مشكلتي إن شخصيتي هشّة جدا مهزوزة ضعيفة مش اجتماعية، بارتبك في أبسط المواقف وباغرق في شبر ميه، متقلبة المزاج حادة الانفعالات ماعنديش قدرة كبيرة على التحمل، باحمل الهم بسرعة ومتشائمة.. تقدري تقولي قفل مش باعرف أهزر مع أي حد بسهولة لازم أكون واخدة عليه، أؤنب نفسي على كل كبيرة وصغيرة لدرجة إني كتير قوي بادعي على نفسي. ومش شرط لما بادعي على نفسي باكون أذيت حد دون قصد، ده أنا ممكن أعمل كده لمجرد إني اتصرفت غلط في موقف ما، وما أكتر الغلطات اللي باعملها.
فمثلا على طول مع الناس اللي بره تلاقيني حساسة زيادة عن اللزوم، بازعل من أقل كلمة وأحس إن الناس شايفاني قليلة.
أنا ذات نفسي شايفة نفسي كده، فرغم إني طيبة ومؤدبة وهادية وبحب الناس ومتدينة إلى حد ما وشكلي مقبول، بس باحس إن ده لوحده مش كفاية.
يعني لازم أكون واعية أكتر من كده، ذكية في تصرفاتي أكتر، مرحة أكتر.
حِركة عن كده وعندي سرعة بديهة، عندي حاجة أو مهارة أقدر أفيد بها غيري أو حتى نفسي.
بس للأسف كل ده أنا مفتقداه وباتجنب أي مغامرة أو مبادرة، خوفا من الغلط وتأنيب الضمير والتعرض للنقد، وخاصة من أمي اللي دايما تقول لي: "إنتي عيوبك كتير مش ناصحة زي زمايلك، ده أنا حاسة إني ماخلفتش" وكلام كتير من النوعية دي.
وأكتر عيب مضايقني هو غبائي وبطء فهمي، يعني هو يعتبر العيب الرئيسي اللي ساهم بدرجة كبير في كل العيوب اللي ذكرتها في أول الرسالة.
ممكن تقولوا لي إنك إنتي اللي واهمة نفسك بالغباء وعشان كده بتتصرفي غلط، وبالفعل أنا كنت باصدق الكلام ده لما كنت باسمعه من دكاترة نفسيين أو دكاترة تنمية بشرية.
وبالفعل حاولت أغيّر الحوار الداخلي للأحسن عشان ينعكس إيجابيا على تصرفاتي.
وبافضل مواظبة على كده فترة لغاية ما بصدق إني بافهم زي الناس، ولكن كل ده بيروح لما باقف محلك سر قليلة الحيلة في أبسط المواقف وألاقي نفسي مابستفيدش حاجة من البرامج اللي باسمعها غير إني أردد معلومات دون قدرة على التطبيق الفعلي في حياتي.
Marmar ahla
لا أدري كيف حكمت على نفسك بالغباء وكبلت قدراتك بهذا الحكم الظالم، فكل إنسان لديه إمكانيات متنوعة ويزيد أو ينقص نصيبه في كل فئة منها، ولا يوجد إنسان سوبر لديه كل الإمكانيات بنسب عالية إلا في الأساطير. والمشكلة في فترة المراهقة والتي تمتد من البلوغ حتى 21 سنة وقد تمتد أكثر من ذلك، أن المرء يركز على الجانب الاجتماعي، فمن تفوق فيه نتيجة قدراته الاجتماعية الوراثية عبَر المرحلة دون مشكلات اجتماعية، أما من قل ذكاؤه الاجتماعي الوراثي فنجده خجولا أو منطويا لا يستطيع التعامل مع الناس بالكفاءة المطلوبة، لكن كثيرا من هؤلاء تنبهوا إلى بقية القدرات الأخرى التي يتمتعون بها وحققوا فيها درجة عالية من التفوق وفّرت لهم الإشباع والثقة في النفس. إن كل إنسان لديه مجموعة من القدرات أو الذكاءات وعليه أن يعرفها ويطوّرها وينمّيها، ولا يتوقف عند نوع واحد منها، فهناك الذكاء اللغوي، والاجتماعي، والرياضي، والحركي، والموسيقي، والبصري، والشخصي، حيث يتفاوت نصيب كل فرد من هذه الذكاءات.
وقد فهمت من رسالتك أنك تعانين من ضعف القدرة في التعامل مع الآخرين فيما يعرف بالذكاء الاجتماعي، وكذلك ضعف الذكاء الشخصي، وهو قلة معرفتك بجوانب القوة والضعف في شخصيتك ومزاجك ودوافعك مما يعرقل ضبط تصرفاتك. وبداية حل مشكلتك هو أن تتعرفي على إمكانياتك الأخرى، بعيدا عن العلاقات الاجتماعية وسرعة البديهة في التعامل مع الناس. إن رسالتك يظهر فيها درجة عالية من الذكاء اللغوي أهّلتك للتعبير عما يجول بخاطرك، وابحثي عن ذكائك الجسمي أو الحركي الذي يمكنك من القيام بأعمال في المنزل أو الاشتراك في ألعاب رياضية والتميز فيها، أو ذكائك الرياضي، وغيرها.. فمجرد إدراكك أن لديك إمكانيات سيشعرك بالثقة بالنفس، وهذه الثقة في حد ذاتها كفيلة ببعث وتحريك ذكائك الشخصي والتي تتمثل في معرفتك بإمكانياتك، فحساسيتك الزائدة تقف حائلا دون استخدامك لهذا النوع من الذكاء.
إن استبصارك بأنواع الذكاءات التي تتمتعين بها كفيل بتحريك وتنمية الذكاءات الأخرى التي قد تكوني ضعيفة فيها، مما يسهم في تطويرها وتنميتها، فهي تعمل معا بطريقة متناغمة ويمكن تنمية كل ذكاء إلى مستوى مناسب من الكفاءة إذا تيسر للمرء التشجيع المناسب والإثراء والتوجيه. ويتمثل هذا الإثراء في التجارب والاحتكاك مع الآخرين، والتعلم من التجارب ومعرفة الأخطاء والتعامل معها بقدر حجمها ودون حساسية، فكل الناس يخطئون ولن تنقلب الدنيا بسبب أخطائك. عليك بالقراءة والاطلاع فهي تقلل التوتر وتوفر لك مجموعة من المعارف والخبرات والألفاظ المناسبة التي تسهل لك التعامل الجيد مع الناس. أحضري ورقة وقلما وأكتبي كل الأعمال أو الإنجازات التي قمت بها في حياتك مهما بدت لك صغيرة أو تافهة، فهذا كفيل بفتح ملف النجاح في عقلك، وإذا صادفك أي فشل ما ضعي في قرارة نفسك أنها خبرة مررت بها وتعلمت منها، والكبار هم الذين يتعلمون من أخطائهم بينما يبكي عليها الصغار، فالخطأ في حد ذاته ليس جريمة أو سُبّة ولكنه خبرة تضاف إلى رصيدك وتصقل شخصيتك. انزعي من رأسك صورة الفتاة السوبر، الحِركة، اللبقة التي تفهمها وهي طايرة التي تتمسكين بها، فهذه الفتاة غير موجودة، وإن وجدت فاعلمي أنها مرت بمجموعة كبيرة من الأخطاء والصدمات التي أنضجت شخصيتها وأعطتها هذه المؤهلات الاجتماعية.