مع أول لحظة تطأ قدماك أرض مدينة تلا بالمنوفية تشعر أنك في مدينتين في وقت واحد، الأولي مدينة عريقة تمتد أصولها إلي العصور الرومانية، والثانية مدينة ناشئة تتميز بالهدوء التام تشعر بأنها تبدأ من نقطة الصفر من حيث شكل الشوارع وتنظيمها وكذلك هيئة المباني والبيوت التي بها بسبب الهجرة شبه الجماعية لشبابها إلي دول الاتحاد الأوروبي وخاصة إيطاليا وبالرغم من أنه لا توجد إحصائيات رسمية بأعداد شباب المدينة والقري التابعة لها في الخارج فإنه مع أقل التقديرات لن يقل العدد عن 25 ألف شاب في إيطاليا وحدها معظمهم يتركز في مدينة ميلانو سافروا بجميع الطرق المشروعة وغير المشروعة ولعل أشهر القري التابعة لتلا من حيث السفر إلي إيطاليا قرية زنارة الأشهر علي الإطلاق في السفر وفقد عدد كبير من شبابها في عمليات الهجرة غير الشرعية . ومدينة تلا التي تتبع محافظة المنوفية وتقع علي الحدود الجنوبية لمحافظة الغربية وتبعد نحو 12 كيلو مترا عن مدينة شبين الكوم ويقطنها نحو 80 ألف نسمة للمدينة ونحو 350 ألف مواطن بكامل المركز الذي يضم 42 قرية بجانب المدينة، يرجع تسميتها بهذا الاسم إلي عصر الرومان حيث تقع المدينة علي تل عال فسميت ب « تل الملوك» وكانت عاصمة للإقطاعية الرومانية، كما صارت قاعدة لقسم شرطة تلا عام 1863م، ثم صارت مركزًا عام 1870م وكانت تسمي قديما بطسنان وهو المعني العبري لكلمة تلا. يعتقد الكثير من أهالي «تلا» أن السفر لإيطاليا بلاء، حيث ترتب عليه الكثير من المشاكل التي تعتبر كالسرطان الذي لايقف أمامه أي شيء فالحالة المادية لمعظم الأهالي في ارتفاع بسبب أبنائهم وذلك يجبر الشباب الباقي علي محاولة الهجرة حتي ولو كانت غير شرعية عن طريق السواحل الليبية أو مكاتب الهجرة . فيما يعد مركز ومدينة تلا الأكثر مشاركة في صناعة التاريخ من خلال أبنائها، حيث أخرجت ثلاثة من قادة الثورة العرابية وهم: علي باشا فهمي، والأميرالاي حسن بك جاد واليوزباشي بياده علي افندي جاد، بالإضافة إلي الرئيس محمد أنور السادات قائد الحرب والسلام، وفي مجال القرآن الكريم أخرجت الشيخ محمد الطبلاوي، وفي الفن خرج منها الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي بالإضافة إلي عدد كبير من الوزراء والمحافظين . يوجد بها بعض الآثار القبطية القديمة مثل كنيستي القديس جرجس والعذراء، ووقف دير البراموس بطوخ دلكة، وتل البندرية الأثري، ويعتقد أن هذه المنطقة كانت بلدة قبطية عامرة ويتمثل هذا في بقايا المباني والكنيسة الموجودة بالطوب اللبن. كما أن المنطقة تشتمل علي مقابر قديمة منذ أوائل الفتح الإسلامي وتشبه إلي حد كبير المقابر القديمة التي وجدت بمنطقة الشهداء ومحلة منوف. وقد تم استخراج أكثر من (10) آلاف قطعة أثرية من الفخار القبطي والآبار والأبنية ومجموعة من العملات الرومانية والإسلامية بخلاف الأحجار الكريمة والقطع الذهبية.