السلطات الإسرائيلية تؤكد مقتل أحد الرهائن في غزة    "الدفاع التايوانية" تعلن رصد 26 طائرة و5 سفن صينية في محيط الجزيرة    أوستن: لا مؤشرات على نية حماس مهاجمة القوات الأمريكية في غزة    انتهاء أزمة الشيبي والشحات؟ رئيس اتحاد الكرة يرد    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    نجم الأهلي يقترب من الرحيل عن الفريق | لهذا السبب    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    اعرف طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    أول تعليق من أسرة الشهيد عدنان البرش: «ودعنا خير الرجال ونعيش صدمة كبرى»    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انخفاض جديد مفاجئ.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالبورصة والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    بشير التابعي: من المستحيل انتقال إكرامي للزمالك.. وكولر لن يغامر أمام الترجي    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجيه عزيز: رفضت طلب للضرائب حتي لا أغني تحت لافتة «الضرائب.. مصلحتك أولا»

شعرت أني لو عملت جولة فنية في كل المحافظات لمصلحة الضرائب.. كأني جبت ديناميت وفجرت بيه تاريخي كله
وجيه عزيز
وجيه عزيز تجربة ومشروع كامل ينبغي التوقف أمامه.. يحب المزيكا وتبادله الحب. هو ملحن يصعب أن تضعه في خانة بعينها، لأنه دائم التنقل بين المقامات والحالات.. يقدم لسيمون «مش نظرة وابتسامة» بكل ما تحمله من شقاوة، ويقدم «من أول لمسة» لمحمد منير بكل ماتحمله من حنين، ويقدم معه روائع أخري مثل «حاضر» و«إيديا في جيوبي»، ونبكي تماما علي وقع اوتاره مع أحمد زكي في فيلم «هيستيريا»، وهو يقول: «إن مافضلش معاك غير قلبك.. اوعي تخاف.. مش هتموت هتعيش». كل هذا بخلاف أغنياته التي قدمها بصوته، ومن بينها «بالليل»، «ناقص حتة» و«سلم يا عاشق» و«زعلان شوية» و«المراية» وغيرها.
سوف تندهش عندما تعلم أنه يعمل في مجال الموسيقي منذ عشرين عامًا، قدم خلالها ما يقرب من ثلاثمائة لحن.. من بينها ألحان لأعمال مسرحية وسينمائية وتليفزيونية، ورغم كل هذا العدد من الأعمال، فإنك أيضا تشعر أنه مثل الطيف أو الحلم، ولفرط ندرته تعتقد أنه غير موجود.. شيء جميل جدا، ولشدة جماله تشك أنه حقيقي أصلا، لكنك مع كل ذلك من السهل جدًا أن تصل إليه.. تلتقيه في حفلاته لتشعر أنه هو من كان يبحث عنك طوال تلك الفترة، وتبقي مشكلته أنه يترك جمهوره كثيرا.. يغيب طويلا.. صحيح أنه عندما يحضر يكون بين يديه عمل يليق به وبمنتظريه، لكننا ابدا لا ننسي أنه تركنا لملحنين ومطربين يتناوبون علي إزعاجنا وإفزاعنا، رغم أننا وبمجرد أن نستمع إلي المقدمة اللحنية أو إلي ال"آه» الأولي، نجد أنفسنا وقد غفرنا له ما تقدم من سنوات الغياب تلك.. في هذا الحوار وجيه عزيز لا يتوقف عن إلقاء المفاجآت، لكنه أيضا يجدد وعوده لمنتظريه بقوله: «سوف أقدم فناً جميلاً ومحترماً دائما».. عندما قابلناه كنا مشفقين عليه لأنه فنان لا ينال من الاهتمام ما يستحقه، وبعد أن انتهينا من اللقاء أشفقنا علي أنفسنا لأن فنانا بهذا الثراء موجود بيننا ولا يعرفه الكثيرون، وحقدنا علي ثقته بنفسه وبحلمه وعلي همته في إكمال مشروعه الفني حتي ينضج تماما.
مرت ثلاث سنوات علي صدور ألبومك الأخير «ناقص حتة».. ألا تعتبر أن فترة الغياب هذه طويلة جدا بالنسبة لجمهورك الذي ينتظرك؟
- الكل يعلم أن فكرة الوجود في الوقت الحالي من خلال ألبوم، أصبحت صعبة، بمعني أصح الفكرة دي «راحت في داهية»، فقد حدث ما يمكن تسميته بالنكسة لسوق الكاسيت، وذلك بسبب تحميل الأغنيات من علي مواقع الإنترنت، وهذه المشكلة لا تخصني وحدي، فجميع المطربين يعانون منها، وأصبح السؤال المطروح الآن هو: «هننتج إزاي؟»، لذا فالألبومات لم تعد هي التوجه الأول الذي يشغلني، فهناك توجهات أخري، وأنا أحاول الوجود من خلال الحفلات مثلا، كذلك قمت خلال تلك السنوات الثلاث بوضع تترات بعض الأعمال الدرامية منها مسلسل «الوديعة والذئاب». هناك توجه آخر لي خلال الفترة القادمة، وهو أنني لأول مرة قررت كتابة فيلم سينمائي.
وماذا عن تفاصيل الفيلم وهل تعتبره تتويجا لمشوارك؟
- عنوان الفيلم هو «كرباج سعادة»، وأنا اعتبر كل ما قدمته في حياتي بمثابة بروفة لهذا المشروع، لأنه فيلم غنائي كنت أحلم بتقديمه منذ سنوات طويلة، ومن خلاله سوف أقوم بتوظيف رباعيات صلاح جاهين بشكل يخدم الفكرة الدرامية، فالفيلم لا يتناول قصة حياة صلاح جاهين، ولكنه توظيف للرباعيات بشكل معين، وقد استغرقت في كتابته ثمانية أشهر، ولن يبدأ أي حوار بالفيلم إلا بعد المشهد الرابع عشر، وطوال تلك الفترة يقوم أبطال الفيلم الأربعة بإلقاء رباعيات تتناسب مع حالتهم النفسية وشخصياتهم، ليتعرف المشاهد عليهم من خلال هذه الرباعيات التي لا تعتبر تعليقا علي الأحداث، ولكنها تدخل في نسيج كل شخصية، والفيلم موسيقي، وسوف تنتجه المنتجة ناهد فريد شوقي، لكننا لم نستقر حتي الآن علي أي من عناصر الفيلم الأخري.
عموما.. هل يشغل بالك فكرة الوجود من خلال حفلات أو لقاءات صحفية أو تليفزيونية؟
- لا إطلاقا.. أنا بيشغلني العمل الفني، فأنا أهتم بأن يكون عملي الفني موجوداً.. بغض النظر عن وجودي الشخصي، فعلي العكس تمامًا، فإن وجودي الشخصي شيء مرهق جدًا بالنسبة لي، لأنني يجب أن أحافظ علي صورة معينة يراني الجمهور عليها، بمعني أنني لازم أبقي قدام الناس زي ما همّ بيتمنوا يشوفوني شكلا ومضمونًا، لأن الحفاظ علي هذا «البرواز» طوال الوقت مسألة مرهقة، وأنا أرغب في أن يكون العمل الفني هو اللي يروح للناس في البرواز، ولست أنا، فالفنان التشكيلي غالبا لا يراه الناس، لكنهم يعرفون لوحاته تماما.
لكن ألا يشغلك عدم وصولك لنوعيات مختلفة من الجمهور.. لأن جمهورك حتي الآن هو جمهور نوعي ينتمي لفئة معينة وهو جمهور الإنترنت والأوبرا وساقية الصاوي؟
- علاقة الجمهور بي علاقة محيرة إلي حد ما، لأنني أحيانا أذهب إلي أماكن معينة، فأجد من فيها يستقبلني استقبال الأبطال، في حين أن هناك أماكن أصحابها يقولون لي: «أيوه يا باشمهندس».. مرة قال لي أحدهم: «هو انت الأستاذ جميل عزيز؟» يعني كتر خيره عرف عزيز، وأعتقد أنه لا يوجد فنانون كثيرون يعانون من هذه المشكلة الغريبة، فهناك مطربون أيا كان حجمهم وأيا كان مستوي أعمالهم يحققون شهرة كبيرة وتجد الجميع يعرفهم، وهناك آخرون مغمورون تماما، ولا يعلم عنهم أحد شيئا، لكنني أعيش في منطقة عجيبة بين الوضعين، لذا فأنا علي يقين تام بأن جمهور الحفلات جمهور خادع، لأن المطرب يتصور أن لديه جمهورا من مختلف الفئات العمرية، لأنه فعلا يري هذا أمامه، لكن هذا قد لا يكون حقيقيا.
قد تكون هذه المشكلة بسبب عدم وجودك علي شاشة التليفزيون من خلال الكليبات مثلا؟
- هناك كثيرون قدموا كليبات ومع ذلك لم يحققوا انتشارا يذكر، ونسيهم الجمهور فعلا، لكنني دوما أقول لنفسي إني عندي حكاية علي بعضها، فالموضوع يشبه المبني الذي يظهر جزء منه ويختفي جزء آخر، فالأمر يستغرق وقتا حتي يكتمل البناء تماما، ويراه الجميع في صورته النهائية.
هل كان من السهل أن تصل لهذه القناعة أم أن الأمر استغرق وقتا وجهدا نفسيا طويلا؟
- العمر والمشوار ونوع الفن الذي أقدمه ورد فعل الجمهور.. كل هذه أشياء جعلتني أفكر بهذا الشكل، خصوصا أنني اكتشفت أن الحكاية هي مش أني «أفرقع» وأحقق شهرة سريعة، ولكن الحكاية أن هناك «حاجة».. الستار ينزاح عنها شيئا فشيئا، فهذه ال «حاجة» لم تظهر حتي الآن بشكل كامل، وخلال مشواري سوف تكتمل إن شاء الله، وأنا فخور وفرحان جدا بهذه الحالة.
لكن بمنتهي الأمانة..هل لا تشعر بمرارة عندما تجد بعد كل هذا العمر شخصا ما يناديك بال «بشمهندس» لأنه لا يعرف من أنت.. ألا تستغرب من هذا؟
- علي العكس.. أنا بقيت باستغرب لما ادخل مكان، والناس تعرفني فيه، وعلي فكرة أنا أتمتع بأشياء كثيرة جدا والناس تعتبرها بسيطة.. مرة مثلا استوقفني شاب كان يركب سيارة، وكنت أعتقد أنه يريد أن يسألني علي عنوان في أحد الشوارع، لكنه قال لي: «عايزة أقولك متشكر»، وهذه المواقف تتكرر كثيرا معي، فأنا أعتبر نفسي محظوظا.
طيب محظوظ بأمارة إيه؟
- محظوظ تعني أنني مش قلقان أو متوتر من ضياع مشواري الفني بسبب أغنية ضعيفة مثلا أو ألبوم دون المستوي، كما أنني قمت بوضع ألحان لأشعار كتبها كبار الشعراء مثل فؤاد حداد ومجدي نجيب وصلاح جاهين.. يكفي أن ورثة جاهين وفؤاد حداد يعطونني الأشعار، وهم علي ثقة تامة بأنني سوف أتعامل معها كما يجب، ويقولون لي: «إعمل اللي أنت عايزه»، كذلك فإن موهبتي ليست الصوت فقط.. أنا ألحن وأوزع أغنيات، وأفهم كثيرا في هندسة الصوت.. هناك شيء آخر أعتز به كثيرا، وهو علاقتي بجمهوري التي يلاحظها الجميع، فمثلا في إحدي الحفلات كنت متوترا للغاية بسبب وجود أعداد كبيرة من الناس، لأنني دوما أشيل هم الناس اللي بيحبوني، وقد لاحظ عازف القانون صبري عبدالستار هذا التوتر، وقال لي يومها جملة، فسرت لي جزءا من علاقة الجمهور بي، حيث قال لي: «الناس دي جاية تقعد معاك»، لذا فأنا أعتبر نفسي محظوظا.
لكن يجب أن نقول إنك مشارك إلي حد ما في عدم وصولك إلي قطاعات مختلفة من الجمهور.. يعني ألا تعتبر نفسك مقصرا في تواصلك مع الجمهور، فلماذا مثلا لا تفكر في عمل حفلات في محافظات أخري غير القاهرة؟
- أنا فعلا أسعي لأن أقدم حفلات في كل المحافظات، لكن المضحك في الأمر أن تكون أول جهة تتصل بي وتطلب مني التعاقد معها لإقامة حفلات في كل محافظات مصر هي مصلحة الضرائب، وجاء هذا الطلب تحديدا بعد لقائي في برنامج «العاشرة مساء» مع مني الشاذلي، وطبعا اعتذرت فكيف أغني وورائي لافتة مكتوب عليها «الضرائب.. مصلحتك أولا».. يعني حسيت إني هاجيب ديناميت وهافجّر بيه تاريخي الفني كله، فرفضت.
وهل أنت أصلا مستعد لتقديم حفلات في محافظات وسط تجمعات كبيرة مختلفة عن جمهورك المعتاد سواء في الساقية أو الأوبرا؟
- طبعا أنا مستعد جدا لهذا، وقادر جدًا علي التعامل مع أي نوع من الجمهور، فمثلا في عام 1995 كنت في أحد المعسكرات الشبابية بأبي قير في الإسكندرية، وقد ذهبت هناك لإحياء حفل في هذا المعسكر بناء علي دعوة محمد سالم الذي كان مشرفا علي المسرح الصغير بدار الأوبرا وقتها، وقد صادف أن ظهرت علي المسرح وسط حوالي 2500 شاب.. مباشرة بعد أحد الفنانين الذي كان يقدم أحد العروض التجريبية، وبمجرد أن شاهدني الشباب ممسكاً العود ثاروا وهتفوا بصوت عال: «كفاية.. إنزل»، وقد استمعت بنفسي إلي كل أنواع الشتيمة إللي ممكن تتسمع في العالم، وأنا بطبيعتي مابخفش من الجمهور إللي مش عارفني، وفي هذا الموقف وبعد كل هذه الشتائم، أيقنت أني «خلاص اتهزأت»، وأصررت علي الاستمرار، وبدأت أغني الأغنية الأولي، فوجدت أن نص الناس ساكتة، وفي الأغنية الثانية أصبحوا أكثر هدوءا، ثم جاءت الأغنية الثالثة وكانت «صحتني ليه يا شاويش».. كان مفيش نفس، وبعد أن انتهيت منها، سمعت تصفيقاً حارا، وأصبحت أنا وهم أصدقاء، وأصبحت بين الحين والآخر أكرر هتافهم: «أنزل.. أنزل»، لكنهم رفضوا أن أنزل عن المسرح.
رغم أن كلمات أغنياتك قريبة جدا من الناس، فإن البعض يتعامل معها علي أنها أغنيات صعبة؟
- أصلا هناك شركات إنتاج بتبص للأغنيات علي أنها حاجات غريبة، وأعتقد أن السبب هو أن لدي الجميع تصور ثابت للأغنية لا يتغير، مثله مثل باقي جوانب حياتنا، فحياتنا عموما بها نمطية غريبة، فمثلا شكل بيوتنا يتمتع بنمطية كترتيب النيش ومكان السفرة، وشكل أوضة المكتب، حتي ملابسنا، لذلك الناس تتعامل مع الأغنيات بنفس الطريقة، فالأغنية في رأيهم يجب أن يكون لها مذهب وكوبليه ولازمة، وأنا لا ألتزم بهذه القواعد في أغنياتي، عشان كده مش بيبقوا عارفين يصنفوها إزاي، وبيدوروا علي أي حتة يركنوها فيها، فشركات الإنتاج تستغرب هذا النوع من الغناء.
وكيف يمكن أن تلخص لنا تجربتك مع شركات الإنتاج في مصر؟
- دوما أجد معاملة خاصة وحماساً شديداً في البداية، ثم فجأة يصيبهم الخوف ويعتذروا عن الاستمرار في التجربة.. مرة بحجة أن الألبوم من وجهة نظرهم فني قوي، ومرة يقولوا لي: عايزين حاجة للناس، رغم أن أغنياتي للناس أصلا. الغريب أن هناك مطربين أيضا طلبوا التعاون معي بعد أن استمعوا إلي أغنياتي التي قدمتها لمحمد منير، ثم بعد ذلك تهربوا، حتي إن أحدهم سأل عني الشاعر الكبير مجدي نجيب، وقال له: «هو وجيه ده شيوعي؟! هو مش بيغني لفؤاد حداد برضه؟»، وهناك مطربون آخرون يرفضون التعاون معي، لأنهم يرون أن أغنياتي مش بتاعتهم.
في رأيك.. ما القناعات التي يمكن للشخص أن يرتكز عليها ليكون مختلفا منذ البداية.. وتجعله يمتلك كل هذا الوعي؟
- أنا فاكر جملة زمان كان دايما المدرسين بيقولها: «احترم نفسك»، ورغم أننا كنا نعتبرها تهديدا، لكنني تعلمت أن الفنانين الذين يقدمون فنا حقيقيا هم فنانون يحترمونني، ويقدمون لي في الوقت نفسه فنا ممتعا، وهذا ما حاولت تقديمه.
لكن أنت بشكل خاص.. ما التفاصيل التي صنعت منك فنانا مختلفا؟
- كما قلت أنا محظوظ، لأنني منذ أن كنت صغيراً وأنا أستمع إلي أغنيات الرحبانية وسيد درويش اللتين يحبهما أخي، وأيضا كنت أستمع إلي أغنيات شعبية كتلك التي تقدمها ليلي نظمي وأحمد عدوية، وكنت أحب كل هذا، حتي أنني كنت محظوظا في جيراني، لأنه كان هناك دوما حلقات ذكر أمام منزلنا، فكان الشيخ محمد وهو أحد جيراننا يحرص علي هذا، وأيضا كان يقوم بشيء متحضر آخر، وكان يحضر جوقة منشدين في المياتم، وكان يمنع تماما الصراخ والبكاء بصوت عالٍ، وأنا كنت أستمتع جدا بإنشاد الفرقة، فالبيئة التي نشأت بها هيأتني تماما لأن أختار طريقا مختلفا.
رغم أن البعض دوما يؤكد أنك كملحن أفضل كثيرا من وجيه المطرب، لكنك مصر علي الغناء.. عايز توصل إيه من خلال صوتك؟
- بالنسبة لي الفكرة ليست فكرة صوت، الفكرة عموماً فكرة حالة كاملة يجب أن تصل بهذا الشكل، ثانياً: لو استنينا المطربين يرضوا علي ألحاني ويغنوها هانستني كتير قوي.
هل تعتقد أن الفنان من المفترض أن يكون له انتماء سياسي واضح في ظل الأوضاع المتردية التي نعيشها؟
- الانتماء لحزب سياسي بعينه قد يضر الفنان، لكن عليه أن يتعامل علي أساس أنه ينتمي لحزب آخر هو حزب الناس، وهو هنا سوف يتكلم بلسانهم دون شعارات سياسية، وسوف يعلمهم بشكل غير مباشر أن يرفضوا الظلم والقبح، وأن يسعوا لاستعادة حقوقهم، وفي رأيي هذا أخطر بكتير من إن اغنيلهم: «قوم يا مصري».
هذا الرأي يجعلك بعيداً بمسافات طويلة عن أفكار معظم مطربي الساحة.. فما رأيك بهم؟
- معظم مطربي هذه الأيام لا يختلفون في شيء عن خدمة «0900»، لأن كليهما لا يهتم إلا بفكرة إزاي اطلع فلوس من جيب الجمهور، لأنهم طالعين يخدموا نفسهم، ولهذا أنا دوما أقول: «إن الناس مش ناقصة أني اطلع أنا كمان أبيع لهم كلام». إذن في رأيك لماذا هم ناجحون إلي هذا الحد.. ويقدمون ألبومات وحفلات باستمرار؟ لأن إحنا طول عمرنا بنحب نرقص ونفرح ونهيص، وهذا كان يحدث في نواح أخري غير الفن، مثلا العمال اعتادوا علي الغناء حتي يتغلبوا علي مشاق العمل، فهذه عادة، أيضاً هذا يحدث في الأفراح، لأن الناس طول عمرها بتحب اللمة والهيصة، لذا فالناس تكون عادة فرحانة بروحها مش بالأغاني.
ومن في مطربي هذه الأيام يلفت نظرك وتعتبره موهبة حقيقية؟
- شيرين عبدالوهاب، ألبومها الأخير مثلا فيه أغاني هايلة، ورامي صبري كملحن وكمطرب لأنه ذكي وشاطر.. هما موهبان جدا، لكن أحداً منهما لم يمتلك مشروعا يرتكز عليه.
وكيف تري تجربة عمرو دياب وتامر حسني؟
- أعتقد أن عمرو دياب كان من المفترض أن يقدم أغنيات أكثر نضجا بمرور الوقت، فلا يمكن أن نحاسبه علي ما قدمه في بدايته، كما أننا لم نطلب منه أن يقدم أغنيات سياسية، لكن الكل كان ينتظر منه أن يكون لديه تجربة أكثر وعياً، خصوصا في مراحله العمرية المتقدمة، فلا يمكن أن يكون آخر ألبوم له يشبه أول أعماله دون تطور، رغم أنه يمتلك صوتا جيدا جدا، ولديه حضور، ويتعامل مع موسيقيين متميزين. أما تامر حسني فأنا دايما بأحس إنه راح مشوار.. بس للأسف هو نفسه مش عارف هو رايح فين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.