الرئيس السيسي: زيادة معدلات تشغيل ذوي الهمم ودمجهم بسوق العمل    طريقة الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني ل مسابقة معلم مساعد فصل في 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    رئيس جهاز بني سويف الجديدة يتابع مع مسئولي "المقاولون العرب" مشروعات المرافق    وزير التعليم العالي يستقبل مدير المجلس الثقافي البريطاني لبحث آليات التعاون المُشترك    برعاية «ابدأ».. إطلاق أول صندوق للاستثمار الصناعي المباشر في مصر    ختام دورات ترشيد استخدام مياه الري وترشيد استخدام الأسمدة المعدنية بالوادي الجديد    وزير الإسكان: جار تنفيذ 64 برجاً سكنياً بها 3068 وحدةو310 فيلات بالتجمع العمراني "صوارى" بالإسكندرية    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    مفتي الجمهورية ينعى الشيخ طحنون آل نهيان فقيد دولة الإمارات الشقيقة    توقع بإدراج إسرائيل الشهر المقبل على القائمة السوداء للأمم المتحدة    القرم ترد على تلميح كييف بقصف جسرها: «إشارة للإرهاب»    غرق عشرات الإسرائيليين في البحر الميت وطائرات إنقاذ تبحث عن مفقودين    وزير الخارجية السعودي يدعو لوقف القتال في السودان وتغليب مصلحة الشعب    أهالي الأسرى الإسرائيليين يقطعون طريق محور أيالون بتل أبيب    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين    قمة روما ويوفنتوس تشعل الصراع الأوروبي    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    صباح الكورة.. الزمالك يفاوض ساحر دريمز وتطورات تجديد عقد نجم ريال مدريد ونجم الهلال يقتحم حسابات الأهلي    بسبب معاكسة فتاة.. نشوب مشاجرة بين طلاب داخل جامعة خاصة في أكتوبر    ارتفاع درجتين.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز.. وضبط 25 طن دقيق    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل مخزن ملابس في العجوزة    "فى ظروف غامضة".. أب يذبح نجلته بعزبة التحرير بمركز ديروط بأسيوط    القبض على 34 شخصا بحوزتهم مخدرات بمنطقة العصافرة بالإسكندرية    ماذا حقق فيلم السرب في أول أيام عرضه داخل مصر؟    عصام زكريا ل "الفجر": مهرجان القاهرة السينمائي أكبر من منافسة مهرجانات وليدة واسمه يكفي لإغراء صناع الأفلام    كيف تحتفل شعوب العالم بأعياد الربيع؟    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الأحد.. «أرواح في المدينة» تعيد اكتشاف قاهرة نجيب محفوظ في مركز الإبداع    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    أول تحرك برلماني بشأن الآثار الجانبية للقاح كورونا «أسترازينيكا» (تفاصيل)    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    البصمة ب 1000 جنيه.. تفاصيل سقوط عصابة الأختام المزورة في سوهاج    المركزي يوافق مبدئيا لمصر للابتكار الرقمي لإطلاق أول بنك رقمي"وان بنك"    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 36 شخصا    نشاط الرئيس السيسي وأخبار الشأن المحلي يتصدران اهتمامات صحف القاهرة    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    «هونداي روتم» الكورية تخطط لإنشاء مصنع جديد لعربات المترو في مصر    الكشف على 1361 مواطنا ضمن قافلة «حياة كريمة» في البحيرة    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    طريقة عمل الآيس كريم بالبسكويت والموز.. «خلي أولادك يفرحوا»    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجوم الهواء يشاغبون ويلعبون مع وضد السلطة!
نشر في الدستور الأصلي يوم 01 - 01 - 2010


مني الشاذلي لاتزال الوجه النسائي الأول
محمود سعد يحيل أحلام الفقراء إلي حقيقة وآمالهم بالتخلص من المرض إلي واقع
منى الشاذلي
أثناء تدريسي مادة النقد الفني لطلبة كلية الإعلام بجامعة القاهرة والأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام أحرص علي أن أمنح المادة نبض الحياة وأن يتواصل الطالب بما يدور حوله ووجدت أكثر ما يؤثر في الطلبة هو ما تبثه الفضائيات.. إنه احتكاك مباشر بما يجري عبر «ميديا» الإعلام لأن تلك البرامج صارت تشكل جزءاً حيوياً في البيت المصري والعربي، وأعتقد أن هذا زمن «التوك شو»، وأن هؤلاء الطلبة هم المسئولون عن الزمن القادم وكنت أريد أن أقرأ ما الذي يشغلهم لأننا ننتمي إلي جيلين مختلفين وكلنا أسري لما ألفناه فأنا لا يمكن أن أخضع جدول حياتي لهذه البرامج.. لا أزال أرنو للتحرر منها بالقراءة لأن الكتاب رفيقي والكتابة هي متعتي وهذه البرامج تسطو علي الوقت فلا تجد أمامك متسعاً لا للكتابة أو للقراءة إلا أنها صارت حقيقة نعيش عليها ولا يمكن أن أغلق الباب أمامها فهي حديث الناس وما عدا ذلك هو الاستثناء ولا يمكن سوي أن أعقد توازناً بين ما يتابعه الناس وما يستهويني نعم ينبغي أن أعيش العصر بكل تفاصيله حتي تلك التي تتناقض مع فكري ومنهجي.. أسعي من خلال الطلبة إلي أن أحصل علي توجه يحمل دلالة ما لأعرف أين يتجه مؤشر الناس لسنا بصدد فيلم سينمائي له معايير محددة للحكم عليه ولكن مقدمو البرامج لا تستطيع أن تقيمهم بعيداً عما يراه الناس.. أعلم أنها عينة عشوائية وأنها أيضاً تتجه إلي شريحة محددة هم طلبة كلية الإعلام مع الاختلاف بالطبع بين كلية إعلام جامعة القاهرة والأكاديمية الدولية بمدينة 6 أكتوبر.. الطالب الأول التحق بالكلية بعد أن سهر الليالي وحقق أعلي معظمهم وأغلبهم من الريف ويقيمون بالطبع في المدينة الجامعية أغلبهن فتيات بنسبة تتجاوز 90%، بينما طلبة الأكاديمية من طبقات اقتصادية أعلي تتكبد كل هذه الآلاف لكي يحصل أبناؤها علي شهادة جامعية من كلية مرموقة مثل الإعلام وأيضاً ترتفع نسبة البنات إلي 80%.. الملاحظة العامة هي أن «محمود سعد» لا يزال يحتل المركز الأول رغم أنه لا يقدم سوي يومين في الأسبوع السبت والأربعاء من خلال برنامج «البيت بيتك»، والظاهرة أيضاً أن «معتز الدمرداش» في برنامجه «90 دقيقة» يتقدم خطوات واضحة باتجاه الجمهور حقق قدراً واضحاً من الكاريزما الجماهيرية كانت مفاجأة بالنسبة لي أنه نجح في تحقيق هذا التواصل.. «مني الشاذلي» هي الوجه الأنثوي الأول في محطات الفضاء ويتابعون ملامحها وزيها واختيارها للملابس ولدي بعضهن ملاحظات علي ملابسها إيجابية وسلبية ومن يملكون اشتراك الأوربت لديهم قناعة بأن «عمرو أديب» هو الأول وأنه ابن البلد المعبر عن مشاعرهم وأحلامهم.. وهو أيضاً زعيم مدرسة المشاغبين الملاحظة التي فرضت نفسها هي أن «أحمد المسلماني» في «الطبعة الأولي» له حضور واضح ومؤثر.. «عمرو الليثي» في برنامجه «واحد من الناس» تواصل مع الطلبة وأن الفقرة الأولي مع البسطاء التي ينحاز فيها إليهم هذا التعاطف الذي يؤكد عليه في الحوار أسفر عن تحقيق درجة مصداقية مع المشاهدين وتعاطفوا أيضاً مع.. ويبقي الجزء الثاني من البرنامج هذا اللقاء مع المسئول أو الفنان.. عندما يُصر «عمرو» علي السؤال الإجباري من تختار بعد الرئيس مبارك ليحكم مصر؟ إنه سؤال لا محل له من الإعراب السياسي وكأنه كليشيه ثابت فما الذي نتوقعه من فنان أو وزير في دولة الكل يعلم أن المنصب يأتي برضاء رأس الدولة وأن ابن الرئيس لديه صلاحيات تجعل الاقتراب منه ضرباً من الخيال، وأن الدولة تعيد ترتيب البيت ليستقبل المجتمع ابن الرئيس مرشحاً للرئاسة في ظل غطاء قانوني وهو أن من حق ابن الرئيس أن يتمتع بحقوقه الدستورية كأي مواطن آخر.. وهكذا تتعدد الإجابات لتصب في هذا الاتجاه والوضع ملتبس، هل البرنامج يمهد لابن الرئيس أم أنه يفند الأسباب التي تتيح له ذلك أم أنه ربما بقصد أو بدون يثير مساحة من الرفض لدي مرشح الرئاسة القادم ابن الرئيس.. ويتبقي بعض البرامج الأخري علي الخريطة التي تسعي بقوة لكي تنتزع لها جمهور المشاهدين «بالمصري الفصيح ON T.V» «ريم مجدي» ولديها أداء يحمل لمحة درامية مقدمة بذكاء وبهامش مقنن.. «الحياة اليوم» شريف منير ولبني عسل.. «الحياة والناس» رولا الخرسا علي قناة «الحياة».. «بلدنا» «O.T.V» «مي الشربيني» و«خالد صلاح».. وأغلب الفضائيات الأخري لها أيضاً برامج تتناول نفس القضايا غالباً ما يتكرر نفس الحدث بالطبع هناك استحالة بأن يشاهد الناس كل هذا العدد وفكرة أن «من سبق أكل النبق» لا أتصورها صحيحة.. الناس عادة لا تتابع مذيعاً أو برنامجاً يسبق الآخر إلا في حالة واحدة وهي أن يشغلهم حدث وهم متلهفون علي أن يعرفوا بعض تفاصيله هنا بالفعل من سبق يستحوذ علي جمهور المشاهدين خاصة أن التوقيت يلعب دوراً رئيسياً.. كل البرامج، تتصارع علي نفس الفترة الزمنية ولهذا ما نراه هنا يتكرر هناك وقد ينتقل إلي كل البرامج بل إن بعض الضيوف قد تجدهم في نفس الوقت علي القناتين أو تشاهد ضيفاً ينظر إلي الساعة وهو في برنامج «90 دقيقة» لأن لديه موعداً مع «عمرو أديب» في «القاهرة اليوم» للحديث عن نفس القضية!!
أول البرامج تاريخياً هو «القاهرة اليوم» إنه البرنامج الأول الذي كان يتابعه الرئيس ولا أستطيع أن أجزم أنه لا يزال يتابعه أيضاً فهذه تحتاج إلي سؤال مباشر للرئيس.. البرنامج كان هو المفضل لدي الرئيس «حسني مبارك» منذ بدايته عام 2000 وكان الوحيد الذي ينتظره الناس ممن لديهم اشتراك الأوربت، وأتصور أن «البيت بيتك» في عام 2004 الذي انطلق بمبادرة شخصية من «د. ممدوح البلتاجي» وزير الإعلام في تلك السنوات وهو لم يستمر أكثر من 11 شهراً أقل وزراء الإعلام عمراً علي المقعد كان علي يقين أن المشاهد الأول للبرنامج هو الرئيس «حسني مبارك» وأن وجوده في منصبه مرتبط بهذا البرنامج.. كان الكل يبدو كأنه يبحث عما يريده الرئيس وكانت الساحة مفتوحة أمام 20 مذيعاً ومذيعة ومن مختلف القنوات كي يتبادلوا أيام الأسبوع.. «محمود بركة» مهندس الديكور وهو نفسه مهندس ديكور «القاهرة اليوم» يستقطبون «حسين الإمام» للاشتراك في «البيت بيتك» وكان يقدم فقرة ناجحة في «القاهرة اليوم» وبعد نحو عام أو أكثر يستقطبون «نيرفانا إدريس» وكانت تشكل دويتو مع «عمرو أديب» عنوان «البيت بيتك» هو نفس عنوان الفقرة التي يقدمها البرنامج للإعلان عن فقرة سياحية كان «د. ممدوح البلتاجي» يشرف عليها أثناء توليه وزارة السياحة ثم جاءت محطة «محمود سعد» الذي جاء للبرنامج بعد رحلة ناجحة في «دريم» ثم M.B.C في مهمة إنقاذ بعد أن أثبتت التجربة أن نجاح البرامج يستند أساساً إلي المذيع صاحب الحضور ثم إلي المادة الصحفية التي يتم إعدادها وأن العكس غير صحيح علي الإطلاق.. البرنامج تتابع عليه الكثير من المذيعين «رزان مغربي» ، «أسامة منير» ، «عباس أبوالحسن» وغيرهم في محاولة للعثور علي سر النجاح وتم الاستقرار علي كل من «تامر أمين» و«خيري رمضان».. و«خيري» أيضاً كان يقدم فقرة ناجحة عن الصحافة في «القاهرة اليوم» أسندت بعد ذلك إلي «حمدي رزق».. البرنامج يعتبر بمثابة حائط أمن دولة لتقديم وتمرير وتبرير ما يريده النظام ويتردد أنه سوف يصبح اسمه الجديد «مصر اليوم» أو «النهارده» أو غيره من المسميات وذلك في أعقاب الخلافات التي نشبت قانونياً بين «إيهاب طلعت» و«محمود بركة» والدولة لا تستطيع أن تنحاز لأي منهما ولكنها تدرك أن كل ما تريده أن يصل للناس ينبغي أن يمر عبر هذا البرنامج فهو رصيدها عند الجمهور.. أثبتت التجربة أن «محمود سعد» هو القوة الضاربة وأسهم صندوق الشكاوي والمطالب الذي تراه علي باب «15» بماسبيرو ممتلئاً بالخطابات إلي المسئولين أيضاً المرضي الذين يطمعون في الشفاء يقفون بالعشرات علي باب «15» ولعب دوراً إيجابياً في الارتباط بمحمود سعد حيث صار هو القادر علي أن يحول أحلام هؤلاء الفقراء إلي حقيقة وآمالهم بالتخلص من المرض إلي واقع يعيشونه.. وهي تذكرنا بما كان يقدمه «طارق علام» قبل نحو 15 عاماً في برنامج «كلام من ذهب».. وربما التقط الخيط بعد ذلك «عمرو الليثي» في برنامج «واحد من الناس» وذلك في لقاء مباشر مع الناس.. في كل الأحوال هناك مساحة من الحرية متاحة أمام «محمود سعد» وهو يعلم الخط الأحمر.. وما يحميه ويسمح له بهذا الهامش أن التليفزيون يعلم أنه لا يوجد له بديل ولهذا لديه صلاحيات أن يختار القضايا التي يناقشها لا يفرض عليه وزير الإعلام شيء الوزير له سلطة سياسية علي البرنامج ولا يملك «محمود» معارضة التوجه السياسي لكن من حقه إذا لم يقتنع ألا يشارك.. لأول مرة يصبح المذيع النجم وليس الموظف وهو تغير نوعي لم يألفه «ماسبيرو» حيث إن كل المذيعين هم في الأساس موظفون في إعلام الدولة وصار بعضهم أقرب إلي قوات الأمن المركزي التي تتحرك رهن إشارة من الدولة.. ولهذا صار أيضاً من حق «محمود» أن يتمتع بحقه في الاختلاف مع الرأي الرسمي بمقدار لا يصل إلي حدود التناقض بالطبع ولكن ليس بالضرورة أن يلتصق بالرأي الرسمي وسوف أضرب مثلاً بترشيح «د. البرادعي» كل الصحف القومية سارعت بالهجوم علي «البرادعي» مما يؤكد أنها تعليمات صارمة والتليفزيون كجهاز إعلام تابع للحكومة في الأحوال العادية عليه أن يلعب في نفس الاتجاه بل يزايد في هذا الاتجاه؛ فما الذي فعله «محمود سعد»؟ دافع عن حق «البرادعي» في الترشيح ولم يقل يصلح أو لا يصلح رئيساً لمصر ولم يقل مثلاً أن المقارنة لصالحه فقط تحدث عن حقه مؤكداً أن هذا يصب في صالح الرئيس ولولاه - يقصد الرئيس - ما كان من الممكن أن يجرؤ أحد علي الترشح لو حسبتها لاكتشفت أنها بقدر ما كانت لصالح «البرادعي» كانت تصب أيضاً لصالح الرئيس.. ولو تساءلت كيف يحدث هذا في تليفزيون الدولة لاعتبرته بطلاً قومياً.. ولو قارنته بما نقرأه في الصحف المستقلة من تأييد مباشر للبرادعي لاكتشفت أن الأمر عادي فقط أن «محمود» قالها بهدوء وبدون تشنج.. تصادف أنه، وفي نفس اليوم وكان السبت 5 ديسمبر حيث سبق «محمود سعد» بنحو ساعتين ونصف «أحمد المسلماني» في «الطبعة الأولي» وكان «المسلماني» يهاجم بضراوة أصحاب الأقلام الذي فتحوا النيران ضد «البرادعي».. أكثر من ذلك كان «المسلماني» يؤازر «البرادعي» وإذا سألت مثلاً كيف يجرؤ برنامج علي قناة «دريم» علي أن ينتقد الصحف القومية، ويؤيد «البرادعي» ستكتشف تلك الثنائية التي تحكم القرار في مصر والتي تؤكد في العديد من القضايا أن هناك دائماً رأيين وتوجهين الأول يمارس القسوة والشجب والعنف ضد كل من يعارضه مهما كان هامش المعارضة والثاني يفضل اللعب بهدوء الوصول إلي نفس الهدف.. وربما لهذا حرص «محمود» في «البيت بيتك» أن يؤكد أنه لا يصحح للصحفيين الكبار آراءهم لا يعتب عليهم إنه فقط يدلي برأيه!!
تستطيع أن تقرأ أن أغلب مذيعي «التوك شو» صاروا هم صناع الرأي العام في مصر الناس تنتظرهم لكي تستمع إلي رؤيتهم وهم يصدقون ذلك من خلال ما يشاهدوه من ردود فعل الناس.. تربي جيل الخمسينيات علي الإذاعة حيث كانت أحاديث «طه حسين» ، «عباس العقاد» ، «فكري أباظة» ، «إحسان عبدالقدوس» هي التي تفتح ذهنهم علي العديد من القضايا الاجتماعية فلم يكن مسموحاً بالاختلاف حول القضايا السياسية.. وكان «فؤاد المهندس» يقدم قبل 30 عاماً برنامج «كلمتين وبس» فينتقد اجتماعياً حال الناس.. كان يتحدث فقط ولكن صاحب الفكر هو الكاتب الكبير «أحمد بهجت».. الزمن لم يكن يسمح بأكثر من ذلك مناقشة قضايا اجتماعية الآن الدنيا تغيرت بالطبع لا توجد حرية مطلقة الدولة تسيطر علي مذيعي التليفزيون الرسمي لا تستطيع أن تمنحهم أكثر كل شيء ينبغي أن يتم تقنينه وبلا أدني مواربة حتي القطاع الخاص هي لديها أياديها للسيطرة علي أصحاب القنوات الخاصة الذين بدورهم يسيطرون علي المذيعين التابعين لهم.. الدولة في الوقت المناسب تتدخل لتصحح أي أوضاع.. لقد تعرض «أحمد المسلماني» مثلاً لمساءلة عن حلقة عن وزير الثقافة بعد خسارته في «اليونسكو» رغم أنه داخل الدولة جناح كان يري أن «فاروق حسني» قد أخطأ التحليل والهجوم وأن عليه أن يتوقف عن التبرير إلا أن المحطة نفسها كانت مع الجناح اليميني في الدولة الذي يري أنه لا يجوز الهجوم علي «فاروق حسني».. و«المسلماني» انحاز للهجوم والمحطة أرادت الدفاع.
حاولت أن أعرف سر هذا الوجود والصعود الجماهيري للمسلماني اكتشفت أنه صاحب القسط الوافر من ربات البيوت كل ربات البيوت كانت ثقافتهم السياسية محدودة «المسلماني» يستطيع أن يصل إليهم بأقل من القليل من الكلمات وبأسلوب شرح مبسط جداً هو ينتقي أقل الألفاظ وعورة وضراوة يصل إلي هدفه بأقل الأساليب يشرح كل شيء ولهذا ينتظره الجميع أمام تلك البساطة التي تميز بها وهكذا صار «الطبعة الأولي» له كل هذا الحضور وهو مثلاً عندما يستضيف مفكر بحجم «طارق البشري» أو الراحلين «صلاح الدين حافظ» أو «د. المسيري» نجده أيضاً لم يتخل عن تلك البساطة مهما كان عمق الأسئلة وبدأ يسبقه في العرض زمنياً علي القنوات الأخري برامج تلعب بنفس المفردات وتقدم ما يجري علي صفحات الجرائد أرادت أن تستغل تلك المساحة لكن ينقص هذه البرامج بالتأكيد شخصية «المسلماني» المحطة نفسها تسارع بالتأكيد علي ولائها للدولة من خلال «مني الحسيني» وبرنامجها «نأسف للإزعاج» والذي ينتهي عادة لصالح الحزب الوطني ورموزه وقضاياه وهي أكثر مذيعة في تاريخ «الإعلام المصري» حظيت باتصالات تليفونية من رئيس الجمهورية مشيداً ببرنامجها!!
علي قناة «المحور» يصل «معتز الدمرداش» في «90 دقيقة» إلي أقصي ما هو متاح للمعارضة رغم أن القناة لا تملك مساحة حرية للمشاغبة السياسية ولا شك أن ريهام «السهلي» تقدمت خطوات.. ثم «48 ساعة» لسيد علي وهناء السمري علي «المحور».. «هناء» هي مذيعة رئاسة الجمهورية ربما علي مدي 15 عاماً ثم أصدر «عبداللطيف المناوي» رئيس قطاع الأخبار قراراً بإبعادها.. و«عبداللطيف» بالطبع أراد تجديد دماء المذيعين وعادة عندما يمتد الأمر بمذيع أو صحفي في رئاسة الجمهورية يشعر بأنه يتمتع بحماية الرئيس شخصياً ولكن إبعاد «هناء» عن التليفزيون أكد أن الأمر ليس علي هذا النحو فلا حماية من الدولة لها ولا تستطيع «هناء» أن تتخلص من انتمائها أو رغبتها للعودة لماسبيرو يوماً ما وهي مكللة بالانتصار أو ربما للثأر ممن أبعدوها والتأكيد علي أنها حتي وهي خارج دائرة الدولة لا تزال تؤيدها وهي مذيعة مبرمجة بحكم الزمن لتأكيد كل مواقف الدولة بينما «سيد علي» يلعب دور المعارضة بقدر المستطاع وهناك بالطبع خطوط حمراء الكل يدركها ولا يتجاوزها خاصة في ظل قناة المحور وهامش المعارضة فيها ينبغي أن يتم تقنينه بدقة حتي لا يتجاوز سقف المسموح.. لا شك أن مؤشر السماح تزداد نسبته في الدولة حتي التليفزيون الرسمي في «البيت بيتك» وبالذات ما يقدمه «محمود سعد» كلما سمحت له الدولة بمساحة أكبر أو انتزعها هو بذكاء يصبح هذا هو الأمل الوحيد في أن يقفز وراءه باقي مذيعي «التوك شو» في الاستحواذ علي مساحات أخري حتي لو تجاوزه في هامش الحرية فإنهم يستندون في نهاية الأمر إلي أن الدولة سمحت في تليفزيونها الحكومي فكيف لا يسمحون بما هو أكثر لنا.. يستمر الفضاء الإعلامي برغم كل القيود والحدود يلعب دوراً مؤثراً في معركة الديمقراطية.. إنهم يلعبون وأحياناً يشاغبون مع وضد السلطة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.