبإبداع وإتقان»، وكان العام الماضي قد احتل قائمة البرامج الدينية بجزئه الخامس من خواطره، والذي قدمه من اليابان وقد أثار حالة من الجدل الواسعة في المقارنة بين دولة غير إسلامية والدولة الإسلامية. بينما حافظ كل من المشايخ محمد حسان وخالد الجندي وصفوت حجازي ومحمد حسين يعقوب علي أنماطهم التقليدية في تناول حياة السلف الصالح وسيرة النبي صلي الله عليه وسلم عبر قنوات الرحمة والحكمة والناس. ولكن لماذا هذه النمطية ولماذا لم نشاهد برنامجاً دينياً بضخامة إنتاج برنامج «رامز حول العالم »أو «بالعربي مع يسرا» ؟ وعادة لا تجد البرامج الدينية رواجاً لدي رجال الأعمال ويعزفون عن تمويلها رغم أنهم هم من يقوم باستضافة هؤلاء الدعاة في حفلات دعوية ضخمة تتكلف الآلاف ويستعينون بهم في رحلات الحج السياحي كنوع من الترويج لها ومع ذلك يعزفون عن تمويلها ومن هنا تأتي النمطية في تقديم البرامج الدينية للدعاة المصريين، إلي جانب عدم وجود جهات تمويلية تدعم تلك البرامج ولا القنوات التي تقوم بعرضها. لذلك فالكل يحاول التغيير في شكل العرض وفق الإمكانيات المتاحة ورغم اعتماد عمرو خالد علي شركته في إنتاج برامجه وتمويله لها إلا أنه يجد فكرة جديدة. علي عكس باقي الدعاة الذين لم يجدوا جهات تمويلية لبرامجهم فمصطفي حسني اضطر إلي تغيير فكرة برنامجه لعدم توافر الإمكانيات المادية اللازمة، فميزانية هؤلاء الدعاة لم تتزايد سوي بنسبة 25% - 50% علي برامجهم الأولي. بينما يقول الشقيري الذي حصد المركز الأول العام الماضي عن برنامجه «خواطر في اليابان» عن تمويل برنامجه «فلوس خواطر لخواطر، ولهذا فإن ميزانيته في جزئه السادس تفوق ميزانية الجزء الأول بثمانية عشر ضعفاً أو عشرين، وهو ما جعل خواطر اليوم عملاً مؤسسياً لا يعتمد علي التبرعات أو الإحسان للاستمرار، وهو أمر مهم جدا، خصوصاً في البرامج المجتمعية». وهو الأسلوب ذاته الذي يتبعه الدكتور طارق سويدان في برامجه وقناته.كما هو حال الدعاة نجد حال القنوات الدينية التي لم تشهد أي تميز هذا العام.