26 قتيلا وعشرة مصابين هم ضحايا حادث انهيار مصنع ملابس الاسكندرية إلي الآن! ، ومازال البحث جارياً عن المزيد. عشرات القتلي والمصابين يسقطون كل يوم تحت انقاض عقار مخالف أو عقار صادر له قرار ازالة لم ينفذ!! سلسلة من الكوارث التي لم تسلم منها محافظة أو مدينة او شارع في مصر المحروسة وكأننا اصبحنا جميعاً فريسة لمنازل آيلة للسقوط.. تطحن اجساد قاطنيها في أي ساعة بالليل أو بالنهار.. لا ترحم صغيراً أو كبيراً، الكل هدف للفساد وانعدام الضمير الذي اصبح كالغول ينهش في اجساد المصريين. ابداً لم تكن عاصفة الايام الماضية هي السبب الحقيقي وراء انهيار مصنع الاسكندرية، وعقار سوهاج الذي راح ضحيته 17 شخصاً من اسرة واحدة ولا بيت المحلة الكبري الذي اسفر عن وفاة فردين واصابة خسمة آخرين. فلا يكاد يمر يوم الا ويسقط منزل مخلفاً وراءه قتلي ومصابين.. دون ان يتحرك مسئول باجراء حقيقي يحد من هذه الظاهرة المفزعة. فهناك 500 الف مخالفة بناء صادر بشأنها قرار ازالة لم ينفذ.. وما خفي كان اعظم!! هدأت عاصفة الاثنين الماضي والتي استمرت ثلاثة أيام.. لكن قلوب اهالي ضحايا مصنع الملابس بمحرم بك بالاسكندرية لم تهدأ ولن تهدأ من جانبه، قام النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بمعاينة موقع المصنع المنهار. وأكد ضرورة ان تشمل تحقيقات النيابة في الحادث كل المسئولين بالحي ومسئول التشغيل، ومالكي المصنع والمسئولين عن ادارته وكذلك مسئولي متابعة الامن الصناعي والتأمينات، النائب العام شدد علي ضرورة قيام الاجهزة التنفيذية بالتفتيش الدوري ومتابعة ملفات العقارات وتنفيذ قرارات الازالة والترميم الصادرة مؤكدا ان هذا هو اختصاص الجهات الادارية وشدد علي ضرورة التعامل مع العقارات والمنشآت المقامة بدون ترخيص قبل عام 1965 وحصرها واتخاذ الاجراءات اللازمة تجاهها. النائب العام امر ايضا باستعجال التقارير الهندسية المشكلة من قبل النيابة العامة لتحديد اسباب الانهيار. كما استعرض التحقيقات الجارية التي تضمنت حبس زوجة صاحب المصنع علي ذمة التحقيق بتهمة القتل والاصابة الخطأ وتشغيل عمالة اطفال دون التأمين عليهم. حادث الاسكندرية يتكرر كثيراً وإن كانت محافظة الاسكندرية لها نصيب كبير للاسف من مثل هذه الحوادث. كما انهار عقار مكون من ثلاثة طوابق بقرية كوم العرب التابعة لمركز »طما« بمحافظة سوهاج راح ضحيته 6 اشخاص بينهم اطفال وتم انتشال 7 من اسرة واحدة، والسبب المعلن حتي الآن ان الانهيار كان بسبب عيوب في المنزل المبني بدون اعمدة خرسانية، فيما ادي انهيار عقار مكون من خمسة طوابق بمدينة المحلة الكبري بمحافظة الغربية الذي اسفر عن وفاة فردين واصابة ثلاثة آخرين، هذه النماذج وغيرها تكشف إلي أي مدي يتسم وضع المباني في مصر بالفوضي في ظل 120 قانوناً وقراراً للبناء في مصر وهو ما ادي لتضخم ملف المخالفات والرشوة والفساد في هذا القطاع. فلا يكاد يمر أسبوع إلا ونسمع عن انهيار منزل هنا وهناك ويلقي عشرات الضحايا حتفهم بخلاف المصابين حتي أصبح سماع تلك الكوارث التي تتناولها وسائل الاعلام امراً عادياً، نحن امام ظاهرة تستحق التوقف امامها.. المشكلة الحقيقية ليست في بنود القانون.. المشكلة أن كثيراً من العقارات المنهارة لا تحمل جميعها لقب »آيلة للسقوط« بل هي حديثة الانشاء، لذا كان لابد من البحث عن أسباب الانهيارات المتتالية. فهل قانون البناء الموحد الذي صدر مؤخراً لم يعالج سلبيات قرارات البناء ويضع حداً لانتشار العشوائيات وإزالات البناء؟ كما أدي فتح أبواب التصالح فيما يرتكب من مخالفات إلي اتساع دائرة الخطر ومن ثم غرقت في الفساد وغرقت البلاد في العشوائيات نتيجة غياب القوانين والرقابة علي أملاك الدولة بل شيدت في عز النهار وامتدت وزحفت علي مدي 40 عاماً ومازالت تمتد حتي الآن. مما اسفر عن العديد من حوادث الانهيار التي شهدتها مصر مؤخراً مثلما حدث أواخر عام 2010 من انهيار لعقار مكون من 5 طوابق في شارع عبد الفتاح نصر المتفرع من شارع الترعة البولاقية بشبرا مصر مما أسفر عنه 9 قتلي بينهم طفلان وانتشال 7 اشخاص من تحت الانقاض، والسبب المعلن أن محامياً كان يجري أعمال ترميم في مكتبه بالدور الأرضي دون اخطار الحي بهذه الاعمال. وفي أوائل عام 2009، انهار برج سكني شاهق حديث الانشاء في منطقة مصر الجديدة مما اسفر عن العديد من القتلي والجرحي. وفي اواخر عام 2008، انهار عقار سكني مكون من أربعة طوابق بمنطقة خلوصي التابعة لحي شبرا، مما أسفر عن 9 قتلي وانتشال 5 جثث من تحت الانقاض واصابة 3 اشخاص بسبب تصدعات بالمبني. وفي أواخر عام 2007 انهار عقار سكني مكون من 12 طابقاً بحي »لوران« بشرق الاسكندرية مما اسفر عنه 20 قتيلا وانتشال 8 جثث وانقاذ ثلاثة اخرين حيث صدر له قراران من الاجهزة المعنية بترميم العقار وذلك في عامي 1999 و2000 ولم ينفذ أي من القرارين. وفي اوائل شهر فبراير لعام 2004، انهار عقار سكني مكون من 11طابقاً بشارع عباس العقاد بمدينة نصر، وقد صدرت احكام بازالة الطوابق المخالفة وهي 7 طوابق منذ عام 1992 إلا انها لم تنفذ وانتهي به الحال إلي السقوط فوق رؤوس السكان. فقد كشفت لجنة الادارة المحلية بمجلس الشعب في اجتماع جري مؤخراً عن وجود اكثر من نصف مليون مخالفة بناء صادرة لها قرارات إزالة علي مستوي الجمهورية تصل قيمتها إلي نحو 400 مليار جنيه، وان 99٪ من المنازل المنهارة بالقاهرة صادر لها قرارات إزالة لكنها لم تنفذ وذلك حسبما صرح به محافظ القاهرة في اجتماع جري مؤخراً مع الادارة المحلية للمنطقة الجنوبية. أوضحت دراسة حديثة صادرة عن جامعة القاهرة أن 90٪ من عقارات مصر مخالفة، واشارت الدراسة إلي أن ضعف أجور مهندسي الاحياء وصعوبة حصول المواطنين علي الترخيص بشكل شرعي فتحا باب الرشاوي، كما ان تضارب قوانين وتشريعات البناء سهل عملية الالتفاف عليها واختراقها وقالت نفس الدراسة إن 50٪ من مباني مصر تحتاج للصيانة بالاضافة إلي أكثر من 2 مليون عقار آيل للسقوط في محافظات الجمهورية وهناك 132 ألف قرار إزالة مجمدة في ادراج المحليات. كما أكدت احصائية حديثة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ان 1228 منطقة عشوائية يسكنها اكثر من 20 مليون مواطن. وحسب البيانات المتداولة بشأن العقارات المخالفة الصادر ضدها قرارات إزالة لبنائها بدون ترخيص تم تنفيذ خلال الفترة من أوائل شهر اكتوبر عام 2008 وحتي الان 560 قرار إزالة لعقارات أقيمت بدون ترخيص بجميع احياء محافظة الجيزة منها 440 قرار إزالة تم تنفيذها بحي الهرم و106 بالعمرانية و54 في جنوبالجيزة وحوالي 19 قرار إزالة تم تنفيذها بأحياء شمال والعجوزة والدقي ووصلت نسبة العشوائيات في مدينة الجيزة إلي 87٪ من الامدادات العمرانية لمحافظة الجيزة إلي جانب إزالة 173 منزلاً بمحافظة القاهرة. وبالمقارنة بالفترة من أوائل يونية وحتي أوائل اكتوبر عام 2008 تم تنفيذ 3855 قرار إزالة لعقارات أقيمت بدون ترخيص بجميع أحياء محافظة الجيزة وقد تبين ان هناك 2762 عقاراً مخالفاً اخر من المنتظر إزالتها. كما بلغت قرارات الازالة المنفذة بنطاق حي بولاق الدكرور خلال شهر اكتوبر عام 2009 حوالي 137 قرار إزالة و120 قرار ازالة بمراكز امبابة ومثلها في البساتين ودار السلام. واكدت دراسة لمديرية الاسكان بمحافظة القاهرة أن التشريعات المتعلقة بالبناء والتشييد بدأت منذ عام1889 حيث صدر »ديكريتو التنظيم« ومروراً بأحداث ونظم ومتغيرات حتي صدر القانون رقم 106 لسنة 1976 الخاص بتوجيه وتنظيم أعمال البناء وسبب بارتباطاته السابقة وتضاربا وتداخلاً وغموضاً أدي إلي تعقد مشكلة العشوائيات. »تلاعب« ولقد فتحت النصوص المتعددة أبواب التلاعب والتعقيدات والتحايل والتسيب والمجاملات والمصالحات والمهادنات ثم جاءت التعديلات أعوام 1980 و1982و 1983 و 1984 و 1986و 1992 حتي صدور القانون رقم 101 لسنة 1996 ورقم 2 لسنة 1998 وقرارات لرئيس مجلس الوزراء ومذكرات عدم دستورية مواد وتفسيرات مثل ارتباط القانون رقم 106 لسنة 1976 بالقانون المدني وقانون العقوبات وقوانين تأجير وبيع الأماكن والتخطيط العمراني والإدارة المحلية.. إلخ، مما أدي إلي تعطيل تنفيذ قرارات الجهات المنوط بها تنفيذ الإزالة رغم ظهور الكوارث والتعديات والعشوائيات والمخالفات وغيرها من عناصر الخلل والقصور. أما القانون الجديد 119 لسنة 2008 فهو يحظر التصالح ويجيز الازالة الفورية للمباني بدون ترخيص. الدكتور محمد سامح وكيل لجنة الاسكان بمجلس الشوري سابقاً واستاذ العمارة بكلية الهندسة قال: التشريعات التي تحد من مخالفات البناء موجودة ولكن المشكلة في تقاعس المسئولين عن تنفيذها ولا يخفي علي أحد الفساد المنتشر في المحليات والرشوة التي يتقاضاها مهندسو التنظيم في الأحياء من أصحاب المباني المخالفة حتي يلتزموا الصمت أمام تلك المخالفات وصاحب العقار المخالف بالبناء يتركونه حتي ينتهي من عملية البناء ثم يتم إلزامه بعد ذلك بهدم كل