عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    الإفتاء: إذا طلبت الزوجة الطلاق في هذه الحالة لا تشم رائحة الجنة    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    استخراج اسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الاخيرة 2024 بالعراق عموم المحافظات    تمويل السيارات للمتقاعدين دون كفيل.. اليسر    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    اشتباكات عنيفة قرب سوق الحلال وانفجارات شرق رفح الفلسطينية    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    شارك صحافة من وإلى المواطن    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سينما 2009.. إخفاق «عادل» .. ذكاء «حلمي» .. طموح «مكي»
نشر في الدستور الأصلي يوم 31 - 12 - 2009

أخطأ «محمد رياض» ليس عندما قرر أن ينتج لنفسه ولكن عندما تصور أن هذه هي السينما وأن «حفلة زفاف» سوف يصبح هو حفل عرسه علي السينما «تامر» يغني لأن له جمهوراً من الشباب وهو لا يمتلك موهبة في الأداء الدرامي ولكن لديه حضور وخفة ظل.. «عمر وسلمي» توليفة «سبكية» نجحت في اقتناص الشباك
هيفاء وهبي
عشنا في عام 2009 قليل من الإبداع وكثير من الإخفاقات.. رهان النجوم الكبار صار غير مضمون العواقب أدي إلي تراجع مؤشر الإنتاج بمقدار 20% عن العام الماضي ما عرض هذا العام 39 فيلماً فقط.. كان 49 فيلماً في 2008 كان المأمول هو أن نرنو إلي رقم 60 هو المعدل السابق للسينما المصرية الذي كان منذ الخمسينيات وحتي نهاية النصف الأول من التسعينيات ولكن تراجع مؤشر الإنتاج بعد ذلك كان وراءه إحجام القنوات الفضائية عن المساهمة في تمويل الأفلام.. كانت هذه القنوات هي الدافع الحقيقي وراء الزيادة الملحوظة في عدد الأفلام بالمقارنة بالأعوام السابقة ثم بعد ذلك بسبب الأزمة المالية العالمية تراجعت المحطات فتقلص الإنتاج وهو معرض في 2010 للتراجع أكثر وأكثر.
بدأ العام بأفلام مثل «أعز صحاب» أحمد سمير فرج.. «بدون رقابة» هاني جرجس فوزي.. «خلطة فوزية» مجدي أحمد علي.. «مقلب حرامية» سميح النقاش.. «ميكانو» محمود كامل..
المخرج «أحمد سمير فرج» حصل علي العديد من الفرص كمخرج وأجاد في إهدارها كلها.. «بدون رقابة» هاني جرجس فوزي يسرف في مشاهد الجنس والشذوذ معتقداً أن تلك هي الجرأة المطلوبة.. إننا كثيراً ما يصدمنا تعبير «السينما النظيفة» إلا أن هذا لا يعني أن المخرج الذي يقدم الجنس والعري المجاني هو المطلوب وهو الذي يستحق أن نعتبره هو المخرج المبدع.. بالطبع هذا التناقض بين النظافة والقبح غير صحيح هناك فيلم «قبيح» وفيلم «أبيح».. أنا أري «بدون رقابة» قبيحاً أكثر مما أراه أبيحاً.. القبح هو الصفة التي من الممكن أن تطلقها علي العمل الفني فهو قبيح فنياً ويسند الأدوار إلي ممثليه لمجرد أنهم يوافقون علي العري وغير صحيح أن هذا الأمر متعلق بممثلات لبنانيات والدليل أن «علا غانم» وهي مصرية أباً عن جد مثلاً سمحت بالعري أكثر من اللبنانية «دوللي شاهين» ومن الوجه الجديد اللبنانية «ماريا» التي أدت دور البنت الخجولة حتي الجزائرية «سارة بسام» كانت هي عنوان للخجل.. أدت «علا» دورها وكأنها رجل يشعر بنهم جنسي تجاه المرأة التي تعثر عليها وفي نفس الوقت نراها مع الرجال امرأة من الطراز الأول كفاءتها في هذا الشأن طاغية في الحالتين!!
أما «مقلب حرامية» للمخرج الجديد «سميح النقاش فإنه فيلم لا يخدع أحداً فهو مجرد «مقلب حرامية» ندخل ونضحك مع أبطاله قليلاً أو كثيراً ثم ننساه بعد ذلك وهذا هو ربما كان «المقلب» الذي شربناه!!
«خلطة فوزية» التكوين والإيقاع يبدو فيه المخرج «مجدي أحمد علي» وهو غير قادر علي أن يعيش نبض السينما الآن إننا بصدد تفاصيل فيلم ينتمي إلي زمن قديم.. نعم بين الكثير من الأفلام التي تغيب عنها السينما وتغيب فيها إرادة المخرج فإننا هذه المرة بصدد محاولة لصناعة فيلم سينمائي وأيضاً لدينا مخرج قرر أن يصنع فيلماً ينتمي إليه.. صحيح أنه يصنعه لحساب المنتجة والبطلة «إلهام شاهين» إلي أنه في النهاية فيلم تستطيع أن تراه وتتفق أو تختلف معه.. «خلطة فوزية» فيلم محدود القيمة الإبداعية والجمالية يخلو من الوهج ولكنه في النهاية فيلم!!
«ميكانو» أول أفلام المخرج «محمود كامل» قدم هذا العام ثلاثة أفلام وهي سابقة لم تحدث أن يخرج في عام واحد مخرج جديد ثلاثة أفلام أفضلها هو أولها «ميكانو».. في هذا الفيلم ملامح إيجابية أستطيع إيجازها في نقطتين.. أولاً الكاتب «وائل حمدي» أول محاولة له في الكتابة الدرامية وهو بالفعل لديه بكارة وجرأة وقدرة علي التقاط نبض العصر في مفردات الحوار.. ثانيا المخرج «محمود كامل» أيضاً أول تجربة له في مجال الفيلم الروائي بالتأكيد مخرج يعرف أين يضع الكاميرا وكيف يحرك أبطاله ويملك - وهذا هو المهم - القدرة علي خلق الجو العام!!
«حفلة زفاف» للمخرج «أحمد يسري» بطولة «محمد رياض».. لماذا ينتج «محمد رياض» للسينما؟ لأنه لديه شركة إنتاج هذه هي إجابته ولكن هل هذا يكفي.. المنتج ينتج لكي يحقق أرباحاً وعندما نصبح بصدد منتج وفنان فإنه من المؤكد تصبح لديه رسالة يريد توصيلها للجمهور.. فهل كان «رياض» يحمل هذه الرسالة بالتأكيد لم يلحظ أحد في فيلم «حفل زفاف» رسالة؟!
نعم أخطأ «محمد رياض» ليس عندما قرر أن ينتج لنفسه ولكن عندما تصور أن هذه هي السينما وأن «حفل زفاف» سوف يصبح هو حفل عرسه علي السينما!!
«إبراهيم الأبيض» لمروان حامد.. الفائز هو «محمود عبدالعزيز» سنوات الابتعاد عن السينما أصبحت لديه مثل طبقات الأرض التي كلما ازدادت سمكاً وصلابة أخفت في أعماقها بئراً عميق من البترول.. هكذا كان «محمود عبدالعزيز» في دوره «عبدالملك زرزور».. نعم كان له في 2008 «البيبي دول» لكنه من المؤكد كان أول من يعلم أن الدور ليس دوره.. هذه المرة اقتحم «محمود عبدالعزيز» بأستاذية تخوم الشخصية كان يعرف جيداً أنه إما أن يكون ساحراً ومشعاً أو لا يصبح هناك دور.. هذه الشخصية المكتوبة علي الورق إذا لم يمنحها الممثل شيئاً من داخله تبدو سطحية الحوار الذي تنطق به واللمحات التي تؤديها تتجاوز خط الواقع فهو أقرب إلي السرمدية والخلود.. شخص تتجسد بداخله روح الأبدية والحكمة المطلقة ولكن يحمل أيضاً ضعف بشري كامن إننا هنا مع «محمود عبدالعزيز» عملاق فن الأداء.. الفنان الذي غاب كثيراً وعاد عملاقاً.. الأستاذ كان هذه المرة هو الأستاذ وعاد متألقاً علي جناح «إبراهيم الأبيض»!!
أما المخرج «مروان حامد» فأنا أري أن الطموح الفني المرتبط به بعد فيلمه الأول «عمارة يعقوبيان» أكبر بكثير من القيد الذي وضع فيه نفسه عندما وقع اختياره علي هذا السيناريو!!
«عمر وسلمي» لأحمد البدري.. هل في الفيلم رؤية مخرج؟ أستطيع أن ألمحها في الثلث الأول فقط ولكن بعد ذلك فإنه فيلم «تامر حسني».. نكرر السؤال هل هذه هي الكوميديا؟ والحقيقة هي لا.. لا يزال الأمر يحتاج إلي جهد أكبر.. لا نكره الضحك ولكنه عندما نتحدث عن الكوميديا فالمؤكد أنها ليست ما شاهدناه في «عمر وسلمي»!!
الذي نراه في هذا الفيلم ويستحق أن نحلل أسباب نجاحه التجاري فهو ولا شك الأكثر تحقيقاً للإيرادات إنه بالتأكيد «تامر حسني» ليس فقط بين كل المطربين ولكن مكانة «تامر» تضعه في الدائرة الضيقة جداً لكبار نجوم الإيرادات التي نري فيها «أحمد حلمي»، «أحمد السقا»، «أحمد مكي»، «عادل إمام» هؤلاء هم الأعلي صوتاً في شباك التذاكر و«تامر» يقف معهم ربما يأتي في المركز الثاني أو الثالث أو الرابع وعلي هذا فإنه صاحب المشروع السينمائي «تامر» يغني لأن له جمهوراً من الشباب وهو لا يمتلك موهبة في الأداء الدرامي ولكن لديه حضور وخفة ظل.. «عمر وسلمي» توليفة «سبكية» نجحت في اقتناص الشباك وإقناع الجمهور بتمضية قرابة ساعتين من المرح الآمن ولكن تظل السينما الكوميدية التي نرنو إليها بعيدة تماماً عما شاهدناه علي هذا الشريط السينمائي!!
«الفرح» سامح عبدالعزيز.. وصل الفيلم إلي ذروة درامية يستطيع من خلالها أن يجيب علي هذا السؤال.. ما الذي حدث للمصريين؟!
كنت مبهوراً وأنا أشهد فيلم «الفرح» بهذا الألق في السيناريو الذي نسجه «أحمد عبدالله» والقدرة علي التعبير السينمائي للمخرج «سامح عبدالعزيز» والذروة التي تبدو بها ملامح ميلودرامية بنفس القدر الذي تنضح فيها برائحة الواقع.. موت في عز الفرح.. موت الأم قبل نهاية اللعبة أو الصفقة التي شارك فيها الجميع بمن فيهم الأم التي سددت لابنها جزءاً من تكاليف الفرح لكي تكمل اللعبة وهي في نهاية الأمر تدخل في إطار الكذب التحايل، لكنها جرائم صارت تتمتع بقدر ملحوظ من المشروعية.. هناك حدود اجتماعية لا ترتبط بالضرورة بالدين ولا بالقانون الوضعي، لكنها تدخل تحت طائلة علم الاجتماع.. تعارف الناس عليها باعتبارها وسائل مشروعة لكسب العيش.. «الفهلوة» بها قدر لا ينكر من النصب، لكن من يمارسها لا يعد نصاباً في نظر المجتمع.. الفيلم يضعنا جميعاً أمام مرآة.. نحن المرآة ونحن أيضاً من ينظر إلي المرآة.. الكل متواطئ.. ولكن في تلك اللحظة المصيرية في بناء الفيلم يقرر «أحمد عبدالله» عقاب كل المشاركين من خلال حكم أخلاقي مباشر رغم أننا لو استندنا إلي الأخلاق في معناها الأشمل والحقيقي لاكتشفنا أنهم من البداية مخطئون.. إننا بصدد فيلم سينمائي نختلف معه في انتصاره لفكرة العقاب الأخلاقي، لكنه يظل فيلماً جديراً بالمشاهدة وأيضاً بالحياة، فهو خطوة أبعد بكثير من «كباريه» ولهذا أنتظر الثنائي «أحمد عبدالله» و«سامح عبدالعزيز» في فيلمهما الثالث «الليلة الكبيرة» 2010!!
«بوبوس» وائل إحسان.. القضايا الساخنة لا تفضي بالضرورة إلي أفلام كبيرة وهكذا تبدو الدعاية المصاحبة لفكرة تعثر رجال الأعمال المصريين والأزمة الاقتصادية العالمية أكبر بكثير مما أسفر عنه في النهاية الشريط السينمائي!!
أشعر وكأن صانعي هذا الفيلم وأعني بهم الكاتب «يوسف معاطي» والمخرج «وائل إحسان» عندما دخلا إلي ورشة «عادل إمام» لصناعة الأفلام طبقاً للمواصفات القياسية التي يريدها «عادل إمام» خضعا بالضبط لمطالب الزعيم بل أسرفا في تقديمها فأصبحنا بصدد فيلم عري وجنس وفياجرا مغموس بقليل من الأزمة الاقتصادية.
ما الذي يتبقي في الذاكرة في نهاية الأمر لا شيء له علاقة بالقضية التي يتناولها الفيلم.. هذا إذا كان بالفعل لهذا الفيلم قضية.. لا شك أن المجتمع المصري خلال السنوات العشر الأخيرة وهو يعيش مأساة زواج السلطة برأس المال.. هذه هي القضية الشائكة وهي تحديداً التي قرر «عادل إمام» أن يمر عليها مرور الكرام من بعيد لبعيد وكأنه يخشي أن تحسب عليه سياسياً.. أخفق «عادل إمام» ولم يدافع عن إخفاقه في حين أن «يسرا» هي التي ظلت تدافع عن «بوبوس» وحتي كتابة هذه السطور!!
«السفاح» سعد هنداوي.. لا أزال أري «سعد هنداوي» واحداً من المخرجين الموهوبين لكنه في نفس الوقت لم يستطع عزف النغمة السينمائية التي يريد أن يرددها، فهو فقط وحتي الآن لا يعزف سوي ما يريده الآخرون وعليه أن يمتلك الجرأة لأن يصبح نفسه وإلا فإنه لن يصبح أبداً!!
«احكي يا شهرزاد» يسري نصر الله.. لماذا كانت تحكي «شهرزاد» في حكايات «ألف ليلة وليلة»؟! كان هدفها هو الحياة تريد أن تبعد سيف «مسرور» عن رقبتها الذي يصبح رهن إشارة من مولاه «شهريار» ووجدت أن «شهريار» تستهويه الحكاية وظلالها ولا يمل منها حتي يداهمهما النوم ولهذا ينتظر ويبقيها علي الحياة لليوم التالي.. هذا عن «شهرزاد» الأسطورة فما هي حكاية «هبة يونس» أقصد «شهرزاد» 2009 التي لعبت دورها «مني زكي» في فيلم «احكي يا شهرزاد» للكاتب «وحيد حامد».. لم تكن «شهرزاد» هذا الزمن تسعي للتسلية ولم يكن أيضاً هدفها هو الحفاظ علي حياتها.. رغم أننا نكتشف في نهاية أحداث الفيلم أنها كانت مستهدفة من «شهريار» العصر زوجها الذي أدي دوره الوجه الجديد «حسن الرداد» وأنها كان ينبغي أن تحكي وتكشف وتفضح الفساد حتي تستطيع مواصلة الحياة.. إنه فيلم مختلف علي خريطة كل من الكاتب «وحيد حامد» والمخرج «يسري نصر الله» وعادت في الفيلم للمرأة البطولة المفقودة فكانت «مني زكي» متألقة ومبدعة!!
«دكان شحاته» خالد يوسف.. يقدم الفيلم رؤيته التي يسعي إليها وهو يضع أمامه بناء فنياً يترك دائماً حكاية مسلية يتابعها المشاهد بشغف في نفس الوقت لديه ما يريد أن يقوله للجمهور رؤية سياسية تشغل بال الوطن.. إنها في ضمير كل مصري ماذا بعد غياب الرئيس «حسني مبارك» عن مسرح الأحداث!!
لو قلت إن «دكان شحاته» فيلم تجاري يحاول أن يقدم كل المفردات التي يريدها الجمهور فأنت لم تبتعد عن الحقيقة التي يعلنها الشريط السينمائي ولو قلت إنه يحمل بعداً فكرياً وسياسياً ويدخل إلي الممنوع فأنت أيضاً تتحدث عن الحقيقة التي شاهدناها علي الشريط السينمائي.. الفيلم فكرياً يبدو أنه يستسلم للتوريث ويقول له نعم، لأنه أفضل الحلول المطروحة طالما أن البديل هو الفوضي!!
«ألف مبروك» أحمد جلال.. «أحمد حلمي» في هذا الفيلم نري وجه الممثل وليس المضحكاتي.. إنها القدرة علي المغامرة.. أغلب النجوم لدينا وتحديداً نجوم الكوميديا يتحولون إلي أصحاب مشروع اقتصادي قدرتهم علي الضحك هي رأسمالهم وهم غير مستعدين للمجازفة، وهكذا يحدث تنميط لنجم الكوميديا.. شركات الإنتاج تساهم بقسط ونجم الكوميديا يساهم بقسط أكبر.. «نجيب الريحاني»، «إسماعيل يس»، «فؤاد المهندس»، «عادل إمام» تم تنميطهم إلا في القليل النادر، لكنهم في الأغلب قدموا نفس الشخصية في أعمالهم لم يراهنوا علي الممثل بداخلهم الذي ظل في حالة خمول دائم، لأن النجم إذا غامر فهو صاحب القرار وعندما تفتح له شركات الإنتاج الميزانية فهي تعلم أنه سوف يحقق لها مكاسب وعلي هذا فإن النجم يتحمل عقبات المخاطرة قبل شركة الإنتاج وأدرك «أحمد حلمي» ذلك في وقت مبكر.. مع «1000 مبروك» رأيت «حلمي» يواصل مغامراته كممثل يؤدي شخصية درامية تتغير وتتباين مواقفها وأدواته التعبيرية في الأداء نراها من الخضوع إلي الحياد إلي التمرد إلي التهور ثم تنتقل إلي مرحلة الفعل الإيجابي ورغم ذلك لم يتوقف الممثل عن التحليق في فن الأداء، وفي الوقت نفسه كان قادراً علي تقديم الابتسامة والضحكة.. أما «أحمد مكي» في «طير إنت» لأحمد الجندي فإنه لا يكف عن الطموح لديه بالفعل جمهور ينتظره ومفردات خاصة به كنجم كوميدي له مساحته ولا شك في قلوب الناس!!
«مجنون أميرة» إيناس الدغيدي.. دائماً ما تحرص «إيناس» علي أن تثير في أفلامها قضايا ساخنة وحيوية مثل الحرية في فيلم «الباحثات عن الحرية»، أو زواج البنات في سن مبكر لأثرياء عرب مقابل الحصول علي أموال في فيلم «لحم رخيص».. دائماً ما تتصدي «إيناس» لقضايا مهمة ومحورية في حياتنا، لكنها لا تخلص أبداً في معالجتها درامياً أو فكرياً.. وهذه المرة وقع اختيارها بالفيلم علي علاقة الإسلام بالآخر وأن الإسلام في عمقه لا يرفع سلاحاً ولا يجبر أحداً علي اعتناقه، لكنها كالعادة أضاعتها؛ لأنها أخذت فقط السطح ولم تتعمق أكثر من ذلك؟!
«بدل فاقد» أحمد علاء.. عقد «بدل فاقد» صلحاً مع وزارة الداخلية ليؤكد لحبيب العادلي ورفاقه أن السينمائيين خاضعون تماماً لسيطرته وأن وزارة الداخلية «فل الفل» وأعادتنا الأحداث للخلف دُر عندما كنا نري في الأفلام القديمة في زمن الأبيض والأسود يأتي رجال الشرطة في اللحظة الأخيرة بزيهم الأبيض الناصع صيفاً والأسود الفاقع في الشتاء لمناصرة الحق وإلقاء القبض علي المجرم!!
نعم الفيلم يواصل من خلاله «أحمد عز» تأكيد أحقيته بالوجود داخل دائرة نجوم الإيرادات في السينما المصرية، لكني أري أن هناك لحظة تمرد ينبغي أن يشعر بها الفنان يقتحم بعدها دائرة أخري وأتصور أن الوقت قد حان يا «أحمد»!!
«ولاد العم» شريف عرفة.. الدراما المصرية عندما تقتحم إسرائيل ومن خلال ضابط مخابرات مصري وليس عميلاً مزدوجاً تصل إلي ذروة الجماهيرية، فهي تعزف نغمة كثيراً ما نتوق إلي سماعها.. وهكذا جاء فيلم «ولاد العم» المقصود بهم بالطبع اليهود.. شاهدنا من قبل «نادية الجندي» في فيلميها «مهمة في تل أبيب» و«24 ساعة في إسرائيل» تدخل إلي تلك المنطقة اختراق جهاز «الموساد» الإسرائيلي.. يجب أن نعترف بقوة الخصم لتزداد قوتنا نحن ويصبح لانتصارنا قيمة!!
«مني زكي» و«شريف منير» علي المستوي الدرامي هما المحملان درامياً بكل الأبعاد والتناقضات وهكذا أجاد البطلان.. من العناصر المتفوقة في الفيلم ديكور «فوزي العوامري» وتصوير «أيمن أبوالمكارم» وموسيقي «عمر خيرت» ومونتاج «داليا ناصر» وأري أن «عمرو سمير عاطف» في أول أفلامه يمنحنا إحساساً ووعداً بأن ننتظره في أفلام قادمة وتبدو بصمة المخرج «شريف عرفة» واضحة في خلق مصداقية للأجواء داخل إسرائيل وأيضاً في قيادته لنجومه وحصوله علي كل هذا الزخم الإبداعي!!
«أمير البحار» وائل إحسان.. أخذ «محمد هنيدي» معه نفس فريق «بوبوس» الكاتب «يوسف معاطي» والمخرج «وائل إحسان» لكنه حقق إيرادات تفوقت علي «عادل إمام».. أفلام القراصنة تحقق في العالم رواجاً تجارياً ولم يسبق أن أقدمت السينما المصرية علي شيء من هذا القبيل.. القراصنة دائماً بعيدون عن خيالنا السينمائي.. الفيلم تم تركيبه علي «محمد هنيدي» مع عدم مراعاة فروق التوقيت.. يؤدي «هنيدي» دور طالب في الأكاديمية البحرية يحب جارته «شرين عادل».. البحر والقراصنة مكان خصب جديد علي الأقل بالنسبة للسينما المصرية التي نادراً ما ترنو للتغيير ولكن جاء «هنيدي» للبحر وهو محمل بكل الأفكار التقليدية التي كانت معه قبل ذلك في البر!!
«بالألوان الطبيعية» أسامة فوزي والذي يبدو وكأنه الجزء الثاني من «بحب السيما».. في «بحب السيما» شاهدنا الطفل وهو يتسلل من أبيه ليخفي سر عشقه لفن السينما بينما الأب مارس عليه كل صنوف الكبت.. هذه المرة نجد أن الولد قد كبر ومن حقه أن يختار دراسته في كلية الفنون الجميلة هذه المحطة التالية له.. النقاء الذي نولد به أطفالاً من الممكن للمجتمع أن يحيله إلي عوائق ومحرمات وجبال يصعب تحطيمها.. لا شك أن هذه هي البداية الساخنة ماذا يفعل الشاب بين عائلة ومجتمع بل وأساتذة عدد غير قليل منهم ينظرون للفن بقدر من الريبة والشك والتكفير.. الفيلم يستند إلي حقائق حتي داخل كلية الفنون الجميلة وهي أن عدداً من الأساتذة يحرمون الفن، بل وصل الأمر إلي منع الموديل من السماح لهم بالوجود في الكلية.. الضربة التي يواجهها المجتمع قاسية جداً ضد كل ما هو إبداعي وفي كل المجالات حتي صار التحريم هو الأساس رغم أن كل الأديان تقوم علي قيمة أساسية وهي الإباحة أولاً والمنع هو الاستثناء!!
«بالألوان الطبيعية» فيلم أؤيده بالتأكيد فكرياً في ظل مجتمع يرفع شعار القيود ويمارسها علي أفراده باسم الدين والأخلاق فيظلم الدين والأخلاق ويحيل حياة الناس إلي جحيم، ولكني أري أن سحر السينما قد تضاءل كثيراً عن جزئه الأول «بحب السيما»!!
ويبقي الفيلم الأهم إنه «واحد صفر» لكاملة أبوذكري.. فهو الأفضل هذا الموسم.. لجأت المخرجة «كاملة أبوذكري» في فيلمها الروائي الرابع إلي أسلوب - الدوجما - في تنفيذ لقطات الفيلم، حيث إن الكاميرا المحمولة تصبح بطلاً لا تلجأ إلي القطع بين اللقطات وهذا يوفر قدراً من الحميمية في التلقي وأيضاً الواقعية في التعامل مع الإضاءة والديكور.. «الدوجما» في عمقها تسعي لإلغاء الإحساس بأننا نتعامل مع حالة سينمائية تحاول أن تحيل السينما إلي واقع واستطاعت «كاملة» أن تحقق ذلك وأن تشعرنا بأننا لا نتعامل مع ممثلين، بل نري النجوم في أفضل حالاتهم الإبداعية يتعايشون أكثر مما يمثلون، بل هم في حقيقة الأمر نسوا أنهم ممثلون.. الأهم ليس فقط هؤلاء النجوم ولكن الممثلين الثانويين الذين كثيراً ما يجرحون الأفلام بعد أن تفلت منهم أحاسيس التعبير لكن «كاملة» أخضعت الجميع تحت سيطرة مخرجة تدرك أن تفاصيل الصورة ينبغي أن تحمل وهجاً خاصاً!!
لجأت «كاملة أبوذكري» إلي حصار شخصياتها داخل لقطات قريبة مع المحافظة علي التدفق الشعوري وامتلاكها القدرة علي قيادة كل هؤلاء الممثلين وأيضاً الأدوار الثانية وتحافظ علي عفوية التعبير.. إبداع خاص يحمل نبضاً ومذاقاً وقدرة علي الإمساك بالجو العام للفيلم!!
نعم كان العام به القليل من الإبداع والكثير من الإخفاقات!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.