أصبحت الشكوي السنوية من كم المسلسلات الهائل شكوي لا محل لها من الإعراب الإعلاني أو التليفزيوني حيث لا يلتفت لا صناع المسلسلات ولا منتجوها ولا القنوات التي تبثها إلي تذمرنا سواء كمتخصصين أو متفرجين عاديين من «الكمية»التي لا تحتملها عقولنا ولا نفوسنا ولا وقتنا. وعلي عكس ما يتصور البعض فإن النقاد يعانون معاناة رهيبة أكبر بكثير من معاناة الجمهور في المشاهدة ! فالجمهور يمارس حيلة في منتهي الذكاء حيث يقوم بمشاهدة عدد معين من الحلقات من كل مسلسل يسمح به وقته ثم يحتفظ في ذاكرته بأسماء المسلسلات التي يقرر حسب ذائقته أنها جيدة ويقوم بتأجيل مشاهدتها إلي ما بعد رمضان «علي رواقة» بالتعبير الدارج، أما النقاد والمتخصصين فبعضهم يقوم بعمل معسكر رمضاني أمام الشاشة ويجلس لأكثر من 12 ساعة لمشاهدة المسلسلات ولكم أن تتصورا شكل الناقد وهو يمسك بالريموت ويقوم بتقليب القنوات بشكل هيستيري في محاولة للحاق ببعض مشاهد من كل مسلسل لكي يقوم بتقييمه أو الحكم عليه إلي أن يصاب في النهاية بمرض «أنتفوريا الدراما» وهو مرض مشابه لمرض «انتفوريا النسا» الذي كان عادل إمام علي وشك أن يصاب به في فيلم البحث عن فضيحة من كثرة بحلقته في النساء بالشوارع رغبة منه في الزواج. ودائما ما نتساءل: لماذا لا يحاول أي من «نجوم» الدارما «الإعلانية» التفكير في تقديم مسلسل خلال أشهر الصيف علي سبيل المثال أو خلال أجازة نصف العام محاولا أن يأخذ مبادرة كسر الموسم الرمضاني وشق طريق للجمهور بموسم جديد !! اذكر فيما مضي وقبل انتشار القنوات الفضائية أنني شاهدت عددًا من أجمل وأقوي المسلسلات في غير موسم رمضان «أبو العلا 90» و«النوة» لأسامة أنور عكاشة، وعائلة شلش للراحل صلاح ذو الفقار والمخرج محمد نبيه، وذئاب الجبل لمحمد صفاء عامر وهي دراما إنتاج التسعينيات حتي لا يقول البعض إننا نتحدث عن العصر الذهبي في الثمانينيات وما قبلها، ولكن إلي أن يمتلك إحدهم هذه الشجاعة لخوض موسم جديد ليس أمامنا سوي الجلوس أمام الشاشة لساعات طويلة خلال الشهر الكريم في محاولة لمتابعة هذا الكومة الدرامية بجيدها القليل وسيئها الكثير علي أن نضع نصب أعيننا الحيلة الذكية للمتفرج الواعي الذي يقوم بصناعة مواسمه الخاصة عندما يوزع مشاهدة المسلسلات علي بقية شهور العام من خلال الإعادات الكثيرة علي القنوات في مواعيد تناسب طبيعة يومه وكأن رمضان بالنسبة له مجرد «برومو» طويل نسبيًا يستعرض فيه المسلسلات ليختار من بينها، أما نحن فسوف نكتفي خلال الشهر ومع التراكم اليومي للحلقات بكتابة ملاحظات حول ما يتيسر لنا مشاهدته من بين عشرات الأعمال المقدمة، والله المستعان .