في كثير من الأحيان تلجأ السينما إلي الأفلام القديمة وتحاول محاكاتها بصورة غير متطابقة وإنما تستلهم منها وتقتبس علي أمل أن تحصل علي بعض حظها من النجاح، وبعد دقائق قليلة من مشاهدة الفيلم الكوميدي «Cop Out» لابد أن يشعر المشاهد المتابع الجيد للسينما الأمريكية أنه أمام تنويعة مكررة علي أفلام شاهدها من قبل، فيلم يجمع بين الكوميديا والأكشن البطولة فيه لضابطي شرطة يجمع بينهما التهور والحمق، ولهذا فهما دائماً يثيران المشاكل في عملهما لسبب بسيط للغاية، أنهما يمارسان عمل الشرطة دون أن يبدو أي منهما ملتزمًا بالطرق المعروفة للعمل البوليسي، ورغم ما يبدو عليهما من الخارج من إهمال وسوء، إلا أنهما في الحقيقة شخصيات خيرة تحب عملها وبعيدة عن الفساد، ولهذا يبدو المشاهد في حيرة وهو يرفض جموحهما ولكن يحب مرحهما ويتعاطف معهما مهما بدا منهما من أخطاء. تبدو هوليوود في هذا الفيلم أنها تقوم بعملية إعادة تدوير وإنتاج أفلام قديمة تنتمي لنفس النوعية وتقدمها علي أنها أفلام جديدة، هذا النوع من الكوميديا الذي يقدمه فيلم «Cop Out» استهلكته السينما في السابق، ويحاول صناع الفيلم نفض التراب وتلميع نفس نوعية الضحكات القديمة وإعادة عرضها للمشاهد مرة أخري. هذا الدويتو بين ضابطي الشرطة الأبيض والأسمر الصديقين المختلفين دائماً قدمه «روبرت دي نيرو» و«إيدي ميرفي» في فيلم «شوتايم»، وقدمه «ميل جيبسون» و«داني جلوفر» في سلسلة أفلام «السلاح المميت»، الضابط المندفع الذي لا يعمل حسابًا للقانون والآخر المتردد الذي يحاول الحفاظ علي مهنته، العاطفي المحب لعائلته بشدة، والبارد العواطف الفاشل في إنجاح أي علاقة عاطفية أو زوجية، ذلك التناقض بين الشخصيتين الذي يخلق كمًا من المشاكل والمواقف الضاحكة، فهما وإن كانا زميلي عمل لكنهما لا يتفقان أبدًا، حتي في أدق اللحظات وأكثرها توتراً تجدهما يتجادلان علي أمور تافهة، سلوكهما غير المتوقع مع المجرمين يدفع هؤلاء المجرمين إلي الاعتراف للتخلص من أساليب استجوابهما المثيرة للأعصاب. سيراً علي نفس هذا الكتالوج الكوميدي السابق يسير فيلم «Cop Out» من بطولة «بروس ويليس» و«تريسي مورجان» الكوميديان الصاعد بقوة في عالم الكوميديا، نري (بروس ويليس) في دور ضابط الشرطة الذي يوقف وزميله عن العمل بسبب مشاكلهما الدائمة الناتجة عن الارتجال في تنفيذ قواعد عمل الشرطة، ومشكلة الشرطي جيمي مونرو (بروس ويليس) الأكبر هي أن وقفه عن العمل جاء في وقت حساس تستعد فيه ابنته الوحيدة للزواج، وهو يحتاج إلي المال لدفع نفقات الزفاف، تعيش الابنة وأمها مع زوج الأم الثري الذي ينافس الأب علي حب الابنة، أما الشريك الثاني أو الشرطي بول هودجيز (تريسي مورجان) فله مشكلة من نوع مختلف، وهي عدم ثقته في زوجته الجميلة.. الأمر الذي يحيل حياته إلي جحيم ويؤثر في سلوكه وتركيزه في عمله، فهو دائم التفكير في أن زوجته تخونه مع جارهما الوسيم رغم عدم امتلاكه دليلاً علي ذلك، ولأننا أمام عمل كاريكاتوري يعتمد علي الإضحاك في الأساس فإن كل التطورات والحلول الدرامية تضع البطلين دائماً في مواقف تتناقض مع وظيفتهما ومع رغبتهما في حل مشاكلهما الشخصية، يضطران للتعامل مع لصوص وتجار مخدرات وخاطفين، في الوقت الذي يقوم اثنان من زملائهما في الشرطة بالحل مكانهما في العمل، ولأنهما معروفان بالانضباط والالتزام بشكل حرفي بلوائح عمل الشرطة، فإن عمل مونرو وهودجيز يتقاطع مع عملهما، وتصبح المواجهة بينهما أمرًا حتمياً حينما يقومان سراً بعمل الشرطة رغم أنهما موقوفان بالفعل عن العمل. بشكل عام الحبكة والقصة في الفيلم لا قيمة كبيرة لهما، فالعمل بأكمله يعتمد علي المواقف المضحكة التي يتوقف الإضحاك فيها علي إمكانية أن تلاقي النكات التي يلقيها الأبطال صدي لدي المتفرج. الكوميديا في الفيلم رغم أنها ليست طازجة تماماً ومستهلكة إلا أن أداء (تريسي مورجان) المرح كان ناجحاً وإن شابه بعض المبالغة والاعتماد أحياناً علي النكات اللفظية البذيئة، لكن بصورة عامة طاقته وحماسته ساهمت إلي حد كبير في إبراز وإنجاح الشخصية التي قام بتأديتها، في شخصيته قام مورجان بدور الشرطي الذي يحب اقتباس أداء وحوار نجوم الأفلام أثناء التحقيق مع المجرمين، وكان هذا من ملامح شخصيته الغريبة الأطوار، وكان أداء (بروس ويليس) أقل وهجاً من مورجان الذي بدا أن عبء الكوميديا يقع علي عاتقه بصورة أكبر، ولم تكن مساحة الأكشن في الفيلم كبيرة ليحاكي ويليس شخصيته المعروفة في سلسلة «الموت الصعب»، ومع سيناريو ضعيف وضحك قليل وأكشن باهت ظهر الفيلم محاولة متواضعة تحاول إعادة إحياء شكل كوميدي ساخر يعتمد علي علاقة الشرطي الأحمق المندفع بمن حوله، وهي نوعية نجحت سابقاً بوجود حبكة جيدة ومشاهد أكشن قوية، وهو ما فشل فيه المخرج (كيفين سميث) الذي يبدو أنه صنع الفيلم بنية إخراج فيلم بسيط ومسلٍ فجاءت النتيجة: بساطة زيادة عن اللزوم، وتسلية أقل من المتوقع.