نشطاء حقوق الإنسان شنّوا هجومًا عنيفًا على المؤتمر الذى عقده محمد مرسى مع عدد من ممثلى المجتمع المدنى، مؤكدين أن منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية البارزة فى المجتمع لم تتلقَّ دعوة للمؤتمر، وأن مؤسسة الرئاسة تريد قصر الدعوة على أتباع التيار الإسلامى فقط، حتى يخرج القانون بالشكل الذى يريدونه. بينما أحال الرئيس مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد إلى مجلس الشورى، أكد عدد من النشطاء أنهم قد يتغيّبون عن حضور نقاشات مشروع القانون فى «الشورى»، وسوف يقاطعون القانون نهائيًّا، احتجاجًا على ممارسات التيار الإسلامى ضد منظمات حقوق الإنسان.
مدير المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة ناصر أمين، قال إنه منذ تولى محمد مرسى رئاسة الجمهورية لم يصدر فى مصر قانون واحد محترم يتفق مع المعايير الدولية أو حتى المحلية، موضحًا أن جميع القوانين التى صدرت من «الشورى» إما مخالفة للدستور أو مخالفة للقوانين والمواثيق والمعاهدات والبروتوكولات الدولية التى وقعت عليها مصر، مشيرًا إلى أن قانون الجمعيات الأهلية لن يخرج عن هذا الإطار.
ناصر أضاف أن الدولة تتجاهل منظمات حقوق الإنسان ولن تشركها فى أبسط حقوقها، وهو القانون المنظم لعمل الجمعيات الأهلية، وأردف «أعتقد أن منظمات المجتمع المدنى الحقيقية ونشطاء حقوق الإنسان، وأنا منهم، سوف يقاطعون مناقشات مشروع القانون فى مجلس الشورى، احتجاجًا على ممارسات التيار الإسلامى ضد منظمات حقوق الإنسان».
الناشط الحقوقى نجاد البرعى، أكد أن ما حدث فى مؤتمر الجمعيات الأهلية مع مرسى أمر طبيعى، وليس غريبًا أن يقتصر الحضور على أتباع التيار الإسلامى فقط، مضيفًا أن التيار الإسلامى لديه مشكلة مع منظمات حقوق الإنسان ونحن نعانى من مشكلة فى التعامل معهم، ومن الطبيعى أن أرى المشهد الذى رأيناه فى اجتماع مرسى مع منظمات المجتمع المدنى.
فى السياق نفسه، أوضح رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون سعد الدين إبراهيم، أنه إذا نص القانون على إنشاء الجمعيات بالإخطار ودون انتظار موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية أو أى جهة حكومية وأن تكون الجمعية العمومية هى المسؤولة عن إدارة الجمعية وكل ما يحدث بها، فهذا أمر جيّد، وسنتفق مع القانون، مضيفًا أن العمل التطوعى هو عمل لأصحابه، وأنهم القادرون على حمايته ومراقبته.
سعد الدين أكّد أنه لا يريد أى وصاية لأحد على العمل الأهلى، وأن تترك للجمعية العمومية مسؤولية العمل والمراقبة، وإذا كان أى طرف حكومى أو أهلى لديه تحفّظ أو اعتراض على شىء يخص الجمعية، فليلجأ إلى القضاء لأن البيّنة على مَن ادّعى لا على الجمعية.
ومن جانبه، قال مدير المنظة العربية للإصلاح الجنائى محمد زارع، إن هناك إصرارًا من النظام على تهميش الفئات التى ينظّمها أى قانون، ولم يحدث هذا فقط مع المؤسسات الحقوقية بعدم مشاركتها فى النقاش حول القانون بل يحدث مع قانون السلطة القضائية أيضًا، لافتًا إلى أن «أى حديث عن المشاركة من المنظمات الحقوقية حول القانون غير صحيح، وأنه لم تكن هناك شفافية لإعلان الأفكار التى كانت تطرح، بل كان استماعًا فقط لتسجيل موقف، والنظام لديه سياسة محددة للقضاء على المجتمع المدنى، لأن المجتمع المدنى حر ومحايد ويرصد الانتهاكات».
زارع أضاف أن مرسى ليس لديه صبر مبارك الذى أصدر قانون 84 لسنة 2002، وكان قانونًا ديكتاتوريًّا، لكنه لم ينص على دور للأمن فى مراقبة الجمعيات بل الوزارة فقط، وكان الأمن يتدخّل من خلف الستار، أما مرسى فوجد هذا غير كافٍ فقرر استبدال قانون أكثر ديكتاتورية به ينص على دور الأمن فى مراقبة الجميعات، موضحًا أن النظام يتعامل مع المجتمع المدنى باعتباره غير وطنى ويجب مراقبته والسيطرة عليه من الأجهزة الأمنية، وأن إنشاء الجمعية بالإخطار غير حقيقى لأن القانون يضع لجانًا واعتراضات قد تعرقل إنشاء الجمعية.
زارع أشار إلى أن النظام يسعى للتخلص من كل الجهات التى ترصد انتهاكاته وهى الإعلام والصحافة والقضاء والمجتمع المدنى، وأن مرسى يغلق كل أساليب التغيير السلمية، ولا يدع أمام المصريين إلا الثورة لإنهاء هذا الوضع، لافتًا إلى أن كل الخيارات مفتوحة أمام المجتمع المدنى لمواجهة إصدار هذا القانون.
وكان أكثر من 22 مؤسسة تعمل بالمجتمع المدنى المصرى والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان قد أبدت اعتراضها على مشروع القانون باعتباره «يعيد إنتاج الدولة البوليسية بتقنين دور الأمن فى مشروع القانون، ولتعارضه مع مادة 51 بالدستور التى أعطت حق إنشاء الجمعيات بالإخطار، حيث يجعل القانون التأسيس بالترخيص لا الإخطار، ويناصب العداء لنشاط حقوق الإنسان، ويعادى مؤسسات حقوق الإنسان الأجنبية».