لكل مجتمع قانون يحكمه وينظم العلاقات بين أفراده، هكذا يؤكد علماء الاجتماع وحكام مواقف السيارات بالإسكندرية أيضا، بعد أن أصبح لهذه المواقف قانون يحكمها وينظم العلاقات بين أفرادها.. وأساس قانون المواقف «القوة»، ودستورها «البلطجة» تحت حماية بعض أفراد الشرطة المتعاونين مع بلطجية المواقف مقابل تحصيل نسبة من الأموال التي يتم تحصيلها من السائقين - دون وجه حق- علي سبيل «الإتاوة». مواقف الإسكندرية بداية من «الساعة» و«العوايد» و«أبوسليمان»، ومرورا ب «فيكتوريا» و«سيدي بشر»، وحتي مواقف «المنشية» و«محطة مصر» جميعها تقع تحت سيطرة مجموعة من البلطجية والمسجلين والخارجين علي القانون.. «الدستور» حاولت الاقتراب من عالم «مافيا» المواقف، وتسليط الضوء عن فتوات مواقف عروس البحر المتوسط التي عادت إلي عصر الفتونة. يخرج من السجن ثم يظل عاطلا عن العمل إلي أن ينجح في عقد صفقة مع أحد أمناء الشرطة وفي النهاية يصبح بلطجيا في أحد مواقف السيارات.. هكذا يولد بلطجي الموقف كما يروي لنا أحد السائقين -رفض ذكر اسمه- لكنه قال: «معظم هؤلاء البلطجية مسجلون خطر، وتم الإفراج عنهم منذ فترة قصيرة، ونتيجة فشلهم في الحصول علي عمل شريف يلجأون إلي ممارسة «البلطجة» و«الفتونة» علي السائقين، مستغلين كونهم «مسجلين خطر» و«بلطجية» و«تجار مخدرات» لإخضاع السائقين لمطالبهم؛ لأنه دون الرهبة والخوف لن يدفع السائق. ويشير سائق آخر- طلب عدم ذكر اسمه أيضا- إلي بداية دخول البلطجي للموقف قائلا: «في بداية الأمر يأتي البلطجي للموقف في محاولة لتنظيم حركة السيارات، ونتيجة تعطش السائقين لهذا النظام يوافقون علي أن يتولي هذا الشخص تنظيم الحركة داخل الموقف، ومن هنا يبدأ في فرض بعض المبالغ علي السائقين حتي يتمكنوا من الوقوف في هذا الموقف، ومع مرور الوقت يستقطبون إليهم بعض أصدقائهم وأقاربهم لتتحول تلك العائلة إلي عصابة كبيرة في نهاية الأمر، وتزداد بعد ذلك المبالغ المفروضة علي السائقين إلي أن تصبح عبئاً علي كاهل السائق». ويكشف «محمد» الذي يعمل سائقا بأحد المواقف سر تخاذل الأمن في القبض علي هؤلاء البلطجية بقوله: «هناك بعض أمناء الشرطة الذين يوفرون حماية أمنية لهؤلاء البلطجية في مقابل الحصول علي راتب ثابت منهم، تحدد قيمته وفق عدد السيارات التي تدخل الموقف، ويتم صرفها إما بصورة شهرية أو أسبوعية- حسب الاتفاق المبرم بينهم». ويؤكد أن الأمر لا يقتصر علي فرض الإتاوات فيقول «إن كانت البلطجة وفرض الإتاوات الجبرية أحد التجاوزات فبالتأكيد هي ليست الوحيدة فهناك بعض البلطجية يتاجرون في المخدرات ويبيعونها للسائقين علنًا، وعلي مرأي ومسمع من الجميع، فعلي سبيل المثال لا الحصر (موقف أبو سليمان) و(موقف العوايد) يباع فيه البرشام علنا، و«موقف الكيلو 21» يباع فيه الحشيش والهيروين. السيد عبد المنعم -أحد المسيطرين علي موقف سيدي بشر- يشير إلي مهمته داخل الموقف حيث يقول: «مهمتنا هي حفظ النظام داخل المواقف الذي عجز الأمن عن توفيره للسائقين، وذلك من خلال تنظيم الأدوار بين السيارات، ووجودي يمنع حدوث كثير من الكوارث والمشكلات سواء بين السائقين أو بين الركاب أو بين الاثنين معا». ويدافع عن نفسه قائلا: «نحن لا نجبر أحداً من السائقين علي الدفع لنا، فكل سائق يدفع لنا يعلم تماما أهمية وجودنا في الموقف سواء لحمايته أو لحماية الركاب، وتتمثل تلك الحماية في مراقبتي لحركة الركاب ومن خلال تلك المراقبة أستطيع رصد اللصوص والنشالين ومن ثم أقوم بلفت انتباه الركاب وبالتالي أجنبهم خطر السرقة». أما محمود فوزي - أحد المسيطرين علي موقف فيكتوريا- فيقول: «قبل امتهاني هذه المهنة كنت أعمل سائقاً علي إحدي السيارات ولكن واجهتني صعوبات في تجديد الرخصة اضطرتني للعمل كمشرف علي الموقف لكي أتمكن من توفير مصاريف ومتطلبات أسرتي، حيث إنني خلال فترة عملي والتي تستمر لمدة أربع ساعات، حيث أبدأ العمل من الساعة الواحدة ظهرا حتي الساعة الخامسة مساء وخلال تلك الفترة أتحصل علي مبلغ يتراوح بين 20 - 25 جنيها».