وكيل "خطة النواب": رئيس المركزى للمحاسبات لم يحضر للمجلس منذ 10 سنوات    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    متحدث الحكومة يكشف المواعيد الجديدة لقطع الكهرباء خلال فترة الامتحانات: تبدأ غدا    وزير المالية السعودي: عجز الميزانية مقصود ولأهداف تنموية.. وسنواصل الإنفاق الاستراتيجي    نازحون يفرّون من رفح الفلسطينية تحت القصف: صرنا زي الطابة كل يوم في ملعب    نهضة بركان يستعيد مهاجمه أمام الزمالك    ضبط عاطل وراء سرقة مسجد بالشرقية    الكوميديا تسيطر على برومو فيلم بنقدر ظروفك لأحمد الفيشاوى    النيابة تصرح بدفن جثة سيدة دهسها قطار في سمالوط بالمنيا    كاتب صحفي: المقترح المصري للتهدئة في قطاع غزة حظى بردود فلسطينية إيجابية    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    انطلاق قافلة طبية مجانية لمدة يومين في قرية الحنفي بكفر الشيخ ضمن حياة كريمة    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    بيان عاجل.. الكهرباء: تعديل جدول تخفيف الأحمال من الغد.. اعرف المواعيد الجديدة    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    الشامي: حسام حسن علمني الالتزام في الملعب.. وأخبرني أنني أذكره بنفسه وهو صغير    نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    توقف حركة دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولادة أحفاد الرؤساء المصريين في الخارج بحثاً عن طب متفوق أم وجاهة اجتماعية؟!

الولادة في مستشفيات بريطانيا تتكلف مابين 3500 و5000 جنيه إسترليني فريدة ابنة جمال مبارك أكملت عقد الأحفاد المولودين في الخارج للرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك
جمال مبارك و زوجته
ما المساعدة الطبية التي تحتاجها أي سيدة في انتظار حادث سعيد يسبقه ألم تاريخي اسمه ألم الولادة؟ نعيد السؤال مرة ثانية بشكل أدق.. إذا كانت هذه السيدة هي مواطنة مصرية وتخطت بمستواها الاقتصادي الطبقة الوسطي بمراحل ولديها بجوار الهاتف قائمة بعناوين جميع المستشفيات الاستثمارية في مصر فما الذي يدفعها للتفكير في التحرك تحت وطأة هذا الوزن الثقيل بالشهر التاسع لتسافر ما يزيد علي 12 ساعة إلي أمريكا أو بريطانيا أو كندا لتضع مولوداً سيبقي لون بشرته واحدا سواء كانت غرفة العمليات التي استقبلته في مقاطعة مانشستر بلندن أو في مقاطعة منيا القمح بمحافظة الشرقية؟ وما عدد المصريات اللاتي يفعلن ذلك؟ ومن هن؟ ولماذا؟
ولادة خديجة الجمال زوجة جمال مبارك لابنتهما الأولي فريدة في لندن- خاصة أنها ليست الأولي لأحد من المشاهير في مصر وقد سبقهما في ذلك كثيرون منهم المغنية شيرين- طرح العديد من الأسئلة السابقة ومعها أسئلة أخري علي شاكلة: هل هذا إعلان عن نوع جديد من فشل مستشفيات مصر وأطبائها حتي في الولادة؟ أم أن موضة الولادة في أمريكا التي أصبحت ظاهرة بيت الطبقات القادرة في مصر هي السبب؟ ولماذا لا ينظر هؤلاء إلي قضية الولادة في الخارج للحصول علي الجنسية الأمريكية كما ينظر لها البعض علي أنها حالة احتقار للبلد، أم أن لهولاء منطقهم أمام تدهور الأحوال بشكل عام؟
رغم أن أحفاد الرئيس السادات هم أول من بدأوا طريق الولادة بالخارج فإن السيدة جيهان السادات وضعت أطفالها الثلاثة في مصر وصادفت في المرة الأولي عدم وجود زوجها وقيام أحد الأقارب بنقلها إلي أقرب مستشفي، أما أولي حالات أبناء الرؤساء التي بدأت معها سكة سفر الولادة في الخارج فكانت مع السيدة رقية السادات الابنة الكبري للرئيس السادات من زوجته الأولي إقبال والتي وضعت ابنها الأصغر «شريف» في أحد المستشفيات اللندنية، وفي وقت مقارب وضعت داليا فهمي زوجة المهندس خالد جمال عبد الناصر طفليهما الأول والثاني جمال وتحية أثناء إقامته في لندن خلال فترة إعداد رسالة الدكتوراه، وكذلك ينطبق الأمر علي ياسمين جمال السادات التي أطلق عليها جدها قبل وفاته بقليل «الحلوة المستوردة».
وهذه هي الحالات الأشهر والتي غالبا يتم الكشف عنها لتعلقها بظروف سفر أو عمل إلا أن الحقيقة المؤكدة أيضا أنه ومنذ هذا الوقت تحولت الولادة بالخارج إلي ظاهرة وتقليد لدي كثير من أسر السياسيين وأصحاب النفوذ والمال في مصر والعالم العربي،ذلك رغم كل الإرشادات الصحية العالمية المتعلقة بالولادة لا تشترط أبدا أن تتم الولادة في لندن أو نيويورك وإنما تضع شروطاً وضوابط أخري.
فعلي سبيل المثال فإن لائحة الإرشادات الصحية التي تقدمها دوائر الصحة البريطانية حول «عملية الولادة المثلي» تشرح للسيدة الحامل أهم العوامل التي يجب أن تراعيها والأسئلة التي يجب أن تجيب عنها قبل اختيار مكان الولادة، وتبدأ الورقة برسالة طمأنة بأن عملية الولادة هي من أسهل العمليات الجراحية علي الإطلاق بل إنها لا تعتبر عملية بالمعني الكامل، لأن عملية الولادة الفطرية «الطبيعية» تحتاج طبيباً بدرجة مراقب أكثر منه جراح، وتضيف اللائحة أن مستشفي الولادة التي تزيد فيها حالات الولادة القيصرية بالتدخل الجراحي علي 23% هو مؤشر خطير علي مستوي الأداء والمراقبة داخل المستشفي بل وقد تعكس رغبة في الربح لا أكثر.
أما أهم الأسئلة التي يجب أن تفكر فيها المرأة عندما تقرر الولادة فهي: هل هي قريبة من البيت والعائلة؟ وما رأي الطبيب المتابع لفترة الحمل؟ وأي المستشفيات التي يتعامل معها؟ هل يتوافر بالمستشفي طبيب ولادة في جميع الأوقات؟ هل في المستشفي وحدة للعناية المركزة؟ هل هناك استشاري رضاعة وإخصائي طب أطفال؟ هل هناك قسم خاص بالتخدير؟ هل هناك مكان لمبيت المرافق؟ كم ليلة يسمح للأم بالمبيت؟ وهل يسمح للأم أن تبقي الطفل في غرفتها؟ هل يتم تقديم نصائح حول الرضاعة ورعاية الصغار؟ هل يسمح بإدخال كاميرا الفيديو إلي غرفة الولادة؟.. ثم النصيحة الأخيرة «اطلعي أولا علي الرابطة الوطنية لمراكز الإنجاب داخل مقاطعتك قبل التفكير في التوسع خارجها وتأكدي من سلامة أوراق وتراخيص المستشفي».
هذا عن موقف طب النساء عامة لكن الغريب أن الطب النسائي في مصر له سمات خاصة جداً، هذا الطب الذي بدأ من عند «الداية» وانتقل بعدها ليكون ثاني قسم يتم تأسيسه في قصر العيني بعد قسم الرمد ويكون رائده هو د. نجيب محفوظ باشا الذي يظهر اسمه ضمن قائمة ال 500 رائد عالميا بطب النساء والذي تم تسمية الروائي الكبير علي اسمه امتناناً له ولدوره في حالة الولادة الصعبة-، ليصل إلي اليوم حيث يوجد 129 مركز ولادة حكومياً وأهلياً وحوالي 53 مستشفي متخصصاً واستثمارياً والأهم أنه مجال واسع وجاذب لجميع الأطباء باختلاف قدراتهم بل وأهوائهم السياسية أيضا فهو القسم الطبي الوحيد الذي تنافس داخله الحزب الوطني والمعارضة إذا ينتمي د.حسام بدراوي للفريق الأول ويمثل د.محمد أبوالغار المعسكر الثاني؟
تأتي بريطانيا وأمريكا في مقدمة الدول التي يفضل بعض المصريين الولادة فيها، فرغم أن الأولي لا تمنح الجنسية فإن اسمها ارتبط بصورة أكبر بعمليات الولادة بقصور الرئاسة العربية خلال الفترة الأخيرة، ويعتبر مستشفي «بورتلاند» شرق لندن هو الأوسع انتشاراً والأكثر شهرة والذي شهد قبيل فترة قليلة من ميلاد فريدة جمال مبارك في لندن رحلة مماثلة قامت بها «عائشة معمر القذافي» وزوجة «أحمد علي صالح» النجل الأكبر للرئيس اليمني والنائب الأول لقائد القوات المسلحة، وقبلهم بما يزيد عن عشر سنوات كانت ولادة «زهوة ياسر عرفات»، وكما يقول الموقع الرسمي للمستشفي العريق «لا نعلن عن أسماء عملائنا» ولكنها تؤكد في الوقت نفسه قيمة أن يحصل المولود علي شهادة تشير إلي مولده داخل بورتلاند، ومن اللافت للنظر دون أن يثير الدهشة أن تتوافر قائمة العروض والخدمات باللغة الإنجليزية ونسخة خاصة ب «اللغة العربية» ليس هذا فقط بل أن يكون هناك منسق خاص للعملاء العرب وهي الاسم الأكثر شهرة لدي كل من يسافرن للولادة بالخارج وهي الطبيبة «خديجة مهاجر» وهي مسلمة بريطانية من أصل عربي. أما ما تقدمه بورتلاند فهو السماح بليلة مبيت واحدة في حين أن إقامة المرافقين غالبا ما تكون في فندق كلاريدجزClaridge's بمنطقة ماي فيرMayfair القريبة، والقائمة بالطبع تتسع لمستشفيات أخري علي رأسها كريت أورمند الأمريكية وكروميل المملوكة للشيخ زايد ويعمل بها عدد كبير من الأطباء العرب والسعر المتداول داخل أغلب المستشفيات البريطانية الخاصة من 3500 5000 جنيه إسترليني للولادة الطبيعية، في حين تتوافر مستشفيات حكومية عريقة يتم تداولها بكثرة علي منتديات المصريين بالخارج وهي لندن كلينيك ووتشلسي أند ويست مينستر.
د.محمد أبوالغار أستاذ الطب النسائي بدأ حديثه قائلاً «مافيش أسهل من الولادة، اللي تعمله داية بيعمله طالب امتياز بيعمله أكبر أستاذ في مصر» وأضاف أن الإنجاب خارج مصر لا يتعلق فقط بموضة أو شياكة بالأوساط السياسية والمالية ولكنها أصبحت منهجا لدي كثير من المصريين أبناء الطبقة الوسطي العليا للحصول علي الجنسية باعتبارها أهم تأمين لمستقبل أبنائهم، وقال إنها ظاهرة بدأها الأقباط المهاجرون وبدأت كل أسرة تساعد أقاربها في مصر علي الأقل بالولادة للخارج حتي إن لم يتمكنوا من الهجرة بشكل كامل ومن بعدها انتشرت بين المسلمين الباحثين عن فرصة للهجرة»، وأضاف: «أمريكا وأستراليا وكندا بالطبع تجيء في المرتبة الأولي لأنها الدول التي تمنح الجنسية مباشرة إلا أن هناك دولا أوروبية تمنح الجنسية بعد فترة أقل من سنتين إقامة للمولود وتعتبر «أيرلندا» هي النموذج الأنسب لعدة أسباب أهمها انخفاض تكاليف الولادة مقارنة بغيرها».
في حين يذهب د.عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق للقول بأن هناك فئة من السياسيين ورجال الأعمال الذين صاروا يخشون المستقبل لدرجة الخوف الهيستيري وبحاستهم يدركون أن القادم ربما يكون أسوأ، فيلتمسون الأمان في جنسية دولة أخري سواء كان ذلك بالميلاد أو بالاكتساب.
وعن ميل البعض للولادة في بريطانيا تحديداً، فأرجع الأشعل ذلك لكونها بلدا لا يشترط التنازل عن الجنسية الأصلية للحصول علي جنسيتها، موضحا أن الجنسية الأجنبية تمنح صاحبها حماية خاصة مما جعل ذلك حلما لكثير من المصريين سواء كانوا من المسئولين أو رجال الأعمال أو من المواطنين البسطاء في ظل تدهور الأوضاع التي أثرت في قيم الانتماء خاصة بين الشباب الذين يتساءلون الآن «هي الجنسية المصرية لزمتها إيه» علي حد تعبيره.
فيما اختلف تفسير الناشط أحمد بهاء الدين شعبان لميل بعض كبار رجال الثروة والسياسية في مصر علي أن ينجبوا أبناءهم في الخارج، وقال محددا حديثه علي ولادة ابنة جمال مبارك في لندن: «ربما يكون هذا أمراً طبيعياً لأن جمال مبارك قضي شبابه في إنجلترا وأخواله من ويلز، فطبيعي جدا أن يشعر بحنين وانتماء إلي إنجلترا، وإن كان هذا سلوك «مؤسف» وفيه قدر كبير من الإهانة لمصر».
أما السفير إبراهيم يسري فتحدث عن الأمر من زاوية أشمل قائلاً: «رؤساء دول العالم الثالث والدول الاستبدادية عموما متفقون في هذه الجزئية.. كلهم يبحثون لذويهم عن جنسيات تحميهم من الانقلابات والاضطرابات وتضمن لهم حياة كريمة، لذلك فليس مستغرباً ما قام به جمال مبارك فهو لم يشذ عن القاعدة.
أما بطلة مصر في السباحة سابقا وطبيبة النساء والتوليد «رانيا علواني» فعلقت قائلة: طب النساء في مصر متميز جدا والإرشادات به واسعة، وكثير من الدول العربية يأتون للمتابعة والولادة في مصر، وأضافت: أنا ماعنديش مانع إن أي حد يقول أي سبب للولادة بالخارج، لكن ما ينفعش نقول إن مستوي الطب وحش خاصة انك بتتكلم عن مستويات تقدر تدخل لأفضل مستشفيات في مصر، وأعتقد أن إللي بتعاني بجد هي الست إلي بتولد في مستشفي الجلاء وغيرها من الجمعيات الأهلية اللي ستات عليها بالطوابير ومستوي الخدمة صعب وفي حالة رهبة نفسية، الست بتدخل في أصعب لحظة في حياتها للولادة وسط ضغط ونطر من كل إللي في المستشفي وممنوع حد يدخل معاها وفي الآخر بتولد وبتفرح».
عامة، من الصعب طبعا تحديد عدد من يلدن بالخارج ولكن ما يسهل التأكد منه هو الإحصاءات التي تتحدث عن أن إجمالي المصريين المقيمين خارج مصر مليونان و726 ألف مواطن وخلال عام واحد اكتسب 2186 مصرياً للجنسيات الأجنبية منها الألمانية والأسترالية والأمريكية وهو ما يعني «أن هناك كثيراً من المصريين يفضلون الإنجاب بالخارج لظروف حياتهم ولخوفهم الشديد من القادم بالبلد فيقولون «أي جنسية تانية أحسن» وهو ما يجعل أبناء الذوات خارج هذا الاختيار بالتأكيد.
ومما يسهل التأكد منه أيضاً أن مستوي الأطباء في مصر ليس متردياً لهذه الحالة خاصة في مجال طب النساء الذي أشاد به تقرير منظمة الصحة العالمية العام الماضي ورصد تطورا ملحوظا في نقص عدد وفيات الأمهات والمواليد وانتقال مصر من المرحلة الخامسة إلي الثالثة وإشاراته إلي أن المستوي الطبي جيد بالنسب لما يزيد علي 80% من القائمين علي هذه المهنة وأن أسباب التعثر تعود لسوء مستوي التغذية وارتفاع معدلات الأنيميا وانخفاض مستوي التمريض وافتقار عدد كبير من المناطق النائية لوحدات طبية، فهل يهرب أصحاب السلطة والثروة للولادة خارج مصر خوفا من أن يوقعهم حظهم السيئ في نسبة ال20% المتبقية؟ ربما، خاصة أنه إذا كان مفهوما أن تقدم مطربة مثل شيرين علي الولادة في الولايات المتحدة الأمريكية بدوافع المباهاة بالحدث واقتناص الجنسية الأمريكية لابنتها الوليدة، فإنه من المدهش إذن أن يقدم البعض علي إنجاب أبنائهم في بريطانيا تحديدا وهي التي لا تمنح جنسيتها للمولودين الأجانب علي أراضيها، فهل ما حدث مع «فريدة جمال محمد حسني مبارك» له علاقة بأمور عائلية لا يعرف عنها أحد شيئا؟ وارد، خاصة أن ولادة خديجة الجمال -كما أعلن- كانت طبيعية وعادية كأي عملية ولادة ولا تحتاج إلي أي رعاية طبية فائقة، وإن كان لم يتم التأكد حتي الآن من أن خديجة قد رافقت أسرة الرئيس في رحلته العلاجية الأخيرة في ألمانيا، فإن ظروف الحمل في أيامه الأخيرة تشير إلي أنه من الصعب أن تتنقل زوجة نجل الرئيس من مصر إلي ألمانيا ومنها إلي بريطانيا من أجل الولادة، والأرجح أنها سافرت من مصر إلي لندن مباشرة استعداداً للولادة المنتظرة، وهو أمر يوحي بأن ذلك كان مرتبا ومتفقا عليه من قبل، وأن ولادة أول حفيدة للرئيس مبارك في بريطانيا لم يكن أمرا عارضا فرضته ظروف وجود أسرة الرئيس بأكملها خارج مصر بسبب إجراء مبارك لعملية جراحية لاستئصال الحويصلة المرارية.
المدهش أن تقريراً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» صدر عام 2008، يشير إلي أن 37% من حالات الولادة في مصر تتم دون متابعة من أي شخص، سواء كان طبيبا مختصاً أو «داية»!، وورغم هذا فإن معدل وفيات الأمهات المصريات أثناء الولادة قد انخفض- بحسب تقرير آخر منسوب لجامعة الدول العربية - بشكل كبير في السنوات الأولي من الألفية الجديدة حتي وصلا إلي 84 حالة لكل مائة ألف سيدة، فيما يصل عدد وفيات الأمهات الحوامل أثناء ولادتهن إلي نصف مليون أم في العالم كله بحسب تقرير آخر لليونيسيف صادر في 2009.
النسبة العالمية كبيرة ومروعة طبعا، لكن غالبيتها تقع في البلدان شديدة الفقر في أفريقيا وآسيا، أو تلك الواقعة تحت ظروف احتلال أو ديكتاتورية مطلقة، تقلل من شروط الرعاية الصحية، وهي أمور بعيدة إلي حد كبير عن مصر، التي وإن كانت تشهد تدهورا صحيا في نواح شتي، فإن ذلك لم يصل إلي الحد الذي يدفع البعض إلي تنظيم رحلات للخارج من أجل التسوق والفسحة والولادة حرصا علي حياة الأم، لكن الأمر فيما يبدو له علاقة أكيدة بوضع الأم المالي والسياسي، ذلك أنه رغم المآسي التي تشهدها المستشفيات الحكومية فالستات في مصر لسه بيولدوا وبيفرحوا رغم ظروفهم الصعبة، فازاي إللي خدته الفقيرة مش هتقدر عليه بنت الأغنياء في المستشفيات الخاصة» وهو ما يجعل أبناء النفوذ والسلطة والمال خارج هذا الاختيار أيضاً، لتبقي الإجابة الأولي الخاصة بالشياكة هي الإجابة الأكثر وجاهة ومنطقية و«شياكة» أيضاً!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.