وسط إجراءات أمنية مشددة عرض فيلم «بوشارب» المخرج الجزائري الأصل «خارج عن القانون».. كانت قوات البوليس الفرنسي تحيط بمقر المهرجان في الوقت نفسه شاهدت متظاهرين يرفعون علم فرنسا وبعضهم يمسك بيافطة تدين الفيلم ومخرجه، عندما سئل المخرج في المؤتمر الصحفي الذي أعقب عرض الفيلم عن هذه الاحتجاجات وحاول السائل أن يصف كل الفرنسيين بالتطرف السياسي إلا أن المخرج الجزائري رشيد بو شارب كانت لديه مرونة ووعي سياسي، وقال إنهم قلة محدودة لا تعبر بالتأكيد عن آراء الغالبية الفرنسية، وكانت بعض الصحف قد وصفت الجزائريين والمغرب العربي بتعبير «Pieds -noirs» مقصود به «أصحاب الأقدام السوداء»، حيث كانت دول المغرب العزل أثناء الاستعمار الفرنسي تأخذ منها قوات الاحتلال عنوة المدنيين ليعملوا بالمناجم لاستخراج الفحم ومنها جاء تعبير «الأقدام السوداء»، حيث اعتبرت الصحف أن فيلم بوشارب بمثابة تنفيس عن غضب هؤلاء الكامن.. يقدم بوشارب فيلمه متناولاً الحقبة التاريخية الساخنة والمليئة بالأحداث النضالية والدماء التي دفع من أجلها المناضلون الجزائريون ثمن الاستقلال.. البداية في منتصف الأربعينيات وتنتهي الأحداث عام 62 شهر يوليو عندما تم الاستقلال. في البداية وقبل التترات يشار إلي عام «1925» عندما يطرد فلاح عجوز من أرضه بحجة أنه لا يملك أوراقاً تؤكد ملكيته للأرض ويجيب بأنه عاش وسيدفن علي أرض الجزائر. نحن أمام ثلاثة أشقاء لعب أدوارهم: جميل ديبوزني ورشدي زيم وسامي بوغالي وهم نفس أبطال فيلم «أيام المجد» الذين شاهدتهم في فيلم بوشارب قبل الأخير وشارك في مهرجان «كان» قبل خمس سنوات وحصل علي جائزة التمثيل مناصفة، وجميعهم فنانون من أصل جزائري، كل منهم يختار طريقاً، أحدهم يصبح جنديا في الجيش الفرنسي، والثاني يقود حركة الاستقلال الوطني، والثالث يترك كل شيء ويدير حلبة ملاكمة تدر عليه أموالاً، إلا أن الثلاثة في لحظة خارقة يقررون أن يشتركوا في مقاومة الاستعمار من داخل فرنسا لإجباره علي الرحيل عن أرضهم. تعمد السيناريو أن يشير إلي الخدعة التي دبرها الفرنسيون ضد المدنيين في الجزائر أثناء مظاهرة سلمية طالبت بالاستقلال، وأشار أيضاً إلي أن هناك تواطأ من بعض الجزائريين ولهذا كان مصيرهم القتل أيضاً، لم يستطع السيناريو أن يتعمق إنسانياً ووجدانياً في تقديم تفاصيل لأبطاله الثلاثة الذين تحولوا في الأحداث إلي قوة ووقود للاستقلال كان عليه أن يضع بعض لمحات وحكايات خاصة لكل منهم، فقد استحوذ علي المخرج الإحساس الوطني وضرورة توصيل تلك المسألة المباشرة، حدث خطأ تاريخي لأن المخرج استعان في عام «55» بالنشيد الوطني الجزائري، تحيا الجزائر رغم أن هذا النشيد الذي لحنه «محمد فوزي» لم يتم تسجيله إلا بعد حصول الجزائر علي الاستقلال عام «62»، ورغم كل ذلك يظل فيلم بوشارب وثيقة علي النضال تؤكد أن الشعوب فقط هي التي تملك مقدراتها!!