أنا عمري 27 سنة مطلقة وبدون أولاد، مشكلتي إن تجربتي الزوجية جعلتني أكثر خبرة بالحياة والناس وجعلتني أخاف من أي زواج آخر، وكل عريس يأتي ليطلبني أطلب أن أعرفه جيدا وفعلا أفهمه وأعرفه بسرعة، وسرعان ما أجد نفسي أرفضه، وموضوع عودتي لطليقي مرفوض من ناحيتي لعدم إحساسي بالأمان معه. أنا قريبة من الله وكل ما يجول بداخلي أشكوه إلى الله ويأتيني الرد من رب العالمين، ولكني الآن في قمة الخوف من الارتباط مرة أخرى أخاف أن أتزوج من مطلق، لأنه سيكون قد تعقد من النساء ودائما ما سأكون موضع مقارنة بيني وبين زوجته السابقة، وأخاف أن أتزوج من أرمل لأنه سيكون وفيا لزوجته ولن ينساها أبدا، وأخاف أن أتزوج أعزب أن يأتي يوما يعايرني بأنه منّ عليّ وتزوج من مطلقة. وأخاف أن أتزوج من شخص متزوج لأني لا أحب أن يشاركني زوجي أحد، أو أن يقوم بالزواج عليّ مثلما فعل مع زوجته الأولى، وهذه الأيام أنا أعيش تجربة جديدة ولكني منجذبة لها، أرجو من سيادتكم سرعة الرد عليّ حتى أتمكن من قص تجربتي الحالية، وبارك الله فيكم وجعله في ميزان حسناتكم.
Rby.ana
لا شك أن خبراتنا الاجتماعية تؤثر تأثيرا واضحا على نفسيتنا فتصبغها بصبغة التفاؤل أو التشاؤم, ولقد فعلت تجربتك السابقة فعلها معك فجعلتك أكثر خوفا وتشاؤما، فأصبحت تجمعين في كل شخص سلبيات تجربته فقط وفاتك أن كل التجارب تحمل السلب والإيجاب والجيد والرديء, لقد تراءى لك أن المطلّق بالضرورة معقد من النساء! مع أن كثيرا من المطلقين يتزوجون وتنجح زيجتهم الثانية وتستمر، وذلك لاكتسابهم خبرات نفسية واجتماعية تمكّنهم من الحفاظ على استمرار الزواج وليظهروا لجميع من حولهم أنهم ليس هم السبب في فشل زيجتهم الأولى. وتخافين من زواج الأرمل متصورة أنه سيكون وفيا لزوجته الأولى ولن ينساها أبدا, وقد يكون هذا الأرمل عانى من مشكلات كثيرة مع المرحومة وتحمّلها مرغما وتنفس الصعداء برحيلها، وأخذ يبحث عن شريكة جديدة تعوّضه عن عناء السنين، ولقد أنستك تجربتك الموجعة نعمة كبيرة منّ الله علينا بها وهي النسيان، فالحاضر ينسينا الماضي, والبعيد عن العين بعيد عن القلب، وبمقدورك أن تجعليه يحبك بمعاملتك الطيبة له وتلبية احتياجاته النفسية والاجتماعية. والزواج من أعزب يخيفك من معايرته لك بأنه منّ عليك بالزواج لأنك مطلقة وهو أعزب! وقد يكون هذا الأعزب وجد فيك ضالته التي كان يبحث عنها ويجد معك السعادة والهناء. إن المعيار الحقيقي لنجاحك في تجربتك الثانية هو في قدرتك على التخلص من أوجاع التجربة الأولى، حتى لا تلقي بظلالها على سلوكك وتصرفاتك وتفسد عليك حياتك مع الشريك القادم, ولكل تجربة معطياتها، ويمكننا إنجاحها بقدر من الصبر والتحمّل والتماس العذر للطرف الآخر، وعدم تكبير الهفوات أو حتى التوقف أمامها, كما علينا ألا ننصب له المحاكمات أو نتربص لأخطائه لأن الله قد خلق الناس أحرارا. عليك يا عزيزتي أن تتخلصي من أشباح تجربتك القديمة حتى تقدّري تجربتك الجديدة حق قدرها، وتستطيعي التعامل معها بصدق وروية ولا تتعجلي الحكم عليها بالسلب أو الإيجاب, وعليك استشارة من حولك في الإقدام أو الإحجام عن الشخص الجديد، فقد تجدي فيه ضالتك ويكون زوجا وفيا مقدّرا محبّا يحرص عليك ويرعى الله فيك وقد يكون متصيدا لامرأة جريحة يصب على نارها مزيدا من الزيت, قد يكون أعزب أو مطلقا أو أرملا, لا يهم. المهم أن يكون شخصا واثقا في نفسه ويقدّرك حق قدرك ولا يتاجر بأوجاعك, وقد سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نوع الزوج الذي ينتقيه لابنته، فقال له: "زوّجها التقي إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها". فتزوجي من يتق الله فيك ويقدّرك حق قدرك، وشاوري من حولك وخذي برأي أغلبيتهم في الشخص القادم، فما اجتمع قوم على ضلالة. أعانك الله وقدّرك على الاختيار الصحيح..