عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    نشرة التوك شو| بطيخ مسرطن ومشادة بين "صلاح ويورجن كلوب" وبيان لصندوق النقد    موعد مباراة ليفربول المقبلة بعد التعادل مع وست هام في الدوري الإنجليزي    عاجل.. حسام البدري يفجر مفاجأة حول عرض تدريب الزمالك    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    أهالي الأسرى يُطالبون "نتنياهو" بوقف الحرب على غزة    مصدر أمني إسرائيلي: تأجيل عملية رفح حال إبرام صفقة تبادل    قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعشرات الانفجارات في المنطقة (فيديو)    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة قرى غرب جنين    المجموعة العربية: نعارض اجتياح رفح الفلسطينية ونطالب بوقف فوري لإطلاق النار    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    المندوه: هذا سبب إصابة شيكابالا.. والكل يشعر بأهمية مباراة دريمز    اجتماع مع تذكرتي والسعة الكاملة.. الأهلي يكشف استعدادات مواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    ألميريا يهبط إلى دوري الدرجة الثانية الإسباني بعد الخسارة من خيتافي    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    أول تعليق من الأزهر على جريمة طفل شبرا    مصدر أمني يكشف تفاصيل مداخلة هاتفية لأحد الأشخاص ادعى العثور على آثار بأحد المنازل    ضبط 7 متهمين بالاتجار فى المخدرات    قطار يدهس شاب أثناء عبوره مزلقان قليوب    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    "مدبولي" يصل الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي    شرايين الحياة إلى سيناء    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر دراسة رفعت سيد عن اليهود المصريين.. كلمة الباطل التى أريد بها باطل !
نشر في الدستور الأصلي يوم 04 - 01 - 2013

إسرائيل هى التى هجرت يهود مصر إليها بالعمليات الإرهابية ضدهم فى القاهرة فتراجع عددهم من مائة ألف قبل ثورة عبد الناصر إلى حوالى خمسة آلاف اليوم !!
اليهود الذين ذهبوا إلى فلسطين وعاشوا بها اغتصاباً لحقوق الغير لأكثر من نصف قرن لا يحق لهم قانوناً وشرعاً العودة !!
اليهود من أصل مصرى فى فلسطين يصل عددهم إلى حوالى 50 ألف أغلبهم عمل فى التجسس وشارك فى مذابح قتل الجيش المصرى والشعب الفلسطينى خلال حروبنا معهم !!
انقسم اليهود فى مصر قبل ثورة يوليو إلى ثلاثة أنواع : يهود مصريين – يهود أجانب تمصروا – يهود أجانب بقوا على جنسياتهم الأصلية ، والأنواع الثلاثة وفقاً للقانون الدولى سقطت حقوقهم فى بلادنا
دعوة (العريان) ثم تراجعه السريع عنها تؤكد أنه أدرك الخطأ التاريخى فى حق فلسطين ، ومصر !!

* حسن فعل د. عصام العريان حين تراجع وبسرعة عن دعوته لعودة اليهود من أصول مصرية إلى مصر وإدعائه أن ذلك يسهل عودة الفلسطينيين إلى فلسطين فهذا تبسيط للصراع يعطى من حيث لا يدرى حجة للصهاينة ضد مصر وفلسطين ؛ وهو بداية للتطبيع المجانى مع العدو ؛ حسن فعل الرجل ، ونتمنى منه ومن جماعته (الإخوان المسلمين) ألا يعودوا لبلونات الاختبار هذه ، لأنها تسىء إليهم وإلى جهاد المصريين والفلسطينيين والعرب ضد الصهاينة ، على أية حال إن العودة عن الخطأ فضيلة وخاصة إذا كان الخطأ من النوع شديد الخطر على أمن مصر القومى ، بل وأمن المنطقة كلها ، إن الدعوة لعودة اليهود المصريين فى فلسطين المحتلة والذين يقدر عددهم اليوم بحوالى 50 ألف صهيونى نصفهم جواسيس وقتلة للجيش المصرى وللشعب الفلسطينى ، إن دعوة هؤلاء للعودة تحت أى حجة لهى (كلمة الباطل) التى يراد بها (باطل) ، لأن أهداف من يطرحها اليوم مغازلة أمريكا وتل أبيب وليس البحث عن حقوق الفلسطينيين فليس هكذا تورد الإبل وتعالج القضايا المصرية .

* إلا أنه وبمناسبة تفجير (العريان) للقضية ، دعونا نفتح ملفها الغامض ، حتى نحول مستقبلاً دون أن يعيد أحد من الحاكمين أو من النخبة بهذه الخفة أو حتى بنية – بالونة الاختبار - طرحها على الرأى العام الملتهب أصلاً والغارق فى قضايا يصعب حلها .
***

إن ثمة أسئلة هامة يطرحها موضوع (اليهود المصريين) ، من قبيل : لماذا اختفوا .. وأين هم اليوم ؟ وماذا يفعلون ؟ وإلى أين تتجه أنظارهم؟ إلى " أورشليم " .. أم إلى " شارع عدلى " ؟ أين معابدهم .. وكيف أصبحت .. وكم عددهم ..وما هى أعمالهم .. ونشاطاتهم ؟ وهل الدعوة إلى عودتهم إلى مصر جائزة وفقاً للقانون الدولى أم أنها سقطت وفقاً للدراسات القانونية التى اعتبرتهم مهاجرين بإرادتهم وذهبوا لبلد آخر اغتصبوا أرضه وطردوا شعبه بعد قتل نصفه تقريباً ؟! .. تساؤلات كثيرة كانت كافية للقيام بعملية مسح لشوارع القاهرة ومدن مصر الكبرى وسجلات هيئات جهاز التعبئة والإحصاء والمساحة والتنظيم والإدارة ، والسياحة بحثاً عن الأجوبة التى كونت عناصر هذه الدراسة التى استغرقت منا وقتاً طويلاً بين تنقيب بحثى واستقصاء ميدانى .
***
كانوا جواسيس أيام الفراعنة !!

منذ سنوات قليلة عثر فى جزيرة " أبو " أو باللغة المعاصرة " جزيرة الفنتينى " فى أسوان ، على عدة وثائق آرامية ، أُرجع أغلبها إلى القرن الخامس قبل الميلاد ، وذكرت هذه الوثائق التى عكف عليها العلماء اليهود والإسرائيليون - إبان عهد الرئيس المصرى السابق أنور السادات للتنقيب على حقائقها الهامة - أنه بعد خروج موسى بألف عام عاد اليهود إلى مصر ، نازحين من فلسطين فى منتصف القرن الخامس قبل الميلاد ، بعد المعارك العنيفة إثر انقسام اليهود إلى (يهود إسرائيل) و(يهود يهوذا) ، ثم بينهم جميعاً وبين الآشوريين ، وأن الشعب المصرى آواهم وحماهم من الاضطهاد ، وذكرت الوثائق السابقة حقائق مهمة عن حياتهم ونشاطهم السياسى والاجتماعى .

وتستطرد الوثائق الآرامية السابقة قائلة : إن العلاقات الودية لم تستمر طويلاً ، وأنه وكنتيجة لتزايد تواجدهم ، فى أواخر القرن الخامس قبل الميلاد ، فى معسكرات أسوان على الحدود الجنوبية إبان الاحتلال الفارسى لمصر ، قام " بعضهم بالتعاون مع الاحتلال الفارسى ، فى حين عارض " البعض " الآخر ذلك ، ويروى هيرودوت من ناحية أخرى أن قمبيز أرسل "أكلة السمك من الفينيقيين ، وهم من " اليهود " إلى مصر ، بهدف التجسس عليها " .

وكنتيجة لهذه الطبائع ، فلقد وجد لدى البعض منهم التواطؤ الذى اتضحت صورته أكثر كما يقول عالم الآثار الدكتور عبد العزيز صالح فى كتابه (الشرق الأدنى القديم مصر والعراق) فى ثورات الوطنيين المصريين ضد الفرس أعوام (488 ، 487 ، 460 ، 454 ، 450و410 قبل الميلاد) ، حين انحازت كل فئات الشعب إلى الثورة عدا هذا " الجزء " من اليهود الذين – كما تقول إحدى الوثائق الآرامية – لم يتركوا مراكزهم فى خدمة الفرس ولم توجه إليهم تهمة التمرد ، بل تجاوزوا تجاهلهم لمشاعر المصريين القومية ، إلى تجاهل تقاليدهم الدينية أيضاً ، فتجرأوا على تقديم الأضاحى من " الكباش " فى معبدهم عوضاً عن " الجداء " وكان الكبش رمزاً مقدساً للمعبود خنوم فى أسوان كلها ، مما دفع السخط تجاههم إلى الذروة فى عام 410 قبل الميلاد ، فقام الوطنيون المصريون بتدمير معبدهم إبان حكم الملك الفارسى دارا الثانى .

وهكذا ، وكما تقول الوثائق القديمة (المصرية – والفارسية – والآرامية) كان " بعض " اليهود القدامى ، عيوناً على " الشعب " لخدمة المحتل فى حين كان " البعض " الآخر مع هذا الشعب فى كفاحه ، أو على الأقل واقفاً على الحياد ، فهل هذا هو حالهم اليوم ، أو أن أحداث التاريخ فى تلاحقها قد أحدثت تغييرها الشامل فى جوانب حياتهم ، وصفاتهم ، وعلاقتهم (بالوطن المصرى) الذى آواهم منذ القرن الخامس قبل الميلاد ؟ وما هى حقيقة نشاطهم السياسى والاقتصادى اليوم ؟ .
***

لماذا لا نطالبهم بتعويضات عن الأسرى الذين قتلوا أحياء !!

تؤكد السجلات الرسمية أن تعداد اليهود فى مصر كان فى العام 1920 حوالى مائة ألف يهودى ، أدت الصدامات العربية – الإسرائيلية المتتالية ما بين عامى 1948 – 1956 ، ثم حركة التأميمات الكبرى التى قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، وأخيراً حرب 1967 واتهام بعضهم فى عدة قضايا تجسس وتخريب منشآت (عملية سوزانا مثلاً) ، أدت هذه العوامل جميعاً إلى نزوحهم إلى (أرض الميعاد الوهمى) ، كما صورتها لهم أجهزة الدعاية الصهيونية المكثفة ، وساعد فى ذلك وطأة الحروب عليهم ، وإحساسهم الداخلى بأن وطنهم الحقيقى هناك ، فى (أورشليم) ، وقبل الثورة – ثورة عبد الناصر – كان اليهود فى مصر يتوزعون على ثلاثة شرائح ، الشريحة الأولى وتتكون من اليهود المصريين والثانية من اليهود الأجانب المتمصرين (أى الذين حصلوا على الجنسية المصرية) والشريحة الثالثة : اليهود الأجانب ممن ظل متمسكاً بجنسيته الأحنبية ، والشرائح الثلاثة بعد هجرتهم الطوعية من مصر وحصول أغلبهم على الجنسية الإسرائيلية وجنسيات أوروبية وأمريكية واغتصابهم لأرض الفلسطينيين فإن حقهم سقط بالكامل فى العودة إلى مصر ، ومن هنا سقطت أى دعاوى أخرى تطالب بعودتهم أو اعتبارهم مصريين حيث وفقاً للقانون المصرى من يحصل على الجنسية الإسرائيلية تسقط عنه مباشرة الجنسية المصرية !! ثم إن المطالبة الإسرائيلية اليوم بتعويض اليهود المصريين بما قيمته 36 مليون مليار دولار لهو الابتزاز بعينه ورغم عدم أحقيتهم فى أى تعويض لأنهم خرجوا بإرادتهم ، فإننا نطالب بالمقابل بما قيمته 500 مليار دولار تعويضاً لاحتلال سيناء (نهب ثرواتها المتنوعة من 1967 – 1982) وهو رقم إحصائى أعددته معاهد دراسات استراتيجية دولية (سبق أن كتبنا دراسة تفصيلية عنه)، ونطالب بتعويض عن الأسرى المقتولين (30 ألف أسير تقريباً) والذين قتل بعضهم أحياء أثناء حروب 1948 – 1956 – 1967 ومسجلة قصص قتلهم فى تقارير منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية !! .
***
اليهود فى مجمع اللغة العربية

ومن الحقائق التاريخية التى ينبغى أن تسجل هنا ، أن الشعب المصرى (من مسلمين ومسيحيين) لم يعامل اليهود – كما حاولت الدعاية الصهيونية أن تصور – إلا بالأساليب الطيبة وكانت علاقاتهم به طبيعية ، ويكفى كدليل واحد فقط على ذلك ، أن أحد العلماء اليهود فى قمة العهد الناصرى ، ويدعى (حاييم ناحوم) كان عضواً بارزاً فى مجمع اللغة العربية حتى عام 1962 حين توفى ودفن فى مقابر اليهود بالبساتين ، واعتلى عدد آخر منهم إبان العهد نفسه ، مناصب تربوية وثقافية مهمة ، ولم يشعروا للحظة أنهم غرباء أو أجانب ، فقد كانوا مواطنين مصريين ، كما تقول كتابات حاييم ناحوم وغيره ، وبعد العام 1973 هاجر عدد كبير من اليهود لينخفض تعدادهم فى العام 1985 إلى ألفى يهودى ، زادوا نسبياً بالتناسل أو إعادة الاستيطانى الخفى عبر السفارة الإسرائيلية فى القاهرة إلى حوالى 5 آلاف يهودى (فى العام 2012) ، يتفرقون على مدن مصر ، كما سنرى ، وكانت الدعاية الصهيونية حول " وهم أرض الميعاد " هى السبب المباشر لهجرتهم وليس سوء المعاملة كما روج أعداء عبدالناصر وثورة يوليو .
***

أشهر معابدهم

ومن أشهر معابد اليهود فى مصر هو المعبد الشهير بشارع عدلى ، وهو يقع مباشرة فى مواجهة أحد أفرع مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية فى القاهرة ، ويوجد لليهود فى القاهرة معابد عدة شهيرة فى حى الظاهر والدَّراسة إضافة إلى مقر هام فى ميدان الجيش فى القاهرة واسمه (الجالية الإسرائيلية فى مصر ، وعندما ذهب كاتب هذه الدراسة - قبل سنوات - إلى هناك بهدف البحث الميدانى والصحفى عنهم ، لم أجد أحداً ، سألت البواب الذى يجلس أمام المبنى عن تاريخ ونشاط هذه الجالية ، فقال لى وكان اسمه (مصطفى متولى عبد العاطى) وعمره يزيد على السبعين عاماً:إننى هنا منذ أربعين عاماً ، وهذا المبنى كان المقر القديم لشئون السفر والهجرة لليهود المصريين ، وبعد زيارة السادات إلى إسرائيل (عام 1977) ، حولوا اسمه إلى "الجالية الإسرائيلية فى مصر"،وأجَّروا الدور الثانى والثالث إلى وزارة التربية والتعليم واحتلت الجالية الدور الأرضى فقط ، لأن شئون اليهود " دلوقت قلت جداً " . (وسألته عن نشاط هذه الجالية) فأجاب : " اللى عايز يسافر ، واللى عايز يبيع منزله ، واللى عايز يدفن حد من أهله ، وحاجات بالشكل ده " . وعلمت أن بعض القيادات اليهودية الحالية عادت بعد فشل اتفاقات كامب ديفيد ، إلى بيع المعابد اليهودية القديمة مثل معبد حنان فى حى الظاهر والمعبد اليهودى بالدراسة .
***

حارة اليهود بلا يهود

واستكمالاً لمسح الوجود اليهودى فى مصر ، مررنا بحى الموسكى ، أو الجيتو القديم المسمى ب " حارة اليهود " وحاولنا أن نجد يهودياً واحداً ولكننا فشلنا ، فكل بيوت اليهود تحولت إلى بوتيكات ومخازن للخردة ، ومعارض لأحدث سلع الانفتاح ، وبالقرب من هذه الحارة افتتحت مقبرة لليهودى المصرى القديم موسى بن ميمون والتى حاول الإسرائيليون احتلالها من خلال فاروق حسنى وزير الثقافة السابق إلا أن المثقفين والإعلام المصرى وقت افتتاحها (2009) وقف لهم بالمرصاد وأفشل خططهم ، وذهبنا إلى مقابرهم فى "البساتين" فوجدنا ثلاث مقابر جماعية موضوع على كل منها قفل نحاسى ضخم وإلى جوارها يعيش سكان المقابر حياتهم العادية ، بلا أى ضيق أو خوف ، استوقفت أحدهم وسألته عن الأسماء التى يطلقونها على مقابر اليهود فأجابنى بأن " اسمها مقابر اليهود وبس " ولكن المقبرة الضخمة هذه يسمونها موشى ديان ، وحاولت أن أقول له إن ديان دفن فى جبل صهيونى بفلسطين المحتلة ، إلا أنه نظر إلىّ يومها باستغراب ودهشة ، وسألت سيدة عجوزاً عن سر تسمية هذه المقبرة باسم (مقبرة موشى ديان) فأجابت بعد صمت طويل (علشان موشى ديان لما جه مصر فى السر عام 1977 زار المقبرة دى وبنى السور اللى محوط عليها ده) ، وأمام مقبرة مكتوب عليها بالفرنسية (عائلة أد أى) ، سألت صاحب محل لبيع الحلوى وسط المقابر قبالة المقبرة سالفة الذكر،عن نسبة الزيارات وعن عدد المرات التى رأى فيها "حالات دفن" لليهود المصريين فأجابنى:"منذ عامين على الأقل لم أر أحداً منهم ولم يدفن أحد،وكانت آخر مرة منذ حوالى عامين ونصف،وكان اليهود الموجودين عشرة أو عشرين وكلهم كبار فى السن" وكان أحد أسوار المقبرة قد تهدم وربطت إليه بعض الأغنام ، ووضعت فوقه أقفاص دجاج خشبية .
***

مدافن خارج القاهرة

والوجود اليهودى فى مصر لا يقتصر على مدافن القاهرة فقط ، ففى الاسكندرية توجد أعداد قليلة جداً من المقابر والمعابد ، وفى مدن الصعيد وخصوصاً المنيا هنالك بعض المقابر كما يوجد فى قرية ديمتوه فى البحيرة معبد أبو حصيرة الشهير ، والذى يزعم الإسرائيليون إنه رجل دين يهودى قديم ، أتى من المغرب منذ مئات السنين ، والجدير بالذكر أنهم يحتفلون عادة فى شهر (مارس) من كل عام بذكرى وفاته ، وتحوطهم قوات ضخمة من رجال الأمن المصريين ، ورغم حصول القوى الوطنية قبل الثورة على حكم قضائى بمنع الاحتفال بمولد أبو حصيرة إلا أن مبارك ورجال أمنه ومخابراته كانت تسمح بالاحتفال رغم أنف الأهالى ، وبعد الثورة استطاعت القوى الثورية أن تمنع الاحتفال وكان موقفاً محموداً.

والملاحظ أن هذه المعابد والمقابر تحولت بفعل الزمن إلى أماكن مهجورة ، لا يقترب منها أحد ، وإن اقترب فبالهدم ، أو بالبيع،كما حاول أن يفعل البعض من خلال ما يسمى ب"الجالية الإسرائيلية" بالقاهرة بالتعاون مع السفارة الإسرائيلية والمركز الأكاديمى الإسرائيلى بالقاهرة والموجود فى 92 شارع النيل بالجيزة أعلى شقة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل(!!) وهذه الجهات الإسرائيلية جميعاً حاولت أن تسرق تراثنا المصرى فى شقه اليهودى وبخاصة وثائق الجينزا الشهيرة،وكانت سلطات الرئيس المخلوع تسمح لهم بذلك للأسف الشديد .
***

إسرائيلى يحكى عن اليهود المصريين

فى كتاب مهم – ويعد مرجعاً فى مجاله - للصحفى الإسرائيلى (عاموس إيلون) بعنوان (رحلة إلى مصر) والذى وضعه بعد رحلة استمرت عامين جاب أثناءها ربوع القطر إثر توقيع اتفاقات كامب ديفيد (1978) ، ولم يترك مصر إلا بعد مقتل أنور السادات ، يقول عاموس ايلون الذى امتلأ كتابه بالعديد من الأسرار والمعلومات الهامة : " عندما وصلت إلى شارع عدلى ، وجدت الهدوء يسوده فى هذه الساعة من النهار ، وعلى اليمين ، وفى أحد أدوار مبنى قديم كانت الأنوار لاتزال مضاءة فى المكتب الذى خصص لمنظمة التحرير الفلسطينية فى القاهرة ، وفى مواجهة هذا المكتب مباشرة تقع الواجهة المظلمة للمعبد اليهودى المتبقى فى القاهرة والمتداعى للسقوط ، وداخل هذا المعبد وكان الوقت موعد صلاة السبت المسائية ، يوجد عدد قليل من الرجال المسنين وصبى صغير يجلسون فى مقاعدهم ، وكان صدى ترانيم الذكور الحزينة وغير المتزامنة تملأ الحجرة الخالية ، وأثناء دخولى التفت الرجال ناحيتى التفاتة قصيرة " .

ثم يستطرد المؤلف فى موضع آخر قائلاً : " وعندما انتهت الصلاة انتحيت جانباً بالرجل المسن ذى اللحية ، الذى كان يقود الصلاة ، فقال لى هامساً ، إنه آخر من تبقى من أسرته فى مصر والبعض الآخر هاجر إلى فرنسا وإسرائيل ، ويضيف قائلاً إنه فيما سبق كان يعيش فى مصر حوالى 100.000 (مائة ألف) يهودى ، وقد تناقص عددهم إلى درجة أنه ربما يصل الآن إلى 300 يهودى فقط (!!) (ونلاحظ أن هذا الرقم الذى ذكره الكاتب الإسرائيلى غير دقيق ، فالعدد الآن وصل إلى قرابة الخمسة آلاف يهودى بعضهم تسلل إلى مصر تحت جنح اتفاقات السلام والسياحة !!) .

ويقول المؤلف فى موضع آخر : " إن الحياة كانت قاسية للغاية بالنسبة إلى اليهود ولاسيما خلال فترة الحروب ، وفترة عبد الناصر ، الذى اعتبر هذه الحرب مقدسة ، وأنها ضد اليهود أعداء الإسلام ، وأن من يضحى بحياته ضدهم يكون شهيداً وجزاؤه الجنة ، ولكن الأحوال تحسنت فى السنوات الأخيرة (يقصد أيام السادات بالطبع !!) ، فقد تم السماح لبيت المسنين فى الاسكندرية بقبول المساعدة من منظمات دولية لغوث اليهود !! " وتم السماح باسترداد بعض ممتلكات اليهود المصريين وعودتهم إلى بلادهم بأمر السادات " ، هذا هو كلام أحد الصهاينة فى كتاب قديم نشر قبل أكثر من ثلاثين عاماً ، ولقد مضى مبارك على خطى السادات فى مغازلة إسرائيل عبر ملف اليهود المصريين فورط مصر فى الكثير من القضايا والتى لم تخدم سوى إسرائيل وهى ذات الخطى التى يحاول أن يسير عليها بعض الساسة بعد ثورة 25 يناير 2011 ، وهو ما يعد خطأ تاريخياً واستراتيجياً سيدفعون ثمنه غالياً !! .
***

أين هم اليهود المصريين اليوم

والآن نأتى إلى أهم نتائج هذه الدراسة ، أين هم اليهود المصريون اليوم ؟ وما هى أنشطتهم وعلاقاتهم الاقتصادية والسياسية مع الدول الأجنبية وإسرائيل على وجه التحديد ؟ .

الوثائق والأرقام التى حصلنا عليها تؤكد أن عددهم فى داخل إسرائيل – كما أشرنا – يقترب من 50 ألف أصبحوا الآن إسرائيليين قلباً وقالباً ولا يجوز أو يحق نعتهم بالمصريين ، بعد مشاركتهم فى جرائم إسرائيل ضد مصر وجيشها وضد الشعب الفلسطينى ، والعدد المتبقى من المائة ألف يهودى الذين كانوا يعيشون فى مصر قبل الثورة أصبحوا مواطنين فى بلاد أوروبية وأمريكية ولا حاجة لهم أو حق قانونى فى العودة ؛ أما يهود مصر الذين بقوا فيها فوفقاً لآخر إحصاء رسمى صادر عن جهاز التعبئة والاحصاء ، فإن تعدادهم اليوم – كما سبق وأشرنا – يقترب من ال 5 آلاف يهودى ، أغلبهم كبار فى السن ، بلا عمل ويعيشون على عطاءات السفارة الإسرائيلية والمؤسسات اليهودية الدولية ، غير أن بعض كبار رجال الأعمال من اليهود ، من متوسطى السن ، يملكون الآن أكثر من 18 شركة استيراد وتصدير وصناعات محلية (ترفيه) ، وأغلب استيرادها من إسرائيل ، ويقدر رأسمال هذه الشركات بأكثر من (500 مليون دولار) !! وبعضهم اتهم فى قضايا تجسس شهيرة (وصل عددها إلى 25 قضية منذ توقيع اتفاقات السلام عام 1979).

هذا ويتوزع اليهود المصريون على محافظات مصر بنسب قليلة ، وأشهر المحافظات الموجودين بها هى (القاهرةالاسكندريةالفيوم – بنى سويف – المنياقنا) ، والملاحظ أنهم لا يتواجدون فى القرى ولكن فى المدن، وتحديداً فى الأحياء القديمة ، ففى القاهرة مثلاً يضم حى الجمالية أكبر نسبة من اليهود المصريين يليه حى الزيتون ثم حى الظاهر ثم حى الوايلى وقصر النيل ويتوزع الباقى على أغلب أحياء القاهرة . والملاحظ أن علاقات اليهود المصريين – اليوم – بالسفارة الإسرائيلية علاقات قوية وتثير الشبهة.
***

اليهودى التائه فى حوارى مصر !!

* الملاحظ أيضاً أنه لا توجد فى مصر أية جهات رسمية لمتابعة مشاكل ومصالح ونشاط اليهود المصريين بالقدر الكافى وهذا واضح إلى حد كبير وقد فوجئت أجهزة الأمن إبان عهد الرئيس المخلوع (حسنى مبارك) أن من بين المتعاونين مع المركز الأكاديمى الإسرائيلى بالقاهرة ومع السفارة الأمريكية ، فى شبكات التجسس التى ضبطت خلال الثلاثين عاماً الماضية عدد من اليهود المصريين ، الذين غفلت عنهم أعين الأجهزة الرسمية ، وأيضاً لا توجد احصائيات دقيقة عن تعداد اليهود فى مصر وعن معابدهم ومقابرهم ، ونشاطهم ، والتعدادات الموجودة حتى الآن ، تعدادات اجتهادية غير دقيقة ، ولقد ساعد التجاهل الرسمى هذا للوجود اليهودى المصرى ، فى استغلال إسرائيل لهذا الوجود دعائياً فى تفريغ مصر منهم من ناحية ، وفى تجنيد بعضهم – كما حدث بالفعل – لخدمة أهدافها السياسية من ناحية ثانية ، وفى تشويه حقيقة العلاقات التى ربطت تاريخياً بين اليهود المصريين وباقى أبناء الشعب المصرى من ناحية ثالثة ، وفى استخدامهم – رابعاً - كأداة جذب للإسرائيليين من أصول مصرية تحت دعوى استرداد أملاكهم فكان هؤلاء اليهود هم الوسطاء فى هذه الجريمة الخطيرة التى ساعد على تحقيقها دعوات ساذجة مثل دعوة (العريان) لعودة اليهود من أصول مصرية إلى مصر وهو مطلب إسرائيلى تاريخى بامتياز ، إن القضية أخطر وأعقد مما تناولها البعض ، إنها قضية وطن يراد اختراقه وقضية ثورة يراد تدميرها ، وما ورقة (اليهود المصريين) سوى أداة فى هذا المخطط ، فهل ندرك ذلك أم سنظل تائهين !! .

* ثم دعونا نسأل هل يتحرك أحد وتبدأ رحلة البحث عن " اليهودى التائه " فى حوارى مصر القديمة .. وهل تبدأ حملة الحماية للمقابر وللمعابد وللوثائق اليهودية المصرية القديمة ، باعتبارها تراثاً مصرياً وليس إسرائيلياً كما تروج إسرائيل ، وبدلاً من سرقة "حاخامات إسرائيل " لها كما حدث إبان حكم الرئيس السابق وكما يحدث اليوم حيث إنها جزء من تراثنا القومى ، وجزء من تاريخنا ولا علاقة لإسرائيل أو لجواسيسها به ؟ مجرد تساؤلات حائرة تبحث عن إجابة تليق بثورة كان أحد أبرز شعاراتها الاستقلال الوطنى والكرامة وليس دعوة من يسموا زيفاً (اليهود المصريين) الملوثة بدماء الفلسطينيين والعرب للعودة إلى وطن لا أظنه يرحب بهم أبداً !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.