استشهاد 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    لحظة وصول بعثة الأهلي مطار قرطاج استعدادا للعودة إلى مصر (فيديو)    تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان في إياب نهائي الكونفيدرالية.. جوميز بالقوة الضاربة    رئيس «مصر العليا»: يجب مواجهة النمو المتزايد في الطلب على الطاقة الكهربائية    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    حزب الله يستهدف عدة مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.. ماذا حدث؟    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    اسكواش - وأخيرا خضع اللقب.. نوران جوهر تتوج ببطولة العالم للسيدات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    محمود أبو الدهب: الأهلي حقق نتيجة جيدة أمام الترجي    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأرصاد الجوية تحذر من أعلى درجات حرارة تتعرض لها مصر (فيديو)    حقيقة تعريض حياة المواطنين للخطر في موكب زفاف بالإسماعيلية    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري (صور)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    قفزة جديدة ب160 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024 بالصاغة (آخر تحديث)    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    رئيس الموساد السابق: نتنياهو يتعمد منع إعادة المحتجزين فى غزة    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    ماجد منير: موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية وأهداف نتنياهو لن تتحقق    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    رغم تعمق الانقسام فى إسرائيل.. لماذا لم تسقط حكومة نتنياهو حتى الآن؟    تزامناً مع الموجة الحارة.. نصائح من الصحة للمواطنين لمواجهة ارتفاع الحرارة    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الهبوط والعصب الحائر.. جمال شعبان يتحدث عن الضغط المنخفض    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    مسلم يطرح أحدث أغاني ألبومه الجديد «اتقابلنا» (تعرف على كلماتها)    «فايزة» سيدة صناعة «الأكياب» تكشف أسرار المهنة: «المغزل» أهم أداة فى العمل    إعادة محاكمة المتهمين في قضية "أحداث مجلس الوزراء" اليوم    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل: من الأسباب التى جعلت سيناء فارغة إلى الآن موضوع توطين أهل غزة فيها

الأستاذ: اتصالات الإخوان بأمريكا أخطر من العمل السرى
أبو الفتوح ليس الرجل المناسب للمرحلة لا بتجربته ولا بآرائه
أتمنى الانتهاء من الدستور سريعًا وبشكل أكثر توافقا.. ولا أريد أن أنتظر حتى يأتى الإخوان ويطلقوا دعوات المقاطعة عند اللجان
الغرب يريد أن تغرق منطقة الشرق الأوسط فى بحر من الدِّين فتركز فى الآخرة وتنسى الدنيا بمنابع بترولها وأزمتها مع إسرائيل
ما يصل من الحقائق إلى الشعب المصرى لا يتعدَّى 8%.. لذلك يصنع المصريون شبكة من المعلومات خاصة بهم
يواصل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل حديثه عن أزمات الوطن مع لميس الحديدى على شاشة «سى بى سى» فى برنامجه «مصر أين؟ ومصر إلى أين؟» محور حديثه فى هذه الحلقة هو «كيف نخطو إلى المستقبل؟». هذه هى آخر حلقة فى سلسة « أزمات معقدة». إلى نص الحوار:
■ أنت صاحب مقولة أن هذا الشعب يقدر لكنه يحتاج إلى معرفة الحقيقة؟
- هذا صحيح.
■ هل تشعر أننا شعب بعيد عن الحقيقة ونخوض تجاربنا وثوراتنا بعيدا عن الحقيقة؟
- أريد أن أقول شيئا، هناك فرق وأنا لم أقل إنه شعب لا يعرف الحقيقة، لكن ما يصل إليه من الحقيقة ضئيل جدا، ولهذا هناك فرق وأعتقد أن من أكبر المشكلات حالة الانكشاف الحالية، تستطيعين التأكد تماما أنه لا يوجد أحد يتمثل فى صورة الحقيقة، ولأن رؤية الحقيقة هى الصيغة الجامعة لكل الناس يتحدثون عن أرضية مفهومة ومعروفة ومستقرة. سأقص عليك قصة قد لا يكون لها علاقة بالسياق، لكنها تنطبق على ما أقول. فى ذات مرة فى عام 1952 كنت فى الولايات المتحدة الأمريكية وكنت فى البيت الأبيض، وكنت وقتها فى مكتب مستشار الأمن القومى وهو فى القصر العظيم ورجل عظيم وعالم وقتها، وكان عميد إحدى الكليات فى جامعة هارفارد، وهذا اللقاء كان مرتبا من أجل أن ألتقى الرئيس الأمريكى جون كينيدى فى ذلك الوقت وهو رئيس أسطورى، وكان عهده مبشرا بأمل كبير، وكان عصره هو عصر الحدود الجديدة، وإلى غير ذلك. ثم تحدثنا عن الشرق الأوسط، وكان تبادل 31 خطابا مع عبد الناصر، وكان لديه أمل فى تحسن العلاقات لكن لم تتحسن، لأن ثمة أسبابا كثيرة لهذا السوء فى التفاهم. تحدثنا كثيرا ثم فى آخر اللقاء قبل أن يقوم، ومن المعروف أن اللقاءات الرسمية تتم فى البيت الأبيض وغير الرسمية عند مندوب الأمن القومى، حتى تبدو أنها «كاجوال»، وقلت له أنا قرأت لك شيئا عن صديقك العزيز مدير تحرير فى ذلك الوقت «النيويورك تايمز» يقول فيها «لقد اكتشفت أن قدر معرفتى لم تزد منذ ولوجى إلى البيت الأبيض إلا بنسبة 7-8% عما كنت أعرف قبل دخوله»، وأنا قلت له كيف هذا هل هذا معقول؟ كل هذه التقارير التى أمامك وعلاقات بالعالم وكل معلومات أجهزة الاستخبارات، ولم تنم معلوماتك إلا بهذا القدر؟ قال مندوب الأمن القومى معقبا فى البداية قائلا «إن أهم أمر تتميز به الديمقراطية أن يكون المواطن العادى يعرف أكبر قدر من الحقيقة 80-90% من الحقائق أمامه»، فالمفروض أن يكون أى مواطن حتى ولو لم يكن متبعا للشأن العام، على الأقل قارئ أن يكون له القدر الكافى من الحقائق فى بلده وعن أحوالها، وبالتالى الرئيس كينيدى قال ذلك إن معرفته لم تزد بعد دخول القصر وهو رئيس أمريكا عن حدود قدرها ما بين 7-10% على الأكثر.

■ 10% نحن فى الوطن ليس لدى القيادة الحقائق كاملة ولا المواطن؟
- أريد أن أقول لك شيئا، إننا لدينا وضع معاكس، حيث إن كل ما نعرفه عن الحقيقة لا يزيد على 7-8% فقط من حقائق مهمة. وأتذكر أننى فى أثناء رحلة عودتى عكفت جاهدا أفكر فى ما قيل من الرئيس الأمريكى عندما تضعين مفهوما لمعرفة الحقيقة أول شىء أن لا نصطدم بالفراغ كما يحدث الآن، وإذا كانت الناس تعرف الحقيقة فإن هناك قضايا تبدأ بها وتلزم بها وتعرف ما هى؟ معرفة الحقيقة تمنع البلبلة تمنع خداع الرأى العام، تمنع تضليلا، تمنع أشياء كثيرة جدا، لكن المشكلة أن غيابها يجعل من كل شخص فى المجتمع مالكا لشبكة معلوماته، وهذه طبيعة فى المصريين، وأذكر أن السفير البريطانى السابق فى مصر فى وقت الحرب قال «يبدو أن المصريين كل واحد منهم لديه مراسل وممثل فى ميادين القتال»، وتعودنا عبر التراث والتاريخ أن نحكى ونقص دون أن يكون هناك سند، وفى ظل غياب الحقيقة أصبح الجميع يرتبونها كما يشاؤون وينسقونها بشكل معين. أحيانا عندما تسألين عن الحقيقة، أعتقد أن السبب الرئيسى هو غياب الحقيقة والمعرفة الكل يتحدث دون سند ودون أن يعود لمعرفة ما القصة؟

■ قبل أن نعرج بك على عدد من القضايا ذات الصلة بالحقيقة أو الوضع السياسى أو الدستور أو الضغوط الخارجية حتى نؤسس للمستقبل، لكن قبل هذا أود أن أعود بك لكونك كنت من شديدى التفاؤل بثورة 30 يونيو، وقلت عنها إنها بداية معركة تحرير الإرادة، لماذا شعرنا على مدار الحلقتين الماضيتين أن الأمر اختلف وربما تراجع هذا الحماس بعض الشىء، أو ربما يراودك بعض القلق على مستقبل هذا البلد، فما منابع هذا القلق؟
- سأقول لك شيئا.. أول شىء أنا متفائل، والتفاؤل لم يفارقنى، وذلك لأن حركة التاريخ وهى ليست غيبية دائما إلى الأمام، وإذا أنت لم تبذلى جهدا فإن الزمن سيجرك خلفه إلى التقدم، وبالتالى فأنا من الطبيعى أن أكون متفائلا، لكن علينا أن نعرف أن ثمة فارقا كبيرا بين القلق والتشاؤم، وأنا متحمس وما زلت، لكن ما دعانى للقلق أن خارطة الطريق ظهرت وأن كل الناس فى حالة من الانكشاف. فعندما تتصورين الأمر ستجدين أن هذا البلد مخترق بكل الوسائل. على سبيل المثال كم يوجد أجهزة بث مباشر مسلطة على الأقمار الصناعية، نعتقد أنها ألف جهاز بث محمول على سيارة أو غيرها، وهذا لم يحصل فى الدنيا كلها، أن يكون بلد مستباحا بهذا الشكل والأطراف الداخلة فى المسيرة الحالية أعتقد أن بعضها لا يقدر ما حدث، بالضبط فنحن لا نستطيع أن نشعر أن ثمة حالة طوارئ شديدة فى الوقت الراهن، وعندما نرى بالأمس وأول من أمس فى حوادث نيروبى ولاهور، وهذا الإسلام الذى أسىء إليه، ولم نصنع شيئا، وأجد فى وسط هذا الزخم والركام أناسا يتحدثون عن الإخوان ماذا صنعوا وماذا قالوا؟ ولا نستطيع أن نتحدث مطلقا عن المستقبل، لكن المقلق أشعر أن هذا البلد أمامه مهام بناء مستقبل، وهى لم تشرع فى هذه المهمة بعد. وعلى أى حال ليس بالسرعة الواجبة، وهناك جدول أعمال ضيق جدا يحتاج إلى أن تكون كل الجهود والأمور موفرة له. لا بد من الإدراك أن ثمة جهودا كبيرة تحتاج إلى بعض التهدئة، ونحتاج فى هذه اللحظات إلى أنه عندما نفكر فى المستقبل أن نقوم بسد ثغرات موجودة. كنت أقول هناك تدخل أجنبى فى البلد بشكل كبير، وهناك جبهة فى سيناء مفتوحة محفوفة بالخطر. وهناك حرب نفسية موجهة من الخارج على هذا البلد، وفى ذات الوقت ثمة طلبات متزايدة، وحتى عندما نسير كل هذه الأمور تؤكد أننا نحتاج إلى قيادة رشيدة فى هذه اللحظة.

■ من هى القيادة التى يجب أن تواجه الشارع بالحقيقة كما ذكرت؟
- سأقول لك شيئا نحتاج فى هذه اللحظة إلى ثلاثة أمور رئيسية، أولها أن يكون هناك من يعمل على إزالة الالتباسات. نحن كنا وأنا على سبيل المثال عشت ثورتين كما كتب بعض الناس، لكنى رأيت ثورتين كبيرتين بما تعنيه الكلمة، ثورة يوليو وثورة 25 يناير. وهناك تماثل وتشابه بينهما، أن ثورة يوليو هى الأخرى لم يكن لديها برنامج وكان هدفها وحلمها الأول إزاحة الملكية باعتبارها أصل الفساد، ثم الأمانى المطلقة فى المجرد. لكن وجدنا أحد جاء وأنا أتذكر الحيرة التى انتابت عبد الناصر بعد إزاحة الحكم الملكى، وأنهم توقعوا فى هذه اللحظة أن ثمة أحزابا قادمة، وأن ثمة أشياء زاحفة ثم اتضح أنه لا شىء حدث، لكن بعد فترة من الحيرة قدم أحدهم الذى استطاع أن يأخذ شعارات التحرر الوطنى والغائمة، وحاول أن يحولها إلى برامج وبالتالى وجدنا من يتحدث عن الإصلاح الزراعى وإلغاء الملكية وإلغاء الألقاب، والتصنيع وإخراج الإنجليز وتأميم القناة، وبالتالى بشكل ما استطعنا تحويل بعض الأهداف الموجودة والمحسوسة الغائبة عن الناس، لكن فى هذه الثورة وحتى هذه اللحظة لم أجد هذه الترجمة. وكثير من الثورات تقوم بلا أهداف، لكن ثمة حقائق تملى أوضاعها حصل فى فرنسا بعد التحرير، وجد ديجول أن كل قوى المقاومة متصارعة، وبالتالى أول قرار أخذه أنه يحل كل قوى المقاومة، وقال لهم وقتها إذا ظللتم تتحدثون عن الماضى فإن فرنسا سوف تدفع الضرائب. وقال أرجو من هؤلاء الذين قاوموا أن يبتعدوا عن الساحة السياسية. أنت أمام موقف طال الانتظار فيه بمعنى أن التفاؤل موجود ومؤمن به تاريخيا، وبالاضافة إلى ذلك أرى أن ثمة إمكانيات فى هذا البلد ليس له حدود، لكن المشكلة حتى هذه اللحظة أنى لا أرى أحدا يلوح فى الأفق يمسك بهذه الخيوط ثم يحاول ترجمة الأمانى إلى واقع حقيقى وبرنامج عمل وهذا دور أى قيادة.

■ بعد 30 يونيو ما توقعاتك؟ أو ماذا كنت تتمنى؟
- تذكرى أن قبل 30 يونيو تذكرى دائما أن ثورة 25 يناير أن التيار الإسلامى لم يقم بها ثم استولى عليها، والمشكلة أنه استولى عليها باسم الإسلام، وفى هذه الفترة وأنا أعرف أن فصيلا مهما فى المجتمع لا يمكن إقصاؤه لكن من الصعب أن يهبط على ثورة ليست من صنعه ثم يحكمها بآراء مبهمة وقاتمة بشكل قد يؤدى إلى كوارث. يكفى عندما تنظرين إلى ما صنعناه فى آسيا وفى إفريقيا وكل الخطاب الذى صنعناه يحتاج إلى مراجعة ومناقشة. ودعينا ننتقل إلى مرحلة 30 يونيو منذ أن صارت ونحن فى حالة انشغال ودعينى أن أعرج بك إلى بداية الإخوان، فهم لم يمكثوا عاما واحدا فقط بل بدأت الهدنة بينهم وبين الرئيس السادات منذ عام 74، ثم أخذوا وقتا طويلا لترتيب أوضاعهم، واستطاعوا أن يتملصوا من جريمة اغتيال السادات لكن بعد مبارك تهادنوا معه وبالتالى مجموع أخذوه عشر سنوات مع السادات و30 مع مبارك بإجمالى أربعين عاما كى يعززوا المواقف وينتشروا، ونحن لم نضع هذا فى حسابنا حجم الانتشار، لم نأخذ ذلك فى الاعتبار، لأننا لم ننتبه إلى التصاق الإسلام السياسى بالدين. وأعتقد أن من أهم المهام أن يتم تخليص الإسلام الإلهى من الإسلام السياسى.

■ عندما تحظر المحكمة ولو بحكم درجة أولى أو مستعجل نشاط جماعة الإخوان المسلمين وتتحفظ على الممتلكات؟
- لا أعتقد أن أمرا كهذا تحله المحاكم، لكن أنا أعتقد أن ما هو أهم أن الناس وهذا هو الحكم التاريخى والحقيقى أو الغالبية بدأت تدرك أن هذا ليس هو الحل، وأن هذا ليس الطريق، وأن الطريق إلى المستقبل يمر بأشياء أخرى. الدين قيمة أساسية فى معتقداتنا، لكن لا يجب خلطه بالسياسة، وأن أى محاولة لخلطه بالسياسة تعرضنا لمشكلات ليس لها حدود. مثلا عندما رأيت ما صنعناه فى مالى مثلا عندما يظهر وجه الإسلام فى مالى على هذا النحو السيئ، وتأييد الدكتور مرسى لهذه الحركة كلها أمور سيئة، والصومال، ولكن المشكلة أنه فى إفريقيا وباسم الإسلام ارتكبت جرائم بلا حدود، ودخلنا الصين وبها المسلمون وأحدثنا مشكلات لا حصر لها. وأيضا مع روسيا فى الشيشان وحدثت مشكلات رهيبة، هناك حمل الإسلام سياسيا بأكثر مما تتحمله طبائعه وشوهنا الإسلام.

■ عودة إلى حل الجماعة هل هذا استمرار لحل الجماعة كونها محظورة فى سلسة تاريخية 85 سنة؟
- صحيح هذا، لكن علينا أن نعلم أن ثمة ظروفا جدت بعد ثورة يناير، وأن هؤلاء وصلوا إلى السلطة ونحن بأكملنا قلنا إن هذا التيار الهائل المنطلق فى كل البرية فى كل الأرجاء آن الأوان أن يُعترف به كشرعية، وأن يمارس حكما، لكن ما حدث أنه فشل، الكارثة الكبرى أنه كل ما فعله هو محاولة الاستيلاء على مقدرات الدولة ومفاصلها دون أن نقدم شيئا. ومن العجيب أن نجد أناسا انتظروا كل هذه المدة ثم كان هذا صنعهم. المحاكم مهمة بالتأكيد، لكن ألا تقرئين أنهم رغم كل هذا بقوا موجودين فى الحياة وأخذوا الفرصة مثلما أرادوا. وفى ذات مرة وأذكر أنى تحدثت مع رئيس تحرير «النيوز ويك» لماذا الإصرار على الإسلام؟ قال ممكن هم يريدون ذلك، وقال لقد سمعت أنهم يريدون أن تصبح هذه المنطقة غارقة فى بحر من الدين فتركز فى الآخرة وينسون الدنيا، ربوا اللحى وتكلموا فى الدين وانسوا منابع البترول وانسوا المكانة الإقليمية والسيطرة واتركوا

■ إذا انتقلنا إلى شق آخر من الحقائق الغائبة سيناء مثلا هناك عملية عسكرية عنيفة؟
- لا أحد يقدر المهمة الفظيعة الملقاة على عاتق الجيش. مشكلة سيناء أننا ننظر إلى هذه اللحظة فقط، ولا ندرك أن سيناء ظلت على الأقل فى التاريخ الحديث موضع التباس، وعندما كنا فى وقت الخلافة العثمانية كانت كل الأمور تسير متصلة ببعضها البعض دون أن تكون هناك مشكلة. أليس من الغريب أن يكون الإنجليز هم من ثبتوا حدود مصر فى عام 1906، وهم من أصروا أن تكون سيناء مصرية فى عهد العثمان الذين أصروا وقتها أن تكون حدود مصر خط العريش السويس. هذا بالنسبة للتقسيم الإدارى للإمبراطورية، لكن الإنجليز مع الأسف الشديد هم من أصروا على الحدود الحقيقية لمصر، لكن وبكل أسف ظلت سيناء إلى الخمسينيات مناطق مثلها مثل أى منطقة حدود محظور عليك دخولها تحت القيادة والعسكرية البريطانية، فمنذ أن ثبتت حدودا مصرية فى عام 1906 وحتى عام 1956 بمعنى أنها نصف قرن كانت الدولة المصرية معزولة عنها تماما، ثم فى الحروب تقطعت وحاربت عدة مرات وبالتالى الأوضاع فى سيناء قلقة بطبيعتها، ولم نأخذ فى اعتبارنا أن سيناء بدأت تتجه أكثر إلى فلسطين وإلى غزة، وحركة القبائل المتصلة تجعل مجالا للحركة بين الطرفين، ثم جاءت بعد ذلك مرحلة اتفاقية السلام والمحادثات التى كانت موجودة فى ما بعدها. ولو تخيلت كمية التعهدات التى اقتطعتها مصر على نفسها حتى يقبل كيسنجر الضغط على إسرائيل، ورغم ذلك لم يضغطوا. على أى حال وبالتالى فإنك قبلت بترتيبات تجعل وجودك هناك تقريبا شبه مستحيل، وتجعل تأمينك لهذا الجزء من الوطن شبه مستحيل. إذا كنت أعرف أن طبيعة هذا المكان وعلاقته بالظروف التاريخية تخلق أوضاعا معينة، وإذا كنت أعرف أن طبيعة السكان هناك وعددهم قليل 400 ألف نسمة حاليا، فأنت عندما تأتين إلى تبعات الاتفاقية وبعد زيارة كسينجر وألغى كل الترتيبات القديمة مما عرفنا، فنحن بعد عام 48 وضعنا ما يسمى بمراقبى الهدنة، ثم بعد عام 56 وضعنا ما يسمى بقوات طوارئ، وفى عام 73/74 أبلغونا وقتها أننا لسنا مرتاحين لهذه الترتيبات، تم رفع مراقبى الهدنة وقوات الطوارئ وبالتالى وفقت الأوضاع وقتها لأن تكون سيناء باقية كرهينة.

■ وبقيت سيناء رهينة حتى هذه اللحظة؟
- نعم بقيت رهينة حتى هذه اللحظة، فأنت أمام بلد أولا التحاقه بالوطن الأم يحتاج إلى عملية تجذير وتقوية، وفى مرات كثيرة عدت إليه وخرجت، وإن قربك إليه قريب جدا، ثم فرضت ترتيبات أمنية لصالح إسرائيل وتم الالتزام بها. وأعتقد أن جزءا من الظلم الأكبر الواقع على القوات المسلحة سببه أن السياسة فعلت أن أدت إلى تقسيم سيناء إلى مناطق قلّ فيها وجود القوات المسلحة وحجم الحركة، والأكثر أنشأنا فيها قوة سياسية عسكرية «قوات دولية» تحت قيادة الولايات المتحدة، ووجدت أمورا غريبة عندما أجد وأنا أقرأ الوثائق والبرقيات الأمريكية أن كل البرقيات كانت ترسل إلى السفارة فى تل أبيب وسفارة بغداد وسفارات لا أعرف وإلى قيادة القوات الدولية فى سيناء. وأجد أن القائم بأعمال السفير الآن فى القاهرة هو ذاته قائد القوات فى سيناء، وكان رئيس مجموعة المراقبين الدوليين هنا، موضوع سيناء الذى يرغبون فى أن يكون منطقة فارغة عازلة بين مصر وإسرائيل ولا يريد أحد يعبئه أبدا، كل الترتيبات فشلت فى ذلك.

■ فشلت عملية ملء هذا الفراغ لكن لماذا فشلت كل محاولات وأوهام التنمية؟
- نحن اهتممنا بعض الاهتمام السطحى ببعض الشواطئ فى الجنوب، لكن بسبب الدائرة المفرغة التى تتحدث عن أنه لا أمن دون تنمية ولا تنمية دون أمن، فوجود عناصر ملتبسة، وسأذكرك أنه فى ذات مرة انقلبت الدنيا ولم تقعد لدى قوات الطوارئ، لأن ثمة قافلة جمال شاردة فى الصحراء بمفردها طليقة قامت الدنيا وبحثت القوات الدولية عن الجمال، قول لى كيف سيذهب أحدهم ليستثمر خارج هذه الدوائر الرسمية السياحية فى طابا وشرم الشيخ دهب. تركت قلب سيناء خصوصا شمالها كفراغ وهو ما دفعه أن يكون بقعة ستكون مثل ملجأ لعناصر بعينها، يقدرون بنحو 6-12 ألف واحد من عناصر احتلت هذه البقعة قادمين من أفغانستان ومن عفا عنهم.

■ من سمح لهؤلاء أن يستقروا فى سيناء؟
- إذا كنت أنت غير موجودة هناك، وإذا كانت قواتك محددة فى حركتها وإذا كانت المنطقة بطبيعتها قلقة، وأردت أن أقول لك أن منطقة شمال سيناء بالطبيعة تتجه أكثر صوب فلسطين بسبب الظروف الخارجية والجغرافية التى تحكم هذه العلاقات فمن سمح لهم سؤال؟ الإجابة كل رواسب القضية الفلسطينية هناك، كل البقايا المطرودة فى الضفة الغربية ومن لم يستطع الإقامة فى غزة وكل من جاء من دول مثل باكستان وأفغانستان، هؤلاء جميعا لم يجدوا مأوى سوى هذه المنطقة فى الفراغ فضلا عن من عفوت عنهم.

■ لكن كل هذا تضاعف بعد 25 يناير وحكم مرسى على وجه الخصوص؟
- تحدثنا فى هذا سابقا، ضع فى اعتبارك أن هناك ثلاثيا هو الرئيس والقوات المسلحة ومكتب الإرشاد. الرئيس كان يحاول اللعب بين القوات المسلحة ومكتب الإرشاد، وفى المقابل كان الرئيس ومكتب الإرشاد يعتمدان على عنصر تأمين يضمن به أن ينشغل الجيش فى سيناء، وهذه هى المهمة الصعبة وتفاصيلها حيث خلق جبهة قوية وصعبة مخصصة لاستنزاف قدرة الجيش وهذا قصد.

■ قصد مِن مَن؟
- قصد من الإخوان ومن غيرهم، عندما يكون التصوير أن تيار الإسلام السياسى فنحن نتحدث هنا عن أناس انتشروا فى العالم بشكل كبير وبشكل يحتاج إلى مراجعة لما أحدثوه من أضرار، الذى يحتاج إلى وقت كبير جدا حتى يتم وأدها، لكن أعتقد أن هناك قصدا ليس فقط لأن تكون سيناء رهينة فقط بل لتكون بمثابة مسدس موجه للوادى.

■ حماس والعلاقة مع سيناء.. هناك اتهامات من السلطات المصرية بأن حماس ضالعة فى عمليات إرهابية؟ من داخل رفح المصرية والتفجير يأتى من داخل غزة وثمة أنفاق كثيرة مدمرة؟
- أنا أريد أن أقول إن أى منطقة فى وضع سيناء كان بالإمكان أن تكون مصدرا للمشكلات، وأنا أعتقد أن إسرائيل تعمل فى سيناء بشكل ليس أقل خطرا من حماس. أريد أن أقول فى أمر حماس هناك نقص معلومات وحقائق وسط هذا كله قد يجعلنا ننسى القضية الفلسطينية. أنا أعرف أن ثمة أناسا فى حالة تعبئة ضد فلسطين، لكن أنا كل ما أتمناه أن كل الدقائق الكبرى فى حياتنا لا تغيب فى حال الانشغال الوقتى بتفاصيل طارئة. هناك حقيقة كبرى أنه إذا كان أمن الجنوب مرتبطا بالأمن القومى لأهمية مصادر المياه فإن العلاقة شرط مع القضية الفسلطينية هامة لدرجة لا تحتمل الجدل. أعرف أن حماس قد ترتكب بعض الأخطاء، لكن علينا أن نرعى بعض الأمور أن لا نحسب حماس على فلسطين كلها، وثانيا أن لا نحسب حماقة بعض عناصر حماس على كل ما هو حماس، وأنا أعرف عناصر مهمة فى حماس شخصيا، وهم حريصون جدا لأنهم يدركون حقائق التاريخ بما يفرض عليهم التعاون مع مصر، ليس ذلك فقط بل والغريب التعاون مع القوات المسلحة، وبالتالى أنا لا أريد أن يكون الطارئ والراهن والمفاجئ أن تغيب الحقائق الدائمة الموجودة عبر التاريخ.

■ إذا تم مد الخط على استقامته مع الأحداث وشاهدنا الضغوط الدولية الراهنة التى نعانى منها هل هذا خط مستقيم؟
- أنا أعتقد أنه خط مستقيم، وقد قلت لك فى الحلقة السابقة أنه لا يستطيع أحدهم التدخل فى شأنك الداخلى دون أن تقومى أنت باستدعائه، الكارثة المحققة هنا أننا قمنا باستدعاء الأمريكان بالتدخل بشكل فج، أليس من الغريب الآن ونحن نتحدث ونتحسس طريقنا إلى كلمات قالها أوباما، أليس هذا غريبا؟ فليقل ما يريد ليس شأننا، وتحول هذا التدخل إلى أداة ضغط كبيرة لا يتصورها أحد، أما علاقاتك مع الاتحاد الأوروبى أصبحت علاقات سياحية بامتياز، وسأذكر هنا ميتيران الذى قال لى «ألا تعرفون أن مجرد الدعوة للجهاد معناها إعلان للحرب؟ الآن نحن بعيدون عن الصين وعن روسيا وعن إيران وعلاقاتنا سياحية مع أوروبا، وليس ذلك فقط بل علاقاتنا الإفريقية تشوهت فى عهد مرسى على وجه الخصوص، عندما دعم حركة التحرير الإسلامية التى كانت عبارة عن مجموعة من الكتائب التى يستخدمها القذافى، لا بد أن تعرفى أن هيكل واحد من ضمن من كتبوا ميثاق الوحدة الإفريقى، وواحد ممن كتب جزءا من مقدمته، وكانت الدول الإفريقية لديها هاجس من أمرين أولا هى لا تريد أن يلعب أحد فى الحدود القائمة حاليا، لأن العبث بهذا الأمر يفتح باب جهنم، نظرا لحركة القبائل ودورها، الأمر الثانى كان لديهم هاجس طلبوا من خلاله أن لا يتم التدخل فى شأن أى دولة أخرى وقد تلقيت رسائل من إفريقيا تستهول ما فعله مرسى بتأييد حركة تحرير مالى.

■ مصر تعرضت فى عهد عبد الناصر إلى ضغوط دولية صعبة ومرت بمساندة بعض الأشقاء العرب والدول الإفريقية، هل الفترة الحالية مماثلة تماما لتلك، لماذا استطعنا المقاومة فى هذه الفترة ونشعر بالصعوبة فى الفترة التى نعيشها الآن؟
- انظرى لديك بعض الحق فيما ذكرتِه، لكن علينا أن نعلم أننا فى المرة الماضية كنا نمثل شيئا فى العالم ونمثل حركة تحرر وطنى فى إفريقيا وفى آسيا، وكنا جزءا أساسيا وفاعلا فيها، وأنا أقول لك إننى قمت بكتابة جزء من مقدمة ميثاق الوحدة الإفريقية وكنا موجودين وكان لديك جمهور واسع فى العالم العربى، وكان هذا هو القوة الحقيقية، نحن دائما باستمرار أى نظام لديه قدرة على السيطرة على سكان إقليمه لكن القدرة الأكبر هو أن يكون له قدرة على الانتشار خارج حدوده، وهذا ما تحقق قوة أمريكا مبعثها ليس السلاح النووى، فهى لا تستخدمه لكن قوتها انبثقت عن العلم وقدرته والتطوير والاختراعات بشكل جعلها منتشرة عند أناس كثر، قوة أى دولة فى هذا العصر بمقدار ما تؤثر به فى العالم، كنت فى وقتها وسط العالم الإفريقى ووسط العالم العربى وفى قلبه، وأنت المحرك. فى آخر مرة كنت فى لندن صعقت عندما شاهدت مسرحية تمثل فيها الفنانة هيلين ميرن وأنا دخلت المسرحية ولا أعلم شيئا، وكانت عن الملكة إليزابيث، وعندما بدأ العرض قدم الملكة وهى تحاول مع تسع رؤساء وزراء دول، وجاء الدور فى معرض الحديث عن السويس وقت الهزيمة، التى اعتبرتها المسرحية والكاتب هنا هو مارثون وهو من أهم كتاب المسرح الإنجليزى نهاية الإمبراطورية الإنجليزية، وللأسف نحن لا نعلم تاريخنا وأضعنا كل ما صنع، بالهدّ فى الناصرية وتشويهها، وللأسف الإخوان المسلمون كانوا أهم العناصر التى قامت بذلك رغم أن أهم شخصيتين فى تاريخ مصر الحديث هو محمد على وعبد الناصر.

■ كيف يمكننا الإفلات من قبضة الضغوط وسأضرب لك مثلا أجهزة البث ألا نستطيع أن نلغى منها غير المرخص، ولكن إذا فعلنا هذا فى المقابل تخرج علينا الولايات المتحدة صارخة أن هذا قمع للحريات وحقوق الإنسان؟
- نحن من ساعدنا فى هذا، فأكبر أخطاء المجلس العسكرى السابق هى تلك التى عالج بها قضية منظمات المجتمع المدنى التى كانت تعمل فى مصر، وأنا أعرف أنها مخالفة للقانون وبعضها ظل يعمل لمدة عشرين سنة، وأنت سمحت بهذا المشكلة أننا فجأة ودون سابق إنذار قلنا لا نريدهم وهو قرار صائب فى حد ذاته، لأنهم يعملون خارج أى رقابة، لكن الخطأ هنا أنه تم اعتقالهم ثم إطلاق سراحهم فجأة بنزول طيارة بقدوم ووجود السيدة باترسون، هذا هو ما جعل الانطباع السائد فى مجتمع الدول أنك لا تتصرفين كدولة ولكن تتصرفين بطريقة ما، وأن ثمة سلطة فى مكان ما تملك أن تفعل، وهذا أكبر خطأ لا تلومى الأمريكان عندما شاهدوك تصنعين هذا دون قانون ودون إجراءات. لا أحد يستطيع أن يقف ويدرك حجم الضرر الذى تسببنا فيه من التعامل فى قضية منظمات المجتمع المدنى وفى تعامل الإخوان والرئيس مرسى مع قضية مياه النيل التى لا نعرف عنها شيئا الآن، وإلى أين ذهبت وما مصير سد النهضة؟ ويكفى كارثة الجلسة العلنية وأثرها على أى مواطن فى أى مكان فى إفريقيا.

■ بعد 30 يونيو وهى المحاولة لتحرير الإرادة وفك القيود والإفلات من القيود الدولية الضغوط الغربية مريعة كيف يمكن الإفلات منها؟
- قبل أن أتحدث أنت من استدعيت هذه الضغوط، لكن المهم أن نهاية هذه الضغوط مرتبط بانكشافك، وهنا أهمية الإسراع فى ما نفعله، فيتم تدعيم الموقف الداخلى ولا يدخل أحد إلا من ثغرة، وما يجب أن يلفت أنظارنا هو وجود هذه الثغرة المشكلة أننا ممتلئون بالثغرات. ليس كل الأمور نملك فيها الحقائق، لكن هناك حقائق مثلا هناك أزمة مرور فى القاهرة هذا حقيقى، والقاهرة تحولت إلى جراج وهذا حقيقى، لأن سعتها 250 ألف سيارة، والآن تضم 250 مليون عربية، لكن هناك حقائق نحتاج إلى أن نتقصى عليها، ولكن لم نفعل معها شيئا. أعلم أن هذا يقتضى وقتا، لكن هناك إرهاق للناس الذين يعملون بسبب هذا الانكشاف البين، وهناك شىء أخجل من قوله العالم كله يستمتع بالحرية، لكن نحن ننتحر بالحرية، فغياب الحقيقة يجعل الجميع يتحدث فى كلام ومواضيع دون أن تكون لديه حقائق وبالتالى تصبح متناقضة مع المنطق.

■ هل نتجه للفوضى؟
- نتجه إلى ما هو أسوأ من الفوضى، فالحرية فى تعريفها هى التصرف فى إطار واقع يدرك الشخص أبعاده، لكن مع عدم وجود هذا تقودنا إلى الفوضى ثم إلى العالمية، وأنا ما أخشاه فمثلما يموت بعضهم من الحب يموت البعض الآخر من الحرية، وهذه أول مرة أراها.

■ كيف نخرج من هذه الضغوط الدولية؟ الاستمرار فى خارطة الطريق كيف نثبت موقعنا ونخرج من أتون قبضة الضغوط؟
■■ على كل الناس أن تدرك أن هناك مراحل عاجلة وضرورية ومراحل أخرى غير ضرورية من الممكن أن تؤجل.

■ ما العاجل؟
- أول العاجل هو الشأن الاقتصادى. أنا ضد أن يخبط أحدهم فى الدول العربية، وأنا من الناس التى كانت تعبر بحرية هنا وهناك، لكن الآن لدى أسبابى التى تدفعنى للتحفظ لكنى أرى السبيل يتلخص فى معالجة أوضاعنا الاقتصادية بقدر ما هو ممكن، ومعالجة أوضاعنا الاجتماعية بقدر ما هو ممكن، وثالثا ترميم علاقاتنا العربية بقدر ما هو ممكن وترميم علاقاتنا الدولية بقدر ما هو ممكن، بمعنى أن هناك أهدافا قريبة الأمد إذا كان لديك خارطة طريق سيرى فيها إلى نهايتها، ولا تطلبى الكمال فى هذه اللحظة لكن اطلبى ما نستطيع من خلاله سد الثغرات، خصوصا ثغرات التدخل، عندما أجد أن بعض الناس تختلف فى لجنة الدستور حول لغير المسلمين أو تخصيص المسيحيين واليهود، لا أفهم هناك ديانة أكثر انتشارا من الاثنتين، اتركها لغير المسلمين لعقائدهم هناك ديانة أكثر انتشارا مثل البوذية مثل الصين والهند وآسيا معظمها.

■ أعرف أنه لم يشغلك تصريحات أوباما؟
- شغلنى لكن ليس بدرجة كبيرة.

■ ما أكثر ما شغلك فى خطاب أوباما؟
- أكثر ما يعنينى هنا ما يجرى بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وأنا أعرف أننا للأسف أثبتنا كعرب أننا أناس لا يمكن الاعتماد علينا، وما زلنا نفكر بالعقلية القبلية وما زلنا نترك الفرصة للنعرات للتحكم بنا، إيران قوة رئيسية وأمامى الآن فى هذه المنطقة ثلاث قوى رئيسية هى إسرائيل موجودة وقوة موجودة ثم تركيا ثم إيران، قد أختلف مع تركيا لكن لا أتخيل أن يقال فى إذاعة مصرية على أردوغان المدعو أردوغان، المشكلة أننا لا نعرف فى غرامنا أو كراهيتنا أو فى ثاراتنا، لا نعلم حدودنا وأين يجب أن نقف؟ سمعت فى إحدى الفقرات الإذاعية صدفة أحد الضيوف يقول على رئيس الوزراء إذا لم يستطع أن يجد حلا فى وزارة كذا وكذا عليه أن يذهب لبيته «وينقى رز مع مراته».

■ هل فى شىء مما قاله عن مصر لفت نظرك مع تغيير وجهة النظر؟
- أنا مبدئيا لدىّ تحفظ على مسألة انتظار الترياق من العراق.

■ هذا هو الواقع؟
- أعرف أن هذا هو الواقع لكن جل همى هو أن نبحث عن تغطية سريعة لحالة الانكشاف التى نعيشها الآن عندما أشاهد الإعلام وأنا لا أستطيع أن أنطق ببنت شفة عن الصحافة ولا الإذاعات، لكن غياب الحقائق عن الناس يجعلك فى أوضاع ليست لها مثيل فى أى مكان فى العالم. نتيجة غياب الحقيقة وممارسة الحرية بانطلاق وبقسوة بلا حدود.

■ ما الحقيقة الغائبة حول المعونة الأمريكية لمصر والعسكرية بالذات، لماذا التلويح المستمر بقطع المعونات أو تعليقها؟ هل يجب أن يقلقنا ذلك؟
- أنا شخصيا يقلقنى ذلك، وعندما أنظر إلى إخواننا القائمين على قيادة الجيش، حقيقة أشعر بالقلق عليهم فى وجود واجبات عسكرية فى سيناء وواجبات أمنية موجودة فى جميع أنحاء البلاد، مصدر سلاح موجود من الولايات المتحدة الأمريكية وقد تقومين بإنتاج بعض منها، وقد يكون من الصحى أن يتم تنويع المصادر، لكن السؤال أين المتسع المسموح لتنويع هذه المصادر؟ إذا كان هناك قفص حديد أعتقد أن هذا سيحدث أن ينكسر هذا القفص، ولا مفر من هذا، وهناك ما يقلقنى وهو الشك المستحكم من كل القوى فى كل القوى، كل بنى آدم لديه شك فى الثانى، كنت أتمنى فى مرحلة الانتقال ليس فقط بيان حقيقة لكن يعطى ملامح تصرف.

■ ونحن نواصل بحثنا عن الحقائق الغائبة ما الحقيقة الغائبة فى وضع القوى السياسية، ونبدأ بالإخوان لأنها الأكثر جدلا فى الشارع المصرى بعد الحظر القضائى والحظر الشعبى هل ما زال لهم مكان فى المستقبل؟
- المشكلة ومنذ زمن طويل جدا أننا سمحنا لهم باحتكار التحدث باسم الإسلام، وأنا أعتقد أن هذا أخطر ما حدث وهم يتمسكون بهذا حتى يبدو أنهم شهداء من أجل الإسلام، وضحايا دفاعا عن الدين، لكن هذا ليس صحيحا، بل لأن القفز على سلطة لم يكن أسباب نشوئها حقيقيا لكى يصلوا إليها قفزوا على 25 يناير وحتى مع وجودهم فى جمعة الغضب، لكن كان لديهم الرغبة فى عقد مزيد من الصفقات، ولكن الأخطر احتكار الخطاب الدينى فى التأثير والقوة، وأرى أن دور الأزهر هنا يحتاج إلى إعادة تنشيط ومراجعة. وأنا أرى أن سلامة الدين فى مصر تقتضى أن يكون له مرجعية واضحة لا حزب سياسى، الدين ترعاه مؤسسته القادرة على خطاب الناس وثقتهم لكن لا أتصور أن مجتمعا يقبل أن حزبا سياسيا يأخذ الدين لصالحه، أما الباقون ومع الأسف الشديد دون تسمية فى حاجة إلى إعادة دراسة العصر، هناك بعضهم وأنا أعتقد أن هناك أسماء ستجدين أنهم يعودون إلى مشهد ماض وحركة محدودة، مثلا كنت أتحدث مع شاهين سراج الدين باشا وأقول له كلمة وفد تعنى فى حد ذاتها ذهاب بعض الناس إلى المعتمد البريطانى 1919 لطلب شىء لم يتحقق، لكن مثلا هناك أحزاب أخرى تقول عبد الناصر، وأنا من أكثر المتحمسين لعبد الناصر والعالم تغير والأوضاع تغيرت وميزة ذلك وجود التجربة فى جوهر الثقافة، لكن لا تتحول لكتب نصية لا يمكن هذا مع الأسف الشديد كل القوى والأحزاب السياسية فى مصر ترجع إلى نصوص سابقة فى عهود سابقة مع تغير الظروف العالمية، وأعتقد أن هذا جزء من المأزق، وبالتالى الإخوان المسلمون يأخذون الدين والبقية تأخذ الماضى، وأنا الطرفان بالنسبة لى وكل الفرقاء لا يمثلون رؤية للمستقبل، لأن الرؤية للمستقبل فيها القيود الراهنة وكيفية الخروج منها والانطلاق، وإلى أى عصر وأنا لا أعلم أى حزب الآن موجود على الساحة له صلات دولية بخلاف الإخوان المسلمين، وهم ملتزمون بالاتصال السرى أكثر من المسائل العالمية، وأريد أن أقول وإنصافا للحق بالنسبة لمسألة العمل فى السر فى هذه المنطقة سمة رئيسية طول العهود السابقة، مثلا المماليك يريدون أن يعملوا سرا بعيدا عن دولة الخلافة، وبالتالى فإن العمل السرى فى هذه المنطقة أخذ وقتا كبيرا فى سيطرة الاستعمار والمماليك والسلاطين فى العمل السرى من «تحت لتحت».

■ الآن الإخوان المسلمون يعودون للعمل السرى مجددا؟
- فارق بين العمل السرى والاتصال السرى، فالأول يعنى الاتفاق على عمل ما فى السر وتحقيق نتائج، لكن الاتصال السرى يكون الأخطر وأنا أشعر بالقلق منه، التى لا تعلمين عنها شيئا، مثلا عندما تجدين أن الإخوان المسلمين متصلون منذ وقت مبكر بالأمريكان والإنجليز، مثلا فى مفاوضات الجلاء، الإنجليز استخدموا الإخوان كورقة فى التفاوض من أخذ صيغة وعرضها عليهم، والإخوان يردون وقتها مستعدين الأخذ بأقل من ذلك، هذا نوع من الاتصالات، وبالتالى الخطورة هنا تتمخض عن عمل سرى مضاف إليها اتصالات سرية والحصول على تعهدات، وليسوا هم فقط، فكثير من القوى اتصلت بالأمريكان، وهم يعلمون نفوذها الغالب للحصول على مكاسب حتى هذه اللحظة. وإذا كنت معبرا للقوافل ومعبرا حقيقيا للتجارة الدولية، طبيعى جدا أن تكونى مطمعا للعالم، التاريخ الحديث عبر حركة التاريخ سنجد أن هذه المنطقة عبارة عن ثلاث واحات واحدة هى واحة النيل وواحة الأردن والثالثة واحة الفرات، وكانت كل المنطقة تعمل فى تجارة القوافل إما لحراستها وإما لنهبها، فنحن باستمرار فى اتصال دائم مع الأجانب، لأنه فى وظيفتنا وتركيبتنا بالجغرافيا ونحن فى طريق الشرق والغرب وهذه مشكلة كبيرة جدا.

■ بمناسبة العمل السرى هل صحيح ما تردد أن ثمة مؤامرة ضلع فيها مرسى مع إسرائيل والأمريكان بخصوص سيناء؟
- تقصدين توطين فلسطين، أريد أن أقول من ضمن الأسباب التى جعلت سيناء فارغة إلى الآن هو ذلك الموضوع، لكن علينا أن نكون واضحين من أول المشروع الصهيونى وعندما تم إرسال اثنين من الحاخامات لرؤية فلسطين أرسلا له خطابا قالا فيه العروسة جميلة ولكنها متزوجة فبدؤوا يفكرون فى أين يذهب هؤلاء؟ وكيف سيتم طردهم، وبالتالى طرح موضوع توطينهم فى سيناء من قبل القرن العشرين. وتذكرى أن قضية توطين اللاجئين فى سيناء بدأ منذ عام 1948 ميلادية فى أكتوبر وتحديدا من خلال لجنة يرأسها عضو فى مجلس الشيوخ، جاءت لكى تبحث وتدرس توطين الفلسطينيين اللاجئين فى سيناء. وتكرر بعد ذلك مع الإخوان المسلمين، حيث إن المشكلة لديهم أن فكرة الدولة غير موجودة وتحل محلها الخلافة، لأنها تقوم على السلطة لكن الأرض ليست مشكلة، فكرة الوطنية وأنا لا أطعن فى وطنية أحد لكن عندما يقول أحدهم يتحدث عن دين فى وطن ولا وطن كله فى دين، والأخيرة تعنى أنه لا داعى لوجود الحدود أصلا وجزء من التصور حتى الآن لدى الأمريكان فى خضم فراغ سيناء أن ثمة فراغا هنا وازدحاما فى فلسطين.

■ هل اتفاقية السلام التى وقعت فى 2012 بين حماس وإسرائيل جزء من هذا التفاوض؟
- لا أستطيع أن أجزم بهذا، ولكن على وجه اليقين ومستعد أجزم فى حكومة حماس وأنا أحلل هذا أن ثمة حلا نهائيا قادما، وقد لا يكونون جزءا من هذا الحل، وأن ثمة قطاعا صغيرا مكتظا بالسكان بنحو 2.5 مليون نسمة، وأن الحياة هناك والأوضاع لا يمكن أن تقبلها مصر ولا المصريين، وأن هناك معابر تفتح وتغلق، لكن فى تفكير حماس الداخلى حتى ولو لم تفصح أن لها امتدادا ممكن يكون فى الأراضى المصرية، لكن موضوع التوطين ليس جديدا بل طرح علينا عدة مرات وتحدثنا فيه مرارا وتكرارا، ثم توقف فى عهد معين لكن منذ عهد مشروع جونستون فى عام 55 حتى قرب حرب أكتوبر هذا المشروع كان متوقفا، ثم فتح بعد ذلك عندما تشجعوا بما يثار حول نهر النيل وفرع غزة، وهكذا وأعتقد أن الرئيس السادات ورغم تحفظى على بعض الأشياء ليس له الحق فى ذلك رغم إعجابى بكثير مما صنع، وبالأخص قرار الحرب وأنا حضرت هذا وأعتقد أنه كان فى أفضل حالته عندما اتخذ قرار الحرب، حيث كان لديه قدر من الشجاعة الأدبية لفعل أشياء فى هذا اليوم، لكن أعيد طرح الموضوع مجددا عندما استشعروا بتسييل الأمور بتلويحنا بوعود بأكثر مما يجب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.