رغم أن جلسات مجلس الشورى لن تبدأ إلا يوم الثلاثاء القادم، فإن لجان المجلس التى يهيمن عليها قيادات حزب الحرية والعدالة «الإخوانجى» تواصل طبخ عدد من القوانين التى تلبى مصالح الجماعة فى الآونة القادمة. ويبدو أن رائحة هذه الطبخات المسمومة للتشريعات التى يشرف عليها نواب حزب الحرية والعدالة الإخوانجى شخصيا قد فاحت ووصلت رائحتها إلى المنظمات الدولية، مثل «هيومان رايتس واتش» والاتحاد الأوروبى والخارجية الأمريكية. فى لجنة التنمية البشرية والإدارة المحلية التى يرأسها عبد العظيم محمود، من حزب النور السلفى، تتم مواصلة مناقشة مشروع القانون المقدم من جماعة الإخوان المسلمين حول الجمعيات الأهلية. فى البداية، قالت اللجنة إن مشروع القانون مقدم منها، ولكن عند الموافقة المبدئية على مشروع القانون يوم 24 مارس الماضى، تبين أن مشروع القانون مقدم من نواب جماعة الإخوان. وبرر عصام العريان، المتحدث باسم الأغلبية الإخوانية، أن الجماعة اضطرت للتقدم بمشروع القانون تحت مسمى أنه مشروع قانون اللجنة، وذلك لتقاعس الحكومة عن التقدم بمشروع قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية، ورغم أن ممثل الحكومة هشام الشريف، قد رد على العريان، قائلا إن «الحكومة تتمهل ولا تتعجل فى صياغة مشروع القانون لأهميته، وأنها ستقدمه إلى المجلس فى أسرع وقت، إلا أن اللجنة واصلت مناقشة مشروع القانون المقدم من الإخوان والذى يهدف بالأساس إلى سرعة السيطرة على المجتمع المدنى الذى يعارض الإخوان، وفى الوقت ذاته يضفى شرعية مزيفة على الجماعة». وبمجرد إطلاع المنظمات الدولية على القانون حتى وجهت انتقادات شديدة له. «هيومان رايتس واتش» وصفت مشروع القانون بأنه يتعامل مع الجمعيات الأهلية الأجنبية باعتبارها جواسيس، وقالت هبة موريف، ممثلة المنظمة، إن القانون قمعى ومكبل للحريات وانتكاسة أكبر من القانون الحالى الصادر فى عام 2002، علاوة على أنه لا يتفق مع المعايير الدولية والتزامات مصر الدولية، وإنها تعتبر كلا من يعمل فى منظمة دولية داخل مصر على أنه «مخبر»، وذلك من خلال إجبار المنظمات الدولية على أن تسجل نفسها فى هيئة الأمن القومى وهى جهاز مخابراتى.
أما الاتحاد الأوروبى فكان أكثر صراحة فى انتقاداته، حيث انتقد جيمس موران، سفير الاتحاد فى القاهرة، ما وصفه «باندفاع مجلس الشورى فى سن تشريعات تكبل المجتمع المدنى وتكبح الديمقراطية الوليدة».
والمعروف أن الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى والقيادى بجماعة الإخوان وحزبها، قد حاول امتصاص ردود الأفعال الدولية تجاه عمليات السلق التى يقوم بها مجلس الشورى، فقرر إجراء مقابلات مع عدد من سفراء الدولة الغربية، خصوصا الولاياتالمتحدة وإنجلترا وسفارات الاتحاد الأوروبى، فى محاولة لخداعهم بأن المجلس يجرى حوارات مجتمعية على القوانين قبل إصدارها حتى تعبر عن المجتمع المدنى، إلا أن المتابعة الشديدة لهذه السفارات لما يفعل مجلس الشورى حاليا تكشف حقيقة ما يجرى من عمليات سلق على يد الإخوان، مما أدى إلى ردود أفعال عالمية. وازدادت انتقادات الهيئات والسفارات الدولية لعمليات السلق التى يقوم بها مجلس الشورى بعد انتقادات منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى المحلية، مثل ابن خلدون والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان لمشروع قانون الجمعيات الأهلية.
ورغم ذلك واصلت لجنة التنمية البشرية مناقشة قانون الجمعيات الأهلية وفى يوم الخميس الماضى شنت اللجنة هجوما على السفارات الأجنبية، والأكثر من ذلك قامت بدعوة عبد الله الأشعل، السفير والمرشح الرئاسى السابق والذى فاجأ الجميع بمطالبته بضرورة منع رجال الأعمال من إنشاء جمعيات أهلية.
وبالتوازى مع قانون الجمعيات الأهلية ينوى مجلس الشورى مناقشة مشروع قانون إخوانجى آخر يضع المجلس القومى للمرأة تحت تبعية مجلس الشورى مثله مثل المجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى يرأسه الإخوانجى حسام الغريانى، وذلك من أجل فرض سيطرة الجماعة على المجتمع المدنى بالكامل.
ومرة أخرى بالتوازى مع ذلك ينوى مجلس الشورى أيضا مناقشة مشروع قانون «الحق فى التظاهر» والذى وافق عليه المجلس مبدئيا يوم 25 مارس الماضى، ورغم أن المجلس أجل مناقشة مواد هذا القانون بدعوى إجراء حوار مجتمعى حوله، فإنه ما زال يحتفظ به فى الأدراج لفرضه على المجتمع المدنى فى أى وقت، فى حالة لو تطورت المظاهرات المناهضة للنظام وأصبحت مصدر تهديد له ولوجوده.
ومن الناحية السياسية تعرضت عمليات السلق التى يقوم مجلس الشورى للقوانين الانتخابية، وأولها تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية، خصوصا المادة (61) التى صاغها مكتب إرشاد جماعة الإخوان والتى رفعت الحظر عن الشعارات الدينية فى أثناء الحملات الانتخابية إلى انتقادات دولية هى الأخرى، حيث اعتبرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية أنه سيفتح باب جهنم للفتن الطائفية فى مصر.
كما يواصل مجلس الشورى مناقشة قانون مجلس النواب، ومن المتوقع أن يكون ذلك يوم الثلاثاء القادم وسط لغط شديد حول مواد أداء الخدمة العسكرية وإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية.