في لبنان تدخلت سلطة الكنيسة المارونية وأوقفت عرض مسلسل إيراني يتناول حياة السيد المسيح «عيسي» عليه السلام، وكان قد عرضت أولي حلقاته علي قناتي «المنارة» وN.B.N ، والقناتان معروفتان بميولهما الشيعية.. والمسلسل من إنتاج إيران.. وهكذا أصبحت الجريمة متكاملة الأركان!! تتمتع بالتأكيد الفضائيات في لبنان بسقف عال من الحرية ولكن المساس بالأديان أو الطوائف خط أحمر، ولهذا فإن الدولة من خلال رئيس الجمهورية «ميشال سليمان» قد تدخلت لإجبار أصحاب هاتين القناتين علي إيقاف عرضه.. لبنان يعيش في ظل توافق يضع في كل مناحي الحياة السياسية هذا الترمومتر الدقيق للتمثيل الطائفي بداية من رئيس الجمهورية الذي ينبغي أن يكون مارونياً، ورئيس الوزراء سنياً، ورئيس مجلس الشعب شيعياً، وهكذا تتوزع المناصب طبقاً لما تمثله كل طائفة من نسبة عددية بين السكان، ورغم الالتزام الحرفي بذلك فإن هذا لم يمنع قيام حرب أهلية شهدتها لبنان عام 1975 . تظل خصوصية الأديان منطقة ممنوعة لا يجوز الاقتراب منها، ولكن من قال إن المسيح في الإسلام من الممكن أن يثير حساسية لدي المسيحيين.. أستبعد تماماً أن تقدم أي مرجعية دينية إسلامية سنية أو شيعية عملاً فنياً يغضب المسيحيين لأن القرآن يحمل تقديرًا وتوقيرًا لسيدنا «عيسي» عليه السلام رغم أن «عيسي» في القرآن ليس هو «عيسي» في الإنجيل.. سبق أن قدمت محطة تليفزيون «بي بي سي» مسلسلاً عن «عيسي» في الإسلام ومنع عرضه في أي قناة مصرية لنفس السبب وهو أنه يتعارض مع يسوع في الإنجيل، برغم أن النظرة المحايدة كان ينبغي أن تؤازر عرض مسلسل يتناول حياة سيدنا «عيسي» عليه السلام، ومن الواضح أن هناك قوي ضاغطة في العديد من الدول العربية لمنع تلك الأعمال، وتردد أن هناك ضغوطًا تمارس الآن علي المخرج الأردني "محمد عزيزية" ولهذا قرر أن ينتج مسلسله «عيسي في القرآن» خارج حدود عالمنا العربي!! المسيح في الإسلام رؤية نستطيع أن نقدم من خلالها صورة صحيحة للإسلام الذي كثيراً ما أسأنا إليه كمسلمين بتصدير صورة خاطئة عن تعاليمه بل وعن نظرته لأصحاب الديانات الأخري.. رغم أن القرآن مليء بالآيات البينات التي توقر سيدنا «عيسي» والسيدة «مريم» التي فضلها القرآن علي نساء العالمين.. أنا بالطبع أتلمس الحساسية في لبنان التي فرضت نفسها علي كل ربوع الحياة بل صارت الكنيسة اللبنانية مرجعية ليس فقط فيما يتعلق بالأديان ولكن تتدخل الكنيسة اللبنانية أحياناً في بعض الأعمال الفنية الاجتماعية وتوصي بمنع عرضها.. صحيح أن هناك مجتمعًا يقاوم ولكن أحياناً تتدخل السلطة السياسية لفرض الأمر الواقع.. لو شاهد المسيحيون «عيسي» كما يراه الإسلام سوف يدركون إلي أي مدي كان هو الأقرب إلينا ولكنها الحساسية التي تفضل دائماً إغلاق الباب حتي تريح وتستريح لكنها في الحقيقة لا تريح ولا تستريح!!