انتهت الدراسة التي أعدها الدكتور ممدوح حمزة لتقدير تكلفة الوحدة السكنية في المشروع القومي لإسكان الشباب، والتي يبلغ صافي مساحتها 63متراً بدون تشطيب إلي أن إجمالي سعر تلك الوحدة ينبغي أن يكون 52 ألف جنيه، شاملاً هامش ربح للشركة المنفذة حوالي 20%. وعندما تعلم من إعلانات الصحف أن الشركات العقارية تبيع تلك الشقة السكنية بالمواصفات السابقة بسعر مائة وعشرين ألف جنيه نقداً، مع زيادة مقدارها 7% عن كل سنة إذا تم الشراء بالتقسيط، فإن شعوراً عاماً بالقرف سوف يصيبك نتيجة هذا الاستغلال البشع والأرباح الاحتكارية التي عبأتها الشركات العقارية المنفذة في جيوبها. ورغم الهدف السامي للمشروع وهو حل مشكلة الإسكان عبر توفير وحدة سكنية رخيصة لمحدودي الدخل من الشباب، ومن ثم تيسير حق الزواج لهم وفتح أبواب الأمل أمامهم، فالمفارقة المدهشة أن هذا الاستغلال ظل يجري جهارا نهارا وفي كل وسائل الإعلام.. لكن الحكومة سمعت وشاهدت دون أن تكلف خاطرا لوقف هذا النهب المنظم لثروات فقراء المصريين. هذه الحكومة لم تنتصر لمحدودي الدخل بل قدمتهم لقمة سائغة للمحتكرين ونهازي الفرص وقاطعي الأمل.. فكيف بالله كانت الحكومة -في عهد وزير الإسكان السابق- تقدم للمواطن تلك الوحدة بخمسة آلاف جنيه كمقدم حجز علي أن يسدد باقي الثمن جنيهات معدودة شهرياً لعدة سنوات، ثم توقف الحكومة هذا النظام لتترك هؤلاء الغلابة الفقراء ومحدودي الدخل لقمة في أفواه من لا يرحم؟! لا يكفي أن يقدم رئيس الجمهورية برنامجه الانتخابي خاصة في شقه الإسكاني، ثم يتركه هكذا دون أن يري ما جري فيه وحاد به عن الطريق الذي رسمه لتنفيذه، لذا فإننا نأمل من الرئيس أن يحيل ملف المشروع القومي لإسكان الشباب إلي جهة تحقيق محايدة فنية ومتخصصة لتقدم له تقريراً أميناً تشرح فيه بالتفصيل حجم الاستغلال الذي جري مع تقدير للتكلفة الحقيقية للوحدة السكنية الذي كان ينبغي أن يتم البيع به للشباب من محدودي الدخل.. وبناء عليه فإننا نتوقع صدور قرار رئاسي يلزم الحكومة بما ينبغي عمله في المشروع القومي لإسكان الشباب. ولأن نية برنامج الرئيس كانت طيبة والهدف هو تخفيف المعاناة عن الشباب محدودي الدخل فإننا نطلب من الرئيس إصدار قرار بتكوين هيئة أو جهة مستقلة يرأسها مهندسون مصريون أكفاء يتسمون بالوطنية وما أكثرهم في بلادنا وتكون مهمة هذه الهيئة الإشراف الفعلي علي تنفيذ المشروع القومي لإسكان الشباب بعد أن تقدم الحكومة لتلك الهيئة الأرض ومرافقها مثلما تفعل مع شركات الاستثمار العقاري، علي أن تتولي تلك الجهة الإشراف الكامل علي جميع مراحل هذا المشروع خطوة بخطوة مع تحديد سعر تكلفة كل مرحلة، وفتح الباب أمام شركات الاستثمار العقاري إذا رغبت في تنفيذ المشروع وفق شروط محددة وملزمة يتم فيها تحديد هامش ربح تلك الشركات. عندما يتم هذا فإننا وقتها سنتأكد أن الأرض وما عليها من وحدات سكنية قد ذهبت بالفعل إلي مستحقيها، وتحقق فعلا هدف المشروع وليس كما يجري الآن من تقديم دعم حكومي للشباب يصب في جيب المحتكرين. في انتظار أن يوقف الرئيس مبارك الجريمة التي جرت بحق محدودي الدخل في عهده وتحت لافتة برنامجه الانتخابي وصورته.