وثيقة إخوانية تدعو إلى «الجهاد العظيم فى إزالة وهدم المدنية أو الحضارة الغربية من داخلها وتخريب بيوتهم الشقية بأيديهم وأيدى المؤمنين لكى يتم جلاؤهم» فى ظل تصاعد الحديث عن ظهور فروع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين فى أكثر من دولة على مستوى العالم، كشفت وثائق حصلت عليها «الدستور الأصلي» وفيلم وثائقى أمريكى، مدته 70 دقيقة، أنتجه مؤخرا ما يعرف ب«المشروع الاستقصائى لمكافحة الإرهاب»، سعى جماعة الإخوان المسلمين إلى اختراق المؤسسات والمجتمع الأمريكى عبر عديد من المنظمات تحت مسميات مختلفة، وهدفها النهائى هو «إزالة وهدم المدنية أو الحضارة الغربية من داخلها».
والوثائقى بعنوان «الخداع العظيم: الجهاد فى أمريكا» يحقق فى البنية السرية والنفوذ المتزايد للإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات الإسلامية فى الولاياتالمتحدة، تحت غطاء عدد من المنظمات السياسية والدينية أو منظمات المجتمع المدنى فى أمريكا.
وهو يكشف كذلك كيف يخترق الإخوان المؤسسات الأمريكية أو يمارسون ضغوطا عليها، بما فى ذلك الكونجرس، ووسائل الإعلام وأجهزة الأمن وهوليوود ودور النشر.
الأكثر أهمية هو حصول منتجى العمل على مقاطع فيديو لعدد من القياديين الإسلاميين الذين يقدمون أنفسهم بشكل معلن على أنهم معتدلون، لكنهم يهاجمون الحضارة الغربية ويدعون إلى زوالها وراء الأبواب المغلقة.
من بين هؤلاء من تمت دعوتهم إلى الكونجرس الأمريكى أول الأمر فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى ليقدم إفادات لأعضاء الكونجرس، مثل سراج وهاج، وهو إمام منتم لجماعة الإخوان المسلمين، وكان أول رجل دين إسلامى تتم دعوته للحديث إلى الكونجرس.
لكن الفيلم الوثائقى أظهر وهاج وهو يقول من داخل أحد مساجد بروكلين فى نيويورك «هل تعرفون ما هذا البلد (الولاياتالمتحدة)؟ هو صفيحة قمامة.. هو بلد قذر» ودعا الله أن تسقط أمريكا ويسود فيها الإسلام.
وبرغم ذلك، فقد تمت دعوة وهاج من قبل المؤتمر العام للحزب الجمهورى نهاية العام الماضى لأداء صلاة الجمعة، فى لفتة رمزية من جانب قادة الحزب على التسامح الدينى.
من بين المنظمات التى تعمل كغطاء لجماعة الإخوان فى الولاياتالمتحدة، منظمة مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «كير»، و«الدائرة الإسلامية فى أمريكا الشمالية» و«رابطة الطلاب المسلمين» وهى جميعا تقدم نفسها على أنها منظمات معتدلة.
لكن إحدى الوثائق التى حصلت عليها «الدستور الأصلي» ونشرها المشروع الاستقصائى لمكافحة الإرهاب، تكشف عن أن هذه المنظمات ليست سوى أدوات ل«التمكين» و«التوطين» فى الولاياتالمتحدة من أجل الهدف الأساسى وهو «الجهاد العظيم» لإزالة المدنية الغربية.
وتقول الوثيقة الصادرة عن جماعة الإخوان بتاريخ 22 مايو 1991 بعنوان «مذكرة تفصيلية للهدف الاستراتيجى العام للجماعة فى أمريكا الشمالية، تقول عن «طبيعة دور الأخ المسلم فى أمريكا الشمالية» إن «عملية التوطين عملية جهادية حضارية بما تحمل الكلمة، ولا بد أن يستوعب الإخوان أن عملهم فى أمريكا هو نوع من أنواع الجهاد العظيم فى إزالة وهدم المدنية أو الحضارة الغربية من داخلها وتخريب بيوتهم الشقية بأيديهم وأيدى المؤمنين، لكى يتم جلاؤهم ويظهر دين الله على الدين كله. ودن هذا المستوى من الاستيعاب فإننا دون التحدى ولما نعد أنفسنا للجهاد بعد. فقدر المسلم أن يجاهد ويعمل حيثما كان وحيثما حل حتى قيام الساعة، ولا مفر من هذا القدر إلا لمن اختار القعود.. ولكن هل يستوى القاعدون والمجاهدون؟».
وتؤكد الوثيقة أن نجاح توطين الإسلام وحركته فى هذه البلاد هو نجاح للحركة الإسلامية العالمية وإسناد حقيقى للدولة المنشودة.. وتشير إلى أن التركيز على محاولة توطين الإسلام فى الولاياتالمتحدة لن يتسبب فى الإخلال بدور الجماعة تجاه الحركة الإسلامية العالمية فى دعم مشروعها فى قيام الدولة.
وتضيف: «نحن نعتقد أن نجاح الحركة فى أمريكا بإقامة قاعدة إسلامية ملتزمة ذات قوة وفاعلية وتأثير سيكون خير عون وإسناد لمشروع الحركة العالمية».
وتضمنت الوثيقة أسماء 29 منظمة تصفها الجماعة بأنها «مؤسساتنا أو مؤسسات أصدقائنا» من بينها منظمات «الجمعية الأمريكية لأمريكا الشمالية ورابطة الطلاب المسلمين ورابطة التجمعات الإسلامية ورابطة العلماء المسلمين والرابطة الطبية الإسلامية ومركز التعليم الإسلامى ومؤسسة التنمية الدولية ورابطة رجال الأعمال المسلمين».
فى نفس الوقت ينقل الفيلم الوثائقى عن ناثان جاريت وهو عميل سابق بمكتب التحقيقات الفيدرالى «إف بى آى» القول إن الإخوان حركة عالمية، وهى تعمل فى عدد من الدول حول العالم، بهدف إنشاء دولة إسلامية عالمية، وما عرفناه من تحقيقاتنا وعملنا هو أن الولاياتالمتحدة واحدة من تلك البلدان المستهدفة.
فى حين يقول مأمون فندى، المتخصص فى دراسة الحركات الإسلامية، إن الإخوان هى الجماعة الأم لكل الجماعات الإسلامية التى ظهرت فى القرن العشرين ومنها القاعدة، وبدلا من أن يعزلها الغرب فإنه يتعاون مع الإخوان بوصفهم المنظمة المعتدلة وأن هؤلاء هم المسلمون الذين يمكننا أن نتحدث إليهم.. الغرب ساذج جدا فى ما يتعلق بخطورة هذه المنظمات.
بينما يتضمن الفيلم أيضا مقطعا للشيخ يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، الذى يصفه بالزعيم الروحى للإخوان، وهو يقول لعدد من مستمعيه فى أوهايو، بالولاياتالمتحدة إن «الفتح والدعوة هذا ما نأمله إن شاء الله. سنفتح أوروبا وسنفتح أمريكا. لا بالسيف ولكن بالدعوة».
ويعود ناثان جاريت، عميل «الإف بى آى»، للحديث عن حصول أجهزة الأمن الأمريكية على آلاف الوثائق التى فتحت الباب على مصراعيه لفهمنا عمل الإخوان المسلمين فى الولاياتالمتحدة. ويضيف أن «ديمقراطيتنا ودستورنا وسيادة القانون لدينا وتسامحنا هو ما يستغله هؤلاء (الإخوان) لتصدير رسالتهم ولحماية أنفسهم وبناء واجهة حولهم تمنحهم الفرصة للعمل على تحقيق هدفهم الحقيقى الذى غالبا ما لا يكون معلنا».
وفى نفس السياق يقول جيف براينهولت، رئيس قسم مكافحة الإرهاب السابق بوزارة العدل الأمريكية، إن هذه الوثائق تكشف عن هدف الإخوان وأن الولاياتالمتحدة مستهدفة من قبل هذه الجماعة.