نحن ضيوف في هذه البلاد ويبدو أننا ضيوف غير مرغوب فيهم بهذه العبارة حاول محمد حسين (مدرس) تلخيص قصة معاناته والتي بدأت حينما انهار العقار الذي يسكنه ليجد نفسه وأبناءه في الشارع دون سكن أو مأوي حيث يقول «منذ عامين انهار العقار الذي أسكنه مع زوجتي وأبنائي الثلاثة لنواجه مصيرًا مجهولاً ولنسير في طريق بلا معالم حيث إن الشقة التي كنت أسكن فيها إيجار لذا لم يكن لي أي حقوق لدي مالك العقار، وبعد طول معاناة تمكنت من الحصول علي شقة صغيرة في مساكن الإيواء». وعن أهم المشكلات التي واجهته طوال تلك الفترة في مساكن الإيواء يقول «هناك العديد من المشكلات التي تعاني منها تلك المساكن مثل: مشكلة الصرف الصحي والبلطجة ناهيك عن تجار المخدرات التي تمتلئ بهم الشوارع بالإضافة إلي ارتفاع الإيجارات، فمنذ انهيار منزلي وأنا أعيش في معاناة». مشكلة محمد حسين ليست فردية أو فجائية، بل تعتبر شكواه ممثلة لشكاوي بقية السكان الذين اضطرهم انهيار أو إخلاء منازلهم إما للعيش في مساكن الإيواء أو في الشارع إذ تقول خديجة محمد مصطفي (ربة منزل): جئنا إلي هذا العقار بعد أن انهار منزلنا في المندرة وقد عانينا الأمرين كي نحصل علي هذه الغرفة التي نسكنها الآن ولكن الدولة لا تريد لنا الراحة حيث فوجئنا بصدور أمر إخلاء للمنزل الذي نسكنه لنعاود الكرة من جديد ومنذ أن علمت والدتي المريضة بهذه الواقعة أصيبت بنوبة سكر، فأين أذهب بامرأة مسنة كهذه؟ وكيف تستطيع أن تعيش في الشوارع وعلي الأرصفة؟ حيث إنهم لم يوفروا لنا أماكن بديلة وكل ما قاموا به هو تهديدنا بتحرير محاضر ضدنا إذا لم نلتزم بقرار الإخلاء». ويحكي مصطفي رجب (عامل) المأساة التي يعيشها بعد صدور أوامر إخلاء جبرية للعقار الذي يسكنه بقوله: «نحن نسكن في منطقة كوم الدكة منذ عشرات السنين - فإذا أردت إخراجي من هذا المكان فعليك أن توفر لي مكانًا، وأنا لا أتوقع من الحكومة أو المحافظة أن تقوم بذلك والدليل مئات المشردين في الشوارع والذين انهارت منازلهم أو أجبروا علي إخلائها، كما أننا لا نمتلك أموالاً تمكننا من شراء مساكن بديلة فكيف لموظف مثلي لا يتجاوز مرتبه الأربعمائة جنيه أن يقوم بشراء شقة أو حتي تأجيرها؟». ويري ساكن آخر أن السبب الرئيسي يرجع إلي المحافظة وشركة الغاز، حيث إن إهمال شركة الغاز أدي إلي كسر مواسير المياه العمومية مما أثر في أساس العقارات القديمة - وكذلك أعمال الرصف والهدم التي تقوم بها المحافظة - الأمر الذي اضطرني لمخالفة القانون والتصدي لعمال المحافظة ومنعهم من التكسير أمام منزلي». وتقول نجاة عبدالرازق (ربة منزل): فوجئنا منذ فترة قصيرة بصدور أمر إخلاء للمنزل الذي نقيم فيه وحينما رفضنا تنفيذ الأمر حاولوا إجبارنا علي تنفيذه، وبعد إصرارنا علي موقفنا طلبوا منا التوقيع علي بعض التعهدات والتي تفيد بأننا نسكن في هذه المنازل علي مسئوليتنا الخاصة حتي يخلوا مسئوليتهم من هذه القضية، فهم ليست لديهم مشكلة في أن تزهق هذه الأرواح ولكن الأهم هو صورتهم أمام كبار المسئولين ووسائل الإعلام». علي الجانب الآخر أشار دكتور علي بركات - أستاذ المنشآت الخرسانية بكلية الهندسة - إلي أهم التجاوزات القانونية التي تحدث داخل مكاتب الاستشارات الهندسية بقوله «هناك العديد من التجاوزات القانونية وأعمال التزوير التي تحدث داخل مكاتب الاستشارات الهندسية والمتمثلة في إصدار قرارات ترميم لمبان وعقارات دون إجراء معاينة لها وذلك مقابل مبلغ زهيد جدا وهو 500 جنيه حيث إن هؤلاء المستشارين موجودون أمام أبواب النقابة طوال الوقت، مما يؤدي إلي انعدام الثقة في مثل هذه التقارير كما تؤدي هذه القرارات العشوائية إلي تشريد مئات الأسر ومئات الأفراد الذين لم يرتكبوا ذنبًا سوي كونهم ضحية لعملية رشوة أو تزوير». ويحاول بركات توضيح أهم الأسباب التي تؤدي لحدوث مثل هذه التجاوزات قائلاً: «السبب الرئيسي وراء حدوث هذه التجاوزات هو غياب دور نقابة المهندسين المسئولة عن تنظيم مهنة الهندسة ومنها مكاتب الاستشارات الهندسية، هذا بالإضافة إلي أن الجهات الإدارية تطلب استيفاء العديد من الشهادات الورقية مما يزيد من انتشار الفساد والرشاوي وأعمال التزوير». بينما يري سمير البطيخي - عضو المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الإسكندرية - أنه «ليس هناك تقصير من جانب المحافظة وأن كل جهاز من أجهزتها يقوم بعمله علي أكمل وجه، وقال: إن السبب الرئيسي لجميع هذه المشاكل هو سوء فهم المواطنين».