سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    "ارتفع 140جنيه".. سعر الذهب بختام تعاملات الأمس    "فيتش" تغير نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر الائتماني إلى إيجابية    إسكان البرلمان تعلن موعد تقديم طلبات التصالح في مخالفات البناء    شهيد وعدد من الإصابات جراء قصف شقة سكنية بحي الجنينة شرق رفح الفلسطينية    مفاجآت في تشكيل الأهلي المتوقع أمام الجونة    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    حار نهاراً معتدل ليلاً.. حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    آمال ماهر تغني بحضور 5000 مشاهد بأول حفلاتها بالسعودية    «من الأقل إلى الأكثر حظا».. توقعات الأبراج اليوم السبت 4 مايو 2024    فوبيا وأزمة نفسية.. هيثم نبيل يكشف سبب ابتعاده عن الغناء السنوات الماضية    وفاة الإذاعي أحمد أبو السعود رئيس شبكة الإذاعات الإقليمية الأسبق.. تعرف على موعد تشييع جثمانه    محمد سلماوي يوقع كتابه «الأعمال السردية الكاملة» في جناح مصر بمعرض أبو ظبي    المتحدة تنعى الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    التموين تشن حملات لضبط الأسعار في القليوبية    لندن تتوقع بدء عمليات ترحيل اللاجئين إلى رواندا في يوليو المقبل    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    بركات: شخصية زد لم تظهر أمام المقاولون.. ومعجب بهذا اللاعب    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    سيول وفيضانات تغمر ولاية أمريكية، ومسؤولون: الوضع "مهدد للحياة" (فيديو)    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    مراقبون: صحوات (اتحاد القبائل العربية) تشكيل مسلح يخرق الدستور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    سيدات سلة الأهلي| فريدة وائل: حققنا كأس مصر عن جدارة    ملف يلا كورة.. اكتمال مجموعة مصر في باريس.. غيابات القطبين.. وتأزم موقف شيكابالا    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    "والديه كلمة السر".. كشف لغز العثور على جثة شاب مدفونًا بجوار منزله بالبحيرة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    حسين هريدي ل«الشاهد»: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    تصريح دخول وأبشر .. تحذير من السعودية قبل موسم الحج 2024 | تفاصيل    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة نصف المجتمع وكل الثورة
نشر في الدستور الأصلي يوم 08 - 03 - 2013

المجد لسالى وزكية ومريم وصابرين.. المجد لسميرة وغادة وست البنات وياسمين.. فلتحيا كل الفتيات وربات البيوت اللاتى قدمن نموذجًا للبطولة، دون أن يعرف المصريون أسماءهن لنعلقها فى لوحة شرف. المجد لنساء مصر الثائرات الصابرات المُدهشات المُلهِمات المُهمشات المضطهَدات فى يوم عيدهن.. اللائى مهما قلنا عنهن فلن تتسع السطور لتستوعب قصص نضالهن.. لذلك سنكتفى بعرض نماذج من التضحيات التى بذلتها المرأة المصرية منذ اليوم الأول لثورتها ضد نظام المخلوع مبارك، وما زالت تبذلها فى ثورتها ضد نظام الإخوان الذى يسعى بكل الطرق لتهميشها وإقصائها، وكتم صوتها وتكبيل ثورتها وانتهاك جسدها.. لتكون بمثابة إكليل زهور فوق رؤوس كل شهيدة ومصابة ومسحولة ومغتصبة ومقهورة منذ 25 يناير إلى الآن.

حرائر مصر يهتفن فى وجه جلادى السلطة: «رغم القهر صوتنا طالع»
مقلد: كلما ازداد بطش الأنظمة للمرأة تصاعدت مقاومتها.. واستهداف النساء سببه روحهن المقاتلة
«رغم القهر صوتنا طالع».. حقيقة تؤكدها المرأة المصرية مرة تلو الأخرى فى مواجهة نظام قمعى تلو آخر. فكلما ازدادت محاولات كسرها وإقصائها وتهميش دورها، صرخت فى وجه النظام القبيح «صوت المرأة ثورة.. ثورة»، وكلما امتدت يد كلابه لتتحرش بجسدها حتى تمنعها من النزول إلى الميدان، أعلنت التمرد والعصيان وخرجت فى كل الميادين تهتف «بنت جدعة فى كل مكان والمتحرش كلب جبان»، وكلما داستها بيادات عساكره رفعت وجهها لتبصق فى وجوههم مرددة «ارفعى راسك ارفعى راسك إنتى أشرف من اللى داسك».. إلا أن غباء الأنظمة يمنعها من استيعاب سيكولوجية المرأة المصرية، فيزداد بطشا عما قبله، واهمًا أنه سيطفئ بذلك ثورتها ويزيل مقاومتها.

استهداف الناشطات بدأ فى عهد مبارك بطرق مختلفة كان أبرزها التحرش الجماعى بمسيرة السيدات المنددة بالتعديلات الدستورية فى عام 2005، والتعدى على الناشطات والصحفيات المشاركات فى المسيرة، ورغم أن الحيلة لم تنجح فإن المجلس العسكرى كررها بشكل أكثر عنفا بداية من كشوفات العذرية التى استهدفت بالأساس كسر الفتيات وإذلالهن مرورا بالسحل والتعرية فى الشوارع كما حدث مع «ست البنات» أمام مجلس الوزراء واحتجاز 14 فتاة داخل غرفة فى مجلس الشورى أطلق عليها «غرفة التعذيب» كما روت الفتيات بعد إطلاق سراحهن، حيث تعرضن بداخلها للتحرش اللفظى والجسدى.

بينما ازدادت غشامة النظام الإخوانى الحالى عما سبقه خصوصا مع الفتيات والنساء، فالاضطهاد مركب هذه المرة، وهو خليط من الضرب والسحل والتحرش والاغتصاب فى نفس الوقت، بداية من الاعتداء بالضرب على السيدات فى أثناء «موقعة الاتحادية»، وهو ما تم الرد عليه مساء نفس اليوم بمسيرة نسائية حاشدة حملن خلالها أكفانهن وتوجهن إلى قصر الاتحادية يوم 5 ديسمبر 2012. وتكررت بعدها وقائع ضرب السيدات، ما جعلهن يرفعن لافتات فى إحدى المسيرات كتبوا عليها «شريعة الإخوان ضرب النسوان»، كما تم الاعتداء مؤخرا على النساء فى محافظة الدقهلية، إلى جانب التحرش المنظم بالمتظاهرات الذى وصل إلى حد الاغتصاب وهتك العرض، كما حدث عشية الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، وحسب تقارير المنظمات المناهضة للتحرش التى اشتبكت مع الأحداث وصل عدد حالات التحرش الجماعى والاغتصاب فى ذلك اليوم إلى 19 حالة بينهن حالتا اغتصاب باستخدام آلة حادة!

وإلى جانب العنف تتعرض المرأة المصرية للإقصاء والتهميش والحرمان من حقوقها السياسية ويمارس ضدها كل أشكال التمييز، فحسب التقرير السنوى لعام 2012 الذى أعده المركز المصرى لحقوق المرأة، فإن مصر أصبحت تحتل المركز «الأول»، لكن على مستوى تراجع الدول فى مكانة المرأة السياسية، إذ وصلت إلى المركز 126 لهذا العام، كما احتلت مصر المركز 95 من بين 125 دولة من حيث وصول النساء إلى المناصب الوزارية نظرا للتمثيل الهزلى بنسبة 10% فقط فى الوزارة، التى من المتوقع مزيد من التراجع لعام 2013 مع التعديلات الجديدة التى خلت من تمثيل المرأة، كما احتلت مصر المركز الأخير من حيث تقلد المرأة منصب المحافظ بواقع «صفر»!

كما احتلت مصر المركز الثانى عالميا فى التحرش بعد أفغانستان، ووصلت حالات التحرش فى عيد الفطر الماضى فى القاهرة وحدها إلى 462 حالة.
واستمرارا لمسلسل الإقصاء كانت نسبة المرأة ضئيلة فى اللجنة التأسيسية للدستور، وجاء الدستور ليذكر المرأة فى مادة واحدة متعلقة بالأمومة والطفولة، وكان الدور الأوحد للمرأة هو الزواج والإنجاب، بينما حرمتها مشاريع قوانين الانتخابات بعد الثورة من 64 مقعدا كانت مخصصة لها بموجب الكوتة، وقد قابلت المرأة كل هذه الانتهاكات بخروجها فى أكثر من 50 مسيرة خلال عام 2012 فقط -حسب تقرير المركز- تنوعت خلالها أشكال احتجاجها ما بين الهتافات واللافتات والطرق بالهون وأدوات المطبخ ورفع السكاكين فى رسالة للمتحرشين والجرافيتى الحريمى، ولم يقتصر نضالها على المسيرات، إنما تشكلت عشرات المبادرات والحركات النسائية مثل مبادرة «فؤادة ووتش»، ومجموعة «قوة ضد التحرش»، الحركة النسائية المصرية، وجبهة نساء من أجل مصر، وتنسيقية العمل النسائى الجماهيرى، التى توحدت عشرات المنظمات النسائية تحت مظلتها..

ورغم كل تلك الانتهاكات فإن المرأة كانت الأكثر صبرا وتحملا لطوابير الانتخابات التى امتد بعضها بالكيلومترات عن كثير من الشباب والرجال، حيث بلغ متوسط مشاركة النساء فى الانتخابات الأربع السابقة التى جرت خلال 2012 حسب المركز المصرى لحقوق المرأة «65%» من المصوتين أى أكثر من الثلثين رغم ازدياد نسبة الأمية فى صفوف النساء، وذلك على أمل أن يأتى برلمان ينتصف لحقوقها، وهو ما دعا الكثير من المنظمات النسائية لأن تدعو النساء إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع عقدها فى أبريل القادم، ترشحا وتصويتا لتوصيل رسالة من النساء وهى «حقى قبل صوتى».

القيادية فى جبهة نساء مصر وأمين اتحاد الفلاحين شاهندة مقلد، قالت إن تصاعد مقاومة النساء فى مقابل ازدياد العنف والبطش والإقصاء هو رد فعل طبيعى، فلكل فعل رد فعل مساو له فى القوة ومضاد له فى الاتجاه، مضيفة فى تصريحاتها ل«الدستورالاصلي» أن الأنظمة تظن خطأ أنها إذا قهرت المرأة سواء بإقصائها وحرمانها من حقوقها السياسية والاجتماعية أو بتعذيبها وسحلها أو بتشويه سمعتها وإطلاق كلابها للتحرش بجسدها ستذل المرأة وتكسرها وتمنعها من الخروج من منزلها، وهو ما أكدته نساء مصر مرة تلو الأخرى، مؤكدة أن المرأة المصرية لن تخاف ولن تقبل بالمساس بأى من حقوقها، وستستمر فى النضال والثورة ضد جلاديها، وتابعت أن استهداف المرأة بالأخص سببه هو مشاركة المرأة المبهرة منذ اليوم الأول للثورة فى كل الفاعليات وتصدرها الصفوف وبسبب روحها المقاتلة الثورية لكبت صوتها وتكبيل ثورتها، وبالتالى قهر نصف الثورة، وهو ما لن ينجحوا فى فعله مهما حاولوا ومهما ازداد بطشهم.

ملائكة فى الميدان
«الدستور الاصلي» تنشر حكايات طبيبات وممرضات المستشفيات الميدانية عالجن الثوار تحت قصف الشرطة
الملاك الثائر.. وصف ينطبق على الطبيبات والممرضات فى المستشفيات الميدانية ممن قمن بمداوة الآلاف من الجرحى والمصابين تحت قصف الداخلية، وتعرضن فى سبيل قيامهن بذلك الدور العظيم للاعتداء والاحتجاز من قبل قوات الأمن أكثر من مرة، وهو ما حدث مع الممرضة راندا سامى أو «دينامو ميدان التحرير» كما أطلق عليها الثوار لقيامها بمداوة الجرحى والمصابين فى الميدان طوال أيام الثورة ال18.وتعود قصة إصابتها إلى يوم 28 يناير 2011، حين كانت فى المستشفى الميدانى تقوم بتخييط جرح أحد المتظاهرين أصيب بخرطوش فى كتفه، وجاء أحد ضباط الأمن المركزى وأراد أن يقبض عليه، وترجته أن يتركه للعلاج لكنه رفض فبصقت عليه، فقام بضربها بعصا غليظة على ظهرها وعنقها لكنها تجاهلت الألم واستمرت فى علاج المصابين معتمدة على المسكنات، وحين ذهبت لعمل أشعة بعد فترة وجدت تجمعا دمويا حول الحبل الشوكى يحتاج إلى تدخل جراحى عاجل.

وبعد العملية الجراحية التى أجريت لها خرجت مصابة بشلل رباعى دخلت بعدها مركز تأهيل العجوزة للعلاج الطبيعى، ولم تخرج منه حتى الآن.. راندا قالت ل«الدستور الاصلي» إنها بحاجة إلى عملية أخرى فى الخارج، إذا نجحت ستستطيع السير مستندة إلى عكاز لكن الدولة لم تصدر قرارًا لعلاجها حتى الآن.

ورغم إصابتها البالغة فإن الأمل ما زال يراود راندا بأن الثورة ستنتصر وتتحقق أهدافها، مؤكدة أنها تشارك وهى فى كرسيها المتحرك فى جميع المسيرات والمظاهرات، التى يدعو لها الثوار. غير أن هول ما تراه وتسمع عنه يوميا، جعلها تدخل فى غيبوبة فى إحدى المرات، وأضافت «كل يوم بنصحى إيدنا على قلبنا منتظرين لنرى لمن سنقول الله يرحمه، الله يشفيه، ربنا يفك أسره، ففى كل يوم هناك من يخطف أو يعذب ويسحل أو يقتل ولا أعلم إلى أين سنصل. لكن ما أعرفه أنه لا توجد ثورة تنتهى فى يوم وليلة وعلينا بالصبر»، مؤكدة «عندى يقين أن حقى وحق من مات ومن أصيب عجز، سيعود وقلب كل أم اتحرق على إبنها لا بد أن تنطفئ ناره بالقصاص والله لن يضيع هذه التضحيات وسنأخذ حقنا».

راند أبدت ندمها لأنها كانت تظن أن مرسى سيساعد الناس لأنه شعر بالظلم فلن يَظلم، ولكنها اكتشفت أن فاقد الشىء لا يعطيه، مضيفة بأنه لم يصدق فى كلامه، حين قال إن الشهداء والمصابين فى رقبتى، و«لم نأخذ منه سوى الكلام»، لكننى مصممة على أن أحصل على حقى بالعلاج على نفقة الدولة، وليس على حساب جمعية أو متبرعين.

ولم تكن راند هى الطبيبة الوحيدة التى تتعرض للاعتداء فالجميع يعرف قصة احتجاز وتعذيب الطبيبة آية كمال، التى كانت تسعف المصابين فى أحداث العباسية التى وقعت فى أثناء حكم المجلس العسكرى، وكانت تحتمى فى مسجد «النور» حين قام العساكر باقتحامه، وإطلاق النار واعتقال من احتموا به، وقد روت كيف تم التحرش بها والاعتداء عليها جسديا فى أثناء احتجازها فى مقر الشرطة العسكرية.

أحد أطباء الميدان الدكتور مالك العسال روى ل«الدستور الاصلي»، نماذج أخرى للبطولات النسائية سواء من الفتيات اللاتى تعرضن لإصابات خطيرة فى أثناء مشاركتهن فى المظاهرات، أو لطبيبات الميدان ولفتيات أخريات كن يذهبن لشراء الأدوية الناقصة وإمداد المستشفيات الميدانية بها، ويحملن زجاجات المياه للثوار ليرووا عطشهم، أو ينقلن لهم الطوب الذى يكسرونه ليحموا به أنفسهم من رصاص الشرطة وقنابلها المسيلة للدموع، مضيفا أن كل يوم كان يجىء للمستشفى الميدانى الكثير من المتطوعات، يعملن ممرضات ويساعدن فى إسعاف المصابين ولا يمكن إنكار بطولاتهن، إذ كن يعملن جنبا إلى جنب مع الشباب دون أن يعرفونهن.. وتابع «وحده الحلم كان يجمعهم ويعرفهم ببعضهم، مشيرا إلى أنه صادف حالات تم الاعتداء فيها على الطبيبات فى أثناء عملهن فى الميدان، وذكر منها ما حدث مع الممرضة أحلام والتى يقول إنها أصيبت فى واقعة مسرح البالون بكسر فى الجمجمة نتيجة ضربها بماسورة حديدة مدببة على رأسها، لأنها كانت تحمى أحد المصابين وظلت تخضع للعلاج لخمسة أشهر.

الممرضة راندا.. كانت تحمى أحد المصابين من هجوم الشرطة فضربها أحد أفراد الأمن وأصيبت بشلل رباعى!
«دينامو الميدان»: ما زلت أشارك فى كل المسيرات.. وعندى يقين أن حقى وحق كل مصاب وشهيد سيعود
بطلات «التحرير» يهدِّدن دولة المرشد
البطولات النسائية لم تتوقف عند أحداث 25 يناير 2011، فالمرأة المصرية كانت حاضرة بقوة فى كل الأحداث التى تلت الثورة، وقادت الكثير من المعارك ضد المجلس العسكرى وما زالت تخوض باقى معاركها ضد نظام الإخوان ودولة المرشد.

فلا ننسى المعركة الشجاعة التى خاضتها سميرة إبراهيم، التى فضحت كشوف العذرية، التى كان المجلس العسكرى قد أخضع عددا كبيرا من المتظاهرات لها، وكادت تمر لولا القضية التى رفعتها سميرة، وشهرت فيها بالمجلس وفضحت ما فعله فى حق الناشطات فى الغرف المغلقة.

الصفعة الثانية التى تلقها «العسكرى» من فتيات مصر كانت على يد هند بدوى المعيدة بكلية التربية جامعة بنها، التى أصيبت فى أحداث مجلس الوزراء فى ديسمبر 2011، ورفضت زيارة المشير لها فى أثناء تلقيها العلاج فى مستشفى كوبرى القبة العسكرى، بعد أن قام جنوده بالاعتداء عليها بدنيا باستخدام صاعق كهربائى، والضرب بالسوط والبيادة، مما أدى إلى إصابتها بجرح قطعى فى الرأس احتاج إلى أكثر من 18 غرزة، وجرح قطعى آخر فى الرجلين اليمنى واليسرى، وكسر بأصابع اليد اليمنى.

كما فُضح العسكر أيضا على يد الطبيبة الصيدلانية غادة كمال التى تم الاعتداء عليها فى نفس الأحداث بعد أن قام جنود الشرطة العسكرية بسحلها فى شارع مجلس الوزراء والتعدى عليها بالضرب، لتُلقن بعد هذه الانتهاكات حرائر مصر قيادات المجلس العسكرى درسا موجعا خلال مسيرتهن الحاشدة التى خرجت فيها الآلاف من النساء والفتيات للتنديد بما قام به جنود المجلس العسكرى من سحل وتعرية «ست البنات»، التى عرت بدورها العسكر وأجبرت قادتهم على تقديم اعتذار لنساء مصر كما جعلت العالم ينحنى لمسيرتهن إجلالا واحتراما.

ولا تزال المرأة المصرية تقدم صنوفا مختلفة من البطولات كان آخرها ما فعلته ياسمين البرماوى التى تعرضت للاعتداء الجنسى عشية 25 يناير 2013 فى أثناء وجودها فى ميدان التحرير، كما تعرضت عشرات غيرهن من المتظاهرات لنفس الاعتداء الوحشى، الذى وصل إلى حد الاغتصاب عن طريق آلات حادة، لنفس الأمر، وفى نفس التوقيت، مما يشى بأن ما حدث كان مدبرا من النظام لكسر الفتيات ومنعهن من النزول للميدان، والتنديد بسياساتهم وجرائمهم، وهو ما كشفته البطلة ياسمين، والتى لم تخجل ككثير من الفتيات وكشفت عما وقع لها، وشجع ذلك كثيرًا من الفتيات بعدها للظهور والكشف عما حدث لهن، وتنظيم مسيرة نسائية حاشدة تؤكد أن النساء توقفن عن الخوف، ولن يجلسوا فى بيوتهن مهما كانت الضريبة التى سيدفعونها.

الرجالة فين.. الستات أهمّ
ربَّات البيوت والعاملات والفتيات يتصدرن صفوف المقاومة
الصورة التى انطبعت فى الأذهان عن حركة المرأة كانت مرتبطة دائمًا بنساء المجتمع الراقى والصالونات، من اللاتى نلن حظا من التعليم يؤمن لهن الاحترام فى المجتمع ودرجة أعلى من الحرية والحماية بالمقارنة مع نساء الطبقات الأدنى، التى تمثلها الفتاة الجامعية والمحامية والطبيبة والمهندسة، كن أبطال قصص تحرر المرأة دائما، ولا عجب إذن أن تكون قضية تحرر المرأة مرتبطة بتمرد فردى لإحدى السيدات، وليس كقضية اجتماعية. لكن حركة النساء فى مصر كانت تسير فى طريق مختلف عن ذلك. فعلى الأرض كانت نساء مصر يفتحن طريقًا ليس لتحررهن فقط بل لتحرير المجتمع ككل.

«الرجالة فين الستات أهم». كان ذلك هتاف عاملات المحلة الشهير فى ديسمبر 2006، وكانت تلك الشرارة التى فجرت الحركة العمالية فى طول مصر وعرضها ليثبتن وقتها أن الحركة النسائية فى مصر ليست مقتصرة على النخب وسيدات المجتمع المخملى، كان الإضراب الذى فجرته عاملات المحلة هو الحلقة الأولى فى موجة من الإضرابات العمالية التى انخرط فيها أكثر من مليونى عامل فى أربع سنوات، حسب إحصاء لاتحاد عمال الصناعة الأمريكى، وجاءت بعدهن موظفات الضرائب العقارية ليؤكدن هذا المعنى فى اعتصامهن فى ديسمبر 2007.

حين رجتهن وزيرة القوى العاملة آنذاك عائشة عبد الهادى وقتها أن لا يبتن فى الاعتصام رفضن وصممن أن لا يغادرن الاعتصام فى الليل، صمود موظفات الضرائب العقارية فى الاعتصام لم يعن فقط انتصار الاعتصام وحصول موظفى الضرائب العقارية على مطالبهم وخضوع وزير المالية يوسف بطرس غالى ساعتها للتفاوض معهم، بل كان أهم نتائجه انطلاق أول نقابة مستقلة للعمال فى مصر ليشق العمال بعدها طريق استقلال النقابات الذى فتحته موظفات الضرائب العقارية، وبعدهن عاملات شركة «المنصورة - إسبانيا» اللائى استمرين فى إضرابهن لمدة ستة أشهر ضد تصفية الشركة عام 2008، وكان أطول إضراب وقتها.

ولم تقتصر الاحتجاجات النسائية على العاملات، لكن الممرضات قمن بعشرات الاحتجاجات أيضا، وترسخت هذه النظرية منذ الأيام الأولى لثورة 25 يناير التى كانت المرأة عنصرا أساسيا فيها، ولم تكن لتنجح لولا مشاركتها المبهرة منذ اليوم الأول، وفى مختلف محطات الثورة اللاحقة، فبجانب مشاركتهن فى جميع المسيرات والتظاهرات العامة كانت لهن مسيراتهن الخاصة التى يؤكدن من خلالها وجودهن ودورهن كشريكات فى الثورة والتى تشارك فيها السيدات والفتيات من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية.

من يتعذر عليها النزول إلى الشارع تصفق وترفرف بعلم مصر من شرفة منزلها، وهى مشاهد رأيناها فى عشرات المسيرات النسائية أشهرها مسيرة الحرائر التى خرجت للتنديد بتعرية وسحل «ست البنات» فى أحداث مجلس الوزراء فى ديسمبر 2011 ومسيرة 4 أكتوبر التى توجهت بها النساء إلى قصر الاتحادية للمطالبة بحقوقهن فى الدستور ولإصدار مشروع لمناهضة التحرش ضدهن، ومؤخرا المسيرة التى انطلقت من السيدة زينب إلى ميدان التحرير للتنديد بالاعتداءات الجنسية على المتظاهرات عشية الذكرى الثانية لثورة 25 يناير وعشرات المسيرات والمظاهرات الأخرى، التى تجاوزت ال50 مسيرة فى العام الماضى فقط.

وحاليا نرى بطولات نساء بورسعيد اللائى يتزعمن مسيرات العصيان المدنى فى شوارع المحافظة التى لا يقلن عنها بسالة وبطولة، فحقيقة الأمر أن النساء كنا دائما الأكثر ثورية والأكثر جرأة والأكثر شجاعة والأكثر حسما وإرادة وإخلاصا، ففى داخل كل أنثى تكمن جينات الثورة.


شهيدات غابت أسماؤهن عن لوحة الشرف
«يا شعب يا دافع ثمن الشارع دم.. احفظ اسم اللى ماتوا فى الشوارع صم»، كثيرات هن الشهيدات المنسيات، اللائى لم يأخذن حقهن من التقدير والاحتفاء وغابت أسماؤهن عن لوحة الشرف، بعدما سالت دماؤهن الطاهرة فى ثورة يناير وما تبعها من مآسى، وكأن قدر المرأة المصرية هو أن تحرم من حقها فى المساواة بالرجل حتى وهى شهيدة!

ورغم أنه لا توجد إحصائية موثقة عن عدد شهيدات الثورة المصرية، فإن الأسماء التى رصدتها المنظمات والمبادرات النسائية تقدر أن عددهن تجاوز الثلاثين شهيدة، أكثرهن استشهدن فى الأيام الأولى للثورة، وبالأخص يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011.

أول عقد الشهيدات وأكثرهن شهرة هى الشهيدة سالى زهران، وآخرهن كانت صابرين على التى أصيبت بطلق خرطوش أمام مسجد القائد إبراهيم فى الإسكندرية فى جمعة الغضب، وظلت تعالج فى قصر العينى لمدة عامين، إلى أن صعدت روحها الطاهرة إلى السماء فى بداية شهر فبراير الماضى، وتم توديعها بمسيرة شعبية إلى منزل أسرتها فى الإسكندرية، وما بين سالى وصابرين قوس مفتوح يضم أميرة سمير السيد دويدار، وهبة حسين محمد أمين، وليزا محمد حسن، وأميرة محمد إسماعيل، حبيبة محمد رشدى، وشيماء فؤاد حسين، وشيماء الباشا، وهدير عادل سليمان السيد، ومنة الله محمد عيد، وسامية محمود حسن، ونجلاء ياسين محسن، ونسمة كمال أحمد عطية، وخلود عبد العليم، وأمل حمدى جمال، وأميرة سمير السيد شحاتة، وأسماء إسماعيل، وهدى محمد السيد الطهطاوى، ومبروكة عبد العال أحمد، وكريستين سيلا، ومرام محمد، ورشا أحمد جنيدى، وسامية محمود حسن، وفاطمة الهوارى، ورحمة محسن أحمد خضير، ومريم مكرم نظير، وزكية عبد القاصد، وسهير خليل زكى وأخريات رحلن فى صمت ورحلت معهن أسماؤهن.


الدكتورة إيمان بيبرس رئيسة جمعية نهوض وتنمية المرأة والخبيرة الدولية فى قضايا النوع والتنمية الاجتماعية ومستشارة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، وثَّقت قصص رحيل بعض هؤلاء الشهيدات فى كتابها «نساء من الميدان»، ومن القصص التى رصدتها الكاتبة قصة «الأم الشهيدة» زكية عبد القاصد «الأرملة ذات ال62 عاما»، والتى استشهدت بعد أن دهستها سيارة أمن مركزى فى أثناء مشاركتها فى مظاهرات جمعة الغضب، ويروى أبناؤها كيف تبدلت الأدوار ذلك اليوم، فالأم تريد النزول للمشاركة فى التظاهرات، والأبناء يمنعونها لأنها سيدة كبيرة ولن تحتمل الضرب وقنابل الغاز، لكنها تعاند وتنزل خلفهم إلى الشارع فتدهسها سيارة الأمن المركزى، وتنقل إلى مستشفى الزهراء الجامعى وتُتوفى على الفور، ويقول شريف «أحد أبنائها الخمسة» «كان نفسها أنا واخواتى نعيش عيشة كويسة ونتجوز ونخلف وتبيض الشقة اللى إحنا عايشين فيها، كانت دى كل أحلامها».


الرصاص العشوائى الذى أطلقه ضباط الشرطة من الأقسام على المواطنين فى الأحياء المختلفة، راح ضحيته عدد من الشهيدات كن يشاهدن ما يحدث من شرفات أو أسطح منازلهن، واغتالهن رصاص الغدر بلا رحمة، ومن شهيدات وقائع قتل المتظاهرين أمام أقسام الشرطة والتى لم يدن فيها أى من الضباط ضمن مسلسل «البراءة للجميع»، نذْكر الشهيدتين مريم مكرم نظير ذات ال16 ربيعًا التى استشهدت إثر إصابتها بطلق نارى فى الوجه، وهى فوق سطح منزلها فى منطقة الزاوية الحمراء، وسهير زكى خليل التى تكرر معها ما حدث لمريم، ولكن فى منطقة بولاق الدكرور، بالإضافة إلى عشرات القصص الأخرى التى لا تتسع لذكرها السطور، ولكن ستظل ذكراهن العطرة أكبر من أى تكريم تجاهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.