تاني حاكتب عن بور سعيد .. ومش حبطل اكتب عنها .. فبعد المذبحة اياها من سنة فاتت ، كتبت مقالا بعنوان : امانة عليك امانة .. لتبوس لي كل شهيد قتلوه في بور سعيد " .. وكنت حتجنن من بعض الناس اللي عايزين يشيّلوا اهل بور سعيد كلهم ذنب الجريمة البشعة ، كأنهم رجالة وستات وصبيان وبنات كانوا في الاستاد يومها ، وكل واحد ماسك سكينة وراسه والف سيف ليدبح جمهور الاهلي النهارده!
كأن بور سعيد ديه مش حتة من مصر .. كأن ناسها فصيل من إسرائيل واحتل البلد .. عشان كده المصريين يطيقوا العمى ولا يطيقوا البورسعيدين .. مع ان - وللأمانة - أهل بور سعيد " ستات ورجالة " أرجل ناس في مصر .. أرجل من بتوع القاهرة .. وأرجل من بتوع الصعيد .. مش انا لوحدي اللي بقول .. عبد الناصر قال عنهم كده في خطاب شهير سنة 61 في ذكرى الاحتفال بعيد النصر .. ولو نرجع لسنة 56 لمّا عبد الناصر أمم قناة السويس ، العالم قال عن ناصر انه مجنون جنان رسمي .. ازاى يعمل كده ويتحدى أعتى دول العالم .. لكن عبد الناصر بحسه السياسي العالي وقربه الشديد من أهله وناسه كان عارف إن وراه رجالة ياكلوا الزلط .. والرجالة دول هما البورسعيدية بالتحديد .. وحصل العدوان الثلاثي .. ومين بقى ؟ .. اسرائيل وانجلترا وفرنسا .
" واحدة منهم بس - اللي هى إسرائيل - احتلت سيناء في 6 ساعات في 67 " .. لكن التلات دول " فرنسا وانجلترا وإسرائيل " بجلالة قدرهم .. بطياراتهم ومدافعهم وقنابلهم مقدروش يحتلوا بور سعيد .. مع ان المنطق يقول انهم كانوا ممكن ينسفوها ويخلوها تراب .. لكن شعب بور سعيد من أصغر عيل هناك لأكبر واحد بيمشي على عكاز .. كان في الشارع، وكانت المقاومة الشعبية في هذه المدينة الباسلة العملاقة حاجة كده تُدرّس في كتب التاريخ.. الدول التلاتة الكبار مقدرتش بكل امكانياتها الحربية على أهل بور سعيد .. ليه ؟ .. لأنهم رجالة وولاد رجالة .. كانوا كلهم في الشارع .. عايز تاخد أرضي ؟ .. يبقي تاخدني معاها جثة هامدة .. يعني كل واحد سلاحه في ايده " ممكن بندقية .. سكينة .. غطا حلة .. " .. وفي الايد التانية كفنه .. عملوا ملحمة تخلّي كل واحد مننا كان يتمنى انه يتولد هناك.. من اب وام بور سعيدية.
في الوقت ده كنا احنا في القاهرة قاعدين بس نتفرج ونشجع كأننا بنشوف ماتش كورة ، ونسمع الراديو ونهتف .. الله عليكم يا اهل بور سعيد .. ياللي حميتوا الأرض والعرض وحميتوا البلد كلها من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها .. من عدوان غاشم قذر، لولاكم انتم بس ، كان احتل مصر كلها .. يعني باختصار شعب مصر .. ال 90 مليون اللي عايشين دلوقتي .. " جميلك " يا بورسعيد على راسهم من فوق .. واللي شايف غير كده يبقى أعمى البصر والبصيرة.
امبارح إبراهيم عيسى ولأول مرة في حياتي اشوفه في برنامجه المتفرد " هنا القاهرة " تكاد عيناه تدمع من تحت نظارته ، وهو بيتكلم عن أهل بور سعيد واللي بيحصل فيهم وليهم .. وقال وهو صادق وأمين : مفيش تراب في أرض أى مدينة في مصر غرقان بدم الشهداء وفيه ريحته العطرة الذكية إلا تراب مدن القناة " بورسعيد السويسوالاسماعيلية " .. وهى دي المدن التلاتة اللي مرسي عايز يفرض عليه أهلها الطوارئ وحظر التجوال .. يعني ان كنت مش عارف فاعرف .. وان كنت البعيد غبي .. متستغباش على ناس التراب اللي بيمشوا عليه اشرف مليون مرة من اللي عايز يسلبهم حقهم وتاريخهم .. دا لولاهم كانت مصر ضاعت من 55 سنة .. كان مرسي وقتها عنده يجي 8 سنين بيلعب في الطين في بلده الزقازيق .. واطفال بور سعيد واقفين زي الرجالة بيدافعوا عن بلدهم وعنك انت يا مرسي وانت بتلعب .. كمان مرة في الطين. بور سعيد حاجة تانية .. هى لوحدها في كوم ، وكل مدن مصر في كوم تاني .. عشان كده تكاد تكون المدينة الوحيدة اللي اتعملت لها اغنية مخصوصة ، وفيلم يحمل اسمها .. " راجعوا أرشيف السينما حتلاقوا فيلم اسمه بور سعيد بطولة فريد شوقي وهدى سلطان ورشدي أباظة " .. الفيلم ده سجّل ملحمة بطولة أهل المدينة العظيمة اللي احنا نسينا تاريخها ، او عايزين ننساه .. مش عارف ليه ، كأنها بتفكرنا بعجزنا وقلة حيلتنا وجبننا في الوقت اللي هى انتفضت زي الاسد تدافع عن أرضها وتروي بالدم ترابها.
وبالمناسبة تحية خاصة جدا لقناة الحياة اللي تقريبا يوميا بتذيع الأغنية الخالدة لشادية عن بور سعيد ورجالة بور سعيد
امانة عليك امانة يامسافر بور سعيد .. امانة عليك امانة لتبوس لي كل ايد حاربت في بور سعيد .. الارض الحرة بوسها الكل بيحكي عنها .. جه الغريب يدوسها .. الكل قام يصونها .. بقت ارض البطولة والعزة والرجولة.. امانة عليك امكانة لتبوسلي كل ايد .. لتبوس لي كل ايد .. حاربت في بور سعيد .
وازاى وانا بتكلم عن بور سعيد انسى السويس .. واللي شافته السويس في 67 .. ازاى انسي صوت محمد حمام بكلمات الرائع دوما عبد الرحمن الابنودي
ايه .. خلاص مبقاش عندنا دم .. منجيش غير ع الرجالة اللي بحق ونتشطر ونضرب ونحبس وعايزنهم يناموا بدري .. اهم خرجوا لك يا مرسي وبيبدأو مظاهرتهم من بداية حظر التجول في تحد صارخ لعلك تفهم : مش احنا اللي يتعمل فينا كده.
قبل ما قفل المقال.. الواد الصغير العفريت السباح الماهر اللي عام في النيل وخرج بلؤم وذكاء شديد يضرب العساكر طوبتين تلاتة ويرجع تاني زي القرد يرمي نفسه في الميه .. ويرجع عايم من مطرح ماجه .. الواد ده - بصرف النظر عن الرسالة اللي عايز يوصلها لأكبر راس في البلد - لو دوّرت على أصله .. حيطلع .. إما من السويس او الاسماعيلية او بور سعيد .. مدن " القناة " اللي عايزين تبيعوها ل قطر يا ولاد " ... " !